قضايا

شهادات لمفكرين غربيين بحق رسول الإنسانية محمد (7)

jafar almuhajir2سلوك أعراب الجاهلية مع النبي: بسم الله الرحمن الرحيم: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا) مريم -97.

جاء في التفاسير إن الله خاطب رسوله ص بهذه الآية الكريمة نحن يسرنا لك هذا القرآن فكتبناه بلسانك لتبشر به المتقين الذين آمنوا برسالتك، ولتنذر خصومك الألداء من قريش.

واللٍّد: شدة الخصومة. والخصم الألد واللدود هو الخصم الشرس الطبع،الشديد العناد . قال الشاعر:

أَبيْتُ نَجيّا للهمومِ كَاَنًني – أُخاصِمُ أَقواما ذَوي جَدَلٍ لِدّا.

ويصفهم الله أحدهم في سورة البقرة (وهو ألدُ الخصام) أي أشد الناس عداوة للحق والمنطق، ويقصد بهم أعراب الجاهلية المعاندون الذين تصدوا لدعوة النبي الأعظم محمد ص بأشد الوسائل شراسة وعنفا.حيث قال الله فيهم في آية أخرى:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة 97-98 .

وكان على رأس أولئك الخصوم الألداء عبد العزى بن عبد المطلب المكنى بـ (أبي لهب) وهو عم الرسول محمد ص. وكان يتزعم فجار قريش وعتاتهم من سكان البوادي الوثنيين الذين يملكون التجارة والجمال والمعروفين بالعناد الجاهلي الأعمى.وكانوا يصنعون الأصنام من الحجر أو التمر بأيديهم على هيئة إنسان أو حيوان ويضعونها داخل الكعبة وفنائها، ويقدمون لها الذبائح في الأعياد والمناسبات، ويسجدون لها باعتبارها آلهتهم وآلهة آبائهم وأجدادهم الغابرين. وقد كان في جوف الكعبة وفنائها 360 صنما وكل له أسم خاص به . وأشهرها (اللات والعزى ومناة وهبل).وكان لأهل كل دار في مكة صنم في دارهم يعبدونه فإذا أراد أحدهم السفر يتمسح به وإذا قدم من سفره يكرر ذلك وكان الرجل إذا سافر ونزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فجعله ربا وجعل ثلاث أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه ).1

وعن عمران بن ملحان التميمي البصري المكنى أبو رجاء العطاردي وهو من المخضرمين. أدرك الجاهلية وأسلم بعد فتح مكة ولم ير النبي ص قال:

(كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر . فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من التراب ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به). 2

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَيَعْبدونَ مِنْ دونِ اللًهِ مالا يَنْفَعَهُمْ وَلا يَضُرٌهُمْ وَكانَ الكافِرُ على رَبٍهِ ظَهيْرا). الفرقان -55

وعن اليهودية والنصرانية في العصر الجاهلي كتب المفكر الشهيد محمد باقر الصدر:

(كان في العرب قبل الإسلام يهود ونصارى إلى جانب تلك الكثرة من المشركين، ولكن اليهودية والنصرانية لم يكن بإمكانها أن تصنع شيئا بعد أن منيت هي نفسها بالتحريف والزيغ، وأصبحت مجرد شعارات وطقوس بعد أن امتزجت المسيحية العالمية بوثنية الرومان، وأضحت لونا من ألوان الشرك،فلم تكن النصرانية أو اليهودية في بلاد العرب إلا نسختين من اليهودية في الشام، والنصرانية في بلاد الروم والشام تحملان كل مامنيت به هاتان الديانتان من نكسات وزيف). 3

فكيف يكون موقف أقوام هكذا كان حالهم حيال دين جديد يبشر به نبي عظيم بعثه الله بات يطرق أبوابهم ويحاول إزالة معتقداتهم الخرافية البالية التي توارثوها من آبائهم وأجدادهم ويدعوهم إلى عبادة الخالق؟ لابد إنهم تهيأوا لمواجهته بالقوة والبطش والهجاء . وحشدوا لذلك كل ماكانوا يملكون من قوة ومال وألسنة حداد . وكانوا كلما يسمعون من أمر النبي ص شيئا،أو إن أحدا ما دخل في الإسلام تزداد قسوتهم، ويشتد عنادهم وشتمهم وإيذائهم لرسول الإنسانية ص، وتصميمهم على قبر هذا الدين الجديد في مهده مهما كلف الأمر وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتًخِذوْنَكَ إِلاً هُزُوا أَهذا آلًذِي بَعَثَ آللًهُ رَسُوْلا) الفرقان -41 .

(وَيَقوْلونَ أَئِنّا لَتارِكوأ آلِهَتَنا لِشاعِرٍ مَجْنون).الصافات -36

(أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ). الطور-30

وملخص المعنى في التفاسير:

(إنهم تشاوروا فيما بينهم وقالوا إن محمدا شاعر لابد من قتله ليُخمد ذكره، ويُنسى أسمه فنستريح منه وتسلم آلهتنا).

قال الصحابي طارق بن عبد الله المحاربي:

(رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَأَنَا فِي بِيَاعَةٍ لِي أَبِيعُهَا، وَمَرَّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ تُفْلِحُوا. وَرَجُلٌ يَتْبَعُهُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ أَدْمَى كَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لا تُطِيعُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ قَالُواهَذَا غُلامُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قُلْتُ فَمَنْ هَذَا الَّذِي يَتْبَعُهُ ويَرْمِيهِ ؟ قَالُوا عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَهُوَ أَبُو لَهَبٍ) 4

المصدر: مسند بن أبي شيبه رقم الحديث 825. .

وحين قتل (بن قميئة) الصحابي الجليل (مصعب بن عمير) في معركة أحد كان يظن إنه النبي محمد ص فصاح بأعلى صوته (واللات والعزى لقد قُتِلَ محمد). وكان أبو لهب ينتقل من مكان لآخر في مكة ويجأر بأعلى صوته: (أيها الناس إن محمدا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى آلهتكم وآلهة آبائكم وأجدادكم فتبا له وتعسا فلا تسمعوا له). فأنزل الله السورة الكريمة المعروفة بسورة (المسد) وهي سورة خاصة بأبي لهب وزوجته أروى بنت حرب بن أمية، أخت صخر بن حرب الملقب بـ(أبي سفيان) وكان يطلق عليها (أم جميل)وحقدها لايقل عن حقد زوجها على رسول الله ص . وكان أبو لهب صاحب أموال كثيرة ويدعي إنه من علية القوم وقد لقبته قريش بهذه الكنية لحمرة شديدة في وجهه نتيجة لكثرة شربه الخمر.وكان مصابا بغطرسة جاهلية عاتية وعزة بالإثم جامحة،(وآمرأته حمالة الحطب) أي إنها ستحمل الحطب في نار جهنم وفي رقبتها حبل من مسد وهو الحبل المفتول الخشن من الألياف فيه حرارة النار، وثقل الحديد يلف رقبتها بدلا من القلادة الثمينة التي كانت تضعها في رقبتها والتي صرفتها على معاداة الرسول الأعظم محمد ص . ووصفها الله بـ(حمالة الحطب) لأنها كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول الله.وفي الإسلام إن شخصا كأبي لهب لاقيمة لنسبه لأنه كان عدوا لدودا لأعظم شخصية أخلاقية أختارها الله لتكون منقذة للبشرية من آثامها وجهلها وهي شخصية خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله ص.

 والسورة القرآنية تدل على الإحتقار الإلهي لهما لما تميزا به من قسوة وغلظة وحقد أعمى رسول الإنسانية محمد ص.

وفي ذلك قال الشاعر:

لقدْ رفَعَ الإسلام سلمانُ فارسٍ

وقد وضعَ الكفرُ الذميمُ أبا لهبْ.

(وقد تعددت أساليب الإيذاء فقد كمن أبو جهل للرسول ص حين وقف للصلاة بين الركن اليماني والحجر الأسود ليضربه بحجر إلا أنه رجع عن عزمه دون أن ينفذ خطته مجيبا أصحابه: لقد قمت إليه لأفعل به كما قلت لكم البارحة،فلما دنوت منه عرض لي دونه مالا رأيته مثله في حياتي فتركته). وحين فشلت خطته قال لاصحابه من عتاة قريش (أضربوه ضربة رجل واحد بسيوفكم ثم آدفعوا الدية إلى بني هاشم وينتهي الأمر). 4

وصبر رسول الله على ذلك الأذى الرهيب بأمرمن ربه حين خاطبه:

(فَآصْبرْ كَما صَبَرَ أُولواْ آلعَزْمِ مِنَ الْرُسِلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لًهُمْ كَاَنًهُمْ يَرَوْنَ ماْيوْعَدوْنْ لَمْ يَلْبَثوْا إلاّ ساعةً مِنْ نَهار بلاغْ فَهَلْ يُهْلَكُ إلاّ القوْمُ الفاسِقونْ). الأحقاف -35.

وكان نصيب بعض المسلمين الأوائل من الأذى شديدا كبلال الحبشي الذي كان يُرمى عاريا على الرمضاء ويوضع حجر كبيرعلى بطنه بإشراف أبي لهب وبلال يرفع صوته عاليا: (أحد .. أحد) وكذلك ياسر وإبنه عمار. وقد أستشهد ياسر وزوجته سمية التي تعتبر أول شهيدة في الإسلام نتيجة للتعذيب الشديد الذي وقع عليهما حيث قال فيهم رسول الله ص قولته المعروفة:(صبرا آل عمار فإن موعدكم الجنه).. وكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة النبوية. وحين وجد أولئك العتاة البغاة إن كل ماقاموا به من أذى وتنكيل ذهب مع أدراج الرياح ابتكروا وسيلة أخرى خسيسة هي وسيلة التجويع والحصار كما تفعل أمريكا الباغية اليوم على شعوب بأكملها بحجة إسقاط أنظمة لاتخضع لمشيئتها. فكان حصار شِعْبِ أبي طالب الرهيب في السنة السابعة من البعثة النبوية والذي استمر ثلاث سنوات وهو

من أشد الفترات قسوة على النبي محمد ص والمؤمنين معه حيث كان المحاصرون ينال أحدهم تمرة واحدة في اليوم وأحيانا يقتسمها إثنان. وقد علق أبو لهب شروط ذلك الحصار على أستار الكعبة لكي يعلم به الجميع ويمتثل له وكان يرفع عقيرته مهددا كل من يبيع مادة غذائية على النبي وأصحابه بالويل والثبور وعظائم الأمور). 5

لقد كانت أعز غاياتهم وأغلى أمانيهم من وراء ذلك الإيذاء هو إطفاء شعلة الإسلام المقدسة وإبقاء الوضع على ماهو عليه من تخبط في دياجير الظلام . لكن الله سبحانه الذي بعث نبيه ص بالحق قلب تلك الأماني والغايات رأسا على عقب،وأبى إلا أن يتم نوره، وحفظ الإسلام ونبي الإسلام ص من شرورهم ومكائدهم.

بسم الله الرحمن الرحيم:

(يُريْدوْنَ أَنْ يُطْفِئُواْ نورَ اللّهِ بِأفْواهِهِمْ وَيَاْبى اللّهّ إلاّ أَنْ يُتِمً نوْرَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكاْفِروْنْ ).الأنفال-32.

وكان المنافقون في مكة والمدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبي يدبرون المكائد لرسول الله ص وللمؤمنين معه حيث قال الله في محكم كتابه العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)التوبه-101 .لقد بلغت حمية الجاهلية مبلغها في نفوس أولئك الأشرارالعتاة فحاربوا نبي الإسلام حربا لاهوادة فيها، وكان اليهود يكيدون معهم ولكن سكينة الله نزلت في قلب الرسول العظيم وقلوب الكوكبة من المؤمنين الصابرين الذين كانوا واثقين من نصرهم الإلهي على قوى البغي والشر والعدوان . ومن المؤلم أن يصادف بحثي هذا مع الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم حيث يحتفل الصهاينة أحفاد بنو النضير والقينفاع بها في ظل أسوأ ردة عربية وإسلامية. لقد بلغت حمية الجاهلية مبلغها في نفوس أولئك الأشرار العتاة المردة فحاربوا الإسلام ونبي الإسلام ص حربا لاهوادة فيها . وكان اليهود يكيدون معهم وقد حاولوا قتل الرسول ص لكن سكينة الله نزلت على رسول الله ص وتلك الكوكبة من المؤمنين الصابرين الذين كانوا واثقين من نصرهم الإلهي على قوى الشر والبغي والعدوان. ومن المؤلم أن يصادف بحثي هذا مع الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم حيث يحتفل الصهاينة أحفاد يهود خيبر وبني القينفاع بتأسيس دويلة الصهاينة التي شردت 12 مليون مسلم في ظل أسوأ ردة عربية وإسلامية وتقول عنه رئيسة وزراء بريطانيا الحالية تيريزا ماي:(إننا فخورون بذلك.!)

ترى بماذا قابل رسول الإنسانية الأعظم ص أولئك العتاة المارقين الذين اتبعوا أخس الوسائل وأكثرها وضاعة وخسة لمحاربته حين تم فتح مكة في الحادي والعشرين من رمضان – السنة الثامنة للهجرة - بعد أن قويت شوكة الإسلام وانتشر في كل أصقاع الجزيرة العربية؟ لقد قال لهم تلك المقولة الخالدة وهو في عز انتصاره ص:

 (ماتقولون وَمَا تَظُنُّونَ ؟ قَالُوا: ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ ؟ قَالَ ص أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ: لا (لاتَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). يوسف-92 .6

فما أعظمه من خلق، وما أرقاه من عفو حين يتحقق عند المقدرة؟ وبذلك السلوك النبيل جسد النبي محمد ص قول الخالق العظيم:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(لَقَدْ صَدَقَ اللًهُ وَرَسوْلَهُ آلْرُؤْيا بالْحَقِ لِتَدْخُلَنً المَسْجِدَ الحَرامَ إِنْ شاءَ اللًهُ آمِنيْنَ ). جزء من الآية 27- الفتح.

(خُذِ آلْعَفْوَ وَأْمُرْ بآلعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجًاهلينْ) الأعراف-199

(إن الساعة آتية فآصْفَحِ آلْصًفْحَ آلجًميْلْ)جزء من الآية 85 سورة الحجر.

وكيف لايفعل وهو نبي الرحمة والهدى والحق ص ذلك وهو القائل ص:

(أوصاني ربي بتسع وأنا أوصيكم بها، أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب،والقصد في الغنى والفقر، وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرا،ونطقي ذكرا،ونظريعِبَرا). 7

وتروي كتب السيرة النبوية إن أبا لهب أصيب بالطاعون وبقيت جثته متروكة ثلاث ليال إلى أن نتنت، وحينما أراد ولداه دفنه رموا على جثته الماء من بعيد ثم أخذوه ودفنوه بأعلى مكة وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه. وهو تحذير أبدي لكل من ينتهج هذا النهج الشيطاني في محاربة نبي الله محمد ص من الذين كلما حاولوا أن يطفئوا جذوته، فرد الله كيدهم إلى نحورهم،ولم يجنوا من أفعالهم الدنيئة وفسادهم في الأرض سوى الهلاك والخزي الأبدي والخسران المبين .

بسم الله الرحمن الرحيم:

(كُلٌما أَوْقَدوْا نارا أَطْفَأها اللَهْ وَيَسْعوْنَ في الأَرْضِ فَساْدا وَاللًهُ لايُحِبُ آلْمُفْسِدِيْنْ). المائدة -64 .

 وخاطب الله تلك القلة القليلة من المؤمنين الذين آمنوا برسالته ص في بداية الدعوة الذين قال الله فيهم في محكم كتابه العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )التوبة -99.

إنهم التقاة الأباة الذين ضحوا بدمائهم في سبيل الإسلام ولم يهنوا ولم يضعفوا رغم شدة الظلم الذي وقع عليهم وقال الله فيهم في محكم كتابه العزيز :

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَلِنَبْلُوَنًكُمْ حَتًى نَعْلَمَ المُجاهِديْنَ مِنْكُم ْ والصًابِريْنَ وَنَبْلوا أَخْبارَكُمْ) محمد -31

وكان المؤمنون صادقين فيما عاهدوا الله ورسوله ص ولم تفت في سواعدهم تلك الرحلة الطويلة من العذاب الذي وصل إلى استشهاد البعض منهم ولم يرهبهم الموت في سبيل المبدأ والعقيدة، فنزلت الآية الكريمة:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْديْلا). الأحزاب-23

بذلك الخلق النبوي العظيم غير رسول الله ص تلك العقول والقلوب المتحجرة التي كانت أقسى من الصخر. وحولها إلى عقول متفتحة تدرك قول الحق، وتتفاعل معه، وتهتدي بهداه، لقد خاطب ص المؤمنين وطلب منهم أن يكونوا متراحمين متحابين كالجسد الواحد

وحول أمة ميتة يقتل القوي فيها الضعيف إلى أمة حية تنشر العدل والمحبة والسلام، وتنادي بالفضيلة والحكمة بدل الحرب والخصام وتطرد الظلام ليحل مكانه النور الباهر. ولاشك إن عملية صنع الإنسان وصقل عقله وتوجيهه نحو الخير بعد أن تراكمت على عقله طبقات كثيفة من سجف الظلام هي من أعظم المهمات الأخلاقية التي تبناها الإسلام والتي كانت نتيجتها اهتداء الملايين من أمم الأرض بهذا الدين العظيم،والتمتع بهذا النورالساطع. وهكذا انتصرت قيم آلإسلام العليا على كل تراكمات النكوص والجهل والشر والبغي بجهاد رسوله الأمين ص ذلك الجهاد الرسالي النبوي الذي لم يعرف الكلل والملل والإستكانة لأعداء الله والذي فاق كل وصف بعد وقوفه ص ووقوف تلك الكواكب الخالدة كالجبال الشم بوجوه أعتى عتاة الأرض وأشدهم كفرا على الإطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ).آل عمران-146.

ولأنهم قالوا ربنا الله، واستقاموا على شريعة محمد الغراء ص فلم يصبهم خوف ولا حزن نتيجة تلك التضحيات الهائلة التي قاموا بها:

بسم الله الرحمن الرحيم:

(إِنً الًذيْنَ قالوا رَبًنا اللّهُ ثُمً آسْتَقاموا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهمْ وَلا هثمْ يَحْزَنونْ). الأحقاف -13

ومنذ تلك الأيام القاهرة الشديدة الوطأة التي مرت على نبي الإنسانية وإلى يومنا هذا والإساءات إلى شخصه الكريم ص لن تتوقف من دعاة الباطل، وذوي العاهات الأخلاقية ممن علقت في قلوبهم المغلقة الأقذار والظلمات،والتعصب الأعمى، فراحوا يتخبطون في عماياتهم،وأقاويلهم المفتراة بحق رسول الإنسانية الأعظم ص.

إنها دعوات صهيونية ماكرة تحاول النيل من المقدسات الإسلامية بهذا الأسلوب الرخيص الذي لايمكن أن ينطلي على أي إنسان عاقل منصف في هذا الكون سواء أكان مسلما أو غير مسلم .

بسم الله الرحمن الرحيم:

(كَبُرَتْ كَلِمَةٌ تَخْرجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إنْ يَقولونَ إلاً كَذِبا ).جزء من الآية 5- الكهف.

لقد تهافت أعداء الإسلام الواحد بعد الآخر وبقيت هذه الرحمة الإلهية حية أزلية تجمع قلوب الباحثين عن النور والحقيقة، وعن هذا الصراط المستقيم، المطرز بآيات الله البينات الذي يهدي العقول المتفتحة في كل مكان من أنحاء الأرض وسيتصاعد هذا النور الأزلي رغم كل النكسات والأعداء المتربصين وهجماتهم الشرسة البعيدة كل البعد عن أي خلق إنساني قويم .

ورحم الله المتنبي الذي قال:

ومن يكُ ذا فم مر مريضٍ

يجد مرا به الماءَ الزلالا.

ولابد ذكر من رأى الباطل خارجا كالدخان من أفواه أعداء الإسلام ونبيه المصطفى ص، وكالصديد في كتاباتهم فتصدى لهم في عقر دارهم، وفند تجنياتهم، فكتب ماأملاه عليه ضميره وقد ذكرت قسما منهم في حلقات سابقة وأذكر اليوم عددا منهم مع علمي المسبق بأنني لاأستطيع ذكرهم جميعا وما دونوه من شهادات بعيدة عن خلط السم بالعسل كما فعل غيرهم من المستشرقين

*ستانلي لين بول: Stanley Lane Poole

مستشرق وعالم آثار بريطاني ولد في لندن في 18 ديسمبر عام 1854م –وتوفي في 29 ديسمبرعام 1931م . ألف أكثر من خمسين كتابا عن الإسلام أشهرها: (تأريخ الملوك والأسر الحاكمة في الإسلام) و(سيرة القاهره). عمل في دائرة الآثار المصرية مابين عام 1895م – 1897م كتب عن النبي محمد ص:

(إن محمدا رسول الإسلام ص كان يتصف بكثير من الصفات الحميدة كاللطف والشجاعة ومكارم الأخلاق، حتى إن الإنسان لايستطيع أن يخمن له دون أن يتأثر بما تتركه هذه الصفات من أثر في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرا عن ميل أو هوى، ولكن على هدى، وكيف لا ؟ وقد آحتمل محمد ص عداء عشيرته أعواما، فلن يهن له عزم ولا ضعفت له قوة . وقد بلغ من نبله إنه لم يكن في حياته البادي بسحب يده من يد مصافحه، حتى ولو كان المصافح طفلا، وإنه لم يمر بجماعة يوما رجالا كانوا أم أطفالا دون أن يقرأ (عليهم السلام) وفي شفتيه أبتسامة حلوة، وفي فمه نغمة جميلة كانت تكفي وحدها لسحر سامعها فتجذب القلوب إليه جذبا ). 8

* جارسان دي تاسي: Garsin De Tassy

 ولد في مرسيليا في 20 ينايرعام 1794م وتوفي في باريس في 2 ديسمبر عام 1878م وله عشرات المؤلفات عن الإسلام أهمها: (الإسلام وفقا للقرآن) و(فصل في تأريخ الهند الإسلامية) و(الشعر الفلسفي والديني عند الفرس). عكف على دراسة اللغة العربية والفارسية وتخصص في اللغة الهندوستانية وترجم رسالة (كشف الأسرار) لعز الدين بن قاسم المقدسي . كتب في كتابه (الإسلام):

(إن محمدا رسول الإسلام (عليه الصلاة والسلام) ولد في حضن الوثنية، لكنه منذ نعومة أظفاره أظهر بعبقرية فذة إنزعاجا عظيما من الرذيلة وحبا حادا للفضيلة وإخلاصا ونية حسنة غيرعاديين إلى درجة أن أطلق عليه مواطنوه في ذلك العهد إسم (الأمين). 9

* رونالد جورج ألانسون هيدلي: Ronald Gorge Hedly

هو اللورد والمفكر البريطاني المعروف صاحب كتاب(إستيقاظ عربي للإسلام)و(رجل من الغرب يعتنق الإسلام)و(ثلاثة أنبياء عظماء للعالم) وكتب أخرى. ولد في لندن في 19 ينايرعام 1855م وتوفي فيها في 22 يونيو عام 1935م وأعلن إسلامه في 16 نوفمبرعام 1931م في الجمعية الإسلامية في لندن بعد أن كتم إسلامه لعشرين عاما لأسباب عائليه قائلا: (إن طهارة الإسلام وسهولته وبعده عن الأهواء والمذاهب الكهنوتية، ووضوح حجته كانت كل هذه الأشياء أكبر ماأثر في نفسي ). وقال ردا على من هاجمه: (نحن البريطانيين تعودنا أن نفخر بحبنا للإنصاف والعدل، ولكن أي ظلم أعظم من أن نحكم كما يفعل أكثرنا بفساد الإسلام قبل أن نلم بشيئ من عقائده بل قبل أن نفهم كلمة أسلام) ويقول عن ذلك اليوم الذي أسلم فيه: (لاريب إن أسعد أيام حياتي هو اليوم الذي جاهرت فيه على رؤوس الأشهاد بأنني اتخذت الإسلام دينا) وقال: (الإسلام هو الذي يجعل الإنسان يعبد الله حقيقة مدى الحياة لافي أيام الآحاد فقط لقد أصبحت كرجل فر من سرداب مظلم إلى فسيح من الأرض تنيره شمس النهار، وأخذ يستنشق هواء البحر النقي الخالص . ليس هناك في الإسلام إلا إله واحد نعبده، إنه أمام الجميع وفوق الجميع، وليس هناك قدوس آخر نشركه معه . إنه لمن المدهش حقا أن تكون المخلوقات البشرية ذوات العقول والألباب على هذا القدر من الغباوة، فيسمحون للمعتقدات والحيل الكهنوتية أن تحجب عن مظهرهم رؤية السماء، رؤية القهار المتصل دائما مع مخلوقاته سواء كانوا عاديين أو قديسين ). 10

زار اللورد هيدلي مصر في مطلع القرن الماضي ويروي محرر جريدة المنار حرارة إستقبال المصريين له بقوله: (لم تستقبل مصر رجلا منذ رجوع سعد باشا زغلول كما استقبلت اللورد هيدلي ).

سيدي يارسول الإنسانية الأعظم ص:أيها المنقذ، ياأسوة كل من اهتدى إلى الطريق المستقيم، أيها المختار من إله الكون الأعظم، ياسيد الأبرار الأطهار، يامعلم الفضائل، يامن أتم الله نعمته عليك .إن سعادتي العظمى ماذا عساي أن أقول بعدما قاله البوصيري) في نهج البردة:

أكرمْ بخلق نبي زانه خلقٌ

بالحسن مشتملٌ بالبشرِ مُتًسِمِ

كالزهرِ في ترف والبدر في شرف

والبحر في كرم والدهرُ في هممِ

لاطيب يعدلُ تُربا ضمً أعظُمُهُ

طوبى لِمُنْتَشِقٍ منهُ وَمُلْتَثِمِ

بسم الله الرحمن الرحيم:

(إِنً آلًذيْنَ يُحادُونَ آللًهَ وَرَسُولَهُ أوْلَئِكَ في آلْأَذَلِّيْنَ).المجادلة -20

 

جعفر المهاجر

..................

المصادر:

1- كتاب الأصنام لأبي المنذر هشام بن محمد أبي النضر ابن السائب ابن بشرالكلبي المتوفى: 204هـ ص33.

2- صحيح البخاري ج5:ص 216 .

3- المدرسة القرآنية ص 238 – تأليف العلامة الشهيد محمد باقر الصدر.

4- السيرة النبوية لإبن هشام 1 /298 .

5- ابن هشام السيرة ج1، ص: 353-354.

6- السنن الكبرى للنسائي 10/11234.

7- كتاب العقد الفريد لإبن عبد ربه الأندلسي ج2 ص229 ومصادر أخرى كثيرة.

8- ويكيبيديا – الموسوعة الحرة https://ar.wikipedia.org/wiki:

9- ويكيبيديا – الموسوعة الحرة.

10- صفحات من كتاب (أوربا والإسلام) لمؤلفه عبد الحليم محمود.

 

 

في المثقف اليوم