آراء

فخري مشكور: حقيقة الإسلام المعتدل (1)

فخري مشكورمنذ ان بدأت النهضة الصناعية في اوربا تضاعفت الحاجة الى بسط الهيمنة الغربية على الشرق من أجل:

1- السيطرة على مصادر المواد الأولية الضرورية للصناعة الحديثة

2- تأمين أسواق استهلاكية لتسويق الإنتاج الصناعي الذي يفوق حاجة السوق المحلية

3- تأمين طرق ومسارات نقل البضائع من الغرب الى الشرق في البر والبحر

تحت ضغط هذه الاهداف نشطت الحركة الاستعمارية الاوربية وانطلقت مختلف دولها في التسابق إلى احتلال دول العالم الشرقي فأصبح العالم مقسّماً الى مستعمرات بريطانية وفرنسية وايطالية وهولندية وبرتغالية و...و...الخ

***

امتدت تلك الحركة الاستعمارية لقرنين أو ثلاثة قرون وكانت تعتمد القوة العسكرية، أي الفتح و الغزو والسيطرة المباشرة وتعيين حاكم عسكري يعاونه عملاء من الدولة المستعمَرة، وقوات محلية يتم تشكيلها من فقراء البلد

عُرفت تلك الحقبة بمرحلة الاستعمار القديم، وهو الاستعمار الذي يعتمد على ركيزتين:

1- الغزو العسكري للسيطرة على البلاد

2- الحكم المباشر من قبل الدولة المستعمِرة (والاستعانة بـمحليين كموظفين مدنيين أو قوات عسكرية رديفة)

لكن القرن العشرين حمل معه تغييرات أدت الى تخلي الغرب عن الطريقة القديمة في الاستعمار (الغزو العسكري والحكم المباشر) لكي يستبدلها بالاستعمار الجديد الذي يعتمد اساساً على [الثقافة] لا على [العسكر]، على القوة الناعمة لا على القوة الخشنة، فالقوة الخشنة (الغزو العسكري والاحتلال المباشر) أداة استعمارية :

1- باهظة التكلفة مالياً

2- كثيرة الخسائر بشرياً

3- ثقيلة الأعباء لوجستياً

4- تؤدّي بالضرورة إلى بروزحركات تحرير

لذلك اتجهت اوربا وامريكا القوية الى طريقة اخرى في الاستعمار عرفت بالاستعمار الحديث الذي يعتمد الثقافة كقوة ناعمة يتمكن من خلالها من تحقيق نفس أهداف الاستعمار القديم (السيطرة، ونهب المواد الاولية، وتسويق الانتاج) دون ان يتحمل خسائر مالية كبيرة ولا يضحي بأعداد كبيرة من عسكره، ولا يستثير حركات تحرير.

***

على أن الاستعمار القديم لم يخلُ تماماً من قوة ناعمة ترافق قوته الخشنة، فقد كانت القوات الغازية مصحوبة دائمة ببعثات تبشيرية تصاحب جيوش الاحتلال، وبمجرد استقرار الاستعمار في بلد ما تنتشر البعثات التبشيرية – بحماية المستعمر- بالعلم على نشر المسيحية في البلد الذي تم احتلاله، فالدين هو أحد أشكال القوة الناعمة، لأنه عنصر أساسي في ثقافات كافة الشعوب.(للمثقف الجاد انصح بقراءة كتاب التبشير والاستعمار

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-pdf

***

استخدم الاستعمار القديم سلاح التبشير كقوة ناعمة مساعدة في عملية اخضاع الشعوب في الدول الاسلامية وغير الاسلامية على السواء

ففي الدول الإسلامية تتذكر اوربا جيداً كيف انتشر الاسلام في جنوبها الغربي (في الاندلس في العصر العباسي) وفي شرقها (في العصر العثماني) ولا تنسى الحروب الصليبية.. أوربا تعلم ان الإسلام يشكّل عقبة كأداء أمام الاستعمار الغربي، لأنه هوية المسلمين ولانه يبعث روح العزة ويرفض خضوع المسلمين للكافر، وانه يحرّض المؤمنين على القتال ويعتبر الجهاد واجباً دينياً يجعل المسلم يخسر حياته لكي يربح الجنة، وهذه الخاصية تعطي لمقاومة الاستعمار قوة لا مثيل لها في حركات التحرير الوطني الاخرى، فقد قدمت الجزائر مثلاً مليون شهيد وبقيت تقاوم الاستعمار الفرنسي أكثر من قرن، بينما لم تقدم الهند عدداً يذكر من المدافعين عنها ضد الاستعمار البريطاني الذي عاش سعيداً في الهند عدة قرون.

من أجل ذلك كانت الحملات العسكرية الاستعمارية تصطحب البعثات التبشيرية لكي تكسب بعض المسلمين او تزعزع عقيدتهم لكي يصبحوا كالدابّة همّها علفها، ولا يصبحوا ارواحاً عزيزة أو نفوساً كريمة رافضة للذل لا ترى الموت إلا سعادة والحياة مع الاستعمار إلا برما.

وقد سجل التاريخ أسماء حركات ورموز المقاومة الوطنية وكانت في الغالب شخصيات دينية ففي العراق مثلاً كانت ثورة العشرين بقيادة مراجع وعلماء النجف (لاحظوا التزييف الذي يمارسه المعممون الأمريكيون بالادعاء بأن مرجعية النجف لا تؤمن بالعنف ولا تتدخل بالسياسة!).

وفي بلدان أخرى برز علماء دين يقودون المقاومة للاستعمار مثل الشيخ عبد القادر الحسيني في فلسطين ضد الاستعمار البريطاني، والشيخ عمر المختار ضد الاستعمار الايطالي، والشيخ عبد القادر الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.....الخ.

***

بعد استخلاص الدروس من دور الإسلام في مقاومة الاستعمار القديم قرر الغرب استبدال الاستعمار القديم بالاستعمار الحديث الذي يحقق أهدافه في الهيمنة دون ان يستثير الدين للمقاومة، وذلك باستخدام الأدوات الثقافية التالية:

1- تحريف الاسلام لتحويله الى اداة خضوع للاستعمار لا اداة مقاومة، فقد ثبت عدم امكانية تنصير المسلمين، فلن يستبدل الاله الواحد بثلاثة آلهة إلا من قسّم عقله بين ثلاثة

2- الديمقراطية

3- حقوق الانسان

4- حقوق المرأة

5- حقوق الطفل

6- حقوق الشواذ جنسياً

7- حقوق الاقليات

8- التعددية

9- الشفافية

10- إزالة الحدود

11- إسقاط كل القداسات

12- واخيراً الدين العالمي الذي يبدأ بالابراهيمية وينتهي الى توحيد البشر جميعاً بدين عالمي واحد يتلائم مع مصالح الولايات المتحدة

***

أعلمُ أن البعض سيقول: ما هذا الخيال؟ هذه مجرد تصورات من بنات أفكار الكاتب، أين المصادر على هذه المزاعم؟

ولكي يكتشف القارئ مبلغ هؤلاء من العلم أقول: سلوا كل من يشكك في هذه المعلومات، هل قرأت كتاب: بناء شبكات الاعتدال الاسلامي؟

 https://www.kutub-pdf.net/book/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A.html

او كتاب الاسلام الديمقراطي المدني؟

https://www.kutub-pdf.net/book/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A.html

 

للبحث صلة

.................

د. فخري مشكور

 

في المثقف اليوم