قضايا

عملية الاتصال وارتباطها في الاعلام الرقمي

ان عملية الشراكة بين مختلف الاطراف المساهمة في العملية الاتصالية , تجرنا للحديث عن ما يمكن ان نطلق عليه اسم المتقبل النشط  والفاعل والمتفاعل  (Actant , actifet , ineractv (كمفهوم جديد للمتلقي كرسته فلسفة التقنيات الحديثة للاعلام والاتصال .

كما ركزت العديد من البحوث والنظريات في العلوم الانسانية على التفاعل كشرط اساسي لاستكمال العملية الاتصالية  حيث ارتبط مفهوم الاتصال بمفهوم التفاعل عند عدد كبير من الباحثين على اختلاف اتجاهاتهم واهتماماتهم العلمية ، فشومسكي مثلا (CHOMSKY) يعتبر ان الاتصال هو عملية تبادل بين طرفين لانه لا يقف عند حد تبادل المعلومات فحسب، وحتى تنجح العملية لابد من ان يكون هناك اتصال حقيقي بين الباث والمتقبل . كما يجب ان تتوفر فرص رجع الصدى وتبادل الاراء .

وهناك عنصرين اساسيين في العملية الاتصالية هما . تحقيق التفاعل اولاً ثم تحقيق التكامل الاجتماعي ثانياً ، ويمكننا الجزم من هذا المنطلق ان الاتصال في علم الاجتماع هو عملية اشتراك ومشاركة في المعنى من خلال التفاعل الرمزي والذي يتميز بالانتشار في المكان والزمان فضلاً عن استمراريتها وقابليتها للتنبؤ .

ولوسائل الإعلام دور فاعل في تشكيل سياق الإصلاح السياسي في المجتمعات المختلفة؛ حيث تعكس طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين النخبة والجماهير. ويتوقف إسهام ودور وسائل الإعلام في عملية الإصلاح السياسي والديمقراطي على شكل ووظيفة تلك الوسائل في المجتمع وحجم الحريات، وتعدد الآراء والاتجاهات داخل هذه المؤسسات، بجانب طبيعة العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية المتأصلة في المجتمع، فطبيعة ودور وسائل الإعلام في تدعيم الديمقراطية، وتعزيز قيم المشاركة السياسية وصنع القرار السياسي، يرتبط بفلسفة النظام السياسي الذي تعمل في ظله، ودرجة الحرية التي تتمتع بها داخل البناء الاجتماعي .

كما ان توفير المعلومة الصحيحة للمجتمع من خلال الاعلام  حيث إن توفير وسائل الإعلام للمعرفة يتم لصالح الأفراد والمجتمع في الوقت نفسه، ومن خلال ذلك يتكامل دور وسائل الإعلام مع دور المؤسسات التعليمية، فلكي يزدهر المجتمع الديمقراطي فإن أعضاءه يجب أن يتقاسموا المعرفة، وتقاسم المعرفة هو شكل من أشكال التعليم الذي يضمن أن تكون عملية صنع القرار صحيحة وقