قضايا وآراء

بائع الزعتر .. في ديوان عروس البحر لفوزية فرحات

حالاتهم البائسة منتصرين إلى قيم الحق و العدل والتضامن والإخاء ومن أولئك الشعراء قديما أبو العتاهية الذي رصد مظاهر الفقر والغلاء حيث يقول في إحدى قصائده كأنه يمثل صوت المسحوقين في المجتمع:

من مُبلغ عني الإمام نصائــح متواليــــــــــة

إني أرى الأسعـــار أسعار الرعيــة غاليـــــة

وأرى المكاسب نزرة وأرى الضرورة فاشية

وأرى غموم الدهر را ئحة تمر وغـــاديــــــة

وأرى اليتامى والأرامل في البيوت الخاليـــة

يشكون مجهدة بأصوا ت ضعاف عاليـــــــة

 

وقد سار بعض الشعراء المعاصرين على ذلك المنهج فالتزموا في قصائدهم بالتعبير عن القضايا الاِجتماعية مثل بيرم التونسي في قصيده عن المجلس البلدي التي مطلعها:

 

قد أوقع القلب فى الأشجان والكمد

هوى حبيب يُسمّى المجلس البلدى

أمشـى وأكتم أنفاســـــى مخافة أن

يـَــــعُدّها عامـــــل للمجلس البلدي

 

وقد واصل الشعر العربي الحديث ذلك المنحى الذي يرصد تفاصيل الحياة اليومية بما فيها من كدح من أجل لقمة العيش الشريفة .

وقد نشرت الشاعرة التونسية ـ فوزية فرحات ـ مجموعة شعرية جديدة بعنوان ـ عروس البحر ـ  تضمنت قصيدا يرسم ملامح شخصية بائع الزعتر بما تمثله تلك الشخصية من معاني المعاناة و الصبر من أجل الشرف و العزة

وعلوّ النفس فالقصيدة اِنتصار لقيم الإنسانية الخالدة :

 

بائع الزعتر

 

بِكَمْ تَبِيعُ الزَّعْتَرَ؟

وَ كَمْ يُسَاوِي؟

كَمْ يُسَاوِي مَا لَدَيْكَ مِنْ قَطَائِفْ...

لِنَبْتَةِ الإِكْلِيلِ..

وَ كِيسِ الزَّنْجَبِيلِ...

وَ هَذِهِ الأَعْشَابِ الْيَابِسَةْ...

وَ تِلْكُمُ الأَوْرَاقِ الْبَائِسَةْ...

يَا سَيِّدِي ... يَا سَيِّدِي...

يَا خَيْرَ خَيْرَ سَيِّدِ.....

وَ رَعْشَةَ السَّبْعِينَ تَسْرِي فِي الْيَدِ....

مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ....

             ***

تُسَارِعُ السِّنِينْ...

فِي عُمْرِكَ السَّبْعِينْ...

وَ تَطْلُبُ الرَّغِيفْ...

فِي هِمَّةٍ... فِي عِزَّةٍ... بِكَفِّكَ النَّظِيفْ...

تُصَارِعُ الزَّمَانَ وَ الأَقْدَارْ..

تُكَابِدُ الشُّمُوسَ وَ الأَمْطَارْ..

وَ تَقْطَعُ الطَّرِيقَ...

أَلْفَ مَرَّةٍ... وَ مَرَّةٍ...

لِتَلْتَقِي الْحَرِيفْ...

بِوَجْهِكَ الضَّحُوكْ..

بِقَلْبِكَ الصَّدُوقْ...

وَ شَخْصِكَ اللَّطيفْ...

لاَ مَتْجَرَ يُؤْوِيكْ..

لاَ مَخْبَأَ يَحْمِيكْ..

وَ يَحْمِي جِسْمَكَ النَّحيفْ..

سِوَى الزَّوَايَا..

أَوْ مَسَالِكِ الرَّصِيفْ...

فَكَمْ عَظِيمٌ... كَمْ قَوِيٌّ.. أَنْتَ أَيُّهَا الرَّجُلْ...

أَتَدْرِي أَيُّهَا الرَّشِيدْ..

يَا زَمَنَ الْمَاضِي السَّعِيدْ..

يَا رَجُلَ الأَمْسِ الْبَعِيدْ..

يَا قُوَّةَ الْفُولاَذِ وَ الْحَدِيدْ...

خَزَائِنُ الدُّنْيَا جَمِيعًا لاَ تُسَاوِي سَعْيَكَ الدَّؤُوبْ...

وَسْطَ الزِّحَامِ وَ الدُّرُوبْ..

مَا بَيْنَ خِلٍّ وَ حَسُودْ..

وَسَطَ الْكَرِيمِ وَ الْجَحُودْ..

           ***

أُعْطِيكَ كُلَّ مَا لَدَيَّ مِنْ نُقُودْ...

أَزِيدُكَ أَضْعَافَهَا...

لَكِنَّمَا أَمْوَالُنَا جَمِيعُهَا....

لاَ تُسَاوِي...

لَنْ تَسَوِي لَحْظَةً...

مِنْ سَعْيِكَ.. وَ دَأْبِكَ.. وَ حَزْمِكْ..

            وَسُؤْلِكْ

يَا سَيِّدِي... يَا سَيِّدِي... 

يَا خَيْرَ... خَيْرَ سَيِّدِ.... 

 

 

 

 

في المثقف اليوم