قضايا

وهبة طلعت أبو العلا ونظرية الوجود المقلوب (6)

محمود محمد علينعود ونكمل حديثنا في مقالنا السادس عن وهبة طلعت أبو العلا ودوره في صياغة نظرية الوجود المقلوب، حيث نتحدث عن الحكم الأمريكي الأول للعالم وفي هذا يتساءل وهبة طلعت فيقول : إذا كانت الحرب قد انتهت هكذا بحكم أمريكا للعالم، فلماذا لم تبرز أمريكا علي السطح باعتبارها حاكمة له في أعقاب الحرب مباشرة؟ لماذا فضلت أمريكا أن تظل – إلي حين – مستمرة في حكم العالم في الخفاء لا في العلن؟ إن الإجابة علي هذا السؤال في اعتقادي هي أن أمريكا فضلت أن تستمر في حكم العالم في الخفاء حتي تبدو في نظره- في العلن علي الأقل – الدولة الصديقة التي دخلت الحرب من أجل إرساء دعائم الحرية والعدل والمساواة بين كافة البشر . ولو كانت أمريكا اعتلت عرش العالم في العلن في أعقاب الحرب – وهذا هو بالتحديد ما فعلته في الخفاء – لبدت في نظره دولة قامعة مسيطرة ومقيدة للحريات الأمر الذي كان سيفضي إلي معاداة سائر البشر لها . ولا شك في أن هذا كان سيفضي إلي عواقب وخيمة بالنسبة لها لم تكن علي استعداد – هذا علي الرغم من انها كانت تملك المقومات التي تمكنها من التعامل معها – للتورط فيها في ذلك الحين . فهي أرادت أن تضمن ولاء الشعوب وترحيبها بها كدولة صديقة تدعو إلي السلام والإخاء، حفاظا علي مصالحها ومنعا لنبذ المواطن الأمريكي في العالم ... كل ذلك إلي حين؛ .

والشعب الأمريكي نفسه ليس هو الشعب الذي يدير هذا الحكم ؛ حيث يقول وهبة طلعت: كلا وألف كلا ؛؛ فالشعب الأمريكي – مثله في ذلك مثل غيره من شعوب الأرض – هو شعب برئ بطبعه ويتمتع ببراءة تعادل تلك التي نجدها عند سائر البشر الذين أجد معظمهم يعيشون علي الفطرة . هذا الحكم يدار بمعرفة تلك القلة القليلة النادرة الذين يعرفونك الآن ولا تعرفهم، يبصرونك ولا تبصرهم، الذين هم بيننا ولكن لا نعرف عنهم شيئا، والذين يرقبون سائر حركاتنا وسكناتنا ولكن أعيننا تفشل دوما في إدراكهم . هذه القلة القليلة هي التي أريد أن أطلق عليها اسم حراس العالم، وذلك علي غرار أولئك الذين أطلق عليهم كارل ماركس اسم حراس الثورة . وحراس العالم في نظري هم أولئك الذين يحركون كل شئ في العالم دون أن يبصرهم أحد حتي المواطن الامريكي نفسه الذي يحركونه مثل يحركون سائر الأشياء . وهم نجحوا في تحويل العالم إلي مسرح للعرائس يحركون خيوطها دون أن يدرك أحد أنهم يفعلون ذلك لأن الجميع لا يرون سوي العرائس ؛ وهم جهابذة السياسة الذين ينشرون ستارا من الغموض علي سائر الأحداث بحيث تراها في الظاهر وكأنها حدثت بصورة عفوية وتلقائية وبحرية وبحكم الصدفة، في حين أن حقيقة الأمر الفية أو المقلوبة هي انها حدثت بفعل تدبير طويل الأمد وبفعل الصدفة المدبرة سلفا كي تبدو صدفة، وذلك تحقيقا لأهدافهم وغاياتهم الخفية أو البعيدة التي تختلف عن، بل وتناقض في العادة الاهداف المباشرة المعلنة علي الجميع . وهم الذين يوجهون سائر الشعوب – ومن ثم سائر البشر – إلي تحقيق الأهداف التي يريدونها هم (حراس العالم) حتي وإن بدا هذا التحقق في الظاهر علي أنه يحدث بحرية . فما تظنه الشعوب – يدخل في ذلك الشعب الأمريكي نفسه - أنه يحدث بحرية وإنما يحدث في حقيقة الأمر – وبفضل التوجيه الخفي للأحداث الذي يقوم به حراس العالم – في ضوء وهم الحرية أعني بحكم الضرورة التي يفرضها حراس العالم والتي بفضلها يستطيعون إدارة دفة العالم .

إذا كان هذا باختصار هو مجمل السياسة الخفية التي اصطنعها حكام العالم منذ الحرب العالمية الثانية، كما يري وهبة طلعت، فإن السؤال الذي يتحتم التعامل معه الآن كما يعلن وهبة طلعت: ماذا فعل هؤلاء الحراس في الخفاء من أجل محاولة إحكام قبضتهم علي العالم بعدما اعتلوا عرشه في الخفاء في أعقاب الحرب؟ إنني أري أن أول شئ فعله هؤلاء الحراس هم أنهم حرموا علي العالم امتلاك القنابل الذرية أو أي شئ من وسائل التدمير الشامل . فهؤلاء الحراس تعلموا تماما الدرس المستفاد من خبرة الاجيال علي مدار العصور والذي يؤكد علي أن اقتسام الدول لسلاح معين فيما بينها من شأنه أن يفضي إلي حدوث توازن في القوي يجعل من المحال علي دولة بعينها حسم أي صراع لصالحها، ولهذا قرر هؤلاء الحكام أو الحراس حرمان العالم أجمع من هذا السلاح حتي تظل أمريكا وحدها سيدة العالم أو الحاكمة له .

في ضوء ذلك يقول وهبة طلعت: إن الدعوة الزائفة التب تشيع أن هناك دولا من بين دول العالم تملك أسلحة التدمير الشامل هي في اعتقادي دعوة علنية مزعومة لا اساس لها من الصحة . فحقيقة الأمر الخفية أو المقلوبة التي أراها في ضوء منطق الامور هي أن جميع دول العالم – باستثناء الولايات المتحدة الامريكية أو، بتعبير أدق، باستثناء حراس العالم – لا تمتلك هذا السلاح وليس لها الحق حتي في امتلاكه ( اللهم إلا بمعرفة حراس العالم وتحت إدارتهم )، كما أنه ليس هناك ما يسمي ب القوي الكبري أو العظمي خلاف الولايات المتحدة الامريكية . إن ذلك كذلك لأنه لو كان هذا السلاح ملكا مشاعا، كما قد يظن البسطاء من البشر، بين دولة معينة لحدث توازن في القوي علي غرار ذلك التوازن الذي حدث علي مدار التاريخ واستحال معه سيادة طرف علي غيره من الأطراف .

صحيح أننا نسمع كل يوم عن امتلاك دولة ما لذلك السلاح ، وصحيح أيضا أن جميع البشر – ربما باستثناء قلة قليلة – علي يقين تام بأن دولا معينة مثل انجلترا، وفرنسا، وروسيا تمتلك هذا السلاح . غير أن وهبة طلعت، ضد هذا اليقين، أقول إن هذه ليست سوي إشاعات وأباطيل لا أساس لها من الصحة . فأمريكا تسمح بمثل هذه الإشاعات الفارغة بغرض تحقيق ما يسمي باسم الرعب النووي تحقيقا لأهداف خفية معينة . وحقيقة الأمر الخفية أو المقلوبة في اعتقادي هي أنه يستحيل علي هذه الدول – بل وعلي أي دولة أخري خلاف الولايات المتحدة الأمريكية – امتلاك هذا السلاح بالذات، لأن مثل هذا الامتلاك سيرتد بالعالم إلي الوراء أعني إلي الوضع الذي ولي زمانه أعني إلي عصور توازن القوي الأمر الذي كان سيفضي بلا محالة – وعلي غرار ما حدث في الماضي – إلي قيام حروب عالمية جديدة بغية تحقيق الحلم أو حكم العالم .

هذا لا يعني أن وهبة طلعت يستبعد وجود ؛ حيث يقول : لا وجود لا امتلاك – أسلحة نووية في أي دولة في العالم، ولا يعني أنني استبعد أيضا قيام حروبا أخري مشابهة للحربين العالميتين السابقتين . إن العكس هو الصحيح بمعني أنني لا أستبعد علي الإطلاق هاتين المسألتين بل واعتقد أنهما متحققتان بالفعل . غير أن حقيقة الأمر الخفية أو المقلوبة هي في اعتقادي أنه لو حدث ووجد وسلاح نووي في أي دولة في العالم – خلاف الولايات المتحدة الأمريكية – فإن هذا يعني أن أمريكا هي التي وضعته تحقيقا لسياسة معينة كأن ترهب به دولة أخري حتي تضطرها إلي القيام بأعمال معينة تخدم مصالح أمريكا . هذا يعني أن وجود القنابل الذرية مثلا في دولة من الدول يفيد بأن أمريكا هي التي وضعت ذلك السلاح في تلك الدولة وأن هذا السلاح تحت السيطرة والإدارة الأمريكية حتي في حالة وجوده في تلك الدولة . والدولة التي يوجد بها ذلك السلاح ليس لها الحق حتي في استخدامه . وذلك لأن استخدام مثل هذا السلاح – في حالة ما تكون هناك مدعاة ملحة إلي ذلك – لن يتم إلا بأمر أمريكا أو بإيعازها وتنفيذا لسياسة معينة تكون في العادة مخالفة لكل ما يقال في العلن . ونفس الامر ينطبق بمعني ما علي قيام أو نشوب الحروب التي تشبه من بعض الاعتبارات الحربين العالميتين . فنشوب مثل هذه الحروب – التي نشب شيئا منها بالفعل كما سأوضح فيما بعد – يحدث علي نحو مخالف تماما لنشوب الحربين العالميتين السابقتين، لأن الحروب العالمية الجديدة تتم تحت إدارة أمريكا وتنفيذا لمخططاتها . هذا يعني، بتعبير آخر، أنه علي الرغم من أنني أري أن العالم لا يزال وسوف يظل يمر من حين لآخر بحروب عالمية أشبه بالحربين العالميتين اللتين عرفهما العالم من قبل، إلا أنني أري أيضا أن الحروب العالمية الجديدة تختلف تماما عن هاتين الحربين . فالحروب العالمية الجديدة أصبحت مدبرة تماما وتدار بمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية أو بمعني أدق بمعرفة حراس العالم وتنفيذا لمخططات مدروسة وموضوعة سلفا . أما الحربان القديمتان فقد كانتا تفتقران إلي حد كبير إلي هذه الخصائص – يستثني من ذلك ربما الفترة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية .

ولهذا يعلن وهبة طلعت فيقول: لتعلم عزيزي الإنسان أنه لا امتلاك لقنابل نووية – أو لغيرها من أسلحة الدمار الشامل – في أي دولة من دول العالم باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية . وليس هناك استعمال لهذه القنابل إلا بمعرفة هذه الدولة وبواسطتها . وليست هناك حروب أخري أشبه بالحربين العالميتين القديمتين إلا وتدار بمعرفة أمريكا – التي تحارب مع جميع الأطراف، تحارب لصالحهم وضدهم في الآن عينه – ولصالحها . وأي أقاويل لاف ذلك لا أراها إلا أقاويل كاذبة الغرض منها نشر الغموض السياسي وكذا نشر الرعب النووي وذلك بغية جعل سائر الدول تخشي بعضها البعض من ناحية، وجعل جميع الدول تشي الولايات المتحدة الأمريكية وترضخ لجميع مطالبها من الناحية      الأخرى .

إذا كانت الخطوة الأولي التي اتخذها حراس العالم في سبيل إحكام قبضتهم علي العالم تتمثل كما ذكر وهبة طلعت في حرمان العالم من امتلاك أي سلاح نووي – أو حتي أي وسيلة من وسائل التدمير الشامل – فإن الخطوة الثانية بالنسبة لهم كانت تتمثل في اعتقادي في حرمان العالم من التسليح التقليدي – اللهم إلا بقدر ؛ فخطر التسليح التقليدي لم يكن خطرا شاملا- علي غرار التسليح النووي – بل كان خطرا محدودا حيث سمح حراس العالم لدول معينة بإنتاج هذا النوع من التسليح تحقيقا لأغراض سياسية وعسكرية معينة تخدم مصلحة حراس العالم أولا وقبل كل شئ . غير أن هذا الإنتاج كان يحدث تحت مرأي ومسمع مراقبة حراس العالم الذين لم يتركوا أي شئ علي الإطلاق لما يسمي باسم الصدفة أو المفاجأة . هذا الحظر الأمريكي علي إنتاج الدول لهذا النوع من التسليح لم يقتصر علي دولة معينة أو علي طرف معين من أطراف الحرب العالمية القديمة دون آخر . بل شمل الجميع . هذا يصدق في ألمانيا، مثلما يصدق علي إنجلترا، يصدق علي فرنسا، مثلما يصدق علي إيطاليا، يصدق علي اليابان، مثلما يصدق، كما سأوضح فيما بعد، حتي علي روسيا نفسها .... وهلم جرا . فأمريكا أقامت لنفسها قواعد عسكرية للمراقبة المباشرة – هذا بالإضافة إلي سائر ألوان المراقبة غير المباشرة يدخل في ذلك الأقمار الصناعية نفسها التي أراها كلها أمريكية الأصل في الخفاء حتي وإن انتمت في العلن إلي دول مختلفة – حتي في داخل هذه الدول لنفسها . ويمكنني أن أدلل علي ذلك من خلال حادثة حدثت منذ سنوات قليلة وعرفها العالم أجمع أعني حادثة ضرب الولايات المتحدة لثكنات العزيزية    الليبية .

فمن المعروف أن أمريكا أقدمت علي هذا العمل بواسطة طيرانها الذي انطلق من قاعدة أمريكية في إنجلترا وبدون الرجوع إلي، أو حتي استشارة، انجلترا نفسها ؛؛ ويقول وهبة طلعت : لقد كنت يوم وقوع هذه الحادثة في إنجلترا نفسها،والتصرف الذي حدث من جانب الحكومة البريطانية احتجاجا علي تجاهل أمريكا التام لها يمكنني وصفه علي النحو التالي : لقد هاج أعضاء مجلس البرلمان البريطاني علي السيدة تاتشر – التي كانت تشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت – غير مصدقين إمكانية قيام أمريكا بعمل علي أراضيهم دون الرجوع إليهم . ولم تجد السيدة تاتشر مفرا من مواجهتهم بالحقيقة الدامغة التي بررت بها السر في هذا التصرف الأمريكي، والتي أخرست ألسنتهم علي الفور، والتي تقول : هناك معاهدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية تنص علي أن للولايات المتحدة الحق في استخدام قواعدها في بريطانيا دون الرجوع إلي بريطانيا نفسها . وإذا كانت السيدة تاتشر قد أعلنت هذا الحقيقة لتبرير موقف خاص – موقف عدم الرجوع أمريكا إليها قبل الإقدام علي ضرب ثكنات العزيزية – فإنني وجدت في هذه الحقيقة تبريرا مقنعا أو مؤكدا للفكرة العامة التي كانت تدور في ذهني، والتي كنت أحاول التثبت منها من خلال كل موقف حياتي ممكن، أعني، أن أمريكا هي حاكمة العالم والمتصرفة فيه طبقا لأهداف وغايات حددتها سلفا . فالحقيقة التي أعلنتها السيدة تاتشر إن دلت علي شئ، فإنما تدل علي أن أمريكا احتلت العالم في الخفاء منذ الحرب العالمية الثانية – لأن ما يصدق علي الجزء (بريطانيا) يصدق علي الكل (العالم) – وجردته من كل أنواع التسليح التقليدي وغير التقليدي – اللهم إلا بالقدر الذي تريده هي، والذي تراه يدم أهدافها ومصالحها . فأمريكا لم تكن تسمح بأن تترك أي شئ للصدفة، لأن ذلك قد يفضي إلي حدوث توازن جديد في ميزان القوي لن تكون عقباه سوي تدمير كوكب الأرض نفسه . لقد فرضت أمريكا علي سائر الدول عد إنتاج أو حيازة أي نوع من أنواع التسليح إلا بالقدر الذي تحدده أمريكا . وفي ضوء ما سبق يمكن القول إنه إذا كانت بريطانيا لا تملك هكذا حق الاعتراض علي ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذا يعني أنها حكومة تماما . وإذا كان هذا يصدق علي بريطانيا، فإنني لا أجد سببا واحدا يمنعني من أن أقرر أنه يصدق أيضا علي سائر الدول الأخرى . فجميع الدول محكومة هي الأخرى بمعاهدات أملتها أمريكا علي العالم أجمع في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وذلك ضمانا للتفوق الأمريكي ليس في المجال العسكري فحسب، بل أيضا في سائر المجالات، وذلك منعا لحدوث أي توازن في القوي قد يفضي في النهاية إلي عواقب لا تحمد أمريكا عقباها . فغير أن هذا الحكم الأمريكي للعالم لم يكن يعني، كما سوف أوضح فيما بعد، تكميم الأفواه . وإن العكس هو الصحيح بمعني أننا كثيرا ما نجد دولا تعترض في العلن علي سياسة أمريكا . غير أ، هذا الاعتراض العلني ليس بالاعتراض الحقيقي، وإنما يكون مسموحا به من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة أهداف معينة . هذا يعني، وكما سأوضح فيما بعد، أن الاعتراضات العلنية من جانب الدول الأخرى علي سياسة أمريكية ما، لا يحدث إلا بعد موافقة أمريكا عليه من أجل تحويل الأنظار أو من أجل تحقيق أهداف معينه .

ولهذا يعلن وهبة طلعت فيقول : لتعلم عزيزي الإنسان أن الظن الذي مؤداه أن كل دولة لها الحق في إنتاج ما تشاء من الأسلحة التقليدية هو ظن كاذب ووهم مخادع . فحقيقة الأمر الخفية أو المقلوبة التي أراها هي أن كل شئ تحت التحكم أو السيطرة . ولا شئ يترك للصدفة أو للعبث، وذلك منعا لمجرد التفكير حتي في حدوث أي توازن في القوي، مهما كان ضئيلا، يرتد بالجميع إلي ما كانت عليه الأمور أثناء وقبل الحربين العالميتين . وهكذا حسمت قضية التسليح لصالح أمريكا – لصالح حراس العالم – إلي الأبد، وأصبحت سائر أنواع التسليح لا تتم في سائر بقاع العالم إلا تحت إشرافها، وبالقدر الذي تريده، وبالتوزيع الذي تراه ينفذ سياستها – خارجيا وداخليا – ويحقق ما تصبو إليه من أهداف علي المدي الطويل . وإذا حاولت دولة الخروج – خروجا حقيقيا لا مزعوما وبمعرفة أمريكا – علي هذه القاعدة فلن تلقي سوي التلويح بالتدمير الشامل الذي قد يأتيها من أمريكا نفسها – وهذا في اعتقادي آخر شئ يمكن حدوثه – أو من أحد جيرانها أو من أي دولة أخري تصدر لها الأوامر الأمريكية بالتنفيذ العلني، أو حتي بطريق الصدفة التي تكون قد دبرت سلفا كي تبدو صدفة . هذه هي الخطوة الثانية التي خطاها حراس العالم في طريق إحكام قبضتهم علي العالم . إنها الخطوة المتعلقة بتجريد العالم من التسليح وكذلك عدم تسليحه إلا بالقدر الذي تراه حتي تجعله عالما أعزلا ومن ثم يسهل حكمه، وتوجيهه لخدمة اهدافها.. وللحديث بقية

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

 

في المثقف اليوم