قضايا وآراء

القاعدة .. من بيشاور الى بغداد ! ( 4 - 4) / قاسم محمد الكفائي

ما ذكرناه في حلقتنا الأولى من أن القاعدة بهيكلها العام تعتبر كيانا تعبويا في المنهج والتخطيط وهي تفتقر الى الترتيب التنظيمي كما هو في الاحزاب والتنظيمات الاخرى التي تبدأ بقمة الهرم – الرئيس – ثم الادنى حتى آخر عضو في التنظيم الذي يمثل الأرضية التي يرتكز عليها الهيكل . فالعشوائية في بناء هيكل القاعدة توحي الى العشوائية في التراكمات الثقافية التي تختزنها المؤسسة ُ الوهابية على مسارات علوم الحياة والدين . بهذه اللمحة وبحسب الفهم العميق الذي يتمخض عن الدراسات التي تعتمدها دوائر المخابرات العالمية والأمريكيبة على الخصوص نفهم أن الفوضى والعشوائية هما المناخ الملائم لترويج هذا الفكر وتعميمه على أنه الخصم اللدود لقوات الغزو الأمريكي في العراق . فالأجراءات المهمة والأساسية التي أقدمت عليها أمريكا ما بعد احتلال العراق تمهيدا لعمل القاعدة أنها حَلت الجيش نهائيا وعطلت كل مفاصل الحكومة والدولة . وبحسب الدراسات الأمريكية للمجتمع العراقي الذي شأنه شأن أي مجتمع آخر يوجد فيه جماعات من اللصوص وقطاع الطرق ومفسدين وهاربين عن وجه العدالة وآخرين متربصين ، وفيه أيضا جهلاء ومتطرفون دينيا ومذهبيا ... وغيرهم من عصابات صدام البائد الذين صاروا حاضنة الأرهاب الذي تمارسه القاعدة نيابة عن المخابرات الدولية .

كل هؤلاء وبحسب تلك الدراسات هم المعيار الأنسب والأرضية الخصبة والملائمة لعمل القاعدة ، وسرعة حركتها وفاعليتها كالنار في الهشيم .

هذه الأرضية الخصبة تؤثر عليها كذلك وتدعمها وسيلتان أساسيتان هما : الفتاوى التي تصدرها المؤسسة الدينية – الوهابية - في السعودية ، والأعلام العربي المرتبط بالدوائر الأجنبية أمثال القناتين الفضائيتين الرئيسيتين ، العربية والجزيرة . تعتبر القاعدة في عملها وسرعة تأثيرها على تلك العناصر كيانا سحريا غير تقليدي . فالتنظيمات السياسية العالمية أمثال الأخوان المسلمين في مصر والحزب الشيوعي في العراق وغيرهم مضت على نشوء كياناتهم ثلاثة أرباع القرن ولم يحققوا في العراق جزءً متواضعا مما حققته القاعدة التي لا يرتبط بها إنسان عراقي واحد بشكل تنظيمي متعارَف عليه . لكن مرحلة العشوائية التي صنعتها أمريكا ما بعد احتلال قواتها للعراق جعلت من القاعدة عنوانا عقائديا هدّدَ الدولة والمجتمع ببناء دولة العراق الأسلامية على جزء من الأرض ، وصار المجاهدون هم البديل عن الجيش العراقي في التعاطي مع الأحتلال .           

لقد تحققت بعضُ الطموحات الأمريكية والصهيونية السرية بتدمير القاعدة جزءا كبيرا من البنى التحتية العراقية ولم تفلح بالوصول الى قمة تلك الطموحات ببقائها المستديم في العراق والتحكم به . هذه النتيجة كانت ثمار جهود مخلصة ومضنية قام بها بعضٌ المخلصين في الحكومة العراقية وإن افتقرت الى الخبرة في التعاطي مع مرحلة ظهور القاعدة والأحتلال الأمريكي في العراق .

من المهام الكبرى التي عجزت الحكومة العراقية عن القيام والتفكير بها في مواجهة حرب الأدمغة الذي تؤديه الأدارة الأمريكية باستعمال القاعدة في العراق هو أنها تنعت القاعدة على أنها كيان ديني مستقل ولم يكن جزءً من مشروع صهيوني أمريكي .

فحرب الأدمغة الذي كان يفترَض على الحكومة أن تمارسه على ضوء الرد الصحيح للممارسات الأمريكية السرية هو أن تسمي الحكومة العراقية تنظيمَ القاعدة باعلامها وكل تصريحاتها ب (عناصر المخابرات الدولية) . هذه التسمية ستحرج الأمريكان ودول الغرب ، وستساهم في تقليل حِدَّة إصرار الأدارة الأمريكية باسعمال هذا الكيان الأرهابي في التدمير والقتل . فحربُ الأدمغة يفرض الفطنة وسرعة البديهية والدقة المتناهية في الحركة والعمل والتناغم وليست المواجهة بالجندي كحل ينهي الصراع القائم . لقد انتقلت القاعدة التي نشأت في بيشاور عاصمة إقليم سَرْحَد بجهود المخابرات الدولية والأقليمية الى بغداد عاصمة بلاد الرافدين لتحتضن عناصرَها عناصرُ جهاز مخابرات صدام ، وكان بن لادن والظواهري لا يصدقان هذا الأنجاز كون قيمة شخصيتيهما لا تساوي التأثير على أيِّ مواطن عراقي يتسم بلياقة الفكر والثقافة والمواطنة . فالقاعدة صارت السلاح الأمريكي البديل في مواجهة الدول والشعوب لتقزيمها والنيل منها ، فسورية تعيش اليوم مرحلة أشبه بالمرحلة التي عاشها العراق من ارهاب وفتاوى ودماء . كذلك اليمن فهو مرشح أيضا أن يكون مسرحا لهذا الوباء الذي تدبره المملكة السعودية من أجل إضعافه وإبعاد تأثير ثورة شعبه عن ساحتها .            القاعدة ( عناصر المخابرات الدولية ) على وشك نهايتها في العراق كمخططٍ أمريكي صهيوني يعني بتدمير العراق وطنا وشعبا  وعقيدة .   

 

  

حلقات ذات صلة

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&;view=article&id=61610:----1----&catid=34:2009-05-21-01-45-56&Itemid=53

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&;view=article&id=62638:------3----&catid=36:2009-05-21-01-46-14&Itemid=54

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&;view=article&id=62638:------3----&catid=36:2009-05-21-01-46-14&Itemid=54

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2101 الاربعاء  25 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم