قضايا وآراء

اعادة قراءة أيات الحجاب (1)/ احمد الكناني

بل وتعدت الثقافة الاسلامية والشرقية برمتها، والفضل كله في هذه الانتقالة الثقافية يعود الى الاعلام في البلدان التي تحتضن المسلمين عند تغطيته لقضايا حدثت في تلك البلدان كان موضوعها الاساس هو الحجاب او النقاب حتى باتت تعرف في ثقافتهم ايضا وبذات الالفاظ والمدلولات Burqa, Hijab , Neghab  للاشارة الى ذلك الغطاء الذي تضعه المرأة المسلمة على راسها لتستر به شعرها، وقد تلبسه بطريقة اخرى تستر به جسمها بالكامل لا تخرج منه الا العيون فيسمى نقابا او برقعا .و لا يخفى ان هذا الزي الاسلامي بكلا قسميه اصبح شبه مألوف في المجتمعات الغربية كما في بعض عواصم اوروبا وامريكا وبعض احياء سدني الغربية .

والسبب في اصرار المرأة المسلمة على ارتداء الحجاب في تلك المجتمعات هو التعبير عن اظهار هويتها الاسلامية في محيطها الغربي التي تسعى ان تتعايش معه كأحد افراد المجتمع من دون الانصهار فيه وقبوله كأمر واقع على حساب الدين والثقافة،و الحجاب بهذا المعنى يتضمن اثبات ونفي في الوقت ذاته،اثبات للهوية ورفض لما عداها، وهو حق طبيعي مكفول بقوانين الحريات الشخصية...لكنه اذا ما تعدى حدود اطاره الخاص به كزي فيقابل هذا الرفض بالرفض المقابل، وشواهد الرفض والرفض المقابل كثيرة دلت عليها قيام بعض الدول في اوروبا بسن قوانين وتشريعات تحد من المظاهر الدينية كان للحجاب والنقاب الحصة الاكبر كما في سويسرا وفرنسا وحتى استراليا في قضية المفتي الاسبق المعروفة والتي صارت غذاء دسما للاعلام الاسترالي يلوكونه اياما وليال، وتلك المنقبة التي رفضت الانصياع لطلب موظف الشرطة لكشف وجهها في مخالفة مرورية .

لكن يبقى السؤال ان الحجاب بهذا المعنى هل حقا نزل به التشريع الاسلامي بمعنى ان المشرع الاسلامي فرض الحجاب لتتستر به المرأة وفي الوقت نفسه هو الهوية التي تظهرها المرأة في المجتمعات غير الاسلامية للتعبير عن الالتزام المطلق بالثقافة الاسلامية ولو نتج عن ذلك المخالفة لقوانين تلك المجتمعات .

و الاجابة عن هذا التساؤل ليست بهذه البداهة التي قد تتصور، لاننا ننظر اليه هنا من الواجهة الشرعية المحضة وكتكليف يصل الى حد الالزام الشرعي ضمن التكاليف الشرعية الخمسة ويعبر عنه بالجواز وعدمه ويدخل ضمن دائرة الثواب والعقاب، وبطبيعة الحال يستدعي ذلك اثباته او اثبات عدمه الى الدليل القطعي الذي لا يشوبه ادنى شبهة، وهي مهمة لا يستهان بها.

والحجاب كمصطلح شرعي لابد من دراسته كقانون شرع لمعالجة حالة اجتماعية سائدة في الجزيرة العربية ترتبط بالزي الذي ترتديه المرأة قبل الاسلام واوله، ثم ياتي البحث في النصوص الدالة عليه من الكتاب والسنة، بمعنى ان فهم النصوص الدالة على الحجاب يأتي ضمن سياق فهم الحالة الاجتماعية وقت نزول تلك النصوص، وليس من الموضوعية بمكان دراسة مسألة الحجاب ضمن القوالب الفقهية المتعارف عليها عند الفقهاء ومن دون النظر الى الظروف الاجتماعية التي رافقت نزول النص، وذلك لان مسالة الحجاب ذكرت في كلمات الفقهاء مبثوثة تحت عناوين مختلفة ولم تعنون كمسألة مستقلة مشبعة، وانما ذكرت تحت عنوان ستر ما لا يصح النظر اليه، او في احكام النظر بشكل عام، او احكام العورة، او احكام الخلوة،، وما الى ذلك من العناوين ـ على الاختلاف في منهجية الكتب الفقهية ـ وهناك يحكم بوجوب الحجاب، وعلى المراة ستر سائر بدنها من قمة الراس الى اخمص القدمين ولا يجوز لها ان تظهر شيئا منه،و الدليل على ذلك وببساطة: ان العورة  يجب سترها والمرأة عورة كلها فيجب سترها بالكامل  لدلالة الحديث النبوي الذي رواه الترمذي في السنن الحديث 1173 عن ابن مسعود:[المرأة عورة فأذا خرجت استشرفها الشيطان واقرب ما تكون من ربها وهي في قعر بيتها ] وصحح الحديث السيوطي في الجامع الصغير ح 9193، ابن خزيمة في التوحيد ح 1685 , وابن حزم الاندلسي في المحلى 4/201 , وابن رجب في فتح الباري 5/318 وغيرهم .و هذا الحديث احد ادلتهم على وجوب ستر الجسم كله حتى الوجه والكفين، حتى انهم خطأوا من استثنى اظهار الوجه والكفين من الفقهاء بانه خلط بين حالة الصلاة وعدمها فيجوز لها اظهار الوجه والكفين في الصلاة فقط .

وما قصدته في القوالب الفقهية ـ والتي عادة ما تصب بها الفتاوى وعلى الخصوص الاحكام التي تتعلق بالمرأة ـ تلك القواعد المستندة الى المرويات التي تصور المرأة بعبعا وعورة وظلا للشيطان وكائنا غريبا يتعامل معه بكثير من الحيطة والحذر، ولتوضيح هذه التقطة بالذات سأورد مثالا لتلك المرويات وللننظر  كيف تعامل الفقهاء معها، ولينظر القارئ الكريم الى الحديث المروي عن مسلم في الصحيح، الحديث 789 من كتاب الصلاة  [يقطع الصلاة ثلاثة الحمار والكلب الاسود والمرأة]، او الحديث المسند الى ابي ذر: [اذا قام احدكم يصلي فأنه يستره اذا كان بين يديه مثل اخرة الرحل فأذا لم يكن بين يديه مثل اخرة الرحل فانه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الاسود، قلت ـ اي الراوي ـ يا ابا ذر ما بال الكلب الاسود من الكلب الاحمر من الكلب الاصفر؟ قال يا ابن اخي سألت رسول الله كما سألتني فقال الكلب الاسود شيطان] .

و الغريب ان احدهم يسأل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء في المملكة العربية السعودية: ان المراة والكلب الاسود والحمار هل يقطعون الصلاة اذا مروا بين يدي المصلي؟  والجواب كما هو مثبت في الموقع الرسمي لفتاوى هذه اللجنة: انه قد صح الحديث عن رسول الله (ص) بان هذه الثلاثة تقطع الصلاة اذا مرت بين يدي المصلي اذا لم يكن له سترة او بينه وبين سترته، فوجب التسليم لحكم الله والعمل به . ومعنى القطع: ابطال الصلاة في اصح قولي العلماء. (فتوى 15147  17/12)

فالمساواة بين مرور المراة والكلب الاسود والحمار من امام المصلي وانهم السبب الحقيقي في افساد الصلاة وبطلانها ـ بحسب فتوى اعلى سلطة دينية في السعودية ـ  يمثل حكم الله الذي يجب الاذعان اليه والعمل به حتى وان خالف عقل الكلب الاسود هذا .

رغم ان هذا الحدبث قرأ على مسامع عائشة كما في رواية الصحيحين من كتاب الصلاة باب الاعتراض بين يدي المصلي، فقالت: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب والله لقد كان رسول الله (ص) يصلي وانا معترضة على السرير فتبدو لي الحاجة فأنسل من عند رجليه .

و كان من المفروض اعمال قواعد التعادل والتراجيح في مثل هذا المورد والذي يبدو منه حالة التعارض بين نصين صحيحين بحسب مقاييس علم الحديث فيجمع بينهما  بحمل رواية عائشة المبيحة على رواية ابي ذر الملزمة ومن ثم الحكم بالكراهة على اقل التقادير، ومن دون اللجوء الى الحكم ببطلان الصلاة، او تحمل على المجاز فتكون الصلاة اقل اجرا، كما يمثلون لذلك بالحديث: لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد بمعنى ان صلاته اقل ثوابا .صحيح ان رواية ابي ذر قول للنبي ورواية عائشة تقرير لفعل، الا ان سنة النبي من قول او  فعل او تقرير متساوية في دلالاتها وحجيتها على الاحكام كما هو مثبت في علم اصول الفقه .

والاغرب من كل ذلك انك تلاحظ في كتب الفقهاء عند الكلام عما يجب ستره للمراة انهم لا زالوا والى يومنا هذا يفرقون بين المراة الحرة والامه ويرتبون احكاما على هذه دون تلك وكأنهم لا زالوا يعيشون عصر النصوص، وهذا ما يزيدنا اصرار على الدعوة الى اعادة قراءة الخطاب الديني والى اعادة النظر في اساليب الخطاب الديني لان مخاطب اليوم بحاجة الى خطابا دينيا اكثر اتزانا واكثر معقولية من ذي قبل ولا جدوى من التشبث بالنصوص والجمود عليها كما هي بمجرد وجودها بين دفتي الصحاح والسنن، فأين الضرورات واين المحذورات واين الاصول العملية والامارات في حمل النصوص وجعلها اكثر مطابقة مع الواقع .

و بناء على ما تقدم في صدر المقال يجدر بنا مراجعة النصوص القرأنية التي تتحدث عن الحجاب وفق الحالة الاجتماعية انذاك، فأول ما نزل في هذا الباب قوله تعالى{يا ايها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الاحزاب 59 .

و السبب في الادناء من الجلباب هو ان يعرفن فلا يؤذين، بمعنى ان هذا الوضع المأمور به في لبس الجلباب يجعلها تتميز عن غيرها فلا تتعرض للاذى من قبل بعض الشبان في مجالسهم المنعقدة على جانبي الطريق، وقد ورد النهي عن تلك المجالس فيما رواه البخاري في صحيحه في كتاب المظالم باب افنية الدور والجلوس فيها، الحديث 2465 عن ابي سعيد الخدري ان النبي (ص) قال: [اياكم والجلوس في الطرقات، قالوا يارسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال (ص): فأذا ابيتم الا المجلس فأعطوا الطريق حقه ...] ومن تلك الحقوق المذكورة في الحديث غض البصر وكف الاذى ... وكان النساء في الجزيرة العربية يمكثن في بيوتهن معظم الاوقات لا يخرجن الا لقضاء الحاجة، والتعبير بالحاجة  يساوق المرحاض في لغتنا اليوم، اذ لم يكن تصميم البيوت مشتمل على المرافق الصحية، وعادة ما يخرجن برفقة اماءهن لان قضاء الحاجة يكون في الخلاء وبعيدا عن مكان سكناهم، وعند مرورهن في تلك الطرقات كن يتعرضن للمعاكسة من قبل هؤلاء الشباب، فشكون ذلك الى النبي (ص) فنزلت الاية آمرة النساء  ان يدنين من جلابيبهن فيتميزن بذلك الحرائر من اماءهن فلا يتعرضن تلك الحرائر للاذى .

وبهذا المعنى فسر الطبري اية الحجاب في جامع البيان وذكر مانصه: يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالاماء في لباسهن اذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق اذا علم انهن حرائر  بأذى من القول.

و استدل بقول ابن عباس: كانت الحرة تلبس لباس الامه فأمر الله نساء المؤمنين ان يدنين عليهن من جلابيبهن، وادناء الجلباب ان تقنع وتشد على جبينها.

و ذكر الزمخشري في الكشاف عند تفسيره للاية المتقدمة:ان النساء كن في اول الاسلام على هجيراهن في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار فصل بين الحرة والامه، وكان الفتيان واهل الشطارة يتعرضون اذا خرجن بالليل الى مقاضي حوائجهن من النخيل والغيطان للاماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الامه يقولون حسبناها امه، فأمرن ان يخالفن بزيهن عن زي الاماء الاردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن طامع .

و بهذا المعنى ايضا فسرها الطبرسي في مجمع البيان، الجصاص في احكام القران، والكياهراس في احكام القران، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي، والفخر الرازي في تفسيره الكبير، والقرطبي في تفسيره ايضا، وغيرهم الكثير من جمهور المفسرين . وللقاري الكريم مراجعة الاية 59 من سورة الاحزاب في تلك التفاسير وغيرها للوقوف على حقيقة الامر .

و في هذا المجال ايضا ذكر اصحاب الحديث رواية للخليفة عمر ووصفوها بالصحيحة  عن انس بن مالك: قال دخلت على عمر بن الخطاب امة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين او الانصار وعليها جلباب متقنعة به فسألها  عتقت؟ قالت لا، قال فما بال الجلباب ؟! ضعيه عن راسك، انما الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين، فتلكأت، فقام اليها بالدرة فضرب رأسها حتى ألقته عن رأسها .

و ذكر ابن ابي شيبة في المصنف روايات بهذا المضمون مع اختلاف في بعض الالفاظ .

كما ان البيهقي في السنن 2/226  ذكر مجموعة من الاخبار في هذا الباب وقال ان الاثار عن عمر بن الخطاب في ذلك صحيحة، منها هذه الرواية عن صفية بنت ابي عبيد قالت: خرجت امرأة مختمرة متجلببة، فقال عمر: من هذه المرأة ؟ فقيل هذه جارية لفلان ـ رجل من بنيه ـ فأرسل الى حفصة فقال: ما حملك على ان تختمر هذه الامه وتجلببيها وتشبهيها بالمحصنات حتى هممت ان اقع بها، لا احسبها الا من المحصنات؟! لا تشبهوا الاماء بالمحصنات .

و روى عن انس انه قال: كن اماء عمر يخدمننا كاشفات عن شعورهن تضطرب ثديهن ...الى غير ذلك من الاخبار التي تؤيد ما ذهب اليه المفسرون من ان الحجاب نزل على رؤوس الحرائر من النساء ولم يكن ملزما للاماء .

وبناء على كل ما تقدم يظهر بالبداهة ان الاسباب في نزول اية الحجاب هذه كلها منتفية هذه الايام اذ لا وجود للحرة ولا للامه، وهذه العناوين قد ولت مع زمن الرقيق والعبيد الى حيث لا رجعة، ولا داع لمكثهن في البيوت معظم الوقت، وان خرجن فلا يخرجن الى الخلاء لقضاء الحاجة لان المرفق الصحية متيسرة في البيوت، وان خرجن لذلك فلا خوف عليهن ولا هم يحزنون.

و قد نقل المرحوم محمد عابد الجابري في مقالة له حول الحجاب عن شيخ الاسلام بالمغرب محمد بلعربي العلوي احد كبار العلماء في الثلاثينات والاربعينات ومؤسس الحركة السلفية بالمغرب وعندما اخذ السفور ينتشر ويجد تشجيعا من الحركة السلفية الوطنية، سئل عن رأي الدين في تخلى المرأة المغربية المسلمة عن الحجاب التقليدي، فقال الافضل اليوم ان تخرج المرأة بدون حجاب حتى تعرف في الشارع زوجة من هي، وابنة من هي؟ فلا يقترب احد منها بأذى ولا تستطيع هي نفسها ان تتستر عن شيء يشين اخلاقها ويمس دينها، فالسفور اليوم اقرب من الحكمة التي من اجلها كان الحجاب من الحجاب نفسه .

و في مقابل ما ذكرناه من اراء المفسرين واصحاب الحديث هناك رأي مخالف تجدر الاشارة اليه  للسيد الطباطبائي في تفسير الميزان في تفسيره لاية الحجاب هذه اذ احتمل معنى ثان وهو ان ستر جميع البدن اقرب الى ان يعرفن انهن اهل الستر والصلاح فلا يؤذين اي لا يؤذيهن اهل الفسق بالتعرض لهن .و قال ان هذا المعنى اقرب للاية من ان  يعرفن انهن حرائر ...

و في بحثه الروائي الذي عادة ما يذيل به وجهة نظره في تفسير الايات ـ ان كانت هناك روايات ـ لم يذكر السيد الطباطبائي ولا رواية واحدة مما اشتملت عليها كتب الحديث والتفسير في اسباب نزول الايه، واكتفى بذكر رواية علي بن ابراهيم القمي في التفسير المعروف بتفسير القمي، ورواية ام سلمة المذكورة في الدر المنثور التي تتحدث عن نساء الانصار مما هو خارج عن موضوع الاية اصلا، ولم يعبأ بتلك الروايتين، ولعل المشكلة سندية فيما قيل ويقال عن تفسير القمي، والكلام طويل الذيل عن هذا التفسير لا احبذ الدخول فيه بل هو خارج عما نحن بشأنه في هذا المقال .

و يظهر ان السيد صاحب الميزان ابدى وجهة نظره ضمن حدود الاية بما هي، وهي وجهة نظر معقولة، تجاوز فيها قضية الحرائر والامأء وجعل الموضوع هو المرأة المسلمة فيجب عليها التستر بالحجاب لتعرف انها من اهل الصلاح والالتزام فيكن لها الاحترام وتتجنب اذى الفاسدين .

و يمكن الخروج بمحصلة نهائية من كل ما تقدم كقراءة وتدبر في اية الحجاب هذه، فيمكن القول ان الاية وان نزلت في الحرة لكن بالامكان التعميم لكل النساء المسلمات بألغاء خصوصية المرأة الحرة لعدم وجودها اصلا، فمتى ما قلنا حرة يعني هناك امه فهذا التقسيم للنساء لم يعد موجودا، فأما ان نقصر الحكم على الحرة ونوقف العمل بالاية هذه الايام لانتفاء الموضوع وهو المراة الحرة، او نلغي خصوصية الحرة ونعمم الحكم للمرأة المسلمة  فالحكم هنا لا يدور مدار الحرة والامه اذ لا موضوع للحرة والامه في هذا الحكم وانما موضوع الحكم هو المرأة المسلمة،اذا ما لاحظنا ان الفاء في فلا يؤذين عاطفة بمعنى ان يعرفن ومن ثم لا يؤذين، لا ان عدم الايذاء سبب للمعرفة،فيقال هنا لو انتفى الايذاء تنتفي معه المعرفة فلا موضوع هنا للحجاب لانتفاء السبب الذي من اجله شرع .

وعليه فالاية تخاطب النساء المسلمات بالتزام الستر والاحتشام في الملبس وهو امر حسن لا غبار عليه، هذا اذا عدينا الحكم في الاية لكل النساء، اما اذا اقتصرنا على منطوق الاية فأنها غير دالة على الحجاب في زماننا هذا لانتفاء الاسباب جميعها  كما اسلفنا .

وللكلام تتمة في بقية ايات الحجاب تأتي في القسم الثاني من المقال .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2267 الثلاثاء 06 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم