قضايا

قارون كان زعيماً عراقياً متديّنا

fakhry mashkorتشرح لنا سورة القصص ما حدث لقارون.

يقول القرآن:-

" ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم، وأتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة "

 

وتمضي الايات الكريمة في متابعة سيرة قارون الذاتية منذ أن كان عنصراً في المعارضة ضد فرعون (كان من قوم موسى) الى ان تمكّن في الارض، وتمكّن من الثروة فجمع منها في الكنوز (حيث لم تكن يومها بنوك دبي وعمان وبيروت ولندن وغيرها) جمع ثروةً خيالية، حبسها ولم ينفق منها على الفقراء.

القرآن يصفه بالباغي على قومه، بالرغم من انه لم يشهر السلاح عليهم، ولم ينسق سرّا مع اعدائهم، ولم يشارك في توافق يبيع به الوطن والمواطن، ولم يتعرّض لأحدٍ بسوء.... فكيف بغى عليهم؟

لقد بغى عليهم لأنه لم ينفق ماله على الفقراء والمحتاجين، بل كنزه واقتصر في الانفاق على شؤونه الشخصية وملذاته الخاصة واستثماراته التجارية. هذا هو البغي !

***

لم يكترث قارون بنصائح اصدقائه ايام المعارضة والذين قالوا له: "لا تفرح بالمال فهو متاع زائل، ان الله لا يحب الفرحين بالدنيا ومتاعها... لقد اصبحت قادراً على شراء الجنة بالمال فلا تشتر به العقارات والشركات، ولا تدخره في البنوك والاستثمارات.... لقد كنت تقول ايام المعارضة: لئن آتاني الله من فضله لأصّدّقن ولأكوننّ من الصالحين، فها قد آتاك الله من فضله، فابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا، وأحسِن كما أحسن الله اليك"

لكن قارون لم يُصغِ لتلك النصائح من اصدقاء زمن المعارضة، لأنه ودّع ذلك الزمن وودّع قِيَمه وشعاراته، وودٌع كلَّ ما يذكّره به، واسكرته نشوة المال وكبرياء السلطة، واعتبر ما جناه من المليارات استحقاقاً طبيعياً له حصل عليه بكفاءته وخبرته في عالم المال والاعمال (قال انما اوتيته على علمٍ عندي).

حقاً اوتيه على علمٍ، لكن أيّ علم؟ علم جمع المال؟

لكن علم جمع المال لم يزوّده بمعلومات علم الايمان الذي يحتوي على حقائق الحياة وطبيعتها، والتاريخ وقوانينه، والوجود والقوّة التي تتحكم به....

لقد اصبح في جهل تام بحقائق علم الايمان، فلم يبتغِ فيما آتاه الله الدارَ الاخرة، وأمسك الحقّ المعلوم للسائل والمحروم، فلم يقم بانشاء مشاريع لاعالة المعوزين، او كفالة ايتام، او تشغيل عاطلين، او اسكان مهجرين، او ايواء مشردين، او تزويج عزاب، او ضمان ارامل، او.... او..... لقد اعمى الله قلبه فانشغل بطلب الدنيا ونسي الاخرة فحقت عليه كلمة العذاب.... فخسفنا به وبداره الارض.... فما كان له من فئة حزبية ولا مجلسية ولا تيارية ولا عائلية تنصره من دون الله، وما كان من المنتصرين.

 

هل كان قارون اسرائيلياً ام عراقيا؟

هذا شهر شعبان الذي يدعون فيه (وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك، بما وسّعتَ عليّ من فضلك) فانظروا من يتحنن منهم على فقير او يتيم او مشرّد؟

هل سيبتغون الدار الآخرة؟ أم رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون؟

في المثقف اليوم