قضايا

وألفاظه: "حقائق" لا "لغة"

مجدي ابراهيمإلى هنا؛ نكون قد استكملنا أركان الذاتية الخَاصَّة للقرآن الكريم (الحضور، والفهم، والحَلاوة، ووحدة القصد، والإيحاء، والعقل البصيري، والإيمان والعقل، وتحويل النفس، والتجلي) تلك كانت ركائز الذاتيّة الخاصَّة للقرآن فيما نرى، ودعائمها الأساسية باستناد التفسير الإشاري عليها، ولكن ليس معنى هذا أنه لا توجد خواص ذاتية للقرآن غير هذه التي تكلمنا عنها؛ لأننا لو رجعنا إلى ما قد رَسَمَه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صَوَّرَ لنا القرآن في صورة بديعة بل ومنقطة النظير، وهو صاحب القرآن؛ حين يتكلم عنه يتكلم عن حقيقة، لا بل يتكلم عن حقائق : حقائق جليلة حواها القرآن بين دفتيه؛ إذْ كانت ألفاظُه ألفاظ "حقائق" وليست هى بألفاظ "لغة".

ليس أصدق من قول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في القرآن الكريم:" فيه نبأ ما قبلكم، وخَبَرُ ما بعدكم، وحكمُ ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل. مَنْ تركه من جبار قصمه الله، ومن أبتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبلُ الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يُخْلَق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذْ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به. مَنْ قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعي إليه هُدي إلي صراط مستقيم".

وبغض النظر عن خلاف العلماء في نسبة هذه الألفاظ : أإلى رسول الله حقيقةً أم إلى الإمام على بن أبي طالب؛ فهى ألفاظ "حقيقة" وليست ألفاظ "لغة"؛ فالذي وصف به سيدنا رسول الله القرآن إنمّا هو حقائق كلها يجمعها قوله تعالى:" وإنّه لكتاب عزيز. لا يأتيه البَاطلُ من بين يديه ولا من خلفه؛ تنزيل من حكيم حميد" (فصلت : آية 41- 42).

على أن خلاف العلماء في هذا الحديث : أهو منسوب إلى رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، أم هو من كلام عليّ بن أبي طالب، رضوان الله عليه، لا يقدح في كون ألفاظ القرآن ألفاظ حقائق وليست هى بألفاظ لغة. هذه واحدة. أما الثانية؛ فإن المحققين اعتمدوا صدور الحديث عن رسول الله، صلوات الله عليه، فجاء اعتمادهم هذا مستنداً على الآية الكريمة من سورة فصلت. ومادام في القرآن ما يؤيد نصّ الحديث فلا يعني اختلاف اللفظ فيه تضعيفه وترك العمل به.

فإذا رجعنا إلى الغزالي في كتاب آداب تلاوة القرآن من الإحياء ( ج 1 ص 323) وإلى السيوطي في (الإتقان في علوم القرآن، م2، ج4، ص396). نجد السيوطي تكلم في هذا الحديث، وإنْ ضعَّفه كثيرون؛ فقال : أخرجه الترمذي والدَّارميَّ، وغيرهما من طريق الحارث الأعور، عن عليّ مرفوعاً: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستكونُ فِتَنٌ "؛ قلتُ: وما المخرج منها يا رسول الله؟ قال:" كتاب الله ....".. ثم ذكر بقيّة الحديث بلفظه؛ بما يتبيَّن منه خواص القرآن ذاتية وخاصَّة.

ألفاظ القرآن إذن ألفاظ "حقائق"، وليست مُجَرَّد عبارات وضِعَتْ في قوالب لغوية. غير أن هذه الخَاصَّة النبوية الفريدة يستنبطها القشيري فلا يتركها بغير إشارة، وذلك في معرض حديثه عن كثرة العبارات كونها للعموم، والرموز والإشارات للخصوص حيث يقول:" أَسْمَعَ موسى كلامه في ألف موطن، وقال نبيَّنا صلى الله عليه وسلم : " أوتيت جَوَامع الكلم فاختُصرَ لي الكلام اختصاراً " (لطائف الإشارات؛ جـ 1، ص 30).

فلكأنما يُشير من بعيد إلى أن ألفاظه عليه السلام إنمّا هى ألفاظ "حقائق" مادام قد أُعطىَ "جوامع الكلم"، وليست مُجَرَّد لغة تتردد على الألسنة دون تنفذ بين شغاف القلوب، بيد أنها تعبير عن "حقيقة" ربما يجهلها المرء لبعده عن ذوق طريق الله، ولكونه ممَّن لا يدركون من الكلم سوى شكله البَرَّاني لا حقيقته الخبيئة، لكنه من المؤكد يعلمها فيما لو كان داخل رحاب المعيّة الإلهية.

ومن جانب آخر، يصف الأديب الكبير مصطفي صادق الرافعي في كتابه "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"، هذه البلاغة النبويّة فيقول :" لقد رأينا هذه البلاغة النبويّة قائمة على أن كل لفظ فيها هو لفظ الحقيقة لا لفظ اللغة، فالعناية فيها بالحقائق، ثم هى تختار ألفاظها اللغوية على منازلها، وبذلك يأتي الكلام كأنه نطق الحقيقة المُعَبّر عنها. ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يتكلف ولا يتعمّل ولم يكتب ولم يؤلف، ومع هذا لا تجد في بلاغته موضعاً يقبل التنقيح، أو كلمة تقبل التغيير، كأنما بين الألفاظ ومعانيها في كل بلاغته مقياس وميزان".

ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن من أول وهلة: هل هذا يكفي؟ هل كل ما كان الرافعي ذكره يكفي لإماطة اللثام عن الفرق بين لفظ الحقيقة ولفظ اللغة؟ عندي أن ذلك وحده لا يكفي، ولا يُقرِّر غور هذا الفرق في واقعه المُقرَّر في التاريخ وفي التجربة؛ فألفاظ الحقيقة توضحها التجارب ويثبتها التاريخ بل تثبت بالتجربة وتثبت للتاريخ؛ فنحن هنا بإزاء ثلاثة مستويات: مستوى اللفظ، ومستوى المعنى، ومستوى الحقيقة.

والحقائق في عظمتها وجبروتها لا تدرك كل الإدراك ولا يُحاط بها كل الإحاطة وليس يشم منها أحد رائحة سوى ما تتجلى به عليه.

هنالك معاني لها، هذا صحيح، لكنها معاني تقريبية للحقيقة، أو هى صور ضئيلة جداً للحقائق تماماً كما أن الألفاظ في مستواها إنْ هى إلا صور ضئيلة جداً للمعاني؛ فاللفظ في ذاته يصور جزءاً من المعنى ولا تصور الألفاظ المعاني كلها.

والمعاني في مستواها كذلك لا تصور الحقائق من جميع أطرافها وجوانبها؛ ولا تدركها كل الإدراك ولا تحيط بها كل الإحاطة . والدليل على أن الألفاظ تقدّم صوراً ضئيلة جداً من المعاني: أن أبا الفتح عثمان ابن جنّي، صاحب "الخصائص"، كان يعتقد " أن اللغة، بأصولها وأصواتها التي تمثلها الأبجدية، إنمّا تقدم احتمالات لا نهاية لها من الألفاظ التي ترمز إلى معاني؛ وأن تقلبات اللفظ الواحد تؤدي إلى معان متقاربة اعتماداَ على ما كان قرَّره من وجود علاقة بين اللفظ ومدلوله".

وأنت حين تقول لفظة "التاريخ"، مطلق التاريخ؛ قلت حقيقة. وحين تقول كلمة "التجربة"، مطلق التجربة؛ قلت حقيقة. ولكن الذي ينقصك التَّحقق بالتجربة والثبوت في التاريخ؛ فإذا تحققتَ بالتجربة وثبتَّ في التاريخ بلغت الحقيقة. لكنك حين تقول:" التاريخ المصري ليس هو التاريخ الذي يُدرَّس الآن في المدارس والجامعات! "؛ قلت " لغة"، ولم تقل "حقيقة"، أو قلت لفظاً بلا معنى وبلا حقيقة. هذه اللغة يصدق عليها الخطأ كما يصدق عليها الصواب، يصدق عليها الباطل كما يصدق عليها الحق؛ وحين تقول:" تجربتي عن هذه الحياة إنها عابثة، وكل من فيها يعبث!"؛ قلت "لغة"، ولم تقل "حقيقة" أو قلت لفظاً بلا معنى وبلا حقيقة، هذه اللغة تقبل الكذب كما تقبل الصحة.

والخطاب النبوي ليس كذلك، ولكنه خطاب حقائق، صحيح على الدوام، صادق على الدوام، حق على الدوام.

ولنا أن نتأمل قوله تعالى :" وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فيه لعلكم تغلبون "؛ فماذا تجد ؟ تجد اللغة هنا إتيان بالباطل من القول، واللغو الصاخب في أثناء القراءة صرفاً للناس عنه وطلباً للغلبة، ومثاله في القرآن كثير: أعني مثال اللغو الذي ذكرت فيه اللغة اللاغية بسخيف الأقوال بله الأفعال، نماذجه في أكثر من عشرة مواضع في الكتاب الكريم. نأتي على خمسة منها فقط، وبقيتها توضيح يفرضه سياق الآية في مناسباتها الواردة فيها.

ففي "القصص" آية (55) قوله تعالى:" وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهليين"؛ فاللغة هنا لغو يلحق السماع؛ فبمجرد سماعه يستحق أن يُلغى من فوره بالإعراض عنه، والاكتفاء بالعمل خالصاً حين يشهده الله من المخلصين، ثم إبداء السلام على شرعة الإعراض أيضاً؛ طلباً للسلامة وتحقيقاً للإخلاص، لكنه هنا إعراض عن العبث وسخف القول وهما بُغية الجاهليين.

وفي "المؤمنون" آية (3) قوله تعالى:" قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون". فاللغة هنا لغو أيضاً ليس فيه فائدة لا من قول ولا من عمل، فليس اللغو هنا مقصوراً على اللفظ وكفى، ولكنه أيضاً يتضمن العمل. ولن يفلح مؤمن وهو في صلاته ليس بخاشع، وهو عن اللغو ليس بمعرض.

وفي"البقرة" آية (225) قوله تعالى:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم". اللغة فيه سبق اللسان لغواً ممَّا لم يقصد به جزم اليمين؛ فسبق اللسان باللغو بالحلفان لغة صادرة عن اعتقاد الصدق وهى تتضمن البطلان!

وفي"الفرقان" آية (72) قوله تعالى:" والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً": مرٌّوا كراماً على ما ينبغي أن يُطرح بعيداً من قول أو فعل، مرُّوا كراماً لأنهم ارتفعوا عن اللغة التي تصيبهم بالدُّون ممَّا ينبغي أن يُلغي من الأفعال والأقوال، مرُّوا كراماً فما ينالهم إلا ما ينال الكريم من العزوف والإعراض، مرُّوا كراماً والكريم إذا مَرَّ باللغو لم يبال بصاحبه ولا بما يلغو فيه، مرُّوا كراماً فكرمت لديهم أنفسهم، وهان عندهم اللغو، وسقطت لديهم لغة المحجوبين.

وفي" الطور" آية (23) قوله تعالى:" يتنازعون فيها كأساً لا لغوٌ فيها ولا تأثيمٌ". نعم! يتنازعون في الجنة ويتجاذبون فيها الكؤوس تنازع محبة وأنس لا تنازع شقاق وخلاف، كلٌّ منهم يجذب الكأس من يد صاحبه تلذُّذاً وتأنُّساً، فليس المقام مقام لغو ولا تأثيم، ولا هو بمقام لغة فاحشة وكلام قبيح، كما تفعل كؤوس الدنيا بذويها فتمنع ألسنتهم عن الصواب بعد أن تعقل عقولهم عن الصحة والسلامة بل: (لا تسمع فيها لاغية) من باطل ولا لاهية من لغو.

وعليه يتبين؛ أن ألفاظ اللغة ليست في كل حال صادقة، بل من اللغة ما هو باطل وقبيح، وما هو شاذ وساقط، ومنها ما يشتمل على سخيف القول وفضول الكلام. كما أن ألفاظ اللغة تلك ليست في كل حال صادقة على الواقع التاريخي الذي يشهد الحالة كما يشهد الواقعة تجربة وحدثاً في مجراه العميق الطويل، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أختاره الله لرسالته واصطفاه لدعوته وأرسله إلى الناس كافة مبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، لم تكن دعوته مجرَّد لغة، ولم تكن ألفاظه كلمات كسائر الكلمات، ولكنها كانت "حقيقة"؛ كما كانت دعوته واقعاً تجري فيه حقائق الحياة والكون وتشهدها وقائع التاريخ وتجاربه الحيَّة، ممارسة وفعلاً وحياة.

عدد الخواص الذاتية للقرآن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر خاصة؛ ما كان يمكن أن تستشعر قيمة هذه الخواص ولا واحدة منها ولا صفاتها بغير تجربة عملية فاعلة ومباشرة مع القرآن، كيما تستطيع أن تنفذ إلى أغوارها الدفينة في واقع التجربة الإنسانية أو في التاريخ الماضي أو في استشراف المستقبل.

الحركة الإنسانية كلها ممثلة في تجاربها المتطورة المنظورة من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل كلها في القرآن؛ فالإنسان في علاقته مع الله هو هو الإنسان لا يتغير ولا يتبدل، جرت به سنة الله من زمن إلى زمن، ومن عصر إلى عصر، وتعاقبت عليه الأطوار والأجيال وهو هو الإنسان لا يتبدل:" سُنَّةُ الله في الذين خلوا من قبل، ولن تجد لسنة الله تبديلاً". والذي خلقه سبحانه وسواه لهو  أعلمُ بطبيعته؛ فالنموذج الذي كان بالماضي لهو هو النموذج الحاضر وهو هو نموذج المستقبل: روح وجسد، عقل وضمير، خير وشر، إيمان وضلال، عاطفة وشعور، قلب ووجدان، ضعف وقوة، حياة وموت، الإنسان إنسان في كل زمان ومكان لا يتغير ولا يتبدل.

فإذا خاطبه رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه بلفظ الحقيقة لا لفظ اللغة، ولم يستطع فهم الخطاب، كان هذا الخطاب خطاباً لحقيقته الباطنة المجهولة بالنسبة له، وليس بخطاب لغة يَتَصَرَّف فيها اللسان ويلغو بقبيح القول والفعل كيفما اتفق وكيفما صَار. فالمطلوب فيما لو أراد فهم الحقيقة أن يَتَجَرَّد ويصفو ويكون أهلاً لمستوى فهم الخطاب النبوي.

تلك الحقيقة الإنسانية المُعدَّة من قبل الخالق لتلقي الخطاب النبوي لهى أجدر بارتقاء النظرة وشعور التهذيب من أن يجيء الخطاب إليها مجرد لغة وكفى، لغة لا تمس الحقيقة في شيء.

وإنما هى فوق كل شيء، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، تتكشف مع قراءة الإيمان للقرآن ومعايشته وطول التدبر فيه؛ فحبلُ الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يُخْلَق على كثرة الردِّ، ولا تنقضي عجائبه. هذه كلها "حقائق" أنت لا تشم منها رائحة ولا تدرك لها معنى بمجرد اللفظ وكفى، ولو ظللت كل يوم تردد اللفظ ألف ألف مرة، ما استطعت أن تصل فيه إلى قرار ما لم ينقلك اللفظ إلى مستوى المعنى فترتحل تباعاً من المعنى إلى مستوى الحقيقة.

وبما أن الفكر الفلسفي يسلك على التعميم طريقة للوصول إلى الوحدة المنشودة، إلى الله، فإن الصوفية من بين أنواعه المتعددة هم الذين يلجئون إلى اللقاء المباشر بالوجود العيني بدل أن يلجئوا إلى "الأقوال" التي قيلت عن ذلك الوجود.

من أجل ذلك؛ أريد أن أقول قولاً فاصلاً أنه مادمنا نعتمد في بحثنا عن الحقيقة الإلهية على الكلمات باعتبارها الأقوال التي قيلت عن هذه الحقيقة لا الحقيقة ذاتها؛ فإن إيماننا بها لا يزيد على كونه إيمان "لغة" لا إيمان "حقيقة"، إيمان لفظي لا إيمان عيني، ومن هنا يخفق الذين يبحثون عن الله من خلال ما قيل عنه من أقوال ويساورهم الشك دوماً في وجوده؛ لأنهم يعتمدون إيمان اللغة وإيمان القول وإيمان الكلمة مما توارثناه طيلة أجيال متعاقبة من تراث الفرق والمذاهب والنظريات والمباحث على اختلاف استخدامها تعبيراً عن الحقيقة بالوجود اللفظي وكفى.

وكل هذا كله كلام فارغ لا يصور الحقيقة الإلهية ولا يمثلها ذوقاً في بؤرة الشعور؛ ربما يجريها لفظها نعم، ويصورها قولاً غير أنه لا يعمقها في الباطن ويفعلها مطلقاً في قلوب المؤمنين. لكن إيمان الحقيقة شيء آخر يختلف عن إيمان اللغة، هو نفسه اللقاء المباشر بوجودها العيني والدخول فيها مباشرة بغير اعتماد على قول يُقال عنها. وهذا هو إيمان الأولياء والعارفين : لقاءُ مباشر بالوجود العيني على التحقيق.

 

بقلم : د. مجدي إبراهيم

 

في المثقف اليوم