آراء

أورنيلا سكر: من سلاح الرادع الى سلاح المردوع

إن الهجمات التي استهدفت رموز قيادية في محور المقاومة سواء الفلسطينية اي حماس او ايران عبر اغتيال كل من القائد الايراني التابع لفيلق القدس في دمشق او الشيخ صالح العاروري تنذر بأوضاع خطرة تهدد بإشعال فتيل حرب اقليمية يتم من خلال استدراج هذا المحور لها، فهل تستجيب ايران لدعوات اسرائيل بشن حرب اقليمية واسعة؟.

بداية لا بد من توضيح ما يجري بأنها محاولة استفزازية وعبثية تعمل من خلالها اسرائيل على جر المنطقة نحو حرب اوسع اقليميا بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها في غزة وارتكاب ابادات جماعية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وذلك بعد ان رفعت سقف أهدافها عندما دعت الى القضاء على حماس وتصفية القضية الفلسطينية عبر قتل المدنيين وتهجيرهم، الامر الذي يمكن اسرائيل من الاستفراد في غزة والضفة وكسب الانتخابات الاسرائيلية واستعادة الرأي العام الاسرائيلي بعد ان بدأ يشعر بالقلق وعدم الرضى اتجاه ما يجري من عمليات خطف للمدنيين الاسرائيليين .

إن رهان نتنياهو على جر ّ المنطقة نحو حرب اقليمية تعد خطوة اخرى تضاف الى سجل الهزائم التي يتكبّد أوزارها في كل مرة لان عملية استهداف رضي موسوي في دمشق وصالح العارودي في الضاحية تطرح علامات استفهام حول طبيعة الخروقات التي يتعرض لها المحور الايراني في عقر داره عبر الجواسيس والعملاء الذين يقدمون إحداثيات عن اماكن تواجد هؤلاء بهدف اصطيادهم وبخاصة ان نتنياهو قد صرح مراراً بأنه ينوي القضاء عليها واستهدافهم فهل تأتي كل تلك العمليات تأتي في اطار الاشارة الى المهادنة مع اسرائيل بعد ان حقق مكاسب كثيرة ولا يريد التفريط بها، فيغض الطرف عن تلك الحواث والاغتيالات أم انه معني بشكل مباشر بالرد وبخاصة أن جريمة الاغتيال وقعت في الضاحية ولما تشكله من رمزية امنية محصنة؟

يقول الصحفي أحمد حسن لمجلة لا لوتشيه الايطالية، بأن ما يجري هو استنفار اسرائيلي يقف خلف تلك السلسلة من الاغتيالات المتزامنة في دمشق ولبنان وايران بهدف جر المنطقة نحو حرب اقليمية تجر ّ اسرائيل الولايات المتحدة اليها بعد أن عبرت عن رفضها وعدم رغبتها في ذلك لانها تعلم علم اليقين بأن حلفاء واشنطن لن يؤيدوها في الحرب لاعتبارات خاصة بهم، فمثلا المملكة العربية السعودية تعمل على مشروع اكسبو 2030 وهي بحاجة لان تنعم باستقرار وامان في محيطها الجغرافي بعيدا عن هجمات الحوثيين وعودة النزاعات والصراعات مع ايران بعد أن تم توقيع اتفاقا امنيا برعاية صينيية يقوم على التهدئة والمهادنة وتخفيض حجم التوتر بينهما.

غير ان اللافت في كل تلك العمليات التي استهدفت قادة ايران وحزب الله وحماس تعبر عن محاولات فاشلة لن تحقق اهدافها لان الايران لن ترد بالشكل الذي يتوقعه الاسرائيلي وربما تستخدم اطرافا اخرى غير مباشرة للرد على العدوان الاسرائيلي مثل الحوثيين وهجمات الصواريخ والقرصنة والخطف للسفن الاسرائيلي وتهديد التجارة العالمية وبحر العرب ليصبح عرضة لاستهداف المسيرات الحوثيين او شن هجمات نوعية في العمق الاسرائيلي وتكون ضربات موجعة تسهم بمزيد حالة النفور والاستنفار والعدوانية لدى اسرائيل .

بالختام، صحيح أن المنطقة دخلت في حرب شاملة في العمق الايراني الا ان المحور الايراني يعلم من اين يؤكل الكتف وتكون فيها الضربة نجلاء كالتي حدثت في السابع من اكتوبر في غزة لكن بالرغم من جميع تلك الحوادث تبقى المفاوضات والاستثمار السياسي هي سيد الموقف بخاصة ان الولايات المتحدة في صدد انتخابات كما انها لا تريد تقويض الهدنة الهشة للحرب الاهلية في اليمن لكن لا احد يعلم متى ينفذ صبر الولايات المتحدة وتعود عن قرارها وتساند نتنياهو في حرب الاقليمية.

***

كتابة: أورنيلا سكر

في المثقف اليوم