قضايا

الشخصية عند فرويد

تتعدد مظاهر السلوك الانساني وتختلف مناهج ومداخل دراسته، لتعدد الجوانب التي يمكن ان يشملها. وبسبب الاهمية التي تمتاز بها سلوكيات الانسان فأنها تنعكس ايجابا او سلبا على الجوانب الاجتماعية، وتعد الشخصية من ابرز محددات سلوك الافراد وابرز متغيرات السلوك الانساني.

وتباينت الاراء والافكار حول تعريف الشخصية بتعدد الكتاب او العلماء الذين كتبوا عن الشخصية، وقد اشار غوردون ويلارد ألبورت (11 من نوفمبر 1897م - 9 من أكتوبر 1967م) هو عالم نفس أمريكي. كان ألبورت من أوائل علماء النفس الذين اهتموا بدراسة الشخصية، ودائمًا ما يشار إليه بأنه أحد من وضعوا أساس علم نفس الشخصية، عام 1937 من خلال البحث الذي اجراه واستطاع من خلاله جمع اكثر من (50) تعريف للشخصية وضعها علماء النفس، واستنبط من خلالها الخصائص الاساسية على النحو الاتي:

(1) ان لكل فرد منا شخصيته الخاصة التي تميزه عن الاخرين.

(2) ان شخصية الفرد الخاصة مركبة من صفات مختلفة وكثيرة جدا.

(3) ان هذه الصفات الخاصة تبقى مصاحبة وملازمة للفرد لفترة طويلة جدا.

وفي مجال السيكولوجية يوجد نوعان من النظريات وهما : النظريات العامة والنظريات الجزئية.

ونعرض في هذا المقال الشخصية من وجه نظر مدرسة التحليل النفسي لمفهوم الشخصية عند صاحب هذه النظرية فرويد الذي يعد رائد مدرسة التشخيص والعلاج النفسي، وتعد هذه النظرية المدخل للتعرف على شخصية الانسان التي تتكون من :

الذات الدنيا (الهو ID): ترمز للغرائز الاساسية واهمها غرائز البقاء والموت وللذة، ويعمل الهو وفق مبدأ اللذة وتجنب الألم. ولا يراعي المنطق والأخلاق والواقع. وهو لا شعوري كلية.

الانا (ego): هي الشعور الواقعي الذي يسيطر على الغرائز وتضبطها لحماية الشخص من الاخطار، وتولد التوتر الازم لإشباع الحاجات الغريزية، حيث تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك، وتربطها بقيم المجتمع وقواعده، حيث من الممكن للأنا ان تقوم باشباع بعض الغرائز التي تطلبها الهو ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع ولا ترفضها الأنا العليا.

الانا العليا (super-ego): يمثل الجانب الاجتماعي او المثل والقيم الاجتماعية والدينية التي تشكل احد ابعاد السلوك الاجتماعي. يمثل الأنا الأعلى الضمير، وهو يتكون مما يتعلمه الطفل من والديه ومدرسته والمجتمع من معايير أخلاقية. والأنا الأعلى مثالي وليس واقعي، ويتجه للكمال لا إلى اللذة – أي أنه يعارض الهو والأنا.

وتمثل الهو الشكل الاصلي للجهاز النفسي كما يوجد في مرحلة ما قبل الولادة، ولدى المولود الجديد، والمادة الاولى لكل التمايزات الاحقة ويتألف الهو من الدوافع الفطرية (العدوانية، والجنسية) ومن الرغبات المكبوتة، وهي منفلته من مبدا الواقع، فهي الا تعرف الزمان ولا العلاقات السببية والمنطقية. اما الانا حسب فرويد يتطور من تمايز الجهاز النفسي في احتكاكه بالوقائع الخارجية، ويعتبر الانا واعيا (الادراك الخارجي، الادراك الداخلي، والسيرورات الفكرية) اما ما يتحكم في بنية الانا فهو مبدا الواقع (الفكر الموضوعي والمنشأ اجتماعيا،العقلاني واللغوي). اما الانا الاعلى يعتبر تحويلا للانا بواسطة استدخال القوى القمعية التي واجهها الفرد خلال نموه. ويظهر نشاطه في حالة الصراع مع الانا، من خلال نمو الانفعالات التي ترتبط بالوعي الاخلاقي واساسا الشعور بالذنب.

وإذا استطاع الأنا أن يوازن بين الهو والأنا الأعلى والواقع عاش الفرد متوافقا ،أما إذا تغلب الهو أو الأنا الأعلى على الشخصية أدى ذلك إلى اضطرابها.

لقد أثبت فرويد أن النفس البشرية قد ورثت وظائف وحشية قديمة، وأننا نألم ونبتئس لأننا في صراع لا ينقطع بين هذه الوظائف الطبيعية القديمة، وبين قيود الحضارة التي تمنعنا من ممارستها.

 

احمد حامد

 

في المثقف اليوم