قضايا

الهياج العراقي الحالي وإشكالية الثورة والإصلاح

ميثم الجنابيفي زمن الانقلابات الحادة والصراعات المريرة التي تتقاذفها مختلف نوازع الهموم الاجتماعية والسياسية وتغلغل الأوهام والخرافات يصبح من الصعب بالنسبة للجمهور إدراك الغاية الضرورية من وراء الصراع، وأساليبه النافعة وتنقيتها الذاتية لكي لا يكون مطية لكل عابر طريق. وهي الحالة التي يواجهها العراق حاليا، بعد أن أدت تجربة ما يقارب العقدين من الزمن إلى انغلاق آفاق التجربة السياسية ما بعد الدكتاتورية الصدامية.

لقد سعت القوى جميعا، كل بمقدار ما فيه من استعداد وطاقة لبناء الدولة الجديدة، بعد انهيار نماذجها السابقة، أو ما اسميته بالجمهورية الرابعة. غير أن تجربة ما يقارب عقدين من الزمان كشفت عن أن الخراب والدمار الهائل في بنية الوجود الاجتماعي والوطني والثقافي والسياسي هو خراب بنيوي شامل. أما القوى السياسية التي صعدت إلى السلطة بأثر الاحتلال الأمريكي، فإنها كشفت عن جهلها الفظيع في احترف المهنة السياسية، وشبه انعدام للفكرة الوطنية والاجتماعية، بمعنى طابعها التقليدي أو الحزبي أو الجهوي أو الفئوي أو الطائفي أو العرقي أو العائلي. بمعنى غياب القوة الاجتماعية السياسية الوطنية (العراقية). إنها كشفت عن أن "النخبة السياسية" هي نخبة أمية بالمعنى الاجتماعي والمهني والوطني. من هنا تحول "انحرافها" الأخلاقي إلى الأسلوب الوحيد للبقاء في السلطة بعد جلاء فشلها السياسي في إرساء أسس الدولة العصرية.

غير أن هذه الأسلوب لا آفاق له. فالغباء والحماقة ليست أسلوبا لحل إشكاليات الوجود. أما الانحراف الأخلاقي (من فساد مريع لا مثيل له في تاريخ العراقي منذ زمن جلجامش!!) فإن مخرجه في العراق هو الموت الوجودي والسياسي والأخلاقي. فقد قتل العراقيون بصورة لا تخلو من البشاعة والعنف الدموي رجال المرحلة الملكية، بينما يبدو أحدهم على خلفية النخبة السياسية الحالية اشبه بملاك! وهذهإحدى المفارقات التي لا يحلها حتى المنطق نفسه.

ومع ذلك، لا حلول بلا منطق. وهو امر جلي يقوم في مهمة تأسيس البدائل الواقعية والعقلانية والمستقبلية التي تلغي زمن الراديكالية التي جاءت بكل هذه الحثالة التي "تتسيد" في مستنقع الأوهام والخرافة والسرقة! بمعنى العمل على جعل الثورة إصلاحا والإصلاح ثورة. فهو الطريق الوحيد الآن لإلغاء الراديكالية التي لا تأتي إلا بالسخيف الوضيع، لأنها وسيلة وأسلوب أولئك الذين يفتقدون لأبسط مقومات الاحتراف. فالدولة هي الكائن الأشد تعقيدا بالنسبة للبناء والتطور. بمعنى إنها الكيان الحي الذي يحتاج دوما إلى طاقم الاحتراف الأكثر رقيا في كل مؤسساته ومفاصله.

بمعنى، إننا بحاجة إلى تجاوز هذه المرحلة الانتقالية المعقدة والخربة بالشكل الذي يحفظ للعراق كينونته الفعلية وآفاقه المستقبلية، تماما كما كان منذ جلجامش مرورا بتكوينه للكينونة العربية الثقافية وانتهاء بالرجوع إلى النفس بمعايير العقل والوجدان والرؤية الواقعية والمستقبلية.

إن العراق مليء بالمشاكل، بل كله مشكلة. وهو بمعايير الرؤية الأدبية والوجدانية بلد الإشكاليات والمشاكل منذ القدم. ونحن العراقيون نحب دوما الرجوع إلى ملحمة أو أسطورة جلجامش باعتبارها بداية الأسئلة الأبدية الباحثة عن معنى الوجود والخلود. مع إنها ليست البداية. فالتاريخ الكبير يحب فكرة التأسيس وليس البداية. من هنا الرغبة الدائمة بالبحث في الأزل أو القدر عن بداية هي الصيغة المثلى أو الوهمية لما نرغب في البحث عنه.

إن التاريخ العظيم هو الوحيد القادر على صنع أساطيره، وما عدا ذلك مجرد خرافات. وليس مصادفة أن نعثر في تاريخ العراق على تجسيد لهذه الفكرة بحيث نعثر في كل عراقي على إسطورة وخرافة بوصفهما اتجاهان متلازمان للصعود والهبوط أو الارتقاء والانحطاط. وهي مباحث لن تهدأ بل تقض مضاجع العقل والوجدان. والسؤال الذي عادة ما يبرز زمن الإشكالات المحتدمة هو على ماذا وعمن يبحث العراقي منذ القدم؟ انه يبحث عن نفسه دون شك. ولكن ماذا تعني النفس العراقية أو  الأنا العراقية وما هي ماهيتها وحدها وحقيقتها؟ فقد جرى وصفوهم بأهل الأهواء، أي أولئك المولعين بالعقائد والتمسك بها والميل معها أينما سارت بها الروح أو البدن أو العقل أو جميعهم. وهذه فضيلة كبرى. لكن للفضائل حدودها. وحالما تفقد هذه الحدود فإنها تتحول الى رذيلة. فالمشي فضيلة، ولكن عندما تمشى بلا توقف ولا حدود ولا معنى ولا غاية فانه يصبح أما ضرب من الجنون أو دعابة الخرافة، أو تسكع سخيف. من هنا قيمة الحدود. إنها تتمثل في القانون والقيم وقواعد الأدب والسلوك، باختصار في كل ما هو ضروري للوجود بوصفه وجودا انسانيا واجتماعيا. والخروج عليها يؤدي، كما في الطبيعة، إلى فيضان الأنهار وعواصف الأتربة وجفاف السهول والسيول المخربة. من هنا أهمية الحدود بالنسبة للحياة الاجتماعية والسياسية. وإدراك هذه الحدود والعمل ضمنها هي المقدمة الجوهرية لكل إصلاح ورقي دائم أو تطور مستديم. ولا يمكن بلوغ ذلك دون تذليل زمن الراديكالية وأوهامها "المقدسة".

أما في الواقع، فإنه لا مقدس غير إلغاء "المقدس"، ومن ثم العمل بمعايير التاريخ الواقعي والفعلي والرؤية المستقبلية. وبدون ذلك يصبح الأمر مجرد استمرار لزمن بلا تاريخ. وسرّ أو سبب هذه الظاهرة يقوم في هيمنة وسيادة وحاكمية الفكرة الراديكالية. وخطورة هذه الظاهرة في العراق، و بالاخص في ظروفه الحالية، هو أن الراديكالية فيه ليست فكرة نظرية بل نفسية أو ابديبولوجية شعبوية بأفضل الأحوال. وكلاهما تخلف وانحطاط وخرافة. من هنا "القيادات" و"لزعماء" الجهلة وأنصاف المتعلمين و"ابناء الشوارع" و"السوقية" وما شابه ذلك. وينطبق هذا على الجميع. فقد كان قادة الحزب الشيوعي جهله وأميون واغلبهم حصيلته محو أمية ومدرسة ابتدائية. وصدام حسين كذلك. وقادة البعث المتأخرين أيضا. والآن "دكتوراه بحب الحسين" ومقتدى الصدر والحكيم، صغار بلا صدور ولا حكمة، وبرازاني لم يكمل المدرسة الابتدائية "مفكر القومية الكردية وقائدها"، وسابقا كان أبناء الشوارع والآن أبناء عوائل "مقدسة" لا قدسية فيها، وأغوات جبلية أي استبدال لرذيلة بأخرى اكثر حشمة! والبقية من نفس الطراز، كل واحد منهم مطرز أما بالجهل أو بالخداع والرياء. أما "خلفاء وأمراء" اهل السنّة والجماعة فهم مجرد لصوص وقتلة ومجرمون، يعبدون التحريم والتجريم والقتل وقطع الرقاب وتفجير الأبرياء واغتصاب النساء. وعموما انهم منهمكون بشهوة الفرجين! ومن الممكن العثور على انعكاس هذه النفسية والذهنية بدون وعي في علَمهم وشعارهم: خلفية سوداء (امرأة مغطاة بحجاب أسود، وفتحة بيضاء في وسطها هي فرج الإسلام الذي ادخلوا فيه الله ومحمد، بوصفه رسولهم إلى جنة السفاح والنكاح الجهادي!

إننا نقف أمام ظاهرة سوسيولوجية أولا وقبل كل شيئ، إلا أن جذورها في الراديكالية والقوى الهامشية والحثالة الاجتماعية التي تعيش بمعايير الزمن. انه زمن بلا تاريخ، وبالتالي بلا مستقبل. لهذا نقف منذ صعود الراديكالية بعد انقلاب الرابع عشر من تموز عام 1958 ولحد الآن أمام خط بياني لانحطاط مريع بكافة الميادين والمستويات. الأمر الذي يشير إلى أن الراديكالية تصنع مستنقع لا يعيش فيه إلا الطحالب. وهذه حالة العراق الحالية، أي نتاج كل هذه الحقية المريرة

إن القضية الكبرى والأكثر تعقيدا بالنسبة للعراق الآن هي قضية فقدان أو ضعف التفكير العقلي والفلسفة العقلانية، وعوضا عنها أو بالضد منها سيادة وهيمنة التفكير الأيديولوجي والحزبي المسطح، أي سيادة ذهنية الرعاع والحثالة والهامشية.

سابقا كانت تسود الذهنية الدنيوية (العلمانية) بمختلف أصنافها، مع إنها كانت في العراق محصورة بين ايديولوجيات قومية مسطحة ومبتذلة، وشيوعية أكثر ابتذالا. من هنا احترابهما العنيف. فقد كان الصراع بينهما أقرب إلى صراع القبائل الهمجية. أما الآن فقد أضيف لها الذهنية والأيديولوجيات الطائفية والعرقية. بمعنى استكمال المسار الأعمى صوب مستنقع الانحطاط والتخلف.

إن هذا المسار يقفل الأفق التاريخي، أي انه يبلور معالم الطريق المسدود. مع إن هذا الطريق بلا معالم غير العمى والبلادة. وخطورة كل هذه العملية تقوم في أنها تقضي على الذهنية الحرة، والنقدية، والنزعة العقلانية، والإنسانية. أما النتيجة فهي غياب واضمحلال بل وتلاشي إمكانية الفكرة الإصلاحية. بل اعتبار الفكرة الإصلاحية خطأ وخطيئة. وذلك لأن هذه الذهنية تكتفي بيقين جازم، هو الوجه العملي للإيمان البليد، والتقليدية، والعادات والأعراف باعتبارها قيما مقدسة، رغم طابعها الدنس بمقاييس العقل الحر والضمير الاجتماعي، والعلم والمعرفة الحقيقية.

من هنا مهمة نقد هذه "المقدسات" التي يمكن سماعها على ألسنة الاغبياء والأنذال ليلا ونهارا. والقضية ليس فقط في كونها أوهاما بمعايير الحقيقة والعلم والمنطق، بل ولخطورتها بالنسبة لفكرة الحق، والحرية. فالأوهام بطبيعتها الذاتية خطرة. ويمكنها أن تتخذ أشكالا عديدة دينية ودنيوية، فردية وعامة، قومية وعرقية، بل وحتى "أممية"، أو عالمية. وهذه قضية شائكة نسبيا، إلا ان ما هو جلي بالنسبة لنا أو ما ينبغي أن يكون جليا، هو أن الأوهام لا تصنع غير السراب. أما الركض وراءه فلا يوصلك إلى غاية غير التعب والإنهاك أو الهلاك بلا معنى!

وحالما ننظر إلى واقع العراق الحالي وسلوك الخواص والعوام، أو النخب والجمهور في مجرى الصراع الدامي، الذي ينبغي للمثقف ان يقف فيه من حيث الجوهر الى جانب الجمهور، فإننا نقف أمام حالة تختفي معها اشد المفاهيم والقيم جلاء، كما لو أننا نقف أمام الفكرة التي بلورتها الفلسفة الإسلامية القائلة، بأن سبب خفاء الله هو لشدة ظهوره. وهي الحالة التي "يحققها" العراق ونخبه السياسية، بحيث يصعب رؤية الانحطاط فيه لشدة انتشاره وظهوره في كل شيئ. وفي هذا تكمن مرارة المرحلة وضرورتها في الوقت نفسه. بمعنى أن العراق والعراقيين ينبغي أن يمروا بطريق الآلام لكي يكون بإمكانهما التفريق بين دفئ النار وحريقها.

فالنخب السياسية والأحزاب لم تتوصل بعد إلى إدراك الحقيقة القائلة، بأن العمل من اجل المصالح الكبرى والعامة هو أيضا الضمانة الكبرى والأقوى للمصالح الخاصة والجزئية. بينما مضمون السياسة عند الأحزاب والنخب هو العيش بمعايير الغريزة والجسد. وليس مصادفة حالما نتأمل تاريخ العراق العام والخاص في مجرى صيرورته الحديثة في القرن العشرين، فإننا نقف أمام انقلابين حادين فيه. الأول وهو سقوطه في بداية القرن العشرين تحت السيطرة البريطانية، والثاني سقوطه تحت السيطرة الأمريكية في بداية القرن الحادي والعشرين. ذلك يعني إننا نقف أمام تكرار السقوط كل مائة عام. بمعنى أن تاريخه بلا تاريخ، بل مجرد زمن، أي بلا تراكم ولا حكمة.

وإذا كان سقوطه الأول نتاجا طبيعيا لغياب الفكرة الوطنية المستقلة بسبب جزئية وجوده في السلطنة العثمانية، فإن سقوطه الأخير كان النتيجة المترتبة على فقدان الفكرة الوطنية العامة بسبب الطائفية السياسية، أي القوى الجزئية التي حوّلت العراق إلى جزء من مصالحها الضيقة. وبالتالي، لم يكن "تحريره" من السيطرة التركية ووقوعه تحت "الانتداب" البريطاني في بداية القرن العشرين، ثم "تحريره" من السيطرة الصدامية ووقوعه تحت الاحتلال الأمريكي في بداية القرن الحادي والعشرين، سوى التكرار الفج للحقيقة القائلة، بأن ما حدث آنذاك وما يحدث الآن هو "استعداد لما فينا"، ومن ثم "فما اثّر فينا غيرنا". وهو استعداد محكوم بغياب الفكرة الوطنية العامة، أي بغياب مرجعياته الذاتية الكبرى.

إن غياب هذه المرجعيات يصنع الوسط أو البيئة المناسبة لزراعة الأوهام بمختلف أشكالها عن الإنسان والمجتمع والدولة والسلطة والنظام السياسي والقيم، أي كل ما يجعل المرء فريسة لكل الأوهام. والأوهام لا تصنع غير أوهام. وهو سراب مميت ومناسب للأغبياء والبلداء وأصحاب البطون الخربة والأفواه الجشعة. وهذه صورة لا علاقة لها من حيث الجوهر بمعنى وحقيقة الوجود الإنساني.

بينما الفكرة الوطنية هي المرجعية الضرورية الكبرى للعراق. فالفكرة الوطنية ليست شعارا بل منظومة لها جذورها أو ينبغي لجذورها أن تستمد رحيقها من ثلاثة مصادر أساسية وهي كل من

- الوعي العلمي والثقافة الانسانية والحرية (البدء بها من الروضة فالمدرسة والجامعة والحياة الاجتماعية والثقافية) من اجل تذليل التقليد والقليدية؛

- ومن تأسيس وصنع الفكرة المدنية الحديثة؛

- ومن تأسيس وتحقيق فكرة الإصلاح الدائم والعمل بمعايير المستقبل.

قبل حوالي عقد من الزمن كتبت احد اكبر وأعمق الكتب في تاريخ الفكر السياسي العراق وصدر بثلاث مجلدات كبيرة تحت عنوان عام هو (فلسفة المستقبل العراقي). وفي الجزء الثالث وعنوانه (زمن الانحطاط وتاريخ البدائل) كشفت عن نوعية وكمية الانحطاط ومظاهره في الوعي والثقافة والنخبة السياسية، والفكرة والحزبية وتقاليدها، والنظام السياسي، والفكرة الوطنية. وبالمقابل أسست للبدائل تجاه كل القضايا الكبرى للانحطاط العراقي بمختلف اشكاله ومستوياته ومظاهره.

لقد سعيت للبرهنة على أن الانحطاط ظاهرة ملموسة وتاريخية. وبالتالي، فإن الحلول ينبغي أن تكون بما يقابلها، أي ملموسة وتاريخية. فعلى سبيل المثال اذا كانت الذهنية الفردية والاجتماعية يغلب عليها الأوهام والخرافات والتسطيح والتحزب والطائفية والجهوية والفئوية وما شابه ذلك، فان ذلك يعني إن هناك أزمة بنيوية عميقة في الوعي والتربية والثقافة. وبالتالي، فإن البديل هنا هو ارساء أسس جديدة ونوعية للتربية والتعليم والثقافة من خلال تحديد نوعية البرامج التربوية والعلمية ونوعية المناهج. وقد وضعت على سبيل المثال، بصدد تأسيس فلسفة التربية والتعليم والمناهج، وبالاخص للمدرسة الإبتدائية، بوصفها مقدمة وأساس وأس الشخصية المستقبلية، فصلا خاصا في الجزء الثاني (العراق ورهان المستقبل) من كتابي (فلسفة المستقبل). بعبارة اخرى، إن البدائل ينبغي إن تكون على الدوام مستقبلية، وان تتعامل مع الحاضر بمعايير المستقبل. وعندما تستفحل الطائفية المذهبية والسياسية فمن الضروري مواجهتها بفكرة عقلانية وثقافية تنفي اسسها النظرية ومقوماتها الاجتماعية. وينطبق هذا على كافة القضايا. وهي أولا وقبل كل شيئ مهمة المثقف بشكل عام ورجل الفكر والعلم بشكل خاص. وذلك لأن مهمته تقوم في تنشيط حركة الدماء في قلوب وشرايين الوعي القومي الثقافي وليس في سكبها على أسياف المعارك الهمجية! كما أنها مهمة كل فرد. والحد الأدنى لها هو الاحتراف كل في مجاله. أما الحد الأقصى فيقوم فيما تدعوه المتصوفة ببذل الروح من اجل الحق والحقيقة.

باختصار، إن الاحباط لا يحل مشكلة، والخرافة لا تصنع تأريخا. وبالتالي، فإن الثبات في المواقف بمعايير الحق والحقيقة هو الحد الأول والضروري والدائم من اجل تجاوز المرحلة الانتقالية المرهقة وتأسيس قواعد ومبادئ الثبات في الدولة ونظامها السياسي والمجتمع وثقافته. وفي المرحلة الحالية بعد مرور عقدين من الزمن تبرز مهمة تثبيت الدولة وإصلاح النظام السياسي من خلال

- الغاء دستور الاحتلال وإعادة كتابته بطريقة تأخذ تجربة العراق على امتداد القرن من نشوئه السياسي الجديد، وتجارب الدول الناجحة، دستور مهني محترف لا دخل في صياغته للأحزاب والأقليات والطوائف وما شابه ذلك.

- أما المهمة الثانية الكبرى فتقوم في جعل النظام الرئاسي بديلا، على الأقل لمدة ثلاثة عقود من الزمن.

- تغير قانون الانتخابات بالطريقة الذي يجعله اجتماعيا ووطنيا،

- تغيير قانون الأحزاب والذي يشترط فيها ابعادها الاجتماعية والوطنية فقط، بمعنى تحريم هوياتها الطائفية والجهوية والقومية الضيقة والعرقية.

 

ا. د. ميثم الجنابي

 

في المثقف اليوم