آراء

محمد الموسوي: منهاج حكومة السوداني والانتخابات المحلية

مر عام على تشكيل الحكومة التي اتفقت عليها اطراف الاطار التنسيقي بالتحالف مع الكرد والسنة بعد وصول نواب الشيعة الخاسرين للبرلمان عقب الخطوة الغير مدروسة للتيار الصدري التي ادت من الناحية العملية "تشكيل حكومة المالكي الثالثة" والموالية لايران وبمباركة الامريكان وبمراجعة سريعة لما حققته هذه الوزارة على ضوء برنامجها المقر من البرلمان في تشرين الاول 2022 نجد ان الحكومة فشلت بامتياز في تحقيق معظم مواده خاصة وانها ادعت انها ستكون حكومة خدمات 

ان الفساد الذي زاد انتشارا من الموصل الى البصرة اصبح يهدد بتفكيك الدولة الهشة العاجزة عن التصدي له وقد اعطت الحكومة اسوأ مثال عند اطلاق سراح "صاحب سرقة القرن" مع مسرحية مضحكة قام بها رئيس الوزراء في التلفزيون بتكديس بضعة ملايين من الدنانير على جانبيه وهي قد لا تتجاوز 1% من المليارات التي سرقها نور زهير ولازلنا بانتظىر استرجاع تلك الاموال المنهوبة كما وعدوا ! ان غياب الشفافية والمحاسبة وعدم فضح الفاسدين والسراق في محكمات علنية وكذلك عدم تطبيق مبدأ من اين لك هذا سوف يبقي الوضع الحالي دون تغيير الى اليوم الذي بتخلص الشعب من هذا الحكم الفاشل مرة والى الابد .

يتعهد برنامج الحكومة بالعمل السريع على توفير الخدمات التي تمس حياة المواطن ولكن واقع الحال يشير الى فشل تام في توفير الكهرباء الذي يعتبر الشريان الرئيسي لكافة مجالات الحياة ويضاف الى ذلك الفشل التام في القطاع الصحي الذي تتدهور خدماته بشكل متواصل اما قطاع التعليم فحدث بلا حرج حيث تم تسليم وزارة العليم العالي لشخص يحمل شهادة مزورة من ضمن الاف الشهادات المزور التي تم شراؤها من الجامعة الاسلامية اللبنانية .

المعروف ان المرافق الحكومية تعاني من تضخم هائل بالموظفين واضافت الحكومة الى هذه البطالة المقنعة حوالي مليون درجة وظيفية اخرى بسبب الوفرة المالية من ايرادات النفط بدلا من الاهتمام بانشاء مشاريع منتجة تستوعب الملايين من العاطلين ويمكن اعتبار ذلك احدى وسائل شراء اصوات الناخبين دون تقديم حلول ناجحة بعيدة المدى كما نلاحظ تزايد الجريمة المنظمة بسبب زيادة الفقر وخاصة عصابات المخدرات والمتاجرة بالبشر والدكات العشائرية .

هناك مشكلة اخرى يعاني منها الفرد العراقي يوميا وهو الفرق في سعر الدولار والذي يؤثر مباشرة على اسعار كافة السلع والتي هي في غلاء مستمر في حين تزداد نسبة الفقر وتستمر الحكومة بالتعهد بزيادة الفرص الاستثمارية في ظروف انتشار الرشوة والمحسوبية وغياب الضوابط القانونية اذ تقوم الفئات المتنفذة والمسيطرة على الحكم باستخدام "الاستثمار" كوسيلة لنهب اموال البلد دون ان نشاهد على ارض الواقع اية مشاريع حقيقية اى ان مانراه حاليا هو مواصلة لنفس الاساليب الفاشلة لجميع الحكومات السابقة  واصبح صندوق الاعمار مجالا اخر للسرقات المتواصلة.

ان برنامج الحكومة ملئ بالوعود التي لم يتحقق معظمها حيث لم نجد اية حماية للمنتج او المستهلك وبقيت ابواب الاستيراد مشرعة دون حسيب او رقيب ولم نلاحظ اية اعادة تأهيل او تشغيل للمشاريع المتوقفة وتستمر عمليات تهريب النفط لصالح قيادات الكتل المحكمة برقاب الشعب خلال العشرين عاما الماضية اما تنفيذ مشاريع ايقاف حرق الغاز المصاحب واقامة مشاريع بتروكيمياوية او مصافي تكفي لسد حاجة العراق من المشتقات النفطية فما زالت جميعها مجرد حبر على ورق ، كما انه ليس من الواضح متى وكيف سينتهي العمل بميناء الفاو خاصة وان منح الربط السككي لايران وقد يكون للكويت لاحقا هي خطوات لواد ميناء الفاو قبل ان ينجز بناؤه بالنظر للرشاوى المستلمة من الكويت من قبل مسؤولين عديدين كالزيباري والعامري وحتى رؤوساء وزراء سابقين .

لقد تعهدت الحكومة بتعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة اشهر واجراء انتخابات مبكرة خلال عام وها قد انتهى العام منذ تشكيل الحكومة ويجرى الحديث الان حول استمرار هذه الحكومة لاربعة سنوات اما تعديل قانون الانتخابات فقد تم بالرجوع خطوات الى الوراء لاعادة قانون سانت ليغو سئ الصيت ولايبدو ان هذة القوى المتسلطة تتعلم اي درس من اخطائها ويتوهمون بانهم قضوا على انتفاضة اكتوبر 2019  في انها باقية في قلوب وافئدة الشباب العراقي الباسل وهي نار متقد تحت الرماد وستكون الهبة القادمة لها مظفرة بالنصر المؤزر لامحالة .

ان تطور الاحداث العربية منذ السابع من اكتوبر الحالي وحرب الابادة البشعة والمجازر التي ترتكبها الدولة الصهيونية في غزة وسياسة العقاب الجماعي الاجرامي التي تقوم بها سوية مع امريكا وبشكل يخالف كافة قوانين الحرب واتفاقية جنيف وترتكب جرائم حرب عبر حرمان شعب غزة من الطعام والماء والوقود والكهرباء قد وضع حكومة السوداني باعتبارها حكومة مدعومة من المليشيات المسلحة التي كانت ترفع سابقا شعار المقاومة في موقف حرج امام الجانب الامريكي الذي تحاول الحكومة العراقية استرضائه في وقت نجدها مرتبطة عضويا مع الجارة الشرقية .

ان مفوضية الانتخابات الحالية مشكلة على نفس اسس الطائفية والمحاصصة الكريهة والمتوقع ان تقوم بالاشراف على انتخابات المجالس المحلية نهاية العام الحالي تلك المجالس الغائبة منذ عشر سنوات دون ان يفتقدها احد لانها لم تكن الا وسيلة اخرى للفساد ونهب الاموال التي تخصص للمحافظات ولا ننسى ان احدى مطالب الانتفاضة كان الغاء مجالس المحافظات ولايبدو وجود اية ضمانات بان الانتخابات التي ستجري ستكون نزيهة كما ان المليشيات المسلحة لمعظم الكتل الحاكمة حاليا ستستخدم في ترويع وتهديد الناخبين كما ان الجمهور العراقي ليس لديه اية ثقة بهذه الطبقة النفعية الفاسدة وان الاشتراك في الانتخابات قد يفسر بانه نوع من التزكية للحكم الفاسد القائم منذ عشرين عاما والذي طالبت انتفاضة اكتوبر بانهائه ورميه في مزبلة التاريخ ولاننسى بان الذين شاركوا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة لم يتجاوزا العشرين بالمائة من الناخبين فليس متوقعا ان تكون المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات اكثر من تللك النسبة وان من المؤسف ان تقرر قسم من القوى المدنية المشاركة في هذه الانتخابات دون وجود اية ضمانات حقيقية لنزاهتها او عدم تعرضها للتزوير .

واخيرا فان مهمة فضع الحكم المحاصصاتي الحالي وكشف فساده وفشله هي مهمة القوى المدنية والديمقراطية وفي مقدمتها شباب الانتفاضة الذين قدموا الدماء والتضحيات دون ان يتم لحد الان محاسبة القتلة الذين اوغلوا في سفك دمائهم وعادوا مجددا للحكم في تشكيلة السوداني الحالية .

***

د. محمد الموسوي

30-10-2023

في المثقف اليوم