قضايا

الوجودية عند سورن كيرككورد (1)

يعتبر كيرككورد أبا للفلسفة الوجوديه.بالرغم من انه يرى نفسه رجل دين فقط لا غير، ولا ينتمي الى زمرة الفلاسفة.

يمثل كيرككورد الفيلسوف المختلف الخارج على الأنساق الفلسفية، والاهوتي الخارج على الكنيسة، والأديب الخارج على صنعة الشعر والفن، والمفكر المتعدد المتنوع الخارج على الموضوعات الجاهزة الى ما هو مهمل ومنسي، حين تخطى السياق المتوارث للتفكير الفلسفي، الذي تمحور حول دراسة الانسان من الخارج، فتمحورت كتاباته على دراسة الانسان من الداخل، وطرح قضايا لم يهتم بها التفكير الفلسفي من قبل مثل القلق، اليأس، الموت، الحب، الايمان، الضمير، وغيرها مما يعتمل في أعماق النفس البشرية. واهتم باثارة الأسئلة من دون أن ينشغل بجوابها، ويكتب ويقول: (إن مهمته في هذه الدنيا أن يثير الاشكالات في كل مكان لا أن يجد لها حلا)

ولد كيرككورد عام 1813 في كوبنهاجن، كانت حياته سطحية مضطربة، وبعد وفاة والده بدأ يعشق المسرح ويقرأ كثيرا لمشاهير الشعراء وتأثر بالابداع الفلسفي لنيتشه وشيلنج وهيجل.

الف عدد من الكتب تبين رؤيته ومعالجته للحياة، ساد فيها الجانب الوجداني والذاتي، ومات في سن مبكر عام 1855.

كان كيرككورد تلميذا للفيلسوف الالماني هيجل في المراحل الأولى من عمره، لكن ثار فيما بعد على فلسفته النظرية.وكانت كتاباته - فيما بعد - تحمل أشد السخرية والنقد لفلسفة هيجل.

فقد اتهم كيرككورد هيجل بأنه قام بتجريد الفكر والثقافه من الشعور الانساني.لان هيجل قام بتعديل قواعد المنطق المتعارف عليها، والتي وضعها ارسطو من قبل الذي يعتمد على ثلاث مبادئ

1- مبدأ الهوية

2- مبدأ عدم التعارض، الشيء وضده لا يجتمعان.

3- مبدأ استبعاد المنتصف، إما الشيء او ضده.

فهيجل يقول: ان الشيء يحوي نقيضه. ومن ثم يسقط مبدأ الهوية، ومبدأ عدم التعارض، ومبدأ استبعاد المنتصف. لان هذه المبادئ مبنيه على خلو الشي ونقيضه.

هذا الكلام لم يعجب كيرككورد. فهو يسخر من منطق هيجل في ان الشيء يحوي نقيضه. وكتب يقول: إذا تزوجت، فأنت نادم. وأذا لم تتزوج، فأنت نادم ايضا. في كلتا الحالتين انت نادم.

ويقول كيرككورد أختيارنا بين (إما) و (أو) هو الذي يمنحنا الحرية. بدون هذا الخيار، لن يكون لدينا حرية. إذا كان كل شيء يحمل نقيضه وبذور فنائه، إذن اين انا من كل هذا. وهل يكون لي في هذه الحاله اي خيار؟.

رأي كيرككورد أن من واجبه، ليس بناء فلسفة معرفة (أبستيمولوجيا) جديدة، او بناء نظام ميتافيزيقي حديث. لكن خلق إنسان جديد من البشر. قادر على اقتناص حريته، ورسم خريطة مستقبله بنفسه.

شارك كيرككورد في هذا الرأي، اثنان من الفلاسفة. هما كارل ماركس وفريدريك نيتشه). لكن كير ككورد، يسمي إنسانه الجديد (فارس الايمان).

يستوعب هذا الفارس كل العبث والوحدة وعدم معقولية الحياة والوجود الشخصي الذي يقترب من العدم.

وفي كتابه (الخوف والارتجاف) يحلل قصة النبي إبراهيم . ويستنتج منها ان النبي ابراهيم يمثل الايمان الحقيقي.

ثم يتساءل كيرككورد من اعطى النبي ابراهيم القدرة على رفع يده وبها السكين لكي يذبح فلذة كبده. لقد كان لدى ابراهيم ايمان، أقوى من القوانين الاخلاقية التي تحكم مجتمعه لذلك فهو فارس الايمان عند كيرككورد.

لكن وجهة انتقادات كثيرة بخصوص نظرية فارس الايمان عند كير ككورد، يقول نقاده انه يعطى الناس رخصة لقتل الابرياء باسم الرب وما يؤمنون به من معتقدات.حتى لو كان ما فعلة النبي ابراهيم بناء على حبه لابنه وطاعة ربه ليس كفعل المتطرفين، وقتلهم لضحاياهم بسبب الكره.

ماذا يقول كيرككورد بالنسبة للمؤمن المخبول، الذي يرى في المنام انه يذبح ابنه فيسارع بتنفيذ الامر؟ هل هو ايضا فارس إيمان كما يقول كير ككورد؟

 

احمد حامد - ذي قار

.............

المصادر

مجدي كامل .الوجودية

د.امام عبد الفتاح سرن كيركجور رائد الوجوديه

د.عبد الجبار الرفاعي الحب والايمان عند سورن كيرككورد

 

 

في المثقف اليوم