آراء

عماد علي: هل بقي دور المثقف في تقويم السلطة؟

عماد عليبداية، دعنا نعترف بان الظروف الموضوعية هي التي اثرت على الظروف الذاتية للمثقف والتي انتجت السدود المنيعة امام تحركه بالاتجاه الصحيح، وهي التي اغلقت الطريق امام تحركاته المطلوبة والضرورية في الوقت المناسب. والمعلوم ان تاثيرات الظروف الموضوعية عندما  تنعكس على الظروف الذاتية فيتولد واقعا مختلفا ناتجا عن تداخل الاثتنين لافراز الناتج الجديد المختلف وان تمكن المثقف المتمكن  المرور بين المتعرجات المصطنعة من افرازات الواقع الجديد المتكون من تلك الحالة  فممسيرة المثقف الصحيحة الملائمة عند تلك الظروف والحالة الثقافية الجديدة وربما تغير معها الوضع السياسي ومن ثم الاجتماعي والثقافي وب التالي فن الحالة الجديدة المتغيرة تماما هي التي تسيطر دائما على الجوانب الاخرى بما يهم المثقف وعمله وحتى عقليته بشكل نسبي دائما. وعليه، فان حالة الركود الموجود احالت دون  ان ياخذ المثقف مساره الصحيح في الواجبات الملقاة على عاتقه والتي يجب  ادائها سواء بشكل عملي مباشر او تلقائيا بشكل غير مباشر من ثمار بروز تاثيرات نتاجاته الثقافية على مر الزمن .

في الوقت والمكان الذي نعيش، لم نجد سيادة القانون والدوافع الذاتية والدرجة المطلوبة من التضحيات وتحاشي دور المثقف لدى المعنيين مع سيطرة الطموحات الشخصية التي تبعد المثقف عن اداء ما عليه وما يخص الشعب بشكل عام، وكذلك عدم توفر الحرية المطلوبة وسيطرة الخوف من القوى السائبة،  تجعل كل تلك الاسباب المثقف ان يعيش قلقا وخائفا بعد وصول الايدي الغدر الى المخلصين من المثقفين وبالاخص النشطاء الذين ادوا دورا متميزا في تحريك الراي العام، كل هذا ما جعل المثقف ان يفكر مليا قبل ان يمد يده الى ما يؤمن به ويعتبره هو الواجب عليه ان يفعله . طالما بقي دور القوة هو الاكثر تاثيرا ولم يفرض المنطق والحوار والتواصل والتفاهم نفسهم كعامل حاسم لبيان الاصح في اي امر عام، فيبق المثقف معصوبا ومكتوف الايدي وهو تائه في بحر الظلمات ولن يجد مساره الخاص في الواقع الفوضوي الذي يعشه في هذا الشرق الاوسط المتردي قبل المناطق الاخرى.

من جهة اخرى، فان صعوبات الحياة اليومية اجبرت النسبة الكبرى من الشعوب في هذه المنطقة ان تهتم بما يمكن ان تحصله لتسد قوتها اليومي ولم تتفرغ عقليا وعمليا للتفاعل مع ما ينتجه المثقف كي تتاثر به  بشكل عام. فان الاحزاب الموجودة والسطاة السياسية المنبثقة عنها تعتمد كليا على العقائد التي لم تُبقي دورا للمثقف في المشاركة في العمل والفكر لتحديد وتنظيم الطريق المناسب للمسيرة الصحيحة التقدمية التي يجب ان تكون هي الموجه الصحيح نحو التقدم بشكل دائم.

الاهم في هذا الامر هو الاجابة عن هذا السؤال كي نعلم هل يمكن ان نقف عند المثقف وواجباته؛ هل الواقع الثقافي العام يدفع لتشجيع المثقف في اداء واجبه الخاص ولم يبعث على الملل والياس، هل الظروف السياسية الاجتماعية الثقافية العامة لم تعيق المثقف قبل الجميع في عمله وعقليته، هل القوة السياسية الحاسمة خاضعة للقانون ام تسيطر عليها القوة العسكرية غير الشرعية لدى القوى السياسية بحيت اصفرت بدورها دور المثقف عمليا ومنعته اصلا في التفكير عن اداء واجباته الخاصة ودوره الاهم من اي شيء في المجتمع الطبيعي المثقف والسلطة المنبثقة منه.

على الرغم من ان نتاجات المثقف مهما كان نوعها لها التاثير المباشر على عقلية الفرد الا ان العمل والحركة المباشره له والتحرك الواقعي  المختلف الاتجاهات على الارض هو الاكثر تاثيرا وبشكل مباشر على العام، اي التحركات غير الثقافية على الارض عند المثقف عدا نتاجاته الفكرية هي الاكثر اهمية وتاثيرا بشكل مباشر، نتيجة عدم متابعة العامة للمثقف ونتاجاته ودوره النظري وعدم متابعته واهمله بشكل غير متقصد.

فعليه، يمكن انتوصل الى النتيجة بان المثقف الان وفي هذه الطروف الموجودة في حالة جمود وخمود وسبات دائم سواء بامر ذاتي نتيجة التاثيرات المختلفة عليه او نتيجة الواقع الخاص الذي يعيش فيه، ويحتاج التغيير الى قوة ارادة هائلة والبداية هي الاكثر اهمية من ما ياتي بعدها، فهل يتحرك المثقفون ام يحتاجون الى انعطافة كبيرة سياسيا كانت ام اجتماعيا او ثقافيا لتدفعهم الى التحرك من الموقع والنقطة الصحيحة ؟ 

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم