تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

أسئلة الامتحان الوزاري للغة الانكليزية تضعها لجنة تجهل أساسيات هذه اللغة !

 نلمسها يوميا لمس اليد ونراها بأم أعيننا ماثلة شاخصة رغم كل المراوغين المتسترين خلف شعارات إيديولوجية براقة زائفة لا تختلف كثيرا من حيث الجوهر عن شعارات صدام حسين وعصابته، والذين يرفعون شعار "الولاء للعراق أولا" ويعملون وفق مبدأ العراق رابعا أو خامسا أو عاشرا. فبعد أن كانت مؤسسات التعليم في العراق أداة من أدوات النظام الدكتاتوري لترسيخ وتوطيد دعائم ثقافية وأنماط وعي تخدم ذلك النظام، أصبحت بعد سقوطه نهبا للمحاصصات الحزبية والفئوية العمياء حتى باتت "الكراسي" في متناول كل من هب ودب، وبات أهم وأخطر قطاع تبنى عليه الدولة الحديثة، قطاع التربية والتعليم، تحت رحمة تلك الكراسي !

أحد أدلتنا على ذلك هو الأسئلة الوزارية لمادة اللغة الانكليزية للصف السادس الإعدادي للعام  الدراسي الحالي 2008 – 2009 التي جاءت مليئة بالأخطاء من أنواع وأشكال شتى، وهي أخطاء تنم عن جهل واضح بأساسيات اللغة تعاني منه اللجان التي  كلفت بوضعها.

سنبدأ بتناول الأخطاء حسب أهميتها وتسلسل ورودها في ورقة الأسئلة:

1.في الجملة الثالثة من القطعة الاستيعابية التي ترد في الفرع الأول من السؤال الأول (وهي قطعة قصيرة تتألف من 161 كلمة في إحدى عشرة جملة فقط) يوجد خطأ  لغوي فادح وهو استعمال الفعل المساعد (have) في جملة زمنها ماض وكان ينبغي استعمال الفعل (had).

2.في الجملة التي تليها في القطعة يرد خطأ فادح آخر وهو استخدام  كلمة (and)  التي تستعمل في الانكليزية إما أداة عطف أو أداة ربط، إلا أنها لم تستعمل في هذه  الجملة لأي من هذين الغرضين فجاءت هكذا زائدة ولا موجب لها.

3.   في الجملة السابعة يقع مرة أخرى خطأ لا يقل فداحة عن سابقيه وهو استعمال الفعل المضارع (forget) في جملة زمنها ماض. ينم خطأ كهذا في قواعد لغوية بالغة الأهمية  في اللغة الانكليزية، خصوصا  فيما يتعلق بتراكيب الأزمنة، عن انعدام أية حساسية تجاه اللغة وقواعدها ونحوها وتراكيبها فضلا عن أساليبها التعبيرية، لدى أعضاء اللجنة التي كلفت بوضع هذه الأسئلة. 

4.في السؤال الخامس من الأسئلة المطلوب الإجابة عنها بضوء القطعة الاستيعابية من الفرع نفسه من السؤال الأول يقع خطأ لغوي فاضح ينم عن جهل مطبق باللغة وسوف أورد السؤال كما هو وأترك الحكم، عليه وعلى غيره من الأخطاء، لكل من يمتلك معرفة متواضعة باللغة الانكليزية:

    (5. What would be happen in less than an hour?)

5.   هناك أخطاء أخرى قد تكون أقل أهمية من الأخطاء التي ذكرناها إلا أنها مع ذلك تبقى أخطاء ولا يمكن التغاضي عنها في أسئلة وزارية ينبغي أن تمثل قطاع التربية والتعليم لدولة بكاملها. فماذا لو طلبنا من جهة ما قياس وتقييم هذه الأسئلة "الوزارية"؟ انه خزي ما بعده خزي !!

 لكننا لم ننته بعد: من هذه الأخطاء مثلا، وهو خطأ ينم عن جهل واضعي الأسئلة بشيء أسمه المنطق أو التسلسل المنطقي للأفكار، هو ورود أحد أسئلة القطعة الاستيعابية (ما زلنا في الفرع الأول من السؤال الأول)  ثانيا في التسلسل، أي في غير مكانه وفق التسلسل المنطقي لأحداث القطعة، وكان ينبغي أن يأتي أخيرا، أي خامسا، من بين ستة  أسئلة ( فالسؤال السادس يطلب إعطاء عنوان للقطعة). وكذلك ذكر اسم العلم في الجملة الثانية والضمير الدال عليه في الجملة الأولى من زوج الجمل المطلوب ربطهما بأداة الشرط  في الفرع الثالث من السؤال الثاني، وكان ينبغي إيراد اسم العلم أولا ثم الضمير الدال عليه وفقا للمنطق السليم.

