آراء

الجيش المصري ودوره في مكافحة كورونا

محمود محمد عليدفع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) دول العالم إلى الاستعانة بالجيوش وقوات الأمن في فرض إجراءات صارمة لتقييد التنقلات في الشوارع، بغية احتواء هذا الوباء الذي ينتشر بسرعة كبيرة؛ خاصة بعد أن باتت المؤسسات المدنية في الدول الغربية والآسيوية غير قادرةً  بمفردها على مواجهة الانتشار واسع النطاق لفيروس كورونا، إذ تزايد الاعتماد على الجيوش نتيجةً لأمننة التهديدات الوبائية، والحاجة لفرض إجراءات الحجر الصحي وحظر التجوال في مناطق تفشي الأوبئة، وإلزام المواطنين بتطبيق القوانين والقواعد المنظِّمة للحركة، بالإضافة لتعزيز ودعم قدرات قطاع الرعاية الصحية المدني، وتشييد مستشفيات ومنشآت صحية جديدة بصورة سريعة وغيرها من المهام غير التقليدية للجيوش في مواجهة الأزمات الصحية.

وفي مصرنا الحبيبة أثبت الجيش المصري أن لديه القدرة للقيام بعمل نوعي مختلف لمكافحة الأوبئة، ففي مجال الأمن والنظام كان للجيش المصري دور في تطويق المدن وتطبيق حالة الطوارئ وخاصة في الماكن الموبوءة وتفعيل قرار فرض العزل ومنع التجول وفرض الالتزام بتعليمات الحجر، كما تمكن الجيش المصري في أن يقوم ببعض المهام الأمنية المدنية كحماية المنشآت الحكومية والمرافق العامة والانتشار عند محطات القطارات والمترو .. وفي مجال الدعم الطب أثبت الجيش المصري أنه قادر علي علي تقديم الدعم الطبي من خلال الاستعانة بالطواقم الطبية العسكرية وفرقه الطبية ذات التدريب العالي وايضا بناء المستشفيات العسكرية الميدانية ونقل الإمدادات للمستشفيات .. كذلك أثبت الجيش المصري قدرة هائلة علي استخدام مرافقه من قواعد ومطارات عسكرية في مهام متنوعة كتحويل بعضها إلي حجر طبي أو مراكز خدمات وطوارئ .. أما قوات حرس الحدود فقد اصبح لها دور أساسي في مقاومة تفشي الفيروس عبر مهامها في مراقبة تنقلات المواطنين وخاصة بعد إغلاق الحدود ..

لقد أثبت الجيش المصري أنه الحصن والسند في وقت الشدائد وذلك حين انتفضت إدارته التخصصية لمواجهة جائحة كورونا ؛ حيث قامت تلك الإدارات بإجراء عمليات التطهير والتعقيم للعديد من المنشآت والشوارع والميادين في أنحاء جمهورية مصر العربية وضمانا لتوفير السلع الغذائية ومستلزمات التطهير والقضاء علي الممارسات الاحتكارية قام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة بتوفيرها عبر المنافذ الثابتة والمتحركة علي مستوي الجمهورية والاحتفاظ باحتياطيات استراتيجية تكفي لمدة 6 أشهر.

وعلي ضوء مستجدات الأزمة قام الجيش المصري بالتعاون مع وزارة الصحة والهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد الطبي بتوفير المستلزمات الطبية اللازمة لأعمال المجابهة واستعداد كافة المستشفيات العسكرية لاستقبال العسكريين والمدنيين علي حد سواء مع تجهيز عدد 22 مستشفي عسكري بنطاق محافظات الجمهورية بطاقة 4000 آلاف سرير وتجهيز غرف الرعاية المركزية بأطقمها الطبية وتزويدها بأجهزة التنفس الصناعي وتجهيز 4 مستشفيات ميدانية متنقلة بطاقة 502 سرير عزل وغرف عمليات ورعاية مركزة يمكن الدفع بها في أي اتجاه طبقا للموقف وتجهيز 1000عربة إسعاف .

علاوة علي عدد من الأتوبيسات المجهزة لنقل الحالة الحرجة مع زيادة القدرات الاستيعابية للمعامل المركزية للقوات المسلحة لتقديم خدمة التحاليل السريعة بطاقة تصل إلي 2200 عينة في اليوم الواحد .. وكذلك رفع درجة الاستعداد والجاهزية ؛ وكذا خريجي دفعة كلية الطب بالقوات المسلحة لتقديم الدعم الصحي بالكامل لوزارة الصحة في إطار خطة المجابهة وفتح خطوط انتاج جديدة للمسكات الطبية والبدل الواقية للأطقم المتعاملة مع إجراءات التطهير لمعدل إنتاج يومي يصل إلي 100 ألف ماسك مع الاحتفاظ باحتياطي الماسكات يصل إلي 5 مليون ماسك .. كذلك إنتاج 1000 بدلة واقية يوميا وجاري الاستمرار في أعمال إنتاج البدل الواقية لتصل إلي 50 ألف بدلة واقية ..

هذا بالإضافة إلي تجهيز دور ونوادي الجيش المصري علي مستوي الجمهورية للاستعداد لتنفيذ إجراءات العزل الصحي حال تطلب الأمر ذلك، كما تم وضع كافة امكانيات إدارة المركبات وجهاز النقل العام للجيش المصري استعدادا لإخلاء العناصر المشتبه في إصابتها بالفيروس مع دعم وسائل النقل بالدولة لزيادة طاقتها وذلك من خلال توفير 1000 أتوبيس و500 ميني باص وتقليل كثافة المواطنين في وسائل النقل العام مع امكانية التعزيز من خلال الاسعاف الجوي الطائر للحالات الحرجة والطارئة من مختلف المحافظات ..

واستمرارا لدور هيئة الإمداد والتمويل للجيش المصري في تقديم القدرات الإدارية لصالح دعم القطاع المدني بالدولة تم إعداد وتجهيز مليون حصة غذائية وتجهيز احتياطيات استراتيجية من أصناف التعيينات تكفي الجيش المصري ومخزونا لصالح الدولة يكفي مليون فرد لمدة 3 شهور مع استعداد 32 خط خبز متحرك بطاقة تصل إلي 620 ألف رغيف يوميا ..

هذا بالإضافة إلي امكانيات مجمعات إنتاج الخبز للقوات المسلحة علي مستوي الجمهورية  والتي تصل طاقتها إلي 500 ألف رغيف يوميا مع الاحتفاظ بكميات من الوقود بمستودعات الإمداد تكفي لتلبية مطالب الدولة لمواجهة الأزمة لمدة 10 أيام وتجهيز احتياطي من منطقيات النقل من فناطيس المياه وعربات النقل الثقيل وعربات الوقود ومعدات الشحن والتفريغ مع تطويع عربات الإطفاء ووحدات طرد الهواء العملاقة للتعاون مع عناصر الحرب الكيميائية لاستخدامها في أعمال التطوير والتعقيم واستعداد عناصر الهيئة الهندسية الجيش المصري في تقديم الدعم اللازم في إطار معاونة أجهزة الدولة في خطة المجابهة من خلال إدارتها التخصصية وكذا بقية الأفرع الرئيسية والجيوش الميدانية والمناطق العسكرية والصاعقة والمظلات والشرطة العسكرية بالاستعداد والجاهزية لتفعيل اجراءات السيطرة علي  كافة التحركات وتأمين المدن والطرق الرئيسية ضد أي تهديد ..

ولقد واصل الجيش المصري مهامه في معاونة أجهزة الدولة بشأن تنفيذ الخطة الوقائية لمجابهة خطر فيروس كورونا المستجد واتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل سلامة ووقاية أفراد الشعب المصري؛ حيث قامت القيادة العامة للقوات المصرية المسلحة بتكليف إداراتها التخصصية لدفع عربات التعقيم المتحركة والتطهير الثقيلة وأطقم التطير المحمولة في إجراء التعقيم والتطهير اللازم لكل الجامعات المصرية ابتداءً من جامعة القاهرة وانتهاءً بجامعة أسوان، وما تحتويه تلك الجماعات من منشآت وقاعات ومدرجات ومعامل دراسية بما يحقق ضمان وسلامة وحماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعات من احتماليات الإصابة بأي عدوي تنفسية، وذلك ضمن مخطط لإجراء عمليات التطهير الوقائية لكافة الجامعات المصرية والمنشآت التي يتردد عليها أعداد كبيرة من المواطنين .

كما قام الجيش المصري أيضا باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا من خلال خطة تشمل الجامعات والمدارس وبعض المنشآت التي يتردد عليها أعداد كبيرة من المواطنين .. بداـ الخطة بتطهير وتعقيم الأماكن الإدارية والشوارع الداخلية والقاعات الدراسية والمدرجات والمعامل بجامعتي عين شمس والأزهر .. وقامت إدارة الحرب الكيميائية بدفع عربات التعقيم المتحركة والتطهير الثقيلة وأطقم التطهير المحمولة لإجراء التعقيم والتطهير اللازم بما يحقق ضمان وسلامة وامان الطلبة وأعضاء هيئة التدريس من احتماليات الإصابة بما عدوي تنفسية.

ومن جهة أخري قامت القيادة العامة القوات المصرية المسلحة بمواصلة خطتها في اتباع الاجراءات الوقائية لعدد من الشوارع الرئيسية ذات الكثافة المرورية العامة العالية بالدولة وذاك من خلال تكليف الإدارات التخصصية بدفع عربات التعقيم المتحركة والتطهير الثقيلة والأطقم المحمولة لإجراء التعقيم والتطهير الوقائي لمحور صلاح سالم كمحور ربط رئيسي للحركة المرورية من وإلي القاهرة للعديد من المحافظات كدمياط وبورسعيد والشرقية والإسماعيلية والسويس والبحر الأحمر وشما وجنوب سيناء وكذا العديد من الأحياء والميادين الرئيسية فضلا عن تطهير عدد من المنشآت والمرافق الحيوية التي يتردد عليها أعداد كبيرة من المواطنين بشكل دوري وحرصت الإدارات التخصصية بالقوات المسلحة علي اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية لمجابهة انتشار فيروس كورونا وذلك من خلال استخدام المواد الكيميائية ذات معايير الجودة العالمية التي تقضي علي الفيروسات والجراثيم والبكتريا بما يساهم في الحد من انتشار الفيروس وتوفير المناخ الأمن للمواطنين .. وفي سياق متصل تم إجراء التعقيم والتطهير الوقائي اللازم لوزارة التعاون الدولي وما تحتويه من مقرات ومكاتب وقاعات للمؤتمرات والاجتماعات

واليوم تصطف عناصر من أجهزة القيادة العامة للجيش المصري وإدارته التخصصية معلنة تمام الاستعداد والجاهزية وتحمل المسؤولية .. تأهب لا تخطئه العين واستعداد يؤكد أن لمصر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. رجال متأهبون لحماية الوطن شعباً وجيشاً وهم في رباط إلي يوم الدين .

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

 

 

في المثقف اليوم