قضايا وآراء

القدس عاصمة للقذارة العربية والأسلامية للعام 2009م

والتي تنأى بحملها الثقيل كثيرا، من ظلم واستبداد واستعباد الأحتلال الصهيوني لها، ولأبنائها الصامدين والمناضلين، والمحافظين على مقدساتها الاسلامية والمسيحية، والتي تهم كل الدول في العالم الاسلامي والمسيحي، وعليه قمت بكتابة مقال في حينها بهذا المجال، بعنوان القدس: (عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م)، ولكن بعد مرور حوال العام على هذا المقال وهذا الشعار، اكتب مقالا وفقا للعنوان اعلاه، لأسباب موضوعية وقاهرة فعلا، حيث سارعت السلطة الفلسطينية ووزارة الثقافة الفلسطينية، منذ بداية العام 2009م، على ضوء قرار وزراء الخارجية العرب، للطلب من المنظمات الأهلية والحكومية، واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين والفنانين وغيرهم من الهيئات والجمعيات الفلسطينية، من أجل تقديم تصوراتهم وبرامجهم، وكل ما لديهم من نشاطات،  من اجل اظهار صورة مدينة بيت المقدس، المدينة المقدسة، وعاصمة الدولة الفلسطينية الموعودة، كما شكلت اللجان المختصة في هذا المجال، لجا لأقامة الفعاليات واخرى لطباعة الكتب، واخرى  لتلقي الدعم بكافة انواعه المادي و خلافه، من اجل متابعة تنفيذ النشاطات والفعاليات المطلوبة، من اجل اظهار الوجه المشرق لمدينة بيت المقدس، بأحسن صورة، كعاصمة للثقافة العربية للعام 2009م، وكمدينة للسلام  والتسامح بين الأديان، ومن اجل دحر ودحض ممارسات الاحتلال الصهيوني، ولممارساته العدوانية المشينة والغاشمة، ضد ابناء شعبنا الفلسطيني في القدس المحتلة، ومحاولاته الهادفة من اجل تغيير معالم المدينة المقدسة وطابعها الاسلامي والمسيحي، ووضعها الديموغرافي ايضا، ومحاولاته المحمومة، من اجل تغيير طابعها العمراني، فعمدت الى هدم بيوت الفلسطينيين، ومنعهم من بناء مساكن لهم، وحتى من ترميم مبانيهم الآيلة للسقوط. كما عمدت سلطات الاحتلال والمستوطنون الصهاينة، الى محاولات عدة، من اجل اقتحام المسجد الأقصى المبارك، ومنع المصلين المسلمين من الوصول اليه، والصلاة فيه، وعمدت الى استعمال القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والهراوات، لضرب المصلين وتفريقهم بالقوة، مما ادى الى سقوط العشرات منهم جرحى وقتلى، في الوقت الذي تحاول فيه السلطة والمنظمات الغير حكومية الفاعلة ووزارة الثقافة ايضا، من نشر صورة المدينة المقدسة بشكل حضاري والتعبير عنها كمدينة للسلام والوئام، بين كافة الديانات السماوية، ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل على مستوى الدول العربية والعالمية.

في لقاء لي، مع احد موظفي وزارة الثقافة الفلسطينية، للاستفسار منه عن عدم قيام وزارة الثقافة الفلسطينية بالقيام بالتزاماتها الثقافية وفعاليتها الوطنية بشكل كامل وحتى بشكل شبه كامل وبحده الأدنى على الأقل، وطباعة واصدار ونشر الكتب والنشرات المتعلقة منها بمدينة بيت المقدس، حسب ما جاء في برامج احتفالاتها وبرامج فعاليتها، بان القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م، حسب اعتماد وزراء الخارجية العرب لها كعاصمة للثقافة العربية، اجابني وقال لي بان كل التعهدات العربية لنا بتمويل فعاليات ونشاطات وزارة الثقافة الفلسطينية في هذا المجال، كانت وعودا كاذبة، ولم تثمر عمليا عن أي شيء يذكر، بحيث ان صندوق القدس، الذي شكل من اجل تلقي الدعم المالي العربي، من اجل الصرف على فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م، لم يدخله دولار واحد، ونحن على نهاية العام 2009م وبداية دخول العام الجديد 2010م، وانه كان لدينا مخططات من اجل طباعة 365 كتابا تتعلق بمدينة بيت المقدس من كافة النواحي التاريخية والجغرافية والديموغرافية والثقافية وغيرها من النشاطات، ولكن كل هذا توقف تماما، كون الدعم الذي كنا نحلم به، ونبني فعالياتنا على اساسه، لم يصل منه شيئا يذكر، وبذلك كل وعودنا لكم بطباعة الكتب وخلافه، لم يتم تنفيذه، وليس هناك بالأفق طباعة الا عدد من الكتب، تعد على اصابع اليد الواحدة، وان جهودنا منذ بداية العام وحتى نهايته، لم تمكننا من الحصول على دولار واحد لتنفيذ فعالياتنا ونشاطاتنا كما خططنا لها، ويمكن القول بأن كل ما سمعناه عن دعم، ما هو الا وعودا تبخرت ادراج الرياح، وكل ما لدينا من اموال، هي مصروفات معدة للصرف على النثريات والمستلزمات البسيطة.

