قضايا وآراء

قتل المراة غسلا للعار وعالم .. النت والموبايل / علي عبد داود الزكي

ان الانسان في الشرق الاوسط في مرحلة ما قبل الاسلام وحتى في عصر الاسلام لم يكن هناك معنى للشرف كما هو متعارف عليه الان لان الشرف اليوم اصبح مفهومه الوحيد هو الشرف الذي يخص المراة ويحرم ممارستها الجنس خارج اطار الزوجية. المجتمع كان لا يحاسب المراة على ذلك قبل الاسلام كما ان الاسلام في بدايته كعصر وفكر جديد لم يلغي زواج المعتة لذا بقيت هذه الظاهرة موجودة واستمرت حتى عصر الخلفاء الراشدين حيث تم تحريم ذلك ومنع زواج المتعة مما ولد مع الزمن نوع من الحرب على هذه العرف القديم وبدا الانسان يتقلد اعراف اجتماعية جديدة اصبحت هي ثوب المجتمع الاسلامي فيما بعد. اي ان التغيير فرض نفسه هنا وبدا الانسان يتقلد قيم اجتماعية جديدة واحتاج الانسان الى قرون لغرض ترسيخ مفاهيم اخلاقية جديدة والتي جعلت من المساس بالشرف الجنسي خط احمر لا يمكن تخطيه وهذا خلق ظروف اجتماعية جديدة قد تقتل على اثرها المراة خارج الاطار الحسابي الاسلامي فيما لو مارست الجنس خارج الاطار المسموح به وفقا للاخلاق الاجتماعية المقدسة الجديدة. انتقل التشدد هنا ولبس ثوب تعصب واصبح المجتمع ذكوري بدرجة كبيرة واصبح هذا عرفا سائدا في العديد من بلدان الشرق الاوسط. لذا ممكن القول بان تحريم زواج المتعة والذي اظنه نفسه هو زواج المسيار كان له الاثر الكبير في خلق هذا العرف الاجتماعي ليس في عصره وانما في العصور التي تلت عصره بعقود طويل وقرون طويلة من الزمان لان في عصره المجتمع كان في طور التالقلم مع القيم الجديدة. بالتاكيد المجتمع لم يكن يخضع بشكل مطلق لقيم الاسلام ويرفض ما كان متعارف عليه في مجتمع ما قبل الاسلام اي ان المجتمع قد يتبنى فكرا جديدا لكنه لا يمكن ان يغير اخلاقياته وعاداته بسهولة وانما يحتاج الى سنوات طويلة لغرض ان يتم تنشئة الفكر الجديد. من يريد ان يتعرف على عادات المجتمع ما قبل الاسلام فقط ليبحث في النت عن " الزواج قبل الاسلام" سيجد اشياء لا يمكن ان يكون قد توقعها. ان معاوية كان البعض يهاجمه ويشير الى امه هند بالسوء ومعاوية يضحك ولا يهتم لهذا الامر لان المجتمع الذي كان يعيش فيه معاوية لا يستنكر هذا الامر. كما ان زياد ابن ابيه اصبح واليا رغم انه مجهول النسب او نسب الى اكثر من شخص ولكن المجتمع كان يتقبل ذلك في تلك الفترة فهل من الممكن مثلا ان يتم تقبل هذه الامور في هذا العصر؟! بالتاكيد لا يمكن تقبل ذلك لان الاخلاقيات التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم وان كانت قاسية لكنها مقدسة كعرف ولا يمكن ان تكسر لا بل ان الانسان يفضل الموت على ان يتم انتهاك هذه القدسيات. اذن من خلال هذا نرى بان القدسيات ما هي بثوابت وانما تتغير وفقا للظروف وتتغير وفقا لما يعيشه الانسان من ظروف ومدارس تربوية واجتماعية مرورا بتناقضات مختلفة تاتي باحكام ورؤى جديدة ومختلفة عن الماضي.

ان الاسلام كان مدرسة والاحكام التي وضعت في عصر الخلفاء فرضت اخلاقيات اجتماعية جديدة ترسخت مع السنين الطويلة. ان قتل المراة على الشرف لم  نسمع بحصوله بشكل كبير وواسع في عصور الاسلام الاولى ولا حتى في عصور الدولة الاموية والعباسية  وانما سمعنا بها في عصور متاخرة. كما ان الثوب الاجتماعي هذا ترسخ واصبح قالب لا يمكن للمجتمعات الشرقية ان تتجاوزه بسهولة ولكن يبدو ان عالم النت والحاسوب والموبايل والعولمة والامركة الفكرية اليوم بدات تدفع بالمجتمعات الى حافة جديدة ستجعل من الجيل الجديد يندفع باتجاه تقبل زواج المتعة وزوج المسيار ولربما تقبل اشياء جديد خلال العقدين القادمين ستجعل من الانسان يتجاوز قدسيات الماضي. اي ان حل مشكلة الارامل والمطلقات سوف  لا تكون عن طريق  تقبل فكرة ان تكون المراة زوجة ثانية او ثالثة او رابعة كما حلل الاسلام ذلك لان هذه الفكرة لا يتقبلها الفكر الغربي الذي بدا يسيطر على كل العالم. اذن سيكون الحل هو بتقبل زواج المتعة والمسيار،  اي الاسلام على الطريقة التركية او الاوربية ولعل هذا الانقلاب سيحدث معه اهولا كثيرة من التقلبات الاجتماعية والفكرية والثقافية.

 ان اغلب الرجال الذين يدافعون عن حقوق المراة في كل مجتمعات العالم وخصوصا الشرقية يبحثون عن ثمن لما يفعلون والثمن معروف من اجل ان يسمحوا لها بان تشاركهم في حركاتهم واحزابهم ومن تدفع الثمن سيرحب بها لتنال ما تريد من مكانة لتصبح صحفية وشاعرة وكاتبة ورسامة وزعيمة سياسية تابعة تسير في ظل الرجل. ان المراة مرغوبة كشريكة جميلة لطيفة رقيقة تابعة اكثر منها كمفكرة ولديها حلول للكثير من المشاكل. كما يلاحظ خلال العقد الاخير ان تكنولوجيا الاتصالات (النت والموبايل) بعد انتشارها في الشرق الاوسط كسرت الكثير من القيود رغم انها سببت الكثير من الامراض الاجتماعية الجديدة وبدات ترسخ مفاهيم اجتماعية غريبة جديدة. يمكن القول بان مجتمعاتنا اصبحت مقبلة على ازمة اجتماعية واخلاقية كبيرة يجب ان يتم الاستعداد لها ويجب على المفكرين والتربويين ان يعطوا اولوية كبيرة لهذا الانقلاب الفكري والقيمي والاخلاقي لتوجيه المجتمع وعدم تركه لموجة الامركة والتغرب لتقود المجتمع بظل فوضى قد تكون قاسية ومرة وقد تؤدي الى الكثير من الازمات التي لا تحل بسهولة. بدانا نسمع الكثير من ماسي التصوير بالموبايل للجلسات الخاصة بين الفتيان والفتيات، حتى ان مكالمات الموبايل بدات تسجل وقد تكون دليلا سيئا تهدد به المراة. بسبب ذكورية المجتمع بدات تستغل هذه التكنولوجيا  ضد المراة لابتزازها وجعلها لعبة بلا مشاعر ولا احساس خائفة دوما من كارثة الفضيحة ان اي دليل تعطيه المراة على نفسها بهذا الخصوص قد يمثل كارثة لها وهي تحت تاثير عاطفيتها الكبيرة لا تنتبه لذلك الا بعد فوات الاوان. نسمع احيانا فضائح عن التعري عبر والويب كام وما تسببه هذه من مشاكل للفتيات. حقيقة نحن بحاجة اليوم الى نشر ثقافة جديدة اسمها الاحترام لقيمة الانسان الاحترام للخصوصيات ووضع قوانين جديدة لمن ينتهك حقوق الاخرين ويتلصص او يهدد او يبتز.  يجب ان تكون هناك عقلانية بوضع قوانين تحاسب المسيء والمفسد الاكبر الذي يعمل على ان ينال رغباته بالاغتصاب والوحشية والابتزاز وعدم احترام القيم الانسانية. يجب تعديل المناهج التربوية بما يلائم متغيرات العصر لمواجهة سقوط الفتيات في دومات الضياع بسبب لحظة ضعف.  يجب ان نؤكد على نقطة مهمة هي كيف نحمي القيم الانسانية من الانتهاك.

نبقى نقول يجب ويجب لكن من يسمع من يهتم من لديه القدرة على تنفيذ يجب؟! ان الانقلابات في الرؤى الاجتماعية والتغرب بالتاكيد تقف خلفها المؤسسات الغربية التي تسعى الى عولمة(امركة) لجعل العالم كله يعيش بنفس الاخلاقيات. اذن لنترك تكرار كلمة يجب ولنتمنى هذه المرة ونقول نتمنى ان يكون هناك اهتمام ودراسات تربوية تضع برامج لمعالجة هموم الانسان وحمايته... وحماية حقوقه... والارتقاء بمستواه الفكري والاجتماعي ..

واخيرا نقول قول نبينا الاكرم عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام : ؛؛ما اكرم المراة الا كريم وما اهانها الا لئيم؛؛

 

د.علي عبد داود الزكي

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2222 السبت 22/ 09 / 2012)

في المثقف اليوم