قضايا وآراء

بيبليوغرافيا الثورة التونسية / أحمد النظيف

مواجها بوليس القمع ورصاصه ألاثم بصدور عارية في صمود خرافي قل له نظير وأسالت دمعا كثيرا دمع الأمهات ودمع الأحبة على فراق الأحبة وأسالت كذلك حبرا كثيرا فقد اتجهت جميع العناصر المنتجة ثقافيا نحو الكتابة عن الثورة فتونس بلد يهوى أهله الكتابة منذ أزمان فقد ساهمت في الكتابة عنها كل الفئات المثقفة كل في ميدانه واختصاصه من مؤرخين وسياسيين وفنانين وصحافيين وعلماء اجتماع وأدباء وشعراء فتدوين وقائع الثورة وتحليلها لم يقتصر على المؤرخ بل تعداه إلى رجال الدولة في مذكراتهم والمناضلين في صلب الحركة الديمقراطية والحقوقية وأظرابهم ذلك أن أعمال هؤلاء  جميعا ستصبح ذات يوم مادة تاريخية هامة فالكتابة عن الثورة في تونس أصبحت قدرا مشتركا بين جميع فئات الشعب ولكن كل فئة لها دورها وتفسيرها وموقفها من الأحداث فالفرق كبير بين الكتابة كهواية والكتابة كصنعة .

و نحن في هذه الورقات نقدم بيبليوغرافيا موجزة عن الثورة التونسية ولا ندعي الإلمام بكل ما كتب عنها بل حسبنا أننا عرضنا بعض ما كتب في مختلف أجناس الكتابة شعرا ونثرا وتحليلا وتأريخا.

********

 

في البدء كانت '' ديقاج''

(ديقاج) أو ارحل أول كتاب يصدر عن الثورة التونسية ورد في شكل شهادات حول الحراك الشعبي في الفترة بين 17 ديسمبر و14 جانفي 2011 ويتضمن 500صورة فوتوغرافية وأكثر من مائة شهادة لشبان وطلبة ومثقفين وسياسيين وصحافيين ونسين بالغة الفرنسية .

 

على جبينها ثورة وكتاب

على جبينها ثورة وكتاب عنوان كتاب الباحث والمدون الجزائري يوسف بعلوج الذي استهله بشي من أدب الرحلة راصدا فيه تحولات الشارع التونسي بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي من خلال رحلة أولى إلى تونس تزامنت مع بداية الثورة، وثلاث رحلات لاحقة جاءت أسابيع بعد الثورة. كما ضمّنه اثني عشر حوارا معمّقا مع نخبة من السّياسيين والمدونين والكتاب التونسيين الذين سردوا بشفافية واضحة فصول المعاناة في ظلّ نظام بوليسي لا يؤمن بأيِّ تجلّ من تجليات الحرية، وضمّ الكتاب الذي يعدّ أول كتاب جزائري عن الثورة التونسية ثلاثة أقسام هي جبين السياسة وجبين التدوين وجبين الكتابة.(1)

 

سقوط الدولة البوليسية في تونس

يستعرض الأستاذ توفيق المديني في كتابه سقوط الدولة البوليسية في تونس  مرتكزات وممارسات الدولة البوليسية التونسية، والكيفية التي تمكنت بواسطتها من السيطرة على المجتمع، والأسس التي نهضت عليها، حيث يبدأ من نهاية ما يسميه "عقلانية" دولة الوصاية البورقيبية، ثم تبيان دور الجيش والأمن في صعود الرئيس الهارب زين العابدين بن علي. ويصل إلى عرض دور الفساد في الدولة البوليسية التونسية، لينتهي عند الثورة التونسية التي أعلنت سقوط الدولة البوليسية التونسية، مستعرضاً الدوافع والأسباب التي أفضت إليها، وتداعيات الثورة التونسية وآفاقها.(2)

 

أنظمة في وجه الإعصار، ثورة تونس نموذجا

كتاب تحليلي للسياسي الجزائري أبو جرة السلطاني زعيم حركة مجتمع السلم ذات الميولات الإسلامية والذي كان محاولة لقراءة الوضع التونسي الذي كان مستقرا ومفخرة للعالم العربي وللكثير من الدول الأوربية، لكن ما لبث أن ذهب ذلك الرهان إلى وضع أتى على الأخضر واليابس. وحمل الكتاب في طياته ثلاثة عشر فصلا منها ، حاول تحليل الوضع في تونس والأسباب التي أدت إلى اندلاع ثورته التي قال أنها لم تحمل أي لون سياسي وبلا ناطق رسمي، كما تعرضت إلى "ثورة الاتصال وحزب الفايسبوك" والفجوة الرقمية التي كشفت عنها تلك الثورة. ولعل من أبرز ما جاء في هذا الكتاب الذي قال أبو جرة أنه انتهى من تأليفه في 14 فبراير أي بعد فرار بن علي بشهر واحد، الأسباب الثمانية لما حصل في تونس ومنها تحول هذا البلد إلى منتجع سياحي جذاب للأجانب واستئثار المقربين بالسلطة والثروة، واتساع دوائر الفساد وشيوع أخباره في كتاب "حاكمة قرطاج" وما تسرب في موقع ويكيليكس وما جاء في موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، إلى جانب تحول الحزب الحاكم إلى دولة تهمش كل من ليس في الحزب وانتشار الجهوية والمحسوبية إضافة إلى ميلاد جيل جديد يتواصل مع العالم الخارجي عبر شبكة الانترنت والفايسبوك.(3)

 

رواية الثورة التونسية

لعل أكثر الكتب التي حققت سبقا في المعالجة التأريخية للثّورة التّونسيّة هي  كتاب "رواية الثّورة التّونسيّة " للدّكتور نزار شقرون،.  الذي يقدّم شذرات من أيّام الثّورة التّونسيّة متتبّعا أهمّ منعطفاتها وأحداثها ومحترقا بدقّات تسارعها، ويرصد من خلال "رؤية وقائعيّة" المسار الثّوري المبهر الذي جعل من الثّورة التّونسيّة نموذجيّة وخارج مصنّفات تاريخ الثّورات. إنّها ثورة حداثيّة تشعّ على المنطقة العربيّة وتعيد للشّعوب العربيّة ثقتها في إرادتها وفي بناء دول ديمقراطيّة تحترم قيم المواطنة وتقطع مع منطق الرّعيّة.  ويُدوّن الكتاب لتجربة صهر الكتابة في فرن الحدث الثّوري، حيث يجد القارئ نفسه في لهيب الثّورة كأنّما يعيشها ويشارك فيها وهو يتلظّى بشذراتها. فقد وظّف الكاتب حرفيّته الشّعريّة والسّرديّة ليحقّق مقاربة إبداعيّة للوقائع السياسيّة، فكأنّ الكتاب "رواية" لشذرات الثّورة فهو لا يخلو من تقنيات السّرد ومن أفق اللّغة الشّعريّة لتلتقي حداثة الثّورة بحداثة الكتابة.  (4)

 

ثورة تونس ثورة عربية

ينقل الصحفي الفرنسي بيار بيشو في كتابه الصادر بالغة الفرنسية '' ثورة تونس ثورة عربية '' مسار الثورة ويؤرخ لها في منهج كرونولوجي متأملا في أبعادها بمساعدة كل من الأستاذة راضية نصراوي المحامية والحقوقية والباحث التونسي صابر المنصوري. (5)

 

رئيس ما بعد الثورة يكتب عن الثورة

الدكتور المنصف المرزوقي الحقوقي والسياسي التونسي والذي صار رئيسا للبلاد بعد الثورة كتب هو أيضا عن الثورة راصدا زمن الديكتاتوريات ومحللا أطوار العمل الثوري في كتابه ''إنها الثورة يا مولاي'' الذي تحدث فيه عن المقاومة المدنية وأن لكل ثورة ثمنا باهظا، وأن الثوار ليسوا من يجنون ثمار الثورة ، وأنه لابد أحيانا من زمن طويل حتى تحقق الثورة أهدافها . وما من ثورة تقوم إلا وتقابلها ثورة مضادة .(6)

 

 الأستاذ زاد ..(z)

(z)هو الاسم الحركي للمعارض التونسي صاحب مدونة (Débat Tunisie)مدون ورسام كاريكاتير تونسي يمضي أعماله بالحرف اللاتيني (z) والذي رسم على مكتب بن علي في ديسمبر 2011 كلمة ديقاج التي ستصبح أهم شعارات الثورة التونسية هذه الرسوم وغيرها من المقالات جمعها الأستاذ (z) في كتاب باللغة الفرنسية بعنوان '' الثورة من السنوات البنفسجية إلى الهروب من قرطاج ''.

 

رسائل من وإلى…

إلى القادة العرب :ندعوكم إلى إتباع أسلوب الانقلاب الفكري بما يتوافق وتطلعات الشعوب قبل قيام الشعوب بالتغير الإجباري تلك الرسالة التي ختم بها الباحثين الأردنيين مالك البزيرات واحمد الختاتنة كتابهما '' الثورة التونسية رسائل من إلى...'' والذي أعطى تصورا لمشاهد مستقاة من الحالة التونسية تجيب عن عدة تساؤلات تتضمن دوافع الثورة وخاصة إمكانية أن تكون نموذجا لغيرها من الحالات العربية في المنطقة .

 

*********

 

لعل من الصعب الإلمام بجميع ما كتب عن الثورة من كتب ومقالات أو ما أفرزته من ابد عات سمعية بصرية أو مسرحية أو فنية فما أثبتناه هنا لم يكن بالشئ الكثير مقارنة بما صدر وسيصدر في القادمات من الأيام وقد أغفلنا جملة من الكتب سنذكرها تباعا منها كتاب منصور حمادي '' عربة خضار تسقط اعتي ديكتاتور '' و''ثورة مواطنة'' لسعاد سلامي و'' حريق القصر'' للطفي بن شرود ومقالات المؤرخ عدنان منصر والتي جمعها في كتاب ''موسم الهجرة إلى الكرامة'' وكتاب ''ثورة البوعزيزي وجيل الفايسبوك'' الذي حلل دور الشبكات الاجتماعية وتحديها لمقص الرقيب وختامها شعرا بديوان الشاعر التونسي عبد اللطيف عثماني الذي تغني بالثورة في أربعة عشرا قصيدة ضمنها في ديوانه ''14 قصيدة عن الثورة ''.

 

صحفي وباحث  من تونس

 

............................

الهوامش :

(1)- عبد الرزاق بوكبة :أول كتاب جزائري عن الثورة التونسية – الجزيرة نت 20سبتمبر 2011

 (2)- عمر كوش :عرض كتاب سقوط الدولة البوليسية في تونس- الجزيرة نت 16أفريل 2011

(3)- أنظمة في وجه الإعصار ".. كتاب جديد يتناول إرهاصات الثورة التونسية – موقع الإذاعة الجزائرية www.radioalgerie.dz   

(4)-  الدّكتور نزار شقرون يصدر: رواية الثّورة التّونسيّة- مدونة ''مرافئ '' الثقافية 03 أفريل 2011 salahsouissi.maktoobblog.com

(5)- أول كتاب عن الثورة التونسية يصدر بباريس – البوابة الالكترونية تونس اليوم 4 أفريل 2011-12-22

(6)- الحبيب لسود :المنصف المرزوقي يرصد زمن الديكتاتوريات في 33انها الثورة يامولاي446 صحيفة  البيان الإماراتية  البوابة الالكترونية  12 نوفمبر2011

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2025 الخميس 09 / 02 / 2012)

 

في المثقف اليوم