6.   لا يخفى ما لأهمية تمييز الحرف الكبير (capital letter) عن الصغير (small letter) في اللغة الانكليزية وهذه من الأمور التي تعد من المشاكل التي يعاني منها دارسو ومتعلمو هذه اللغة من العرب خصوصا لكونها من الخصائص اللغوية التي تصنف ضمن الاختلافات اللغوية بين اللغة الأم للمتعلم واللغة الأجنبية التي يقوم بتعلمها، وغالبا ما تعد هذه الاختلافات من صعوبات تعلم اللغات الأجنبية عموما. يرد في القطعة خطأ وضع الحرف الصغير بدلا من الحرف الكبير مرتين، أي في بداية جملتين اثنتين.  ويرد مرة  أخرى في (book8 ) عند نهاية منطوق الفرع الثاني من السؤال الأول وكذلك في عبارة (people's clinic) في الجملة (5) من السؤال الثالث،  ثم في السؤال الخامس وأخرى في الفرع الأول من السؤال الخامس والأخير، وغيرها.

7.   ثمة أمور طباعيه لها أهميتها الفنية والجمالية فضلا عن كونها ضرورية في بعض الأحيان لزيادة الوضوح وإزالة اللبس، وهذه كلها أمور مهمة في أسئلة امتحانيه مصيرية بالنسبة للطالب في الصف المنتهي من الدراسة الثانوية وكذلك بالنسبة لقطاع يعد من أهم قطاعات الدولة  والمجتمع، ستشيد الدولة بناها الفوقية والتحتية على نتائجه ويبني المجتمع حضارته ومستقبله على مخرجاته وما تقدمه هذه المخرجات. من الهنات التي وجدناها في هذا الجانب مثلا ترك فراغ (مسافة حرف) طباعي لا داعي له بعد الشارحة القصيرة في الكلمات المركبة مثل (fortune- teller ) و ( bus- stop)، أو عدم ترك هذا الفراغ في مواضع ينبغي تركه فيها كما في  (book8 ) عند نهاية منطوق الفرع الثاني من السؤال الأول، أو استعمال هذه الشارحة بعد الأرقام المتسلسلة بدلا من النقاط التي يتطلبها نظام الطباعة باللغة الانكليزية، وهو نظام معمول به حتى في البرامج الطباعية الآلية على أنظمة الحاسوب. ثمة أيضا إهمال أو تجاهل أو جهل واضح بأهمية علامات التنقيط، والأمثلة كثيرة. سنكتفي بالإشارة إلى تنقيط العبارات الواردة بين الأقواس والملحقة بجمل السؤال الثالث ليرى القارئ الكريم بنفسه.

8.   يحاول واضعو الأسئلة تفادي نمطية الأسئلة وتقليديتها وتكرارها التي ازدادت على مدى سنين طويلة بسبب اعتماد منهج دراسي أكل الدهر عليه وشرب في مادة اللغة الانكليزية للمراحل الدراسية كافة وزاده تحجرا وتهرءا التدريس الخصوصي الذي احترفه مدرسون أميون ومرتزقة ولا أخلاق لهم ولا احترام عندهم لمهنة المعلم المقدسة ولا ضمير عندهم يحاسبهم على ما يقترفون من ذنوب لا أهون من الكبائر، بدء بعدم القيام بالحد الأدنى من واجبهم المهني والرسمي الذين يكسبون عيشهم منه، وانتهاء بابتزازهم التلاميذ والطلبة المساكين الذين لا حول لهم ولا لذويهم سوى أن يقبلوا بأن يمتص دمهم هؤلاء الطفيليون كما يمتص القراد دماء الخيل، لينتهوا بعد ذلك طبعا إلى النتيجة المعروفة وهي الفشل في الامتحان أو النجاح نجاحا لا يختلف عن الفشل كثيرا، وتلك النتيجة هي النتيجة الطبيعية عندما يجتمع مدرس غبي وتلميذ غبي، أو عندما يكون قطبي عملية التعلم تلميذ لم يتلق تعليما صحيحا في قاعة الدرس ومدرس لم يعط التلميذ تعليما صحيحا في المدرسة لكي يبتزه ويستغله بلا أي حياء أو خجل بالتدريس الخصوصي.

إلا إن واضعي هذه الأسئلة في محاولتهم هذه يقعون في أخطاء لا تقل خطورة عما يرتكبه هؤلاء الطفيليون. سنورد مثالين هنا عن خطأين من هذا النوع  يردان في زوجي الجمل المرقمين (4) و (5) من الفرع الثالث من السؤال الثاني، وهو ما يشي بأن يكون بعض من واضعي هذه الأسئلة (أو كلهم، ولن نتردد في أن نشمل بكلامنا هذا أية لجنة تدقيق أو مراجعة أو تنقيح إن وجدت، وهو أمر نشك فيه، إذ لو كانت هذه الأسئلة قد مرت بلجنة كهذه ولم تنتبه هذه اللجنة إلى هذه الأخطاء فتلك حقا طامة كبرى ! ) هم أنفسهم ممن يمارسون التدريس الخصوصي  أو أنهم واقعون تحت سحره وتأثيره ومقيدون بقيوده بشكل أو بآخر.  لن نطلق الاتهامات جزافا، إلا إننا نضع أمام أنظار القارئ الكريم، من بين ما نضع من أخطاء شتى، زوجي الجمل هذين ليرى بنفسه كيف يتم الربط. أما نحن فنقول ما يأتي: إن ثمة أخطاء منهجية ولغوية في زوجي الجمل هذين، من جهة، بحيث لا بد للطالب عند قيامه بربط الجملتين باستعمال الأداة المحددة من حذف جزء أساسي من بناء الجملة لكي تكون إجابته صحيحة، وحذف هذا الجزء سيخل قطعا بالمعنى الأصلي. من هنا الخطأ المنهجي وهو خطأ لغوي أيضا. من جهة أخرى، ليس ثمة أزواج جمل ذات تركيبة مشابهة لهذين الزوجين في الكتاب المنهجي المقرر للصف السادس الإعدادي، وبالتالي كيف يمكن أن تسأل الطالب عن مادة علمية لم يتعلمها أصلا؟ هذا إن كانت صحيحة. فما بالك إن كانت خاطئة؟ لن نتهم أحدا ولن نسيء الظن بأحد، إلا إننا لا نملك تفسيرا آخر لما أوردناه هنا.

9.   ثمة أخطاء تنم عن جهل بجانب مهم جدا من جوانب بنية اللغة الانكليزية ونظامها وهو ما يطلق عليه بالانكليزية بــ ( phrasal verb) أو الفعل الذي يتكون من أكثر من كلمة. ففي زوج الجمل رقم (6) من الفرع الثالث من السؤال الثاني، ورد الفعل (arrive) هكذا لوحده خطأ وكان ينبغي أن تلحق به كلمة (at) لأنه يرد فعلا متعديا. وثمة أخطاء لغوية شنيعة أخرى تنم عن جهل مطبق بأساسيات اللغة الانكليزية، منها ورود الفعل (prevent) في الجملة (7) من السؤال الثالث متبوعا بعبارة (not to)، وكان يمكن للجنة تفادي هذا الخطأ باستعمال أحد التراكيب الصحيحة العديدة في اللغة، نقترح هنا اثنين منها:  

1.  Prevent your younger brother from going too close to the loose wire.   

 2. Tell your younger brother not to go too close to the loose wire.             

      من الأخطاء اللغوية الأخرى استعمال (between brackets )  في منطوق الفرع الثالث من السؤال الثاني وكان ينبغي استعمال (in brackets). واستعمال (in list.. ) خطأ بدلا من (on list…) في منطوق الفرع الثاني من السؤال الرابع.

10. سننتهي بذكر أخطاء منهجية أخرى يمكن أن ندرجها حسب أهميتها إلى نوعين مع ذكر الخطأ الذي يمثل كل نوع: الأول نجده في ( 1) و ( 4 ) من الفرع الثالث من السؤال الرابع، في كلمتي (stone, medicine)  وهذه أسماء يطلب تحويلهما اشتقاقيا إلى صفات بإضافة لواحق، والسؤال طبعا لا يقيس قدرة الطالب على الاشتقاق مطلقا (وهذه من الأمور المنهجية الجوهرية التي لم نناقشها في مقالنا هذا) وإنما يقيس مهارة التهجي أو الإملاء فقط. يكمن الخطأ المنهجي هنا في أن هاتين الكلمتين يمكن كتابتهما بصورتيهما التي طلب من الطالب أن يختار أحدهما على أنها هي الصحيحة والأخرى خاطئة. فواقع الحال هو أن الصورتين كلتيهما صحيحتان، أي إن الكلمات المشتقة الآتية التي سيكتبها الطالب كلها صحيحة سواء نظرنا إليها اشتقاقيا أو إملائيا:

Stony, stoney;  medical, medicinal   

سيقول أعضاء اللجنة محتجين طبعا بأن الكتاب المنهجي فيه الشكل الأول، وعليه يعتبر الشكل الثاني خطأ. ليس الأمر كذلك طبعا، بل إن ذلك غير صحيح قطعا لسبب بسيط هو أن ذلك من الأخطاء المنهجية الكثيرة في الكتاب المقرر والتي ظلت ملازمة له على مدى عقود دون تنقيح أو تعديل أو إعادة نظر، على الرغم من كثرة طبعات الكتاب التي يدعى أنها طبعات منقحة. وكان يمكن لواضعي هذه الأسئلة تلافي الوقوع في خطأ منهجي كهذا بمجرد اختيار كلمات غير هذه التي تثير مثل هذه الاشكالات.

11. من الأخطاء الشائعة التي تحصل بسبب التخبط وغياب المنهجية والجهل أو عند الإهمال وانعدام الجدية والدقة، هو وقوع واضعي الأسئلة بمطبات التشابه واختلاط الأوراق بين سؤال وسؤال، فيحصل أن يدل سؤال إلى حل سؤال آخر  أو يعطي سؤال مفتاح حل لسؤال آخر... وهكذا. في الجملة الثالثة من الفرع الأول من السؤال الرابع وكذلك في عبارة ( according to) التابعة لها يوجد مفاتيح واضحة جدا لحل الجملة الأولى من السؤال الثالث.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1125  الجمعة 31/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم