قضايا

ذنوب اقل.. مناخ افضل!!

حسن خليل حسن﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ قران كريم : فصلت: 53

ربما يظن البعض ان عنوان المقال خارج عن المنطق او محض تصور وخيال لكن سنحاول في مقالتنا وضع دلائل بحثية وشواهد واقعية من ان بعض الظواهر الجوية خلال فصل الربيع الحالي تحسنت بالتزامن مع تقييد حركة البشر وحظر التجوال الوقائي بسبب تفشي كورونا وان هنالك  علاقة ايجابية بين تحسن ظواهر المناخ الربيعي لهذا العام وتجميد السلوكيات الاجتماعية السيئة بفعل انعزال معظم سكان الارض عن بعضهم البعض، ويؤيد هذا الرأي ما اثاره العالم الياباني ميسورا ايموتو   Dr. Masaru Emoto  من وجود تأثير السلبي وايجابي لسلوك البشر على اوضاع البيئة المحيطة، وقد برّهن العالم الياباني في كتابه (رسائل من الماء) الذي صدر في العام 1999 وانتشر بشكل واسع  في دول العالم حيث تُرجم إلى ثلاثين لغة، اذ برهن على وجود قوة تأثير الماء في الذات البشرية والتفكير والمزاج، وقد وجد الكثير من المؤثرات النفسية للماء على الانسان وفي ذات الوقت وجد تأثير معاكس للإنسان على الماء، وقد اثبت اشكالاً متعددة عند تصوير بلورات متجمدة من الماء، وقد ظهر منها أن الماء قادر على تذكّر وحفظ ونقل أي نوع من المعلومات مثل: الاصوات، الصور، الكلمات، الدعاء، والأفكار، وظهر من تجاربه الأثر الصحي لأي كلمة إيجابية أو دعاء يقرأ أو يكتب على الماء، واثبت ان أي صوت تأملي هادئ او صورة طبيعية تعطي اشكال بلورات جميلة جداً، أما الاصوات الصاخبة وكلمات الإساءة فتشكّل بلورات عاتمة بشعة تعكس النوايا الموجهة إليها، وقد استنتج ان للماء قدرة على صنع السلام في الأرض، وذلك عن طريق "شحن" الماء بنيّة السلام، بعند استخدام اساليب: الفكر، الكلام، والتعامل مع الماء بشكر وسلام، وهذا كفيل بصنع السلام في أجسامنا وفي العالم من حولنا

وما سوف نشير اليه هنا جزء مما غيّرته ازمة وباء كورونا من الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم ومنعت حركة المليارات من البشر حول العالم، ومنع التباعد الاجتماعي الكثير من السلوكيات الشائنة للبشر كالقتل والاتجار بالبشر وحوادث وسائط النقل التعدي على موارد البيئة بالتلويث والاعتداء على الاجناس المختلفة من بشر ونبات وحيوان لأغراض اقتصادية او تجارية او سياسية ومنع ظواهر كثيرة كالنفاق والكذب والحسد والتباغض، كما تقيّدت نشاطات همجية كثيرة كانت تتمثل بعمل مدن كاملة للقمار والدعارة والتعري وهي ظواهر مذمومة من جميع البشر بغض النظر عن انتماءهم الديني فهو مرفوض من الفطرة الانسانية.

وما نريد قوله ان هنالك شواهد تشير الى ان الكوارث الطبيعية والطقس القاسي والسيئ تكون بقدر خطايا البشر، وما ندعيه هنا يتوافق مع نظرية العالم الياباني المجدد، فعلى الصعيد العالمي لم يشهد العالم خلال ذروة فترة تفشي كورونا (آذار – نيسان-بداية مايس) كوارث طبيعية كانت سائدة خلال الاشهر السابقة والمواسم المشابهة خلال السنوات السابقة مما كان بسود في هذا الموسم من الاعاصير الاستوائية وفيضانات الهند وجنوبي شرق اسيا والزلازل الكبرى والعواصف الغبارية والترابية في جزيرة العرب.

وربما يحتج علينا احدهم  بان جائحة كورونا هي كارثة اكبر واخطر؟ والجواب في قصة مأثورة عن سارق استمع لواعظ  دين  بان العقاب يؤجل لاربعين سنة، وحينما صادف الواعظ في طريق خارج البلدة سرق امواله وقال له انت قلت ان العقاب يؤخر فانا سوف أُحاسب بعد 40 سنة... فما لبث ان وقع وسيطر عليه الواعظ فقال السارق لقد خدعتني فقد عُجلت لي العقوبة، فرد الواعظ انها عقاب ما فات من جرائم سابقة.

وعلى مستوى  الشرق الاوسط والعراق فنحن نلاحظ تغير جذري في الانواء الجوية بشكل عملي تزامنت مع التباعد الاجتماعي وتقييد الحركة في هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، فمن المعروف ان الانقلاب الصيفي في العالم يسبب اجواء عاصفة بسبب الزحزحة الضغطية في النصف الشمالي من الكرة الارضية، وتحصل في الفترة الممتدة بين الاشهر الثلاثة (آذار- نيسان- مايس) نشاط كبير للرياح التي تثير الغبار لم نشاهدها لهذا العام، كما استقرت الكثير من الحالات الجوية الرعدية الممطرة التي تتكرر كل عام و تسبب فيضانات كبثيرة في محافظات واسط وميسان وربما تمتد الى محافظة البصرة ناهيك عن القفزات الكبيرة في درجات الحرارة في آذار ونيسان ومايس الى حدود محسوسة جداً، بينما لم نلاحظ شيئ من هذا حصل خلال العام الحالي، وللمتتبع ان يقارن بين ما الظواهر الجوية للاعوام السابقة وهذا العام، وليقارن بنفسه بين المعدلات العامة لنشاط الرياح والغبار العالق والعواصف الغبارية ودرجات الحرارة والتبخر وباقي مؤشرات المناخ.

وبعد ان عرضنا حقائق بحثية وحقائق واقعية على ارتباط الظواهر الطقسية بالسلوك البشري فما نقوله له ما يسنده من الموروث الديني فهذا القرآن الكريم يصرح بآيات عديدة بارتباط الانواء الجوية بأعمال البشر وسلوكهم الاجتماعي، فهنالك عشرات الآيات الكريمة التي تشير الى ارتباط ظواهر الكون بسلوك الانسان منها: قول الله سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ الأحزاب9.وقوله عزّ من قائل (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (المؤمنون 18  وقوله تعالى﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾ المدَّثر:31. وقوله تعالى ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾  آل عمران 117، وقوله تعالى ﴿وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ يونس 22. وقوله عز شأنه ﴿أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يوسف  107، والغاشية هي العقوبة العاجلة. وقوله تعالى ﴿ وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللهِ تُنْكِرُونَ ﴾غافر:81. ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ الرعد:11﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ الجاثية:5.﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ فصِّلت:16 . ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ الأحقاف: 24،25. وقوله تعالى﴿ "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ الاعراف 96. وقولة تعالى (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) سبا 17.  وقول الحق تعالى: ﴿ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ ﴾ الإسراء: 69. وقال تعالى ﴿َوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [الأعراف: 100. وقوله تعالى ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ الروم: 41. وقوله تعالى ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ النحل: 88. وقول الحق تعالى ﴿ َانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ الأعراف: 103. وقوله تعالى ﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُونَ ﴾ الأعراف:99.

وفي الاحاديث النبوية  ما يشير الى العقوبات الدنيوية للذنوب، عن النبي - صلى الله عليه وأله وسلم - أنه قال: " إذا رأيتم الريح فلا تسبوها فإنها من نفس الرحمن، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فاسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها "،  وري  أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم  إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرَّ به وذهب عنه ذلك، قالت عائشة: فسألته، فقال: إني خشيت أن يكون عذابا سُلِط على أمتي).

ومنها هذا الحديث النبوي الشريف ((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة، حل بها البلاء، فقيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال : إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا ومسخا) وفي بعض الأخبار النبوية: " إن امتي إذا تهاونوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بحرب من الله". وقال الامام جعفر بن محمد الصادق (ع): قال الله عزّ وجلّ  ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن.

هذه القرائن وغيرها اشارات قرآنية ربما كانت تنطبق على واقعنا الحالي فأن النظام البيئي المتوازن قد خُلق بقدرة الهية عظيمة  فالحرارة والرياح والسحاب وموارد البيئة الاخرى هي  نعم ربانية  اصبحت عهدة لدى الانسان وعليه ان يراعي هذه الامانة التي عجزت عن حملها السموات والارض وتعهد الانسان بحملها لكنه لم يفعل، فما وصلت اليه جرائم الانسان بحق اقرانه وتجاوزاته التي خرجت عن كل معقول، ان هذه السطور القليلة ربما تكون اشارات تشكّل نقطة ضوء لمن يريد ان يستقصي ويتشعب في هذا الموضوع الذي اظنه يستحق البحث والتقصي بحثياً، وربما يكون انذار اخير لبني البشر لوقف خطاياهم وذنوبهم البشعة التي بدأت تعجّل العذاب في الدنيا قبل الاخرة.

 

د. حسن خليل حسن

جامعة البصرة

...................

المراجع:

-        Yasuyuki Nemoto, (2014) “Message from Water” and Science. The 9th Annual Conference on the Physics, Chemistry and Biology of Water. October 9-12, 2014, Bulgaria. 75 page.)

-        المحمود، حسن خليل(2019) الموارد المائية في البصرة ومشكلاتها المعاصرة) الطبعة الاولى (2019) منشورات مركز علوم البحار – جامعة البصرة -دار الكتب للطباعة والنشر، 324 صفحة.

https://www.alukah.net/culture/0/65616/#ixzz6K9aZMuAd

 

في المثقف اليوم