آراء

ما بين الهند والباكستان مواجهة محتملة.. فمن يشعل الفتيل

بكر السباتيناختراقات متبادلة بين البلدين وإسقاط طائرتين هنديتين داخل الأراضي الباكستانية..

يبدو أن الأوضاع بين الهند وباكستان تسير مرشحة إلى ما هو أسوا في كل الأصعدة على خلفية الهجوم الذي استهدف إقليم كشمير قبل عدة أيام، حيث انتقلت المعركة من مربع المواجهة الكلامية إلى المستوى العسكري، على خلفية الاتهامات الهندية للحكومة الباكستانية بالتورط في الهجوم على حافلة الجنود الهندية ما استلزم منها الرد من خلال هجمات شنها الجيش الهندي على أراض خاضعة للسيطرة الباكستانية.

وعليه فقد أكد مسئولون عسكريون باكستانيون على أن طائرات عسكرية هندية دخلت الأراضي الباكستانية في منطقة كشمير المتنازع عليها وأفرغت شحنة من المتفجرات على أماكن عشوائية حيث سقطت بالقرب من بالاكوت أثناء هروبها من ساحة المواجهة الجوية بعدما دفعت باكستان بطائراتها صوبها، ولا توجد خسائر بشرية أو مادية.

هذا ما صرح به المتحدث باسم الجيش الباكستاني الميجر جنرال آصف غفور على تويتر يوم أمس الثلاثاء مؤكداً على أن الهجوم الهندي واجه رداً فعالاً في الوقت المناسب من جانب القوات الجوية الباكستانية.. حيث لاذت الطائرات الهندية إلى الفرار، واليوم الأربعاء تتجدد الاختراقات الجوية بين البلدين، والباكستانيون يسقطون طائرتين هنديتين كما صرح الجيش الباكستاني.

ويبدو أن المواجهة بين الجارين النوويين مرشح للتصعيد لعدة اعتبارات موضوعية، يمكن تبنيدها على النحو التالي:

أولاً: اتهام الهند الباكستان في أنها الحاضنة لجيش محمد الذي تبنى التفجير الانتحاري الأخير في حافلة الجنود الهندية بإقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين. ما أدى إلى مقتل أربعين جندياً هندياً، وتذرع الهنود في هجومهم بوجود قواعد لهذا الجيش "الإرهابي" على الأراضي الباكستانية.. وهو ما ترفضه الباكستان تماماً.

ثانياً: صحيح أنه حدثت عدة مواجهات بالمدفعية من خلال القصف المتبادل عبر خط المراقبة فى كشمير خلال السنوات القليلة الماضية أثناء تأجج التوترات بين البلدين، لكن انتهاك المجال الجوي نادر الحدوث. لذا تعتبر الباكستان الغارات الهندية على أراضيها انتهاكاً سافراً لسيادة الباكستان ما يستوجب الرد في الوقت والمكان المناسبين وهذا ما تعتبره الهند من جهتها تصعيداً استفزازياُ مؤكدة على أنها ستواصل قصف قواعد جيش محمد في إطار حربها على الإرهاب في كل زمان ومكان.

لذلك دعا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى عقد "اجتماع طارئ"، من أجل بحث مستجدات الوضع على خلفية "اختراق" القوات الجوية الهندية لخط المراقبة في إقليم كشمير المُتنازع عليه بين الهند وباكستان والذي يعد عملياً خط الحدود.

 وجاء الرد الباكستاني عسكرياً اليوم الأربعاء، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان لها: "نفذت القوات الجوية الباكستانية ضربات اليوم عبر خط المراقبة من المجال الجوي الباكستاني".

وقال الجيش الباكستاني إن طائرات هندية دخلت باكستان رداً على الضربات مضيفاً أنه تم إسقاط طائرتين وأسر طيار.

في هذه الأثناء، قال مسؤول هندي إن طائرات تابعة للقوات الجوية الهندية  اعترضت ما لا يقل عن ثلاث طائرات حربية باكستانية بعد دخولها الجانب الهندي من منطقة كشمير اليوم الاربعاء وأجبرتها على العودة.

ويتصاعد التوتر بين باكستان والهند، بعد الغارة الجوية الهندية التي استهدفت معسكرا للمتشددين داخل باكستان يوم الثلاثاء في بلدة بالاكوت الواقعة في إقليم خيبر بختون خوا في باكستان على بعد خمسين كيلومترا تقريباً من خط المراقبة الذي يعد الحدود الفعلية بين البلدين اللذين خاضا ثلاثة حروب منذ استقلالهما عن بريطانيا في العام 1947. وفي سياق ذلك قالت وزارة الدفاع الهندية يوم أمس إنها ليست لديها أية معلومات عمّا ذكرته باكستان في محاولة هندية لتفريغ محتوى الاتهامات الباكستانية من المسوغات القانونية الدولية ولكن هل فات الأوان بعد تأزم مجريات الأزمة هذا اليوم.

ثالثاً: تداعيات المشهد السياسي في الهند في إطار حمّى الانتخابات الرئاسية المقبلة منتصف هذا العام والتعامل مع الأزمة كورقة  انتخابية، والتي ستأخذ المنطقة إلى كارثة المواجهة المحتملة وانعكاس ذلك عل الجارين الذين يجمعهما تاريخ من الحروب والصراعات على إقليم كشمير منذ عام 1947. ففي سياق ذلك قال رئيس وزراء الهند الحالي ناريندرا مودي العضوٌ في حزب بهاراتيا جاناتا:" بأن الهند في أيادٍ أمينة ولن يسمح لأحدٍ بالمساس به.

 وأخيراً، نحن لا نتمنى انجرار البلدين إلى كارثة حرب لا تبقي ولا تذر، وقد تدمر البلدين الجارين النوويين إذا ما دقت طبولها.. بـل نطالب أطراف النزاع بإعمال العقل، وسحب البساط من تحت أقدام شيطان الحرب الذي يعربد في مناطق النزاع في العالم من أجل الخراب الذي يجلب الغربان. الرهانات على الحرب تتصاعد ولكن ثمة رهانات أخرى على إحكام العقل في تفاصيل المشهد المتأزم بين الهند والباكستان.

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم