آراء

كريم المظفر: الانتخابات الروسية والتصويت "الذكي الأمريكي"

كريم المظفرلم يتبق على بدأ التصويت في الانتخابات البرلمانية الروسية سوى يوم واحد، حيث تبدأ في روسيا غد الجمعة السابع عشر من سبتمبر الجاري، عملية التصويت الالكتروني للانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس الدوما الروسي (البرلمان)،  والتي ستستمر حتى يوم التصويت المباشر للانتخاب الذي سيجري في يوم الاحد التاسع عشر من سبتمبر الجاري، والتي ستجري هذه المرة بمشاركة 14 حزبا وتكتلا سياسيا روسيا والمسجلة رسميا في لجنة الانتخابات المركزية، وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية السبعة المنضوية الان تحت قبة البرلمان الحالي.

ولعل أهم الاخبار التي ترددت قبيل هذه الانتخابات التي تشكل فيها وبحسب إيلا بامفيلوفا رئيسة لجنة الانتخابات المركزية  الروسية نظام مراقبة بالفيديو شامل لمتابعة سير عمليات التصويت خلال انتخابات والتي تغطي كاميرات الفيديو نحو  96٪ من مراكز الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد ، حيث سيتم خلال  الانتخابات، انتخاب أعضاء مجلس الدوما لمدة خمس سنوات، وفقا لنظام انتخابي مختلط: يتم انتخاب 225 نائبا وفق القوائم الحزبية، و 225 نائبا آخر عبر الدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد، في جولة واحدة، في حين تم ترشيح ما مجموعه 2296 مرشحًا في 225 دائرة انتخابية ذات ولاية واحدة، وحتى الرابع من  سبتمبر / أيلول، تم تسجيل 2035 منهم، لكن إجراءات المحكمة جارية بشأن تسجيل عدد من المرشحين، ولكن أهم من كل هذا هو استدعاء السفير الأمريكي في موسكو جون سوليفان، وتسليمه أدلة " دامغة " على التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا الاتحادية، وخاصة الانتخابات.

نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، شدد للسفير الأمريكي  على أن موسكو تملك "أدلة دامغة تثبت مخالفة القانون الروسي من قبل شركات أمريكية رقمية عملاقة في سياق تحضير وإجراء انتخابات مجلسي دوما والاتحاد"، وناقش معه تدخل شركات أمريكية في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في روسيا نهاية الأسبوع الجاري، ووفقا لبيان الوزارة فأن ريابكوف وصف أي تدخل في شؤون روسيا بأنه غير مقبول إطلاقا، مضيفا أن الجانبين بحثا أيضا بعض المسائل الأخرى المطروحة على الأجندة الثنائية، ومن جانبه أوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن السفير الأمريكي لدى موسكو جون ساليفان وعد بدراسة الوثائق التي قدمتها له الخارجية الروسية والخاصة بتدخل شركات أمريكية في الانتخابات الروسي، وتابع قال (السفير) إنهم لا يملكون معلومات حول أن أحدا ينتهك التشريعات الروسية"، لكن البيانات التي نقلت له "خطيرة إلى حد كبير".

ووفقا للإعلان الروسي فأن الشركات التي قامت بدور في وضع تطبيق "التصويت الذكي" المزعوم على علاقة بالبنتاغون، وأوضحت إن استدعاء السفير الأمريكي جون ساليفان إلى وزارة الخارجية الروسية جرى بسبب دعم واشنطن مشروع "التصويت الذكي" الذي وضعه "صندوق مكافحة الفساد" (المحظور في روسيا)، وذلك بهدف التدخل في الانتخابات البرلمانية الروسية المقبل، وأن جميع الشركات الضالعة في وضع هذا المشروع مرتبطة بشكل أو بآخر بوزارة الدفاع الأمريكية، كما أن معظم عناوين بروتوكولات الإنترنت والخوادم التي تدعم تطبيق "التصويت الذكي" على الهواتف النقالة تتواجد في الولايات المتحد، بحسب المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا .

وأكدت روسيا من خلال تصريحات مسئوليها عن وجود محاولات لتنفيذ عدد من الاستفزازات ضد روسيا عشية الانتخابات، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه يتم حاليا عبر أوكرانيا، تنفيذ العديد من الاستفزازات ضد روسيا عشية انتخابات مجلس الدوما، وقد أصبح معروفا بالفعل أنهم أرسلوا إلى جميع البلدان تعميما بأن يذهب السفراء إلى المسؤولين الحكوميين ويصرون على عدم إرسال مراقبين إلى الانتخابات، وجرى ذلك في بيلاروس، مشددا على ان هذا الأمر مضحك في الواقع، ما علاقة أوكرانيا بالانتخابات الروسية؟".

الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام ("روس كوم نادزور") أفادت بأنه تم حجب الوصول إلى موقع "التصويت الذكي" بسبب استخدامه لمواصلة أنشطة "صندوق مكافحة الفساد" المنشأ من قبل المعارض الروسي " ألكسي نافالني "، والمحظور في روسيا بموجب قرار قضائي، بعد تصنيفه "منظمة متطرفة" و"عميلة أجنبية"، و"التصويت الذكي" عبارة عن أسلوب وضعه أنصار " نافالني "بغرض إضعاف الفرص الانتخابية لحزب "روسيا الموحدة" الحاكم، وذلك عبر حث الناخبين على التصويت لصالح أوفر مرشحين حظا عن أي حزب غير الحزب الحاكم.

الأحزاب الروسية ال(14) التي ستشارك في الانتخابات، تحركت بشكل محموم في عموم البلاد الواسعة، لكسر حاجز التفوق  والاغلبية الذي يتمتع به الحزب الحاكم " روسيا الموحدة " داخل البرلمان الحالي، في حين اعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن أمله في أن يحافظ "روسيا الموحدة" على موقعه المرموق في البرلمان بعد انتخابات مجلس النواب (الدوما) وقال "أملي كبير في أن يحافظ (حزب) روسيا الموحدة على موقعه وأن يتمكن من اتخاذ قرارات ضرورية على المستوى التشريعي لخدمة مصالح البلاد"، وأشار إلى أن ما أنجزه الحزب خلال الفترة الأخيرة سمحت لروسيا بمواجهة أزمة كورونا بشكل أنجع وأكثر فعالية من دول متطورة كثيرة، مضيفا في الوقت نفسه "لقد أعدنا اقتصادنا عمليا إلى مستواه ما قبل الأزمة (الجائحة)، وهذا يوفر لنا أساسا جيدا لحل المشكلات التي ظهرت في الأونة الأخيرة".

قائمة " روسيا الموحدة " التي سيدخل في هذه الانتخابات بمشاركة خمس شخصيات مهمة في قائمته هم، وزير الدفاع سيرغي شويغو، ودينيس بروتسينكو كبير الأطباء في مستشفى كوموناركا، وآنا كوزنتسوفا أمينة مظالم الأطفال، ويلينا شميليوفا الرئيسة المناوبة لقيادة الجبهة الشعبية، بالإضافة الى وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي أكد ان بلاده ستعمل دائما انطلاقا من المصالح الأساسية لشعبها، وينطبق هذا أيضا على انتخابات مجلس الدوما المقبلة، التي يرغب "الزملاء الغربيون " كذلك بالتأثير على نتائجها، وهم يحاولون الآن إثارة الشكوك حول موضوعيتها والتشكيك في نتائجها.

هيئة الاستخبارات الخارجية في روسيا ورئيسها  سيرغي ناريشكين،  هي على علم بالتحضيرات الجارية في الخارج للقيام باستفزازات أثناء انتخابات عامي 2021 و2024 في البلاد، وأوضح ناريشكين في تصريحات متلفزة أن الحديث يدور، أولا: عن انتخابات مجلس النواب والعمليات الانتخابية الأخرى التي ستجري في روسيا في الفترة من 17 حتى 19 سبتمبر، وثانيا: عن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2024، وقال أن الاستخبارات الروسية "على علم بالنقاط التي سيتم استهدافها".

الخارجية الروسية هي الأخرى ترى إن الغرب سيواصل هجماته الإعلامية على روسيا قبيل الانتخابات، وموسكو مستعدة لذلك، وقالت المتحدثة بأسمه  "نحن نفهم ذلك تماما، أن الهجمات ازدادت الآن واشتدت عدة مرات في المجال الاعلامي والسياسي، وستستمر لكننا مستعدون لذلك"، مشيرة الى أن حوالي 250 مراقبا من 50 دولة ومن 8 منظمات دولية، سيراقبون سير الانتخابات القادمة في روسيا، وشددت على أن كل الأمور على ما يرام فيما يتعلق بالمراقبة الدولية للانتخابات الروسية.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن جميع الأحزاب التي لها حضور في الدوما السابع الحالي، وهي - روسيا الموحدة، والحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، والحزب الليبرالي الديمقراطي، وروسيا العادلة، ستتغلب على حاجز الخمسة بالمائة، ووفقًا لبعض علماء السياسة وبعض استطلاعات الرأي، فإن (الحزب الروسي للمتقاعدين من أجل العدالة الاجتماعية ويابلوكو والناس الجدد) لديهم فرص نظرية للدخول إلى البرلمان.

 

بقلم الدكتور كريم المظفر

 

 

 

في المثقف اليوم