آراء

محمود محمد علي: زكريا بطرس وعلاقته بحروب الجيل الرابع

محمود محمد عليفجأة وبدون مقدمات اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب فيديو قديم لزكريا بطرس، يتناول فيه سيرة الرسول الكريم، والسؤال هنا له عدة أجزاء، أولا. لماذا في هذا التوقيت نشر تريند هذا الفيديو؟، ثانيا. من وراء نشر هذا الفيديو بكل احترافية؟ ثالثا إلي متي سنظل سلعة استهلاكية للإعداء؟

وللإجابة على ما طرحناه يلزم أولا أن نقول وسنقول مع الأستاذ جمال رشدي (في مقاله بعنوان زكريا بطرس وحروب الجيل الخامس والمنشور في مجلة الأسبوع المصرية):"  أن هناك حروب فتاكة باسم الجيل الخامس والسادس، تلك الحروب تعتمد على الإدارة عن بعد ومنها وأكثرها تأثير على الوطن مصر الإشاعات التي تطلق على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع الفيس بوك الذي أصبح مستنقع خطير لإغراق للمواطن.. كل شئ مدروس ومخطط له والخطورة تكمن في ثقافة اللاوعي الذي تصيب الكثير من أهالينا في مصر، ويلزم وبكل سرعة تدخل الدولة لسد الفجوة بين سرعة وقوة تلك الحرب على الموقع المفضل للمصريين على الفيس وبين ثقافة اللاوعي التي يتم العمل عليها من الأعداء وان تطلب الأمر حجب ذلك الموقع الذي اصبح خطر على الأمن القومي المصري.."

إن زكريا بطرس والذي حاول إشعال الفتنة في المجتمع المصري، بعد تصريحاته المسيئة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإهانته المتكررة للدين الإسلامي ورموزه، وتسبب في الكثير من الفتن على المدونات الإلكترونية، قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب آرائه المتطرفة، واتخاذه سب الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، طريقًا للشهرة، فخصص غرفًا للدردشة جذبت الكثيرين بسبب آرائه وجدالاته مع المسلمين.

وأطلق المصريين على القس زكريا بطرس لقبي “الكذاب والمختل العقلي والنفسي” باعتباره أحد أرباب الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، كما أنه أحد منبوذي الدوائر المعتدلة، بسبب الهجوم الدائم على الرسول الكريم والمسلمين، خلال لقاءاته التي يبث فيها سمومه المتطرفة باستمرار.

ويعد القمص زكريا بطرس واحدا من المتطرفين دينيا، وهو منبوذ من الكنيسة المصرية والتي تتبرأ منه بسبب أفعاله وتصريحاته الطائفية ووصل الأمر إلى أن الكنيسة أمرت بمنع تداول مؤلفاته وكتبه وعدم السماح له بالقيام بأي نشاطات كنسية.

وهذا المتطرف من مواليد الرابع والعشرين من أكتوبر عام 1934م أي أنه يبلغ من العمر الآن 87 سنة، وقد ولد في سبين الكوم من عائلة مسيحية، وظل يسعي إلى ذهب إلى طنطا، ومن طنطا ذهب ليعمل بالكنسية بالقاهرة، ووصول إلى رتبة " كاهن"، إلا أن الكنسية قد رصدت أن هذا الرجل له سلوك منحرف ولديه أفكار تطرفية ضد الإسلام والمسلمين، وقررت الكنيسة أن تطرده، وعندما تم فصله ذهب ليعمل في أكثر من مكان في العمل، حيث حاول أن يعمل في برايتون بإنجلترا، وقد تم منعه في برايتون .

عمل المتطرف في أستراليا عام 1992 ومن ثم عاد إلى مصر، درس الآداب وحصل على شهادة الليسانس في التاريخ، ورث عن أخيه نجيله الذي أصبح انجيل بطرس فيما بعد، ووصفته مجلة الإنسان الجديد بعدو الإسلام.

وقد حاول هذا الرجل أن يعمل منبر إعلامي يريد أن يتحدث من خلال فذهب ليعمل في قناة الحياة التبشيرية   Al Hayat Channal Media أو قناة الفادي والتي أسسها خصيصا في عام 2011 من أجل الهجوم على الإسلام والمسلمين والنبي الكريم، إلا أن هذا الرجل المتطرف قد لوحظ أنه كان ينحرف في آرائه ويذم في الدين الإسلامي، إلا أنه سرعان مارطته تلك القناة .

وخلال برنامجه على فضائية الفادي والتي تقوم بنشر الفتنة الطائفية، هاجم مجددا زكريا بطرس الإسلام والمسلمين وقال أن المسلمين بعد 14 قرنا من الزمان بدأوا في اكتشاف أخطاء النبي الكريم، كما استخدم بعض الكلمات النابية في تناول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وهنا لجأ زكريا بطرس سرعان ما لجأ إلى عمل قناة خاصة له في أمريكا، وأخذ من خلال تلك القناة أن يشن هجوما علي الدين الإسلام وعلي نبينا محمد صلوات الله وسلامه، إلي أن فوجئنا بأن تنظيم داعش نفسه قد استغل ذلك في تسويق نفسه، عندما أعلن أن من يقتل زكريا بطرس سوف يمنح 60 مليون دولار، وهنا أخذا يجمعون كل ما قاله من أحاديث في نقد الإسلام والمسلمين فيما، اقتطعوها وصدروها علي مواقع التواصل الاجتماعي مما يجعل الكثير من المسلمين في العالم العربي ينشغل بقضية هذا الرجل المأفون،  وعندما تعرض هذا الرجل لهذا التهديد، كانت توجد لديه ندوة في فيينا تم إلغاؤها .

وطوال الفترة التي عكف زكريا بطرس فيها على مهاجمة الدين الإسلامي، قدمت إليه العديد من الدعوات لمناظرته والرد على افتراءاته وأكاذيبه عن الرسول الكريم والمسلمين، ولكنه كان دائم التهرب من تلك المناظرات، وليس ذلك فحسب بل أنشأ قناة خاصة في عام 2011، تبث من الولايات المتحدة وخصصها لمواصلة هجومه على الإسلام والمسلمين.

وأجمع المسلمون والأقباط، على إطلاق لقبين على القس المشلوح زكريا بطرس، وهما “الكذاب والمختل”، تعبيرًا عن سخطهم وغضبهم من تطاوله على الرسول الكريم، وتأكيدًا على وحدة الموقف في رفض التطاول على الرسالات السماوية والرسل الكرام، حتى أن الكنيسة المصرية أعلنت في بيان تبرأها من القس المشلوح زكريا بطرس، وانقطاع صلتها به تمامًا منذ سنوات.

فمثلا قام الأزهر الشريف بالرد على تصريحات القمص المتطرف زكريا بطرس عبر مركز الأزهر  العالمي للفتاوي الالكترونية.

وقال المركز في بيان له، إن رسول الإسلام لهو شعاع النور للبشرية جمعاء، وهو الداعي إلى كل فضيلة، النَّاهي عن كل رذيلة، جعل الله سبحانه الفلاح في الإيمان به وتعزيره ونصرته واتباعه؛ فقال تعالى.

ومن جانبها علقت الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر على قضية الكاهن السابق زكريا بطرس المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى انقطاع صلتها به منذ أكثر من 18 عاما.

وأوضحت الكنيسة في بيان لها أن "زكريا بطرس كان كاهنا في مصر وتم نقله بين عدة كنائس، وقدم تعليما لا يتوافق مع العقيدة الأرثوذكسية لذلك تم وقفه لمدة، ثم اعتذر عنه وتم نقله لأستراليا ثم المملكة المتحدة حيث علم تعليما غير أرثوذكسي أيضا، واجتهدت الكنيسة في كل هذه المراحل لتقويم فكره".

وأضافت أن "الكاهن السابق قدم طلبا لتسوية معاشه من العمل في الكهنوت وقبل الطلب المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث بتاريخ 11 يناير 2003  ومنذ وقتها لم يعد تابعا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أو يمارس فيها أي عمل من قريب أو بعيد".

وتابعت: "بعدها ذهب إلى الولايات المتحدة واستضاف البعض اجتماعاته في بيوت وفنادق، وحذرت إيبارشية لوس أنجلوس شعبها من استضافته وقتها".

وأردفت قولها: "نحن من جهتنا نرفض أساليب الإساءة والتجريح لأنها لا تتوافق مع الروح المسيحية الحقة ونحن نحفظ محبتنا واحترامنا الكامل لكل إخوتنا المسلمين".

وتصدر وسم "عاقبوا زكريا بطرس" موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وذلك للتعبير عن الغضب من بطرس بعد تصريحات أساء فيها للنبي محمد.

أكد الكثيرون أن القمص زكريا بطرس شاذ جنسا وذلك عبر وثيقة نشرها، وترجع الوثيقة لعام 2002، حيث أرسلت الكنيسة في أستراليا إلى الكنيسة المصرية تقول أن المواطنة فاتن عدلي خيري في ولاية برايتون تشكو القص زكريا بطرس، بأنه تحرش بنجلها جورج يوسف اسكندر جنسيا حيث يده على أماكن حساسة بجسمه وضغط عليها بشدة، وأوضحت أن المواطنة كانت ستبلغ الشرطة الأسترالية بهذا الموضوع لكنهم أقنعوها بعدم فعل ذلك لأن هذا الموضوع سيكون فضيحة للكنيسة المصرية.

وقد أكد الإعلامي الدكتور محمد الباز مقدم برنامج آخر النهار على فضاية قناة النهار أن القمص زكريا بطرس شاذ جنسا وذلك عبر وثيقة نشرها، وترجع الوثيقة لعام 2002، حيث أرسلت الكنيسة في أستراليا إلى الكنيسة المصرية تقول أن المواطنة فاتن عدلي خيري في ولاية برايتون تشكو القص زكريا بطرس، بأنه تحرش بنجلها جورج يوسف اسكندر جنسيا حيث يده على أماكن حساسة بجسمه وضغط عليها بشدة، وأوضحت أن المواطنة كانت ستبلغ الشرطة الأسترالية بهذا الموضوع لكنهم أقنعوها بعدم فعل ذلك لأن هذا الموضوع سيكون فضيحة للكنيسة المصرية.

الوثيقة الكنيسية تؤكد هذا الكلام والتي فيها يشتكي أسقف استراليا الأنبا دانيل من هذا الشاذ والزاني الديوث للأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس إذ أنه قام بالآني:

1- التحرش بطفل في برايتون حيث قام بوضع يده على إحدى المناطق الحساسة في جسمه وضغط عليها.

2- جلب عاهرة لتمارس الرزيلة داخل الكنيسة ويأخذ منها مقابل مادي على هذا، أي أنه إنسان … ولن اصرح بنعت من يقوم بهذا العمل لعدم خدش الحياء.

3- قامت ابنته ربيبة الصون والعفاف بفتح ناد للتعري.

4- إمتهان إبنه تجارة المخدرات حتى أصبح طريد الشرطة في استراليا.

ويذكر أن القمص المتطرف وهو يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد نبذته الكنيسة المصرية، حيث تم منع تداول كتبه ومؤلفاته، وقد اشتهر القمص المتطرف زكريا بطرس بالهجوم على الدين الإسلامي والرسول صلى الله عليه وسلم، وسط مطالبات بمحاكته وتسليمه من الانتربول الدولي.

وقد تقدم المستشار القانوني المصري حسام عنتر بشكوى لرئيس البلاد عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس الوزراء والنائب العام، ضد فايز بطرس المعروف بـ"القمص زكريا بطرس" مالك قناة "الفادي".

وقال عنتر في شكواه إن "مالك قناة الفادي اتخذ صفحات له للإساءة ونشر فكره المتطرف فنحن جميعا أخوة وأمرنا إسلامنا".

وأضاف: "تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذي أثاره المساس بحرمة الدين والسخرية منه، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد طبقا للطعن رقم 21602 لسنة 84 ق، ولهذا وضع المشروع جريمة ازدراء الأديان في الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات تحت عنوان: الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل".

وتابع أن "المادة 161 تنص على أن يعاقب بتلك العقوبات على كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة 171 على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علنا، ويقع تحت أحكام هذه المادة كل من طبع أو نشر كتابا مقدسا في نظر أهل دين من الأديان التي تؤدي شعائرها علنا إذا حرف عمدا نص هذا الكتاب تحريفا يغير من معناه".

واختتم: "القانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنه احتقار الدين أو أحد رموزه أو مبادئه الثابتة أو نقده أو السخرية منه، لأن مثل هذه السلوكيات تثير الفتن، ومن هنا فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين لا يسمح به والقانون يعاقب عليه".

والتمس بفتح تحقيق على وجه السرعة واتخاذ اللازم قانونيا لإغلاق هذه القنوات والصفحات لمنع ما تنشره، وأخذ اللازم قانونا حيال المسؤول عن تلك الصفحات، واتخاذ اللازم قانونا لضبط وإحضار المشكو، وسؤال من فضيلة شيخ الأزهر عن موقفه ورده عما ورد، وكذلك موقف الكنيسة مما صدر عن القمص وعما إذا كان مؤهلا لإلقاء التعاليم من عدمه.

وختاما نقول إن المروجين لكل ما قاله هذا المتطرف في اعتقادي هو نوع من عودة الفتنة الطائفية إلى مصر والتي تخلصت منها منذ عام 2013، وهذا يمثل نوع من حروب الجيل الرابع، وهي حروب أدواتها نفسية أكثر منها عسكرية؛ حيث تسعي إلي تغيير العقول والقلوب للشعوب في سبيل الوصول إلي الاحتلال المدني بديلاً عن التدخل العسكري في الدول المستهدفة، كما تستخدم في هذه الحروب القوة الناعمة إلي جانب قوة السلاح، ومن أشكال القوة الناعمة: التمرد، حرب العصابات، حرب السايبر الفضائي، والحصار الاقتصادي وغيرها .

كما أن حروب الجيل الرابع تمثل حالة من الحرب تمتاز بدمويتها وطول مدتها وتعدد جبهاتها، ويصعب فيها التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين، والجندي، والمدني، والسياسي، علاوة علي أن تلك الحروب تقوم علي إرغام العدو على تنفيذ إرادتك – أي حرب بالإكراه، والإكراه يقوم على مصادرة إرادة الخصم بغض النظر عن الوسائل، والأساليب، والأدوات المستخدمة في الوصول إلى هذه النتيجة، لذلك يمكن الوصول إليها دون حاجة إلى استخدام جيوش وأسلحة وقوات كبيرة؛ بمعنى أنه يمكن الوصول إليها دون اللجوء إلى استخدام النيران والسلاح.

ويعد الإعلام أهم أسلحة حروب الجيل الرابع على الإطلاق، وذلك باستخدام أجهزة الإعلام التقليدية، مثل قناة الجزيرة، أو تجنيد الإعلاميين أنفسهم، لقيادة الرأي العام والتأثير عليه وغيرها من القنوات وأجهزة الإعلام الجديدة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تشتيت الرأي العام وتوجيهه، والسيطرة عليه، والتجسس عليه، ولاكتشاف من يمكن تجنيدهم كعملاء من خلال أفكارهم التي يطرحونها على مواقع التواصل، وقد تم تجنيد العديد من منظمات المجتمع المدني، والمعارضة، والعمليات الاستخبارية، لتشمل جميع الأدوات التي من شأنها زيادة النفوذ الأمريكي في أي بلد، لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات البنتاجون.

 

أ. د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم