آراء

صبحة بغورة: في رباط إلى يوم الدين

صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال عن أهل مصر: "هم وأزواجهم في رباط إلى يوم الدين"

الأحداث تتوالى والتاريخ يسجل أن مواقف مصر وأهلها الثابتة في نصرة القضايا العربية والإسلامية وكافة القضايا العادلة في العالم تؤهلها بحق وعن جدارة للسير بثقة فوق بساط التألق .

أن تكون مؤهلا بالقدر الكافي للوفاء بالتزاماتك أمر ليس هينا، وأن تصبح قادرا دوما على النهوض بواجباتك ليس يسيرا، وأن تصير مستعدا في كل الأوقات لأداء مسؤولياتك هذا أمر ليس سهلا، الله سبحانه وتعالى ييسر على الأمم والأفراد سبيلهم ويسهّل أمرهم بالقدرالذي يمنحهم القدرة على القيام بأداء الرسالة الإنسانية، أنه دور تاريخي ـ مصيري لصيق بالشخصية المصرية، لا يمليه على قيادتها أحد، ولا يفرضه على شعبها سوى الضمير الجمعي، إنه مجتمع لا يذوب في شخصية أخرى وتذوب سريعا في بوتقته كل الشخصيات، فتتحد معها كل الشعوب وقت المحن على كلمة سواء فتنتعش معها المواقف بعد أن تطفئ ظمأها من مياه النيل العظيم،فتسري في الأجساد روح التحدي وإرادة الحياة ورغبة التوثب للانتصار.

تشرفت مصر وأهلها بالحضور المتميز لشخص فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في سدة الحكم وقيادة الشعب نحو نهضة مصر في أدق الظروف السياسية وأكثرها خطورة وحساسية، نهضة تشع كعادتها خيرا ونماء يمتد إلى كل من حولها، وقوة مصر العسكرية ضمانة لكل العرب وعامل سلام واستقرار لكل منطقة الشرق الأوسط، ولعل ما نشاهده اليوم من مظاهر التفاعل الإيجابي للدور المصري المؤثر في التطورات الخطيرة في فلسطين المحتلة التي أصبحت تنذر بمستعظم النار على شعوب المنطقة ما يؤكد ذلك، فالهبة المصرية قيادة وحكومة وشعبا لنصرة الشعب الفلسطيني لا تطيق الانتظار، ولا تنتظر إشارة أو تلميحا من أي طرف، إنها جينات تفعل فعلها لتؤدي الشخصية المكرمة دورها فيحمي البلاد بالدم وقت الشدائد جيش الكنانة .

يقوم الشعب المصري والعربي كعادته بدور كبير و مشرف في دعم صمود أشقائه بفلسطين أمام الاعتداءات الإسرائيلية المسلحة بتقديم ما تيسر لهم من المساعدات الأخوية للتخفيف من حدة أثار الكارثة الإنسانية التي حلت بقطاع غزة وفي أجزاء من الضفة الغربية جراء الغارات الجوية الإسرائيلية،الجسور الجوية قائمة ومتواصلة، وجهود الشحن والتفريغ يتسابق لأدائها الشباب، هناك سباق ضد الساعة لتوفير المستلزمات الطبية والمواد الغذائية وكافة أوجه الدعم اللوجيستي في أسرع وقت، فالجرح العربي في فلسطين غائر، ويتحمل الجانب المصري عبئا هائلا من المسؤولية لنقل المساعدات من كل دول العالم بكل همة إلى قطاع غزة في ظروف جد خطرة حيث ما تزال تنهال القنابل على أهداف مدنية بدون تمييز، وهذا لكي لا يواجه أحد بمقولة جئت متأخرا!

بنظرة سريعة على خريطة المنطقة قد يصاب المرء بالذهول من حجم المشاكل التي تفجرت على حدود مصر خلال فترة قصيرة، في ليبيا غربا، وفي السودان جنوبا، وفي فلسطين شرقا، ومع ذلك ظل وجود الجيش المصري هو العامل الأساسي في صمود مصر وقوتها، وشكّل مركز الثقل في توازن المنطقة، وكان ذلك في صالح الدول العربية وخاصة دول الجوار حيث أدى الجيش دورا في دعم جهود إعادة الاستقرار وفي إغاثة شعوب هذه الدول من الكوارث الطبيعية، وتبقى مصر مستمرة في مساعيها للدفع بالجهود الإقليمية والدولية نحو تبني مسار التهدئة ووقف التصعيد العسكري في قطاع غزة لتجنب التبعات الإنسانية الخطيرة من اتساع رقعة الصراع على كافة دول المنطقة، لقد تطور الموقف المصري بشكل ملحوظ منذ بداية التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وحركة حماس، بداية من إعلانها إجراء اتصالات مكثفة مع الجانبين لوقف إطلاق النار، ودعوتها للجميع بضبط النفس، وصولا إلى منع خروج الأجانب من قطاع غزة عبر معبر رفح إن لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات للقطاع، مرورا بالتصريحات المتكررة، بأن سيادتها ليست مستباحة وأمنها القومي ذات أولوية، ثم كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمجتمع الدولي لعقد " قمة القاهرة للسلام " واحتضنت مصر في 20 أكتوبر2023 أعمال القمة بحضور قادة وزعماء 34 دولة ورؤساء أربع منظمات عالمية لمناقشة تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدانة استهداف المدنيين المسالمين، والتعبير عن التنديد الصريح بمؤامرات الاحتلال الصهيوني الرامية إلى تهجير أهالي غزة من مدينتهم وترحيلهم إلى مناطق أخرى في جنوب القطاع، والتأكيد على رفض سيناريوهات دفع ملايين الفلسطينيين نحو إقامة دولتهم في صحراء سيناء المصرية، ودفع الفلسطينيين من الضفة الغربية نحو الأردن، والمطالبة بفتح معبر رفح الفلسطينية لمرور قوافل المساعدات الغذائية والدوائية الدولية لمواطني المناطق المنكوبة جراء القصف الإسرائيلي الجوي والبري. لقد تم بالفعل مرور قوافل المساعدات في أجواء حماسية فرحا بالمواقف الانتصارية، ولم يخل الأمر من تعرض أبناء مصر بالقوات المسلحة لبعض الإصابات الخطيرة من شظايا القذائف الإسرائيلية، وهذه ضريبة يدفعها أبناء مصر الكنانة بكل عزة وشرف.

***

صبحة بغورة

في المثقف اليوم