آراء

صحافة الحذف والتهميش؟

حيدر عبدالرضالعل من أخطر الوسائل الأعلامية المتاحة حاليا في نظرية ووظيفة الاتصال والإيصال والابلاغ والأخبار هي (الثقافة الصحافية) وقد تجاوزت هذه الخاصية المهنية حدود شبكة الأعلام أو وسائل النقولات الأخبارية وإلى درجة وصولها أحيانا منطقة ومنزلة أنشاء وتحديد سمات ومهام المشهد الثقافي الراهن والماضي والمستقبلي أيضا، وعلى هذا فأننا نجد بأن للمسألة بعدا آخر وجانبا آخر غير أنه يبدو أحيانا معتما نوعا ما وذلك ما تتمثل به وتتشكل به زاوية الصحافة الثقافية وصلتها الموصولة بالبيان المعرفي والإصدارات والحوارات والآراء المضادة في أوجه النظر بين الأدباء والنقاد، وقد يبدو ألأمر في الوهلة الأولى إلى جانب عملية نشر المقالات والقصص والقصائد هو ما يتخذ له الواجهة الرئيسية من الانتشار في هذه الصحافة ولدرجة أضحى هذا الأمر عملا نمطيا بائدا، أما في ما يتعلق وجانب نشر الآراء المتعارضة فهو ما لم يجد له أي اهتمام ملحوظ في صدر هذه الصحف والصفحات الثقافية في مؤسسة الصحافة العراقية بشكل عام . فأنا شخصيا؟ لربما أتذكر جيدا ما صادفته من أعمال كبيرة من الحذوف والتهميش والشطب والتقطيع والتي قد خضعت اليها بسهولة ساذجة أكبر مقالاتي سجالا وبحثا عن ما هو أكثر موضوعية وأمانة . وعلى هذا فأنا لا أدري؟ كما ولا أجد ثمة من مبرر أو تعليل حتى لكل هذا الحذف والتغييب في رصد أكبر الحقائق والمهام والفرائض الثقافية؟ لعل صحافة الشطب والحذف والتقطيع سوف تتقادم يوما الى ذات الصحيفة نفسها فتقوم بشطب كوادرها الصحفية بما في ذلك رأس وبدلة رئيس التحرير ثم تقوم بعد ذلك بقضم فستان وأنوثة زوجته وحقائب أولاده المدرسية،قد يكون من البديهي هنا ان عملية التشبيه قد تبدو غير دقيقة لا سيما وان عناصر ألاستعارة من خلالها قد بدت خارج أداة المشبه به، ولكني أتبعت هذا لعلمي باقتباس البديل الكنائي، كذلك الى جانب علمي بأن من يحاول ان يتستر على الباطل هو بالجوهر أشد من الباطل نفسه، والى جانب علمي أيضا بأن هذه الصحيفة الثقافية أو الصفحة الثقافية التي تعزز مثل أفعال الحذوف والشطب والتقطيع،ما هي الأ أدامة قاصرة لروح الأستجابة الناقصة لديها في عمق المواجهة ثم وغياب الفعل الموضوعي لديها . بالمناسبة أنا لا أقصد بهذا المقال سوى بعض من صحافتنا العراقية التي في الداخل، هذه الصحافة المتفرقة والتي لم تقدم شيئا سوى بث وبعناية كبيرة وبألوان زاهية صورة رئيس الوزراء وهي تعتصر على ملامح وجهه غبطة الدهشة والخوف من عدم النجاح في جولة الانتخابات القادمة، والى جانب أخر هناك صور لعناصر الدواعش وهم في هيأتهم وسحناتهم البدوية المجرمة وبعض من مشاهد زوار كربلاء وحروف حقل أخر يختص بأخبار المتقاعدين وأخبار أخرى عن مشاكل التجارة والبطاقة التموينية وأخبار أخرى مخيفة عن أسطورة أنقطاع وتأخير الرواتب، أما صفحة الأخبار والنصوص الثقافية فتبقى دائما لصيقة أسلوب تقليدي سائد منذ الأزل وهو وجود قصة قصيرة في زاوية ما تقربها قصيدة باردة أو عامود صحفي يتحدث فيه محرر الصفحة عن شخصية أدبية أو عن حدث ثقافي مجتر لدرجة الموت، لربما ان علامات مثل هذه الثقافة الصحافية لا توحي بأكثر من موت الثقافة وبرود النصوص وتحجر الأدباء وذلك لأن ما هو موجود في هذه الصفحة الثقافية هو ما كان موجودا بها يوم أمس أو قبل أسبوع أو قبل سنة، ومن جهة غاية في الأهمية والخطورة نلاحظ ثمة ظاهرة تتردد على مهام صحافتنا الثقافية وهي (صحافة الحذف والتقطيع )وتتراءى هذه الآفة على نحو يجعل من حيثيات المقال المنشور بالرأي المعارض لجهة ما يتسم داخل طابعية حركية من أضمارات غريبة المسببات والسبب، في وقت تتجاهل فيها هذه الصفحة الثقافية قيمة ومهام وموضوعية ما قد جاء به ذلك المقال من رأي أو مبدأ أو حقيقة، ويبقى الأهم لديها عادة هو كيفية تسويق الصفحة بموجب الصحيفة وبطريقة تجارية حزينة وأستهلاكية مهنية يومية تساق أفكارنا ونصوصنا وثاراتنا وثقافتنا داخل زوبعة قيم مالية ودراهم بخسة، والمصيبة الأكبر تتحقق عند قراءة هذا المقال وهو منشورا على تلك الصفحة الثقافية، ويمكن تمييزه فقط والتعرف على ملكيته الوحيدة سوى من جانب صورة الكاتب أو أسمه، وبعد التبصر طويلا قد تبدو عملية الفراسة لمحتويات ذلك المقال متغيرة لدرجة الدهشة والخراب الموضوعي والى درجة قول الكاتب لنفسه إلى من يعود هذا المقال؟ وهل هذا هو فعلا مقالي؟ لا أتذكر يا للخيبة؟ أم أنه من جهة أولى ملك تلك الصحيفة ونهب سياسة الشطب والحذوف والخراب الصحفي؟ وختاما أقول الى صحافتنا العراقية التي هي في الداخل حصرا (الأ يكفي؟ كل هذا الشطب والتقطيع والحذف وألا يكفي كل سنين الخوف والمخاوف اللا مجدية .. أعتقد ان كلمة الحق أكبر من هذه النقائص والحذوف المعلنة والتقاطيع المنصرمة؟ إذن نحن اليوم وبجانب حذوف صحافتنا الغراء لعلنا مجرد رهائن نواجه أنكسارات ثقافتنا وأفكارنا بل لعلنا في القادم الأتي سوف نواجه حذوف أكبر ومنها على وجه التحديد حذوف الوطن والحكومات وهي تزهق حرياتنا وكراماتنا وحقوقنا وأقدامنا وهي تتسلق أخر رصيف العمر والكلمات .(يا الهي؟) لعلنا كأدباء ونقاد وكتاب في فوهة حذوف هذا الوطن وهذه الصحافة أصبحنا أشبه بأشباح في مدينة منسية .

 

حيدر عبد الرضا

 

 

في المثقف اليوم