آراء

صلاح حزام: ملاحظات سريعة على اوضاع سوق النقد الاجنبي في العراق

اولاً انا لا افهم معنى تعبير: مزاد العملة؟. انه ابتكار لاداعي له ولامعنى.. مامعنى كلمة مزاد مع ان البنك يبيع الدولار بسعر محدد؟

الطبيعي ان يقدم المستوردون وثائق سليمة تثبت صحة طلباتهم للتحويل الخارجي، فتقوم المصارف المخولة او البنك المركزي (التحويل الخارجي) بتسديد المبالغ المستحقة لتسديد كلفة الاستيرادات.

وهنا تبرز ضرورة وضع البنك المركزي، بالتشاور مع باقي الجهات ذات العلاقة، قائمة بضوابط التحويل والسلع والخدمات المسموح باستيرادها وسقف المبالغ والدول والشركات المسموح بالاستيراد منها (حتى الولايات المتحدة زعيمة العالم الرأسمالي تفرض ضوابط على الاستيرات) والوثائق المطلوبة.

يمكن تخويل عدد من المصارف للقيام بالعملية تحت اشراف البنك المركزي الذي يتولى التدقيق في سلامة عمليات التحويل وبخلافه يتحمل المصرف عواقب اي تلاعب يقوم به ذلك المصرف.

ماحصل هو تطبيق مُبالغ فيه وغير واقعي لسياسة حرية التحويل الخارجي وكأنما العراق من اعرق البلدان الرأسمالية مع انه يفتقر الى الكثير من شروط التحول نحو اقتصاد السوق الحرة، لكن بعض الجهات ارادت من وراء ذلك التحول المستعجل وغير الناضج، تحقيق مصالحها في الاستحواذ على

العملات الاجنبية..

القضية الاخرى هي قضية السيطرة على السوق الموازية والمضاربة، وهذه في نظري مشكلة يصعب السيطرة عليها بسبب وجود كتلة ضخمة من النقد بالدينار العراقي تطارد الدولار..

مصادر هذه الكتلة متعددة، منها ماهو شرعي ومنها ماهو ناتج عن الفساد . كذلك منها ماهو داخلي ومنها ماهو خارجي..

وبدون الحد من تلك الكتلة بكل اشكالها ومصادرها، لايمكن النجاح في مكافحة السوق الموازية وتهريب الدولار.

تهريب الدولار الى ايران يعتبر نتيجة منطقية لسياسة الحكومة التي تسمح بالاستيراد من ايران بمليارات الدولارات لكنها لاتسمح بتحويل قيمة الاستيرادات بالدولار الى ايران نتيجة ضغوط خارجية معروفة !!

ايران بلد محاصر وتبحث عن اسواق لمنتجاتها، لذلك تضطر للتصدير الى العراق على امل التسديد بالطرق الملتوية مثل شراء التجار للدولار بالسوق الحرة لغرض التسديد لايران.. وسمعت انه يتم التسديد بالدينار احياناً..

ايران تستخدم الدينار العراقي لاغراض مختلفة منها دفعه لزوار العتبات الدينية في العراق بدل العملة الصعبة او استخدامه من خلال وسطاء لشراء الدولار من السوق السوداء مما يرفع سعر الدولار عن السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي!!

الحكومة تنفق مبالغ كبيرة معظمها رواتب لموظفيها المدنيين والعسكريين، لكنها لاتسترد منها الكثير لانها لاتفرض ضرائب ولاتستطيع جباية الضرائب السائدة بسبب الفساد ولاتستطيع جمع ماتحتاجه من الدنانير من السوق من خلال بيع الدولارات

!! لانها مقيدة بسبب ضوابط خارجية ..

اما كيفية عمل اجهزة الرقابة المصرفية فهي الحلقة الأخطر في موضوع ادارة سوق الصرف في العراق لانها تستطيع اذا كانت كفوءة وجادة، ان تفرض قواعد الرصانة في السلوك المصرفي، وان تفرز البنوك الرصينة التي يمكن لها العمل بنزاهة في هذا الميدان...

الدفع الالكتروني يمكن ان يكون حلاً، لكنه يقتضي رقابة صارمة وضوابط دقيقة وكوادر كفوءة ونزيهة...

لكنه سوف يقلص حجم الدولار المتداول نقداً، ومع بقاء مصادر الطلب على الدولار على وضعها الحالي، فأن الوضع يمكن ان يزداد سوءاً ...

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم