قضايا وآراء

نعم، نحن بقايا شعب!

jaffar almezeherنحن لسنا شعبا مكتملا، بل نحن بقايا شعب يأبى أن ينتقل لضفة الامان، ويصر على نفسه في أن يبقى مراوحا في دائرة الفوضى. كلنا يُسقطُ ما يجري اليوم في العراق؛ من حيف وضيم وضياع، على عاتق السياسيين الحثالة، لكننا نتناسى أن هؤلاء السياسيين هم من نفس طينتنا التي حولتها عقود الضياع التي مرت علينا الى طينة آسنة، فالكذب والجوع والجبن السياسي الذي مر علينا كعراقيين جعلنا بقايا شعب لا يسعى لعيشٍ كريم خالٍ من السرقة والقتل والاحتيال.

لقد فقدنا كل مواصفات الأسوياء، وفقدنا تماسكنا الانساني الذي يحقق أمننا الذاتي وعيشنا المشترك، فأصبحت ازدوجيتنا هي الأصل، والبساطة أصبحت سذاجة عند العراقيين، والشاطر والبطل والوجيه في عرفنا أصبح هو الفهلوي والسارق، فلك ان تكون شيخ عشيرة، وابن عشيرة تتغنى بأمجاد الاباء والاجداد، لكن في نفس الوقت لا يمنعك هذا الانتماء العشائري ان تكون (كيوليا) ومرتشيا، وقاتلا موغلا في دم شعبك، وهذا الدور برز عند من هم على شاكلة الكيولي (علي حاتم السليمان) او العشائر التي تعيش على قطع الطرق الخارجية لسرقة او قتل المسافرين، فهل بعد هذا تستحق العشيرة كوحدة اجتماعية أن تُحترم؟.

ولك أن تكون حسينيا وتذرع كربلاء ذهابا ومجيئا على مدار السنة، والسواد لا يفارقك، وسخام قدور القيمة والارز يعلو جبينك لكن في نفس الوقت لعابك يسيل حرمنة ودنائة على مليون دينار تنزلها في جيبك وتدسها في جردة حساب للدولة لتغطي على سرقتها، واذا خفت نار جهنم بعض الشيء بعد سماعك وعظ الواعظين الشطار، فستهرول لرجل دين وتدفع له خمس ما سرقت ليريحك بعدها، ويجعل ما سرقت حلالا طيبا لعنوان: أن أموال الدولة عند رجال الدين هؤلاء هي أموال مجهولة المالك يجوز فيها عقد التسوية الدينية بعد سرقتها!.

نعم نحن بقايا شعب، متدينه شيطان في ثوب ناسك ، وعلمانيه تافه يلعق حذاء الذي يدفع له، ويستطيع ان يجعل من الرجعية العربية او الكردية رمزا لليبرالية ويُنظّر لها كل تفاهاتها ما دامت تدفع له وتدعوه لمؤتمراتها الوهمية، لكن هذا العلماني لا يستطيع أن يتواصل مع محيطه العراقي إلا وفق قاعدة (انا الاول وانت دائما من بعدي) ولهذا نحن بقايا شعب او بشكل اكثر وضوحا نحن وشالة شعب!.

فهل بعد هذا لنا أن ننتشل أنفسنا من هذه الجورة او البالوعة الآسنة ونطهر أرواحنا من كل ما خرب حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟، فإن كان جوابنا نعم، فلنبدأ بدفع الدولة في ان تخرج من إطار الترضيات الطائفية والعرقية، حتى وان كان هذا لا يتحقق إلا بإسقاط هذه الديمقراطية التافهة والعفنة التي فُصّلت على مقاس شطار العراق السياسيين، والذين يربحون باسم الدين وباسم الطائفة وباسم القومية على حساب الفقراء، فعلى كل من يحترم نفسه في هذا العراق الذي يسمى وطنا ان يقاتل ويناضل ثقافيا وسياسيا للقضاء على جماعات الشفط السياسي التي تحكمنا اليوم، وعلينا ايضا ان نقضي على جماعات الوعظ التي تأكلنا وتفلسنا تفليسا مريحا بقال الله وقال الرسول، فلو كان هذا الوعظ نافعا يوما لشاهدنا ومضة حقيقية واصيلة في تاريخنا الاسلامي –ولنخرج علياً وزمرته القليلة من المعادلة لانهم فلتة التاريخ الاسلامي التي عجزت الحضارة الاسلامية ان تأتي بمثلهم–.

فإلى كل من يملك ضميرا او وشالة ضمير ان يسعى لعدم احترام كل سياسيي الرواتب الخيالية والرشوة والقتل، والذين يتلذذون بعذابنا ولا يكفون عن خداعنا بشعار اننا " شعب طيب الاعراق"!.

لنبصق اولا وبدون انقطاع على حزب البعث الذي هو إس ضياعنا، وثانيا على كل الاحزاب الدينية التي تستغفلنا بقال الله وقال الرسول، والثالثة على كل الاحزاب العرقية، الكردية منها والعربية، والرابعة على كل علماني لا يشغله من العلمانية الا بطل العرق ورشوة تأتيه جراء نفخه لرجعي عربي او كردي، ولنسعى بعدها لتمكين القانون -وإن بالقوة- ليكون هو الفيصل في عقدنا الاجتماعي القادم، ولنقبر هذه الديمقراطية العراقية التافهة التي ليس لها مثيل في كل هذا الكون الانساني.

 

‏‫

في المثقف اليوم