قضايا وآراء

بروفايل (7): اسعد الجبوري ومخزونه المكتظ بالمعرفة الابستمولوجية / هدلا القصار

 

تعلمنا " أن التمسك بالوطن وخياراته ميزة كل كاتب مؤثر" كما لدي  الأديب والشاعر والروائي العراقي اسعد الجبوري، المقيم في الدنمارك، المحمل بهموم الوطن والإنسان على الأرض .

نتلمس درجات إيقاعه الذي يخضع لمحولاته الثقافية، المتناسبة مع لغته الشعرية، وحواسه المنتهي برجفة الجسد وما يذهب بينهما من رؤى واستلهام   .

انه شاعر من طراز  فيكتور هوجو،  المتفوق في أعماله الشعرية والمسرحية والروائية والخطابية ....  كما استطاع الشاعر اسعد الحبوري، كباحث وكاتب، وشاعر،  ومترجماً، وقارئا،  أن ينجز أعمالاً إبداعية متنوعة، تكشف للمتلقي عن كينونة رؤيته الخاصة بمستقبل الإنسانية، والتي ساعدت الشاعر على  صياغة الحركة الشعرية المحملة بصورة الإنسان، باعتباره قادراً على التحكم في أعمال العقل وما بداخل الفرد والجنس البشري،  الذي غزاه قلم الشاعر المتحدث عن أهمية الشقاء الإنساني، وعزلة الفرد الراقي. بموهبة شاعرنا التأملية، حيث نقل للمتلقي والمتخيل والمجرد،  وسائله التي تقوم على معالجة مواضيع  كينونات الفرد في المجتمعات العربية والغربية، في قدسية الكلم، ليتوحد جدل الفرد بالإدراك الفلسفي المعبر عن اتجاهه  الواقعي... وليبقى أدبه في طليعة الصفوف، حيث قدم للقارئ أعماله المصورة  من حياة الشعوب التي مر بها، وما اتسمت به الطبيعة من خلال اطلاعه على الحقائق التاريخية، من مختلف نواحي الحياة، وتتبعه العلاقات القائمة في تاريخ  الشرق والغرب، ونزعتهم المتطابقة  مع الأدب العربي الحديث، مع الحفاظ على النقاط المشرقية التي أرادنا الاطلاع على تلك التواصل الأدبي، واستخدمه مجمل أدبه المهجن، القائم على  وقائع الحياة، والحقائق التاريخية، من خلال معرفته للتاريخ، وتتبعه طبائع البشر وتصويره الساخر للمجتمع العربي... وحساسيته المفرطة إزاء العالم المضطرب والمبرمج .

لذا نرى من الضرورة التقرب من ثقافة هذا الشاعر، والتعرف على مخزون تجربته المكتظة بالمعرفة الشعرية، الوجودية المتوغلة في الذات، والموضوعات التي تشكل أبرز السمات الأساسية  في مشهد الشعر العالمي والعربي الحديث، في إبداعات مزاجه المفروش على مائدة اللغة، ورموزه المعبرة عن موقفه من الحياة التي يرى فيها صور الإنسان المعكوسة، وكأن الشاعر يمشي على قاعدة الأديب والفيلسوف الشاعر بابلوا نيرودا، في الالتزام الاجتماعي، والدفاع عن قضايا العدل والحرية، كاشف عن الحقائق والمظالم التي تواجه الإنسانية .... في ما يشاء كلمه، المحمل بوجدانية ترصد عالم التناقضات والهزائم الاجتماعية في العالم، كشاعر  متجول في القارات، يجمع من  نكهتها الإبداعية،  نبرته التي تترك للمبدع والقارئ إمكانية التفاعل الذاتي مع تجربته الشعرية المثيرة للاهتمام... ولعل التعرف عليها يمد المتلقي بماء الوضوء، للكشف عن مكامن النفس المعبرة عن كل المشاعر التي يعيشها الفرد .