في الوقت الذي يقوم به الاحتلال الاسرائيلي برصد مئات الملايين من الدولارات، من اجل  تهويد المدينة المقدسة، وتفريغها من سكانها المقدسيين، وطردهم من مساكنهم وهدمها وترحيلهم منها الى الخارج، ويصرف ملايين الدولارات من اجل تغيير معالمها الدينية الأسلامية وبنيتها التحتية، وضمها الى دولتهم، ومحاولاتهم المحمومة بالاستيلاء على المسجد الأقصى  وهدمه وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه، تتقاعص انظمتنا العربية من المحيط الى الخليج، والأنظمة الاسلامية ايضا، من القيام بواجباتها، بتغطية فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م، وتترك للاحتلال الصهيوني للمدينة، يفعل ويعبث بها ما يشاء، ونترك ابناء جلدتنا وابناء القدس البواسل، بمواجهة الاحتلال الصهيوني وهراواته وحيدين في الساحة، دفاعا عن المقدسات المسيحية والاسلامية، والتي تهم اكثر من 1200 مليون مسلم في شتى انحاء المعمورة، وهذا حقيقة يظهر، مدى تقاعس هذه الأنظمة العربية والاسلامية، وتخاذلهم اتجاه نصرة اخوانهم المرابطين في مدينة بيت المقدس، وتخاذلهم ايضا على الأيفاء بالتزاماتهم المادية القليلة، التي تعهدوا بتوفيرها واعلنوا عنها في حينه، ويتركوا الأمر للكيان الصهيوني المحتل، من اجل العمل على تهويدها وضمها اليه كاملة غير منقوصة، لتكون عاصمته الموحدة والأبدية، ونحن نصرخ وندعي ونقول، بان القدس هي مهبط الديانات السماوية الثلاث، واولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في خطر، وهبوا ايها العرب والمسلمين، وكل القوى المحبة للسلام في العالم للدفاع عنها، وانصروا اخوانكم، ولكن لقد اسمعت  لو ناديت حيا ، ولكن لا حياة لمن تنادي، وبذلك تكون القدس، كما اثبت حكام العرب والمسلمين، من خلال مواقفهم من دعمها، بأنها ليست عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م، بل، إنها عاصمة ورمزا للقذارة العربية والاسلامية للعام 2009م، و رمزا للتخاذل العربي، وليس كما تنادوا وقالوا لنا، وضحكوا علينا، وعندما قال الشاعر الكبير مظفر النواب بقصيدته بعنوان: (القدس عروس عروبتكم) ، كان صادقا  بكل كلمة نطق بها في قصيدته المعهودة والمشهود لها، وكأنه كان يتنبأ بحالنا نحن العرب والمسلمين، منذ عشرات السنين، وبيومنا هذا، وما وصلنا اليه من تخاذل وتقاعس، يندى له الجبين، فالقدس تضيع، وذلك بعد أن تحولت القضية الفلسطينية الى قضية تخص الفلسطينيين لوحدهم. ثم تضيع قضية القدس أكثر عندما أصبحت تهم المقدسيين لوحدهم، وأصبحت قضية القدس قضية الحرم القدسي الشريف فقط، وهذا خطر، لأن القدس قضية وطنية وقومية واسلامية، فبل ان تكون فلسطينية.

فهنيئا لك يا اسرائيل، دولتك من النيل الى الفرات، بعاصمتها الموحدة والأبدية (القدس الشريف)، حتى تصحوا هذه الأمة من سباتها العميق، ويصحوا حكامها الميامين، من سكراتهم العميقة، وعندها سيندمون، عندما لا ينفع الندم.

 

انتـــــهى الموضـــــوع

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1216 الاثنين 02/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم