قضايا وآراء

القوامة في اليهودية والنصرانية

(العهد القديم والجديد) بعدما طرأ عليها من تحريف وتزوير.

 

أ- القوامة في العهد القديم:

جاء في العهد القديم : "إلى زوجك يكون اشتياقك، وهو عليك يسود"1، "وقال الرب الإله: لا يحسن أن يكون آدم وحده، فأصنع له مثلا يعينه"2. فالمرأة خلقت من ضلع الرجل "وبنى الرب الإله امرأة من الضلع التي أخذها من آدم، فجاء بها إلى آدم، وقال آدم: "هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي، هذه تسمى امرأة، فهي من امرئ أخذت:. ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويتحد بامرأته، فيصيران جسدا واحدا"3. "وقال الرب للمرأة بعدما أكلت من الشجرة: أزيد تعبك حين تحبلين، وبالأوجاع تلدين البنين إلى زوجك يكون اشتياقك وهو عليك يسود"4.

ومن خلال هذه الفقرات يتبين لنا وظيفة المرأة في شريعة اليهود وفي العهد القديم وهي كما يلي:

1- الحمل وحضانة الأولاد

2- يجب أن توطد علاقتها بزوجها ورغبتها فيه واشتياقها إليه.

3- الخضوع لسلطته وتنفيذ أوامره وعدم عصيانه.

أما وظيفة الرجل فيبينها سفر التكوين "وقال لآدم:...بكدك تأكل طعامك منها –الأرض- طول أيام حياتك شوكا وعوسجا تنبت لك، ومن عشب الحقل تقتات، بعرق جبينك تأكل خبزك حتى تعود إلى الأرض لأنك منها أخذت، فأنت تراب وإلى التراب تعود"5.

فالفقرات بينت وظيفة الرجل في شريعة اليهود كالآتي:

1- الكد والسعي لطلب الرزق

2- الرئاسة والإدارة واتخاذ قرار البيت

يقول أبو غضة: تؤمن التوراة وبالتالي الديانة اليهودية بأحقية قوامة الرجل على المرأة، والقوامة معناها: أن المرأة خلقت لكي تكون معينة للرجل، فالتعاون بينهما متبادل، ولكنه هو الأصل الذي أخذت منه، ونتيجة لفشلها في إدارة حياة الرجل في الجنة والناتج عن معصيتها أولا، ثم عصيانها بعدها، فكان جزاؤها هو أن يتسلط الرجل عليها، بمعنى أن يكون هو القائد لا التابع.

والمتتبع للعهد القديم يجد أن علاقة الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة، سواء كانت بين الزوجة وزوجها، أو الوالد وابنته، أو الأخ وأخته، أو الرجال وأرحامهم من النساء، ولكن القيادة واتخاذ  الرأي وكلمة الفصل للرجال، الذين يمكنهم الاستفادة من آراء النساء إذا صلحت، ولكن على سبيل التعاون وحرية الاختيار، لا على سبيل الجبر والإكراه.

وقد جاء في الموسوعة اليهودية عن ذلك: "وكانت الوظيفة الرئيسية للمرأة هي حمل الأطفال وكانت الزوجة الجيدة والأم الجيدة تتمتع بالمديح من زوجها وأولادها6 .

وفي شريعتنا الإسلامية القوامة ليست كذلك ليست تسلطا ولا استعبادا، ولا لأن المرأة عصت فعوقبت بسيطرة الرجل عليها، لكن القوامة هي تحرير للمرأة وتقييد للرجل، هي حماية للمرأة وصون لكرامتها، وذود عن حماها وقضاء حوائجها، فالمرأة سكن للرجل فيها يجد راحته الوجدانية والروحية، أما الشريعة اليهودية فإنها تؤمن بالقوامة لكن تجعلها آلية للتسلط على المرأة وإخضاعها لسلطان الرجل وقهره.

ونتج عن هذا التسلط عدة أحكام مجحفة بالمرأة منها:

أ‌-    لا ينبغي أن تكون المرأة معلمة للرجل

ب‌-  الصمت في الكنيسة وعدم الكلام نهائيا

ج- تغطية رأسها في الصلاة

د- تحريم عملها كداعية دينية أو العمل الكهنوتي بالكنيسة.

هـ- عدم حقها في الاستقلال بذمتها المالية ومزاولة أعمال التجارة والتصرفات المالية 7.

ومن آثار هذه القوامة في العهد القديم وفي شريعة اليهود أن المرأة اليهودية "لا تحتفظ بنسبها إلى عائلتها بعد زواجها بل تنسب إلى زوجها وعائلته، وبذلك تفقد انتسابها إلى عائلتها وهذا مما يضعف مركز المرأة أمام زوجها ويضعف من شخصيتها المدنية ويؤدي إلى وصاية الزوج عليها.

كذلك ليس للمرأة اليهودية المتزوجة أن تدير أموالها بنفسها وليس لها أن تحتفظ بكامل حقوقها المدنية أو بكامل أهليتها، وليس لها أن تباشر إجراء مختلف عقود البيع والشراء، والرهن والهبة والوصية.

ومن حق القوامة أيضا: أن الزوج يرث زوجته وهي لا ترثه وكذلك يحصل الرجل على كل ما يدخل للمرأة من موارد وما تجده من لقيه، وجاء في المادة 82 من الأحكام الشرعية للإسرائيليين ما يأتي: إذا عثر للزوجة على لقيه فهي من حق زوجها ما دام قائما بما عليه من الواجبات" وفي هذا ما يدل على أن المرأة لم تصل إلى مركز الخادمة، إذ أنها تعمل مقابل الإنفاق عليها، إذن حق القوامة لا يحقق المساواة بين الرجل والمرأة8 . وفضلا عن ذلك فمتى زفت الزوجة إلى زوجها حقت عليها طاعته والامتثال لأوامره ونواهيه الشرعية، ويجب عليها أن توقره كالملك أو السيد، وكذلك توقير أقربائه ولاسيما والديه، وعليها أن لا تضن بنفسها عليه أو تمتنع عنه بدون عذر، وعليها أن تخدمه ما قدرت لاسيما إذا مرض9 .

ومن هذه الآثار أن الزوجة إذا لم تدخل على زوجها بمال فلا تكلف زوجها الإنفاق عليها في غير الحاجيات اللازمة

وكذلك يجب عليها أن تتبع زوجها في أمور التربية وتعليم أمور الدين، وليس لها أن تطلب الطلاق مهما كانت عيوب زوجها ولو ثبت عليه الزنا 10.

وأحببت أن أذكر في هذا المقام تفسيرات لتلك الفقرات التي سبق ذكرها، جاء في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس عند تفسيره للفقرة 18 من الإصحاح في سفر التكوين: "لم يكتمل عمل الله في الخليقة إلا بخلق المرأة، وكان يمكنه أن يخلقها من تراب الأرض كما خلق الرجل، لكنه اختار، على أي حال،  أن يخلقها من عظام الرجل ولحمه. وبعمله هذا صور لنا أنه في الزواج يصير الرجل والمرأة، رمزيا، جسدا واحدا، وهو اتحاد روحي لقلبي الشريكين وحياتهما" 11. وعند تفسيره للفقرات 21-22-23 من نفس الإصحاح قال: "إن الله يشكل الرجال والنساء ويؤهلهم لمختلف المهام، ولكنها جميعها تهدف إلى غرض واحد وهو تمجيد الله، فالرجل يمنح الحياة للمرأة، والمرأة تمنح الحياة للعالم، ولكن من هذين الدورين امتيازات محددة مما يستبعد أي اتجاهات للنظرة على الجنس  الآخر كالأدنى أو الأعلى"12.

وفي موضع آخر من هذا التفسير عند تفسيره لسفر التكوين الإصحاح الرابع، جاء فيه تحت عنوان كبير "حواء" نقاط الضعف والأخطاء:

-     سمحت للشيطان أن يهز قناعتها

-     تصرفت باندفاع دون أن تشاور الله أو زوجها

-     لم تكتف بأن تخطئ، بل جعلت زوجها يشاركها في خطيئتها.

-     عندما واجهها الله، ألقت اللوم على آخرين13.

وخلاصة القول: إن المرأة في شريعة اليهود محرومة حتى من أبسط حقوقها ومن التعبير عما يصول ويجول في وجدانها، فهي لا ترقى حتى إلى مستوى الخادمة، فهي أصل الخطيئة وسبب الفضيحة، لذلك عاقبها الرب بتسلط الرجل عليها، فهي خاضعة له ومنفذة لتعليماته.

أما في شريعتنا الإسلامية الغراء فالمرأة تتمتع بجميع حقوقها وبواجباتها لم تعط لها في شريعة سبقت، فلها الحق في التعبير عن آرائها ولها الحرية الكاملة في التصرف في مالها وملكيتها تبيع وتشتري وتهدي وتتصدق...، كما جعلت طلاق الخلع بيدها إذا تضررت أو منعت من النفقة ومن حقها في الفراش والمبيت، فهي في حماية الرجل وفي كنفه يذب عنها، ويعولها، ويوفر لها أسباب حياتها وسعادتها، فجعل الرجال قوامين على النساء أي حافظين لهن ومنفقين عليهن ويذبون عنهن ويدفعون الشرور عنهن وكل ما يخدش كرامتهن وينقص من شخصيتهن، كما جعل النساء حافظات لأزواجهن ولثمرة زواجهن ولأنفسهن وبيوتهن مطيعات لخالقهن محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، فكانت الشريعة الإسلامية حكيمة وعادلة في ذلك وزعت الوظائف ونوعت الأدوار ليتحقق ذلك التكامل بين الزوجين لتصل سفينة الأسرة إلى شاطئ السعادة وبر الأمان.

وهكذا تتحقق القاعدة القرآنية القائلة: ?فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض14?، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يقود العالم إلى الحياة السعيدة والعيشة الهنيئة في الدنيا والآخرة، أما الشرائع المحرفة الأخرى فلا محالة أنها ستذهب أدراج الرياح، إذا طلع الصباح فلا حاجة إلى الشموع والنظرية المعروفة تقول: "البقاء للأصلح" فالبقاء لهذا الدين الإسلامي الحنيف الذي ينقذ البشرية من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويخرجها من الظلمات على النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

 

ب- القـوامة في العهد الجديد:

إن الشريعة النصرانية تؤمن بقوامة الرجل على المرأة وتعتبرها ضرورة من ضروريات الحياة، بمعنى أن الرجل هو السيد المطاع للمرأة وهي المسودة والطائعة لأوامر الرجل ونواهيه، وهذا في مجال إدارة الأسرة وأيضا في إدارة الحياة، أما في الحياة الزوجية كعلاقة محبة ورحمة وتبادل معاشرة زوجية فالاثنان متساويان تماما، مساواة كاملة بلا تفضيل15 .

وشريعة النصارى تأثرت بما جاء في العهد القديم من أن المرأة هي أول خاطئ، فهي أولا التي تناولت من الشجرة المحرمة فأكلت ثم أطعمت زوجها، وعلى ذلك فإنها عندما قادت آدم أورثته الخطيئة ولم تكن معينا له كما كانت مشيئة الله في خلقهما، ولكنها كانت عثرة له، وعلى ذلك كان عقابها شديدا، فأصبحت هي التابعة للرجل، وصار هو الآمر الناهي الذي لا يرد له أمر ولا يناقش له مطلب.

      وقد تكرر كثيرا في العهد الجديد أن المرأة خلقت من الرجل خدعته وأغوته وسبب الهلاك للبشرية كلها 16.

      وتعتبر الشريعة النصرانية تسلط الرجل على المرأة أمر إلهي واجب النفاذ وله ما يبرره من أسباب17 ، وفي هذا الصدد أنقل بعض فقرات العهد الجديد جاء فيه: "على المرأة أن تتلقى التعليم بسكوت وبكل خضوع، ولست أسمح للمرأة أن تعلم ولا أن تتسلط على الرجل، بل عليها أن تلزم السكوت. ذلك لأن آدم كون أولا، ثم حواء: ولم يكن آدم هو الذي انخدع بمكر الشيطان، بل المرأة انخدعت، فوقعت في المعصية 18.. وفي موضع آخر يوجه النداء إلى الزوجات: "أيتها الزوجات، اخضعن لأزواجكن، كما للرب. فإن الزوج هو رأس الزوجة كما أن المسيح أيضا هو رأس الكنيسة جسده، فكما أن الكنيسة قد أخضعت للمسيح، فكذلك الزوجات أيضا لأزواجهن، في كل شيء"19. ويضيف: "ولكني أريد أن تعلموا أن المسيح هو الرأس لكل رجل، أما رأس المرأة فهو الرجل..."20، فالمرأة في شريعة النصارى يجب أن تخضع لسيطرة الرجل وتنفذ أوامره ولا ترفض ما يطلبه منها، فهي مكبلة بقيود السيطرة والخضوع ولا حق لها في التعبير عن آرائها. "أيتها الزوجات اخضعن لأزواجكن كما يليق بالعيشة في الرب"21، وورد في رسالة بطرس ما يلي: "كذلك أيتها الزوجات، اخضعن لأزواجكن، حتى وإن كان الزوج غير مؤمن بالكلمة، تجذبه زوجته إلى الإيمان بتصرفها اللائق، دون كلام وذلك حين يلاحظ سلوكها الطاهر ووقارها"22.

فعلى المرأة أن تخضع لزوجها وإلا كانت سببا في انهيار الأسرة، كما عليها أن تهتم به وتوفر له كل ما يسعده وتترك ما يهينه ويخدش أحاسيسه وتحترم آراءه وتقبل كلمته وتحفظ حقوقه وتضحي بالغالي والنفيس من أجله لأنه سيدها والآمر والناهي، وعليها أن لا تتدخل في شؤونه الشخصية ولا تلح في طلباتها.

جاء في رسالة بطرس : "فكانت الواحدة منهن تتكل على الله وتخضع لزوجها، فسارة مثلا، كانت تطيع زوجها إبراهيم وتدعوه سيدي"23. فشريعة النصارى المحرفة أخف ضرارا من شريعة اليهود لأنها أعطت للمرأة حقها في الملكية الخاصة وفي التصرف فيها كيف شاءت عكس  شريعة اليهود التي تجعل كل ما تملك المرأة في يد الرجل وللزوج أن يمنعها من النفقة، أما شريعة النصارى فجعلت النفقة واجبة وينص على هذا "المادة 411 من القواعد الخاصة بالطوائف الكاثوليكية "لفيليب جلاد" فتقول: "نفقة الزوجة تجب على الزوج وإن كانت غنية لاحتباسها في مصلحته""24 وفي رسالة بطرس الأولى، تقول : "وأنتم أيها الرجال، عيشوا مع نسائكم عارفين أن المرأة مخلوق أضعف منكم، وأكرموهن لأنهن شريكات  لكم في ميراث نعمة الحياة، فلا يعيق صلواتكم بشيء..."25 .

وأنتقل إلى تفسير تلك الفقرات السابقة فجاء في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: عند تفسيره للفقرات : 22- 26 من الإصحاح الخامس من الرسالة إلى مؤمني أفسس "لماذا أوصى الرسول بولس الزوجات بالخضوع والأزواج بالمحبة؟ لعل النساء المسيحيات، اللواتي تحررن حديثا في المسيح، وجدن الخضوع صعبا، كما أن الرجال المسيحيين، الذين نشأوا على العادات الرومانية من منح رأس العائلة سلطة بلا حدود، لم يعتادوا على معاملة زوجاتهم باحترام ومحبة. ومن الطبيعي أن الزوج والزوجة يجب أن يخضع كل منهما للآخر، كما يجب أن يحب أحدهما الآخر"26. وذكر كذلك أن "في عصر الرسول بولس كان من الواجب على النساء والأولاد والعبيد الخضوع لرأس العائلة. العبيد إلى أن يتحرروا، والذكور من الأولاد إلى أن يكبروا، أما النساء والبنات فطيلة الحياة(...) لكن الرسول بولس نصح كل المؤمنين أن يخضع بعضهم لبعض طواعية، الزوجات للأزواج، والأزواج للزوجات، والعبيد للسادة، والسادة أيضا للعبيد، والأولاد للوالدين، والوالدان أيضا للأولاد. هذا النوع من الخضوع المتبادل يحفظ النظام والانسجام في العائلة، ويزيد المحبة والاحترام بين أفراد العائلة"27.

ويبين طبيعة سلطة العائلة بقوله: " ... لقد أوصى الرسول بولس الزوجات بالخضوع لأزواجهن، وليس معنى أن التعليم ليس مقبولا أن نهمله، فبحسب الكتاب المقدس، الرجل هو الرأس الروحي للعائلة، ويجب على الزوجة أن تنقاد له، ولكن القيادة الروحية الحقيقية تعني الخدمة، فكما خدم المسيح التلاميذ، إلى درجة غسل أرجلهم، هكذا ينبغي على الزوج أن يخدم زوجته، فالزوج الحكيم الذي يكرم المسيح، لا يشغل دوره كرأس العائلة، كما أن الزوجة الحكيمة التي تكرم المسيح، لا تحاول أن تحط من قدر قيادة زوجها، فكلا الأمرين يسببان التفكك والانقسام"28 ويعتقد اليهود أن الله عاقب الرجل بالسعي في طلب الرزق وعاقب المرأة بأوجاع المخاض والولادة "أخطأ الرجل وكان قصاصه العمل المضني، وأخطأت المرأة فكان قصاصها آلام الولادة"29.

ويحدد الكتاب المقدس مفهوم الطاعة وحقيقتها وأهميتها ففي تفسيره "الطاعة عنصر أساسي في الإدارة السلسة لأي عمل أو حكومة أو أسرة. فقد أمر الله بالطاعة في بعض العلاقات منعا للفوضى. ومن الأمور الأساسية أن ندرك أن الطاعة ليست الإذعان أو الانسحاب أو اللامبالاة وليس معناها الإحساس بالنقص لأن الله خلق جميع الناس على صورته، وللجميع قيمة واحدة. ولكن الطاعة معناها الالتزام المشترك والتعاون.

وهكذا يأمرنا الله بالطاعة بين الشركاء المتساوين، فهو لم يخلق الرجل أسمى من المرأة، بل خلق طريقا ليعمل الرجل والمرأة معا (...) فمع أن المرأة مساوية للرجل تحت سيادة الله، إلا أنها يجب عليها الخضوع لزوجها للحفاظ على حياتها الزوجية والأسرة. فالخضوع بين الشركاء هو خضوع إرادي وليس خضوعا قهريا"30.

وعلاوة على ذلك فإن كنائس النصارى تعددت، وتفرق النصارى إلى طوائف فمنهم الكاثوليك ومنهم الأرثوذكس ومنهم ...، فكل واحد وإنجيله وشريعته المحرفة وكل عام يطلعون علينا بنسخ جديدة يغيرونها لتوافق أهواءهم وشهواتهم، والسبب الذي دفعنا للاستدلال  ببعض نصوصهم هو المقارنة – رغم البون الشاسع بيننا وبينهم- بين وضعية المرأة في الإسلام والشرائع السابقة، فخلصنا في النهاية إلى أن المرأة المسلمة معززة ومكرمة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات إلا الوظائف الدنيوية فإنها راعت خصوصية كل واحد وطبيعته الخلقية فكلفته الشريعة بما يناسبه وما يوافق قدرات كل واحد منهما، أما في الحساب والجزاء فهم سواء وقد تكون المرأة أفضل من الرجل إن فاتته في درجة التقوى والقرب من الله تعالى.

أما القضية الأساسة وهي "القوامة" التي جعلناها محور البحث فإنها تدبير لشؤون البيت وتنظيم لحياة الأسرة، غايتها الاستقرار الأسري والطمأنينة والسكينة في البيت والمحبة والتلاحم بين أفراد الأسرة.

أما في شريعة اليهود والنصارى فالمقصود بهذه القوامة السيطرة والخضوع فالرجل هو السيد لأن المرأة خدعته وتسببت في خطيئته فهي أصل الخطيئة وسبب المعصية فعوقبت بتسلط الرجل عليها وإخضاعها لقهره وسلطانه.

يقول ربنا تبارك وتعالى:?أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يومنون قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون31?.

وقد فصل في ذلك –المرأة في اليهودية والنصرانية- مجموعة من الكتاب و أذكر على سبيل المثال لا الحصر: زكي علي السيد أبو غضة في كتابه: المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، والقس إلياس مقار في كتابه: نساء الكتاب المقدس، واللواء أحمد عبد الوهاب في كتابه: مكانة المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، والسيد محمد عاشور في كتابه: مركز المرأة في الشريعة اليهودية، وحسن ظاظا في كتابه الفكر الديني الإسرائيلي، والقس صموئيل المشرقي في كتابه: مكانة المرأة في المسيحية، ومحمد سكري سرور في كتابه: نظام الزواج في الشرائع اليهودية والمسيحية، وسوزان سعيد في كتابه: المرأة اليهودية حقوقها وواجباتها، وغيرها كثير إضافة إلى الكتب التي اعتمدتها في هذا المبحث منها: العهد الجديد والقديم، والتفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ونظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام لصابر أحمد طه. وكل هذه الكتابات تجمع على أن أفضل عمل للمرأة عملها داخل بيتها وتربيتها لأطفالها وطاعتها لزوجها وهذا ما يناسب طبيعتها الأنثوية وخصائصها الفطرية. أما "القوامة" فهي في الكتب المقدسة (العهد القديم والعهد الجديد) تعني فرض السيطرة على المرأة وإخضاعها لقهر الرجل وسلطانه.

 

د.رشيد كهوس أبو اليسر

المغرب الأقصى

 

.....................

هوامش

(1) سفر التكوين، الإصحاح: 3، الفقرة16.

(2) سفر التكوين ، الإصحاح 2، الفقرة 18.

(3) سفر التكوين ، الإصحاح 2، الفقرات 21- 24.

(4) سفر التكوين ، الإصحاح 3، الفقرة 16.

(5)  سفر التكوين ، الإصحاح 3، الفقرات : 17-19.

(6)المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، زكي علي السيد أبو غضة، ص: 148- 149.

(7) المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ، ص: 185.

(8 المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ، ص : 152.

(9)نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية و الإسلام، صابر أحمد طه، ص: 27، نقلا عن الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية، - مراد فرج ـ، مادة 202-204-205-207.

(10) المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص: 28، نقلا عن الأحكام العبرية –دى بفلى- نقله إلى العربية محمد حافظ صبري، مادة 407-413-433.

(11) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، التعريب والجمع التصويري والمونتاج والأعمال الفنية شركة: ماستر ميديا، ص: 11.

(12) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص: 11.

(13) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص:17

(14) الرعد: 17.

(15) المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص: 153.

(16)المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص: 153.

(17)المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص : 155.

(18)  تيموثاس، الإصحاح: 2، الفقرة: 9.

(19) الرسالة إلى مؤمني  أفسوس، الإصحاح: 5، الفقرات: 22- 24.

(20) الرسالة الأولى إلى مؤمني كورنثوس، الإصحاح: 11، الفقرة : 3.

(22)  الرسالة الأولى إلى مؤمني كولوسي، الإصحاح: 3، الفقرة : 8.

(23) الإصحاح 3، الفقرة: 1 و 2.

(24) الإصحاح 3، الفقرة : 5.

(25) نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام، مرجع سابق، ص : 56

(26) الإصحاح : 3، الآية : 7.

(27   التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص : 2530.

(28) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص : 2530.

(29  التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ص : 2530.

(30) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، عند تفسيره للفقرة 15 من الإصحاح الثاني من الرسالة الأولى إلى تيموثاس، ص : 2600.

(31) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ، عند تفسيره الفقرة 3 و 4 من الإصحاح : 11 من الرسالة الأولى إلى مؤمني كونثوس، ص : 2446.

(32) العنكبوت: 51-52.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1200 السبت 17/10/2009)

 

في المثقف اليوم