آراء

كيف انقلب الشعب المصري على جماعة الإخوان المسلمين (3)

محمود محمد علينعود ونكمل حديثنا عن انقلاب الشعب المصري على جماعة الإخوان المسلمين ثنا، وهنا يقول الدكتور علي الدين هلال في كتابه عودة الدولة المصرية : أما التيار المؤيد لإجراءات ما بعد 30 يونيو فيؤكد على بأن ثورة الثلاثين من يونيو والتى أبهرت المصريين أنفسهم، واستردوا بها الثقة المفقودة في قوتها وصلابتها وعراقتها لم تكن مجرد ثورة تقليدية على غرار الثورات الملونة في أوربا الشرقية، وثورات الربيع العبري التى طالت الشرق الأوسط، فعظمة المصريين اليوم تتحدث على انه إن كانت هناك ثورة، فلابد أن تكون ثورة مصرية خالصة، من دون تدخلات أجنبية ودولارات أمريكية وزعماء من ورق ارتموا في أحضان المخطط الصهيو أمريكي داخل جدران دكاكين الديمقراطية الأمريكية، ليتلقوا دورسا في كيفية إسقاط أوطانهم، وأن عظمة المصريين اليوم تتحدث عن أساليب حشد جديدة تخرج من عباءة الكتاب الشيطاني لــ" جين شارب " لتسطر للعالم اجمع كتاب "شارب المصري " بأياد مصرية عن فن تكتيكات الحشد والعصيان المدني وإسقاط الطغاة بطريقة سلمية بحتة، دون الحاجة إلى قناصة دوليين تعتلي أسطح المباني لقنص المتظاهرين، وفتح السجون وترويع المواطنين في منازلهم، واقتحام السجون وحرقها. وكان المصريون يقدمون اعتذارا عمليا لقيم ومبادئ العصيان المدني لغاندي.

وهذا الرأي يمثله طيف واسع من أقصي اليسار إلي أقصي اليمين، ويدخل فيه التيار القومي والتيار اليساري والمدني، ويضم هذا التيار القوي التى رحبت بتدخل القوات المسلحة لعزل الرئيس واعتبرته استجابة مشروعة لمطلب شعبي وتصحيحا لمسار ثورة 25 يناير، وحفاظا على وحدة مصر واستقرارها .ويلاحظ علي هذا التيار أنه شمل جبهات وتحالفات تم تأسيسها قبل 30 من يونيو وكانت من صفوف المعارضة وظلت حاضرة في المشهد بعد 30 يونيو وتنسيقية يوم 30 يونيو، والتى تمثل تحالف النشطاء الثوريين والأحزاب السياسية المصرية المعارضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين وأعلن عن تشكيلها في 26 يونيو 2013 من قبل حركة تمرد ـ وتضم ما يقرب من ثمانين عضوا بصفتهم الشخصية يمثلون منظمات وحركات شبابية متعددة وأحزاب سياسية  .

وهؤلاء جميعا اجمعوا على أن عظمة المصريين، ومن خلفهم القوات المسلحة، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، تكمن في تعطيل مخطط الشرق الأوسط الجديد للصهيو أمريكية أمام صخرة الإدارة المصرية، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى إجهاض هذا المخطط الشيطاني في المنطقة بأسرها فيما بعد، ذلك المخطط الذي تم وضع ملامحه الأولية منذ سبعينيات القرن العشرين، وبدأ التحضير له من العام 2003، لبدء التنفيذ في العام 2005، لتوصيل التيار الراديكالي الإسلامي إلى سدة الحكم في المنطقة، بعد أن أعادوا توصيفه إلى تيار إسلامي معتدل كنقطة انطلاقة لتقسيم المنطقة بالكامل.

وهناك تيار يقف موقفا وسطا بين كون 30 يونيو يمثل انقلابا أو ثورة، وهذا التيار تمثله مجموعة من القوي والأحزاب السياسية منها حزب النور والدعوة السلفية، وهذا الحزب كان في البداية داعم لحكم الرئيس مرسي، غير أن علاقة التحالف بينهم وبين الإخوان ما لبثت أن توترت، مما جعل الحزب في نهاية المطاف إلي تبني الموقف المعارض لحكم مرسي خاصة مع اقتراب 30 يونيو، وقد امتنع الحزب عن المشاركة في تظاهرات 30 يونيو ولكنه أيد إجراءات الانتقال السياسي التى قادها الجيش باعتبار أن هذا الحل يجنب مصر حربا أهلية محتملة. ومنها أيضا حزب مصر القوية وهو الحزب الذي تم تأسيسه في أكتوبر 2012 برئاسة عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق، وهو حزب ذو توجه إسلامي، وقد رفض الحزب دستور 2012 وشارك في تظاهرات 30 يونيو التى طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة على الرغم من وجود انقسامات داخلية حول المشاركة، كما رفض الحزب تدخل الجيش في عزل الرئيس مرسي ووصفه بالانقلاب.

وننتقل إلي نقطة مهمة وهي تتعلق بموقف الإدارة الأمريكية من سقوط حكم الإخوان وعزل مرسي، فقد أدركت إدارة أوباما أن التحرك السريع للجيش المصري لاعتقال مرسي وإزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن سدة الحكم في مصر يمثل انتكاسة لاستراتيجية إدارة أوباما في دول الربيع العربي في استخدام الإسلام السياسي في نشر الفوضي من الصين إلى روسيا من خلال منطقة الشرق الأوسط الغنية بالطاقة. علاوة على أن خروج الشعب المصري على حكم الإخوان أضحي يمثل كذلك نقطة تحول في انخفاض وزن الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمي في العالم عندما تعرض الأجيال القادمة من المؤرخين الأحداث. وهذا كانت الصدمة عنيفة بالنسبة للإدارة الأمريكية، وخاصة باراك أوباما الذي حاول أن يصور للمجتمع الدولي، أن ما يحدث في مصر هو انقلاب عسكري، وفي استجابة للضغوط الأمريكية قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، تعليق أنشطة مصر في أجهزة الاتحاد الأفريقي حتى استعادة النظام الدستوري في البلاد.. وللحديث بقية!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم