قضايا وآراء

لتفاعل أكاسيد الكبريت والنتروجين التي تنبعث من ملوِّثات مختلفة على سطح الارض، مع بخار الماء الموجود في الجو بوجود الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس والتي تخترق الغلاف الجوي بسبب نضوب طبقة الاوزون . لتتحوّل إلى أحماض ومركّبات حامضية ذائبة، وتبقى عَالِقة في الهواء حتى تتساقط مع مياه الأمطار. عندئذ تسمى الامطار حامضية . والأمطار الحامضية لها تأثيرات مدمرة على النباتات والحيوانات المائية. وفي السنوات الأخيرة، وُضعت قوانين عالمية للحد من هذه المركبات المسببة للأمطار الحامضية .

وعندما يكون الجو جافا، ولا تتوفر فرصة لسقوط الأمطار، فان جزيئات حامض الكبريتيك، مع دقائق اخرى يبقى معلقا في الهواء الساكن، ويظهر على هيئة ضباب خفيف، وعندما تصبح الظروف مناسبة لسقوط الأمطار فإنه يذوب في ماء المطر، ويسقط على سطح الأرض على هيئة مطر حامضي، هذا وتشترك اكاسيد النيتروجين مع اكاسيد الكبريت في تكوين الأمطار الحامضية حيث تتحول أكاسيد النيتروجين بوجود الأكسجين والأشعة فوق البنفسجية إلى حامض النيتريك . ولابد من إبداء الملاحظتين الآتيتين في هذا المجال .

الملاحظة الأولى : ان الغازات الملوثة تنتقل بواسطة التيارات الهوائية .

الملاحظة الثانية :ان حموضة الأمطار تزداد مع مرور الزمن .

ولا يقتصر التوزع الجغرافي للأمطار على البلاد الصناعية، إذ يمكن ان تنتقل الغيوم لمسافات بعيدة عن مصادر التلوث الصناعي، فتهطل أمطارا حمضية على مناطق لا علاقة لها بمصدر التلوث. ولابد من الإشارة إلى ان درجة حموضة ماء المطر النقي هي بين 5.5 - 6 اي تميل إلى الحموضة قليلا، ولم يسجل اي تأثير سلبي لهذه النسبة قد حصل قبل الثورة الصناعية منذ ملايين السنين، ويمكن اعتبار ماء المطر نقيا في حدود هذه الدرجة وغير ضار بالبيئة حسب المعلومات المتوفرة.

 الآثار التخريبية على البيئة البحرية

إن زيادة حموضة الماء تعود إلى انتقال حامض الكبريتيك وحامض النيتريك إليها مع مياه السيول والأنهار بعد هطول الأمطار الحامضية. إضافة إلى ذلك فان الأمطار الحامضية تجرف معها عناصر معدنية مختلفة بشكل مركبات تحتوي على الزئبق والرصاص والنحاس والالمنيوم، فتقتل الأحياء في البحيرات، ومن الجدير ذكره ان درجة حموضة ماء البحيرة الطبيعي تكون بين 5-6 فاذا قلت عن الرقم 5 ظهرت المشاكل البيئية، وكما أن ماء البحيرات يذيب بعض المركبات القاعدية القلوية الموجودة في صخور القاع أو تنتقل إليها مع مياه الأنهار والسيول،وتحول دون انخفاض الرقم الهيدروجيني، ويعبر عن حموضة الماء بـ "الرقم الهيدروجيني".

 و تدل الإحصائيات على ان عدد البحيرات التي كانت حموضتها أقل من 5 درجات في أميركا في النصف الأول من هذا القرن كان 8 بحيرات فقط، وأصبح الآن 109 بحيرات، كما أحصي في منطقة أونتاريو في كندا، أكثر من الفي بحيرة حموضة مياهها اقل من 5 درجات، وفي السويد أكثر من 20% من البحيرات تعاني من ارتفاع الحموضة، وبالتالي الخلل البيئي واضطراب الحياة فيها.

ملاحظة : كلما قل الرقم الهيدروجيني ازدادت الحموضة .

الأثر الناجم عن مطر حامضي هطل على غابة :

إن تدمير الغابات له تأثير في النظام البيئي، فمن الملاحظ أن إنتاج الغابات يشكل نحو 15% في الإنتاج الكلي للمادة العضوية على سطح الأرض، ويكفي ان نتذكر ان كمية الاخشاب التي يستعملها الإنسان في العالم تزيد عن 2.4 مليار طن في السنة، كما أن غابات الحور المزروعة في واحد كم2 تطلق 1300 طن من الأكسجين، وتمتص نحو 1640 طنا من ثاني أكسيد الكربون خلال فصل النمو الواحد. كذلك تؤثر الأمطار الحامضية في النباتات الاقتصادية ذات المحاصيل الموسمية وفي الغابات الصنوبرية، فهي تجرد الأشجار من اوراقها، وتحدث خللا في توازن التربة، وبالتالي تجعل الامتصاص يضطرب في الجذور، والنتيجة تؤدي لحدوث خسارة كبيرة في المحاصيل .

علما بان أكثر الاشجار تأثرا بالأمطار الحمضية هي الصنوبريات في المرتفعات الشاهقة.. نظرا لسقوط اوراقها قبل اوانها مما يفقد الاخشاب جودتها، وبذلك تؤدي إلى خسارة اقتصادية في تدمير الغابات وتدهورها.

وتبين التقارير ان التربة في مناطق أوروبا، اخذت تتأثر بالحموضة، وهو ما يؤدي إلى اضرار بالغة من انخفاض نشاط البكتيريا المثبتة للنيتروجين مثلا. وانخفاض معدل تفكك المادة العضوية، ما أدى إلى سماكة البقايا النباتية إلى الحد الذي أصبحت فيه تعوق نفاذ الماء إلى داخل التربة والى عدم تمكن البذور من الانبات، وقد ادت هذه التأثيرات إلى انخفاض إنتاجية الغابات...

وتتوقف سلامة كل مكون من مكونات النظام البيئي على سلامة المكونات الأخرى، فمثلا تضرر النباتات بالأمطار الحمضية يحرم القوارض من المادة الغذائية والمأوى، ويؤدي إلى موتها أو هجرتها، كما تموت الحيوانات اللاحمة التي تتغذى على القوارض وهكذا.. وقد يلاحظ التأثير المباشر للأمطار الحامضية في الحيوانات الاخرى . كما لوحظ موت القشريات والاسماك الصغيرة في البحيرات المتحمضة، نظرا لتشكل مركبات سامة بتأثير الأمطار الحمضية، تدخل في نسيج النباتات والعوالق النباتية- (نباتات وحيدة الخلية عائمة).. وعندما تتناولها القشريات والاسماك الصغيرة، تتركز المركبات السامة في انسجتها بنسبة أكبر. وهكذا يرتفع تركيز المواد السامة في المستهلكات الثانوية والثالثية حتى تصبح قاتلة في السلسلة الغذائية.. ولابد من الإشارة إلى ان النظام البيئي لا يستقيم إذ ا حدث خلل في عناصره المنتجة أو المستهلكة أو المفكِكة . وبالنتيجة يؤدي موت الغابات إلى موت الكثير من الحيوانات الصغيرة، وهجرة الكبيرة منها.. وهكذا.

تاثير الامطار الحامضية على الإنسان

يتشكل الضباب الدخاني في المدن الكبيرة، وهو يحتوي على احماض، حيث يبقى معلقا في الجو عدة أيام، وذلك عندما تتعرض الملوثات الغازية الناتجة عن وسائل النقل بصورة فادحة إلى الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس، فيحدث بين مكوناتها تفاعلات كيميائية، تؤدي إلى تكوين الضباب الدخاني الذي يخيم على المدن وخاصة في ساعات الصباح الأولى، والأخطر في ذلك، هو غازي ثاني أكسيد النيتروجين، لأنه يشكل الاساس الذي يدخل في سلسلة التفاعلات الكيميائية الضوئية التي ينتج عنها الضباب الدخاني وبالتالي نكون أمام مركبات عديدة لها تأثيرات ضارة على الإنسان إذ تسبب احتقان الأغشية المخاطية وتهيجها والسعال والاختناق وتلف الأنسجة وانخفاض معدل التمثيل الضوئي في النبات الأخضر. وكل هذا ينتج عن حدوث ظاهرة الابخرة القاتلة، كما حدث في مدينة لندن عام 1952 عندما خيم الضباب الدخاني لمدة ثلاثة أيام، مات بسببه 4000 شخص، وكذلك ما حدث في أنقرة وأثينا.

 آثار أخرى

الأمطار الحامضية يمكن أيضا أن تحدث أضرارا ببعض أنواع المباني والآثار التاريخية والتماثيل. بسبب تفاعل حامض الكبريتيك في تلك الأمطار مع مركبات الكالسيوم في الحجارة (كالأحجار الجيرية أو الرخام أو الغرانيت) لتكوين الجص الذي يتشقق ويسقط.

يمكن أيضا أن يتفاعل حمض النيتريك الموجود في الأمطار الحامضية مع كثير من المعادن في المنشآت الصناعية ويتسبب في تخريبها.

ملخص مبسط :

س :ما هي الغازات التي تسبب الأمطار الحامضية ؟

ج :الغازَات التي تؤدي إلى تكون المطر الحامضي هي :

 غاز ثاني أُكْسيد الكبريْتِ . أكاسِيْد النيتروجِيْن.ثاني أكْسيد الكربون. والكلوْر.

س :ما هو الترسيب الحامضي الجاف ؟

ج : في بعض المناطق التي لا تسقط فيها الأمطار، تلتصِق المركبات الحامضيّة بالأتربة العَالِقَه في الهواء، وتتساقط معها لتلْتَصِقَ بسطح التربة. وتسمى هذه الظاهرة بالترْسِيْب الحامضِي الجاف. ثم تأتي الرياح وتحمل هذه الذَّرَّات الترابيّة الحامضِيَّة وترسِّبُها على المباني، والسّيّارات، والمنازل، والأشجار، ثم تنزل الأمطار لتغْسِلَ هذه الأسطح؛ فتتحول الأمطار إلى أمطار حامضية بدرجة أكثر.

س : ما تأْثير المطرالحامضي ؟

ج :1 - يزيد من حامضية مياه الأنهار والينابيع والبُحَيْرات، ويضر بالتربة والحياة النباتية، ويتلف الأبنية، وخاصة الابنية الاثرية القديمة .

 2 - يحلِّلُ بعض مركّبات المعادن السّامّة الموجودة على سطح التربة، لتصبح مركبات حرة . فيتركز بعضها في الأنهار مثل الزِّئْبق الذي يتخلل جلود الأسماك؛ فتضر بصحة الإنسان الذي يأكلها.اضافة الى ان الانهار تشكل مصدر المياه النقية لشرب الانسان واستعمالاته الاخرى .

3 - يتفاعل الماء الحامْضِي مع رصاص ونحاس مواسير المياه، ويلوِّث مياه الشّرب؛ فيُدمّر الكَبِدَ والكُلَى .

س : ما هي الأمطار الحامضية ؟

ج : المطر الحامضي : هو المطر الذي يكتسب الصِّفَة الحامضية كيميائيا . وتحدث الأمطار الحامضية عندما تتفاعل أكاسِيْد الكبريت والنتروجين المنبعِثَة من ملوِّثات مختلفة، بوجود بخار الماء في الجو؛ لتتحوّل إلى أحماض ومركّبات حامضية ذائبة، وتبقى عَالِقة في الهواء حتى تتساقط مع مياه الأمطار.

س : ماهي المصادر الطبيعية للامطار الحامضية ؟

ج : الانبعاثات الناتجة عن البراكين ومن العمليات البيولوجية التي تحدث على الأرض ونواتج الصناعة .والمصدر الرئيسي في الأمطار الحامضية، هو المصادر البشرية .والصناعية كالمصانع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والسيارات .وثاني أوكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين من خلال الافراج عن عملية حرق الوقود .

س : كيف تتكون الأمطار الحمضية ؟

ج : عندما يتكاثف بخار الماء، ويسقط المطر، تذوب في الماء لتكوين حامض الكبريتيك (H2SO4) وحامض النيتريك (HNO3).

س : ماهي اضرار الامطار الحامضية ؟

ج : هي :

1 - تضر الحياة المائية

فتوقف تكاثر بعض الكائنات الحية (مثل السمك) لوقف تفقيس البيو ض                        .

2 - تضر النباتات

استنزاف العناصر الغذائية من التربة، وتباطؤ نمو النبات مع

تسمم يسبب بقعا بنية اللون على أوراق الأشجار وإعاقة عملية التمثيل الضوئي

3 - تضر الانسان :

مشاكل في الجهاز التنفسي والربو، والسعال الجاف، والصداع والتهابات الحلق

تلف الدماغ، ومشاكل في الكلى، ومرض الزهايمر

س ماهي التدابير الوقائية ؟

1 - تقليل كمية ثاني أوكسيد الكبريت وأكاسيد النتروجين التي تطلق في الهواء الجوي

2 - استخدام طاقة أقل (وبالتالي يقل حرق الوقود(.

3 - استخدام وقود أنظف

4 - إزالة الكبريت من غاز المداخن

5 - استخدام مصادر أخرى للكهرباء (مثل الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الجوفية، والطاقة الشمسية(.

6 - الحد من آثار الأمطار الحامضية باضافة مسحوق الحجر الجيري (القلوية التركيب) الى الماء والتربة لتقليل الحامضية .

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2058 الثلاثاء 13 / 03 / 2012