قضايا

عصا الديمقراطية ستؤدب الفاسدين في العراق

asaad alemaraيقول العلامة أستاذ علم النفس والتحليل النفسي الاستاذ الدكتور "فرج أحمد فرج" ما هي تلك العصا التي نحتاج إليها لنتوكأ عليها؟ أستخدمت العصا في عدة مواضع في حياة الإنسان منذ بدء الخليقة، فهي الأداة التي رافقته في حلهِ وترحاله، وفي دفاعه والذود عن نفسه، ودفع بها عن مخاطر الغابة، ومهلكات التربص، وفي مقالنا هذا نرى أن عصا الديمقراطية نجدد بها شبابنا ونغالب بها ضعفنا، فهي تعيننا في مثل هذه الأيام، بعد أن جاءت الديمقراطية لبلدنا كالغريب في طوس، والنازح إلى يثرب- المدينة، والمهاجر إلى الحبشة، فلم نألفها لعدة عقود، لا بل قل لعدة قرون وأنت الصادق، فلم نعرف مستلزمات الديمقراطية، وأسسها. اننا مدعون إلى طرح الديمقراطية طرحًا علميًا شاملا، ونبدأ بها بإستخدام عصا موسى"ع" السحرية في فك رموز من أراد به الشر، وهو حال العراق اليوم، وإذا تجرءنا وأبدينا رأينا في معنى الديمقراطية الحقة وجدنا إنها:

- ليست مجرد إبداء حر للرأي.

- ليست مجرد شكل سياسي فقط.

- ليست مجرد نهب وسلب وأعتداء منظم.

- ليست تلاعب بممتلكات الدولة وحقوق الناس.

- ليست مجرد منحه من حاكم أو مسؤول.

- ليست إنتزاع بالقهر والعنف من جانب المحكومين لحقوق حجبها عنهم ظلمًا وتعسفا.

الديمقراطية نمط وجود شامل للحياة، ينمو ويتطور في علاقة متزنة مع الآخرين، المواطن، الإنسان، الفرد، الكائن البشري، العامل، الموظف، العاطل عن العمل، الأرملة، اليتيم..الخ من أفراد الشعب، والدولة بمؤسساتها ومن يديرها.. هل كان هذا فعلا بالعراق؟ لا اعتقد إن أحد لمسه من ديمقراطية العراق بعد العام 2003 وإن لم تكن هناك أساسا ديمقراطية لا قبل 2003 ولا بعد هذا التاريخ.

ترى المقولة النفسية التي أثبتت جدواها بأن الصامتون يخلقون بصمتهم جلاديهم، والساكت عن الحق شيطان أخرس.. وهو ما حصل في العراق منذ العام 2003 وما قبل هذا التاريخ.

إلى متى يستمر هذا الصمت والخرس في العراق؟ مرة اخرى يظهر في العراق الإنسان ليحل لغز الألغاز، تنقلب أحوال الإنسان العراقي، المواطن المستكين، أمام ذلك الذي يظهر الديمقراطية كأداة للحكم، بوساطة البرلمان أو السلطات الثلاثة، وكلها منتخبة من الشعب، يسمو المنتخب "المختار" الفائز، فإذا هو" التقوى" وينحط، فإذا هو "الفجور" يخطئ وتحاصره الرذائل فينساق لها، ويعرف طريق التوبة ويتحول إلى الصلاح والإصلاح، وتمر السنين، وينتظر الشعب من صاحب التقوى، ان يفيق، وأستمر في التهور وسلب الحقوق، لم تنتهي رغم الصراخ والعويل ونداءات الثكالى والأيتام، ولكن لا جدوى لمن تنادي، لا أحد يسمع.. وعين ترى. لابد للعراق من عبور المحنة ولا يتحقق ذلك إلا بمجئ عصا الديمقراطية، عصا الطاعة لمن سلب ونهب، وتمرد وتمادى في الإستهتار بحقوق الناس، ولن يشفع حينئذ لا المنصب، ولا الحصانة، وقبلها لم تشفع للدكتاتورية المقيته أية قوة أو قسوة ضد الشعب.

هذا الإنتقال لابد له بوجود القوة، لا يتحقق بالفعل إلا بالجهاد والمجاهدة وإستخدام عصا الديمقراطية التي هي من يؤدب السارق، والذي نهب المال العام، وأستغل منصبه لانه فقير الجاه، لم يكن أبدًا أبن ميسور الحال. ومن خلال عثرات وكبوات حكام العراق، لقد كبا حكام العراق ولكنهم نهضوا عن كبوتهم عندما أنصت الشعب إلى " حيدر العبادي"، فتآلفوا معه ومع قراراته. إن الإنصات لصوت الديمقراطية والإعتراف بوجودها، هو المدخل لوعي جديد، وهو السبيل إلى معرفة القانون، وبه يتنظف من الحكام والقضاة الفاسدين، فالقانون والقضاة ايضا ملوثون، كما هم الساسة، ملوثون، والمدراء والمحيط بهم جميعهم، ساهم بالتلوث. العراق بيئة ملوثة، ومسؤولين ملوثين، ولن يغير كل ذلك إلا بوساطة عصا الديمقراطية، عصا موسى التي أتكأ عليها، أو عصا السيد محمد محمد صادق الصدر"قدس سره" التي أتكأ عليها أيام المحنة، فالعراق بحاجة إلى عصا الديمقراطية لأنه يمر بمخاض عسير، وعسير جدًا جدًا. الديمقراطية هي طريق الخلاص من الفاسدين والمنحرفين والمستَغلين لحقوق شعب العراق، وإلا سيمر العراق بمخاطر ومهلكات لا أحد يعرف حدودها. ونعيد قولنا .. الجوع كافر، ولا كرامة لجائع، والمغبون حقه، ثائر، لن يهدأ له بال إلا بعد أن يرى الظالم أمام القضاء"العادل .. العادل .. العادل" وأشك لهذه اللحظة بوجود قضاء عادل في العراق اليوم ..إلا بعد تنظيفه من براثن الساسة الجدد.

 

د. أسعد الأماره

استاذ جامعي في جامعة واسط كلية الاداب- قسم علم الاجتماع

تخصص علم النفس

 

 

في المثقف اليوم