لننظر من جديد إلى بنية أعماله المغناطيسية، ومنظوماته الأدبية المحتكة بثقافة الغرب الموصولة برنات شاعرية  الشاعر الملموسة على فم قصائده المتأثرة بفلسفة "هيجل و تيوفيل وجوتيه"، اللذين كشفوا عن أبواب إحساس الفرد وعلاقته بالجمال الروحي،  والقيمة النفسية، والوجودية المطلقة، وعلاقته بالزمكان وتحولاته، كما في تجربة اسعد الجبوري، ومؤثراته الثقافية اللافتة في تميز نصوصه الهلالية، وأسلوب لغته في سرد الحدث، كبؤرة مركزية منفردة في أعماله الشاملة لجميع النواحي الإبداعية والفكرية، على صعيد الوطن العربي والعالمي معاً، لثقافته المعرفية الهامة في تجربته الإبداعية المحملة بآفاق إنـسانـية واسعة، وشاعرية منصهرة في مـنظوماته "الأنثروبولوجية" وفلسفته المعمقة نسيج العربي الحضاري في أعمال الجبوري، المتميز بالصدق ودقة الوصف، وحسن الطرح، وبراعة تحليل نفسية الشخصيات في سرده الشعر وقصصه التصويري، مما جعله يصل إلى عظام شعراء الغرب قديماً وحديثاً, أمثال: الشاعر البلجيكي رودنباخ، والروسي وفرها يرن وداريو، وأخيراً  في نقده الذي يشبه سخرية  "مونتسكيو"،  من المجتمع في رسائله الفارسية، المشيرة إلى أسطورة بمثلها الشاعر في لحظة التفاعل ....،

يبقى الخيار للكلم الذي شكل أرضيته التي انطلق منها إلى عالم الإبداع في العالمين، الذين حولوا  تأثيرات عوامله الداخلية والذاتية، وظروفه الطارئة إلى مكتسبات البيئة المحيطة به، وسـط غربة مترامية الأجنحة، رغم بحثه المكثف عن كينونة مكانته اللائقة التي يستحقها الأديب والشاعر العراقي اسعد الجبوري، في أعماله الأدبية، المجابهة العقل بالقلم  الذي يقوده إلى مواقف لا تغيب عن معاناة الإنسان وخارجه الميتافيزيقي، المتمثل بأعمال الشاعر "الاسكتلندي آدمس روبت"، "وجون باربر"، اللذان عالجوا قضايا الإنسان وظروفه الموضوعية، والموضوعات الإنسانية والاجتماعية والسياسية، بلغة هموم المجتمع الذي ينادي بحلول المسائل الوجودية، والأخلاقية، والإنسانية، لتقترب ذاته المتعبة من ذات الأخر المنفصلة عنه، مع المحافظة على أصالته العربية، والميزات التي نلمسها في تجربته الإبداعية، وتواجده مع معظم شعراء العالم العربي والغربي، على صعيد التجربة الحياتية  وانجذابه نحو الخلود ، لنرى تلك المشاعر الاستكانية الهارمونية،في نبرة الشاعر العميقة، واندفاعه العفوي في أعماله الإبداعية، إضافة إلى طلاقاته في الكوميديا الإنسانية، بما أنها أفضل الطرق لبوح الحقيقة .... في مثل هذا الإبداع الذي  لا يستهان في ترسيخ  ثقافته الشعرية المتمثلة في جسد مستقبل الجيل الرابع، برسائله المفتوحة على أعالمه ونضاله في عالم الشاعر  المتعدد المناهج .

بين الشعر والخيال وبين الجمال وتزوقه  نتعرف على مسالك تجربة الشاعر وإشاراته ورموزه وانفعالات عواطفه، ومحبته وعنفه ودماثته، لمشاركته تجربته الخارقة التي حولت موضوع الشعر إلى رمز لكل الأشياء في محاوراته المتمثلة بالسرد العربي قديما وحديثاً  من جهة الفكر العربي والعالمي الذي ن جمع من خلالهم جوانبه الفلسفية وتأويلها، وآثارها في الفكر والمعرفة التي ترفع من شأنه في مجمل أعماله.

 لذا نجد معظم أعمال اسعد الجبوري، تمثل فلسفة جان جاك روسو، ودينيس، وديدرو، وفولتير .. وهم من أشهر رجال الأدب في العصر الحديث، المحلق  بأجنحة الإنسان في ظل ثقافة إنسانية تستطيع أن توحد التعددية الثقافة، والعقائدية، وطبائعها ...

إذا يحمل شاعرنا مشروع فكري عربي مستقل في تجربته التي أتت في سياق تطور الفكر العرب، كما صرح في قصيدة " مقاطع من مياه الكائنات المضطربة" .

 

يتبع

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2183 الاثنين 16/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم