قضايا وآراء

قراءة في قصيدة: حمّى الورود

اِستعمالاته اللغوية المتراوحة بين المستوى المعجمي والمستوى التركيبي...

 

أنا قبالة النار

أتقاطر جمرا

 

الشاعرة التونسية ضحى طاهر من الأصوات الشعرية التي برزت مع مطلع القرن الحادي والعشرين ضمن موجة جديدة تعبر عن إحساس مرهف بالحياة في شتى مظاهرها وتفاعلاتها اليومية وقصيدتها الجديدة ـ حمى الورود ـ  تؤكد أن الشاعرة قد تخطت مرحلة البدايات والتجارب لتؤسس لنفسها أسلوبا خاصا يعتمد على الشفافية والعمق مع البساطة في المعجم اللغوي الذي يصور حالات الحيرة والمعاناة

 

من هنا

مر العيد

ولم يرها

من هنا

مررت

ولم ترني الورود

 

فضحى طاهر وهي ترسم لوحاتها بالكلمات كأنها تطرز بخيط من سلك رفيع على الحرير...

في قصيدة ـ حمى الورود ـ ثنائية تتراوح بين التماهي والتماثل من ناحية وبين الاِختلاف والتضاد من ناحية أخرى وتبدو هذه الثنائية منذ الاِستهلال  فالمرآة ـ الرمز ـ تعبر عن الانعكاس كما أنها تعبر عن التشابه التام في نفس الوقت وكذلك الأمر بين النار والجمر من ناحية والتراب والغدير من ناحية أخرى وكذلك بالنسبة للنسيان والرؤيا حينا وبين البوح والكتمان أحيانا...إنها ثنائيات عديدة تتخالف لكنه تتآلف في سياقات أخرى من القصيدة لتصبح ألفةو اِحتفاء باللقاء الحميمي غير أنه لقاء الفراق حتى أضحى العيد وهو مناسبة الأفراح والاِحتفال مناسبة للأحزان

 

و حتى صار الدفء وهو رمز  الحنان والمحبة، صار  اِحتراقا واِكتواء...لكأن القصيدة شاهدة على اِنقلابات حاسمة من النقيض إلى النقيض فتتأرجح بين حالتي الحزن والفرح اللتين تنتهي بهما القصيدة...

 

القصيدة إذن تفاعلات لحالات نفسية شتى وأبعاد متتالية وشجون في أشجان وردت في لغة اِنسيابية وصور فيها الكثير من الاِبتكار .

حمّى الورود

ضحى طاهر

 

بتراب الأنين

مرغت

وردة الحب وجهها

لمرآة الغدير

راحت تشتكي

 

 حين لمستها

كالخيط تراخت

وجنون عطرها

باح

ببعض ما في الشجون

 

نبأني الهذيان

بحمى الورود

وبين توهج يدي

نبضت جراح وجراح

 

في غيبوبة الورود

تهاوت

بكلمة السر

همست

فنزف لونها

قطرة قطرة

على بياض ثوبي

 

 من هنا

مر العيد

ولم يرها

من هنا

مررت

ولم ترني الورود

كما نسيك العيد نسيني

كما نسيك الحب نسيني

 

تهذي

تناجي عطف يدي

والجسد

بين آه وحمى

والأسرار

بين بوح وكتمان

وأنا قبالة النار

أتقاطر جمرا

 

ثمة جرح يجمعنا

وثمة دمعة تبتلعنا

ونبض

محاه النسيان

 

 على بعد

جرحين ودمعتين

التقينا

واتفقنا

غدا نحتفي بالعيد سويا

غدا نحتفي بالحب سويا

ذات عيد

ذات حب

التقينا

 

www.soufabid.com

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1284 الاثنين 11/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم