قضايا

المشتركات بين العرب والاسبان.. الفلامنكو (2)

الفلامنكو هو مصطلح اطلق على فن الغناء والرقص والموسيقى، حيث اعتبر هذا الفن منذ نشأته فن الفقراء والمتمردين داخل الاقليات المضطهدة في اسبانيا من الموريسكيين والغجر واليهود في ذلك الوقت . ويذكر بعض المؤرخين لهذا الفن امثال بلاس انفانتي ان كلمة فلامنكو ذو اصل عربي وتعني – فلاح منكم – او -فلاح منكوب- او- فلاح منغو - ويقصد بها الموريسكيون الذين طردوا من اراضيهم فاندمجوا مع الغجر واسسوا الفلامنكو كمظهر من مظاهر الالم والاحتجاج .. وبالتالي وحسب المؤرخين بان الفلامنكو ذو اصل موريسكي وغجري .

شئ من التاريخ:

يذكر بعض المؤرخين ان الغجر جاءوا الى اوربا على شكل هجرات من شمال الهند حيث انتشروا في اوربا الوسطى في القرن الثاني عشر، ومنهم من وصل الى اسبانيا في القرن الخامس عشر حيث حطوا في برشلونة . كما جاءت مجموعة اخرى من شمال افريقيا ودخلت الجنوب الاندلسي .. وكانت اغانيهم تمتاز بالحزن والبؤس، وقد اندمجوا مع الغناء الشعبي الاندلسي خاصة الموريسكي وبذلك فقد كونوا الفلامنكو الاندلسي .. 

المشتركات:

يبدو للباحثين والنقاد ان هناك عناصر مشتركة بين فن الفلامنكو والموسيقى العربية فكلاهما يعتمد على الارتجال على مستوى العزف اضافة الى الارتباط بالرقص، كما ان توزيع الادوار في فرق الفلامنكو يتم على غرار مثيله في الفرقة الموسيقية العربية اي حسب الجنس حيث لا يمكن تشغل المرأة الا دور المغنية او الراقصة . كذلك فان للمغني الفلامنكو انشادا مألوفا يقترب من اسلوب الانشاد العربي، فكلاهما يعتمد الغناء المتقطع والملون بالارتفاع والانخفاض في الطبقات الصوتية، وتلك الحنجرة التي تغرد مبحوحة يا لييييييل . (وماذا يقول ناظم الغزالي عندما يطلق صوته ... (لما اناخو قبيل الصبح عيسهم - وحملوها وسارت في الدجى الابل)

يضاف الى ذلك فرقة التصفيق الخلفية وهي تشبه فرق التصفيق الخليجية. والراقصة الفلامنكو تعبر عن عنفوان وكبرياء فتحرك الايدي والارجل في حركة عنيفة منسجمة مع صوت المغني وعازف الكيثارة وتحدث قعقعة مع فرقة التصفيق تهز خشبة المسرح بضربات ايقاعية مدوية . وتلعب ايضا الصنجات في اليد دورا ايقاعيا جميلا عند الرقصات الشرقيات كما هو عند رقصات الفلامنكو والتي تنسجم مع ايقاعات العزف والرقص .

 

في عام 2010 كان هناك مهرجانا للموسيقى والتراث الاسباني الاندلسي في ابوظبي وقد حضرت المهرجان الاستاذة في تاريخ الموسيقى الاندلسية مانويلا كورتيسا غارثيا Manuela García وقد تحدثت الاستاذة عن فضل العرب في نقل الموسيقى المشرقية الى اسبانيا خاصة زرياب الذي جلب معه آلة العود واظاف الى اوتاره الاصلية وترا خامسا، ثم ذكرت تطور آلة العود على يد زرياب، ولكنها اختفت بخروج العرب من اسبانيا بفعل السلطات التي منعت كل مظاهر الفن والتقاليد العربية .. غير ان الاسبان حاولو من اعادة العود بشكل آخر حيث اخترعو الكيثارة وادت المطلوب من العود وبالتالي فان الكيثارة ولدت من رحم العود ..

و قد سألها احد حضور الحفل ان هناك كتاب وضعه احد العازفين للكيثارة في العالم هو- جون شيرانو- ذكر بان كل المقامات المستخدمة في الفلامنكو هي مقامات عربية الاصل وهي اربعة :

1 – مقام العجم الذي يعادل سلم البيجر (الكبير) في الموسيقى الغربية.

2 – مقام النهاوند يعادل المانير (الصغير) في الغرب.

3 – مقام الكرد وهو مقام عربي لم يدون في الموسيقى الغربية .

4- مقام الحجاز بمشتقاته ومنها - الحجاز – والحجاز كار - ايضا لم يدون في الموسيقى الغربية .

وقد اعترفت الاستاذة بمضمون ذلك بما ذهب اليه النقاد وان المقامات المستخدمة هي عربية خالصة .

في المثقف اليوم