قضايا وآراء

الازهر يدخل المشروع الامريكي / فخري مشكور

"إن الأزهر سيبقى حاميا ومدافعا عن مذهب أهل السنة والجماعة، ولن تنال أي فئة كانت منه، وإن محاولة نشر المذهب الشيعي فيه مجرد أوهام".

ونظم مجمع البحوث الإسلامية على مدار ثلاثة أيام الأسبوع الماضي مجموعة من المحاضرات بعنوان «مواجهة التيارات الفكرية الوافدة إلى المجتمع»، بقاعة الإمام محمد عبده في جامعة الأزهر بالدراسة. وألقى المحاضرات نخبة من علماء الأزهر ودعاة التيار السلفي، وقال الشيخ علي عبد الباقي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية:«ان المحاضرات تأتي في إطار اضطلاع المجمع بدوره في التعامل مع المشكلات الفكرية والثقافية التي تجد على المجتمع المصري والأمة الإسلامية جمعاء».

وتحت عنوان «العقائد الخلافية بين السنة والشيعة»، تحدث الدكتور محمد عمارة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، «إننا نواجه تمددا شيعيا في المجتمعات السنية، ويجب مواجهته والتصدي له بأن يكون المجتمع محميا من هذه الأفكار»، لافتا إلى أن التقسيمات الطائفية وتفكيك وحدة الثقافة والفكر يحقق أهم مقاصد الصهيونية والاستعمار.

وقال الدكتور عمارة، إن الشيعة يرفعون الإمامة فوق النبوة، لافتا إلى أنهم يقولون بتحريف القرآن الكريم.

وكشف الدكتور عمارة، عن احتجاز الجمارك في مصر لكميات كبيرة من الكتب الشيعية.

فيما حذر الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، مفتي مصر، من نشر المذهب الشيعي في مصر، ناصحًا عقلاء الشيعة بأن نشر التشيع في غير بيئته في الدول السنية سيتسبب في الفتنة وعدم الاستقرار وزعزعة الأمن المجتمعي، قائلا للشيعة: «اتقوا الله فينا وفي أنفسكم».

وأضاف الدكتور جمعة:

«خططكم لتحويل أهل السنة إلى شيعة في مصر لن تفلح أبدًا»،

وأضاف المفتي: «نحن نبحث عن المشترك الذي يوحد الأمة ويطفئ الفتنة؛ إلا أن ذلك يجب أن لا يكون على حساب الثابت من الدين»

وأضاف: نختلف مع الشيعة في قضية تحريف القرآن.

وعن قضية أخرى مختلف عليها وهي مبدأ التقية قال: فالشيعة يلجأون إلى الكذب للخروج من أجل نصرة مذهبهم، مؤكدا أننا نحن أهل السنة لا نكذب لا في ضغط ولا غيره

من جهته، وصف الدكتور علي السالوس، رئيس «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» السلفية تغلغل الشيعة الرافضة في مصر بأخطر أمراض العصر وهو السرطان

وقال: لا يوجد من قدم سيدنا علي على أبو بكر وعمر؛ إلا من أخذ من كلام عبد الله بن سبأ الذي هو أول من قال إن علي هو الوصي بعد النبي .

واستنكر الدكتور السالوس ادعاءهم بأن القرآن الكريم محرف، واعتبر أن الشيعة هي أخطر تهديد يواجه المجتمع

***

من اللافت حقاً أن يتنبه الازهر وعلماؤه الكبار بخطورة التيارات الفكرية الوافدة ويتنادى لعقد مؤتمر من أجل علاج هذه المشكلة، لكن الذي يفاجؤنا به مؤتمر التيارت الفكرية الوافدة خلوه من الاشارة الى تيارات التطبيع والتغريب والتبشير والتكفير والغاء تطبيق الشريعة والدعوة الى حقوق المثليين وحرية الارتداد، وتيار الغاء الثوابت الاسلامية في تشريع القوانين الجديدة في دول الربيع العربي....الخ

لقد غابت هذه التيارات الفكرية عن المؤتمر الذي كان محور اهتمامه: انتشار التشيع الذي وصفه المشاركون بأنه أخطر تيار يواجهونه اليوم، أفيرى"كبار العلماء" ان تلك التيارات قليلة الخطورة ؟

والطريف في الامر ان الازهر يتحول من مدافع عن الاسلام الى المدافع عن التسنن، وينزل من حمل رسالة الدين الى حمل رسالة المذهب، فيقلل حجمه ويتنازل عن دوره، ويجسد ذلك بتناسيه كل تلك الاخطار الفكرية التي تمثل تهديدا حقيقيا للاسلام كالصهيونية والتبشير والتغريب والدعوة الى ترك شريعة القرآن، فلا يشعر بأي خطر منها، ببساطة لأنها تهدد الدين ولا تهدد المذهب!

ان نغمة الدفاع عن التسنن ومواجهة خطر التشيع برزت قبل عقدين من الزمان بعد ان واجهت سياسة الولايات المتحدة مصاعب في العالم الاسلامي، وتصاعدت تلك النغمة بعد موجة الربيع العربي الذي ساهم فيه الناتو برعاية الغرب ودول الخليج لانجاحه في حوض المتوسط وابعاده عن الخليج، ليكون ربيعا امريكيا يشغل الامة عن عدوها الحقيقي.

كما تزامنت هذه النغمة مع تعاظم خطر حزب الله على اسرائيل وصعود ايران كقوة اقليمية متمردة على الهيمنة الامريكية وداعمة لحزب الله الذي حطم اسطورة اسرائيل التي لا تقهر فهزمها في حرب تموز، ثم اخترق قبتها الحديدية ليمرغ هيبتها في التراب ولينعش الامال من جديد في امكانية الانتصار عليها لو خرج الحكام والعلماء الذين اتخذوا اليهود والنصارى اولياء من حالة الولاء لاميركا واسرائيل الى الولاء لله ورسوله و للذين آمنوا.

ان هذا المؤتمر مؤشر خطير على حرف بوصلة صراع الامة مع اعدائها واستبدال العدو ا لحقيقي اسرائيل بعدو وهمي هو ايران لكي تشتغل الامة بالحروب الداخلية نيابة عن امريكا واسرائيل اللتين لا يساعدهما الوضع الاقتصادي ولا الخسائر التي منيتا بهما على خوض الحروب المباشرة، فقررت استخدام التطرف السني لاستثارة التطرف الشيعي من اجل حرب طائفية ضروس تترك الامة ضعيفة ومكشوفة بالكامل لاعدائها الذين حركوا هذه الفتنة.

ولأن مشروع الفتنة بحاجة الى تمويل والى ايديولوجيا فقد تبنت السعودية مهمة التمويل وجاء دول "كبار العلماء" ليؤدلجوا الفتنة المذهبية لتحويلها الى حرب مقدسة داخل الجسم الاسلامي شاهدنا اول فصولها في العراق ونشاهد اليوم باقي الفصول في مسرح الربيع العربي في سورية وليبيا وتونس لكنها لم تبدا في مصر لحد الان ربما لانها تحتاج الى هذا المؤتمر.

ان ما تفوه به "كبار العلماء" في هذا المؤتمر ليبعث على العجب ويثير تساؤلات نترك للقارئ الجواب عليها:

•لماذا يردد "كبار العلماء" اكاذيب يعرفون بطلانها من قبيل ان التشيع يقوم على تحريف القران ورفع الائمة فوق مستوى النبي؟ هل هم يعتقدون فعلا بذلك ام انهم يريدون تضليل الدهماء الذين لا يقرؤن لكي يسهل تجنيدهم في الحرب الطائفية؟

•اذا كان التشيع هو السرطان وانه اخطر ما تواجهه الأمة الاسلامية فنا هو تقييمكم لاسرائيل والصهيونية؟

•هل من علاقة بين مؤتمركم هذا وبين اعلان الرئيس مرسي - في زيارته للسعودية- ان مصر والسعودية هما حماة الاسلام السني، ورسالته الى شيمون بيريز التي يخاطبه فيها بـ" عزيزى وصديقى العظيم" واشارته الى "شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا" وقوله:" لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد".وختم رسالته باسم المرسل :"صديقكم الوفي محمد مرسي" ؟ هل قال القيادي الاسلامي السني ما قاله لليهود من المحبة والوفاء كذبا وتقيةً ؟ أم قاله وهو يعتقد به صادقاً اكمالا لمخطط استبدال عدو الامة اسرائيل والصهيونية بايران والتشيع؟

•واخيرا وليس آخرا، ما موقف الازهر من خطر ارتداد المسلمين في الجزائر عن الاسلام في تيار متصاعد كما اوردته صحيفة صحيفة'النهار' الجزائرية التي قالت إن خمسين جزائريا يعتنقون الديانة المسيحية كل أسبوع موضحة أن عدد الجزائريين المرتدّين عن الإسلام بلغ 6 آلاف شخص خلال الأربع سنوات الأخيرة.هل يرون في هذا الارتداد خطرا يستحق عقد مؤتمر لاجله؟ ام انه لا يشكل خطرا على التسنن؟

قال رسول الله ص اذا رأيتم الملوك على ابواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء، واذا رأيتم العلماء على ابواب الملوك فبئس الملوك وبئس العلماء. صدق رسول الله وكذب الريال السعودي.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2264 السبت 03 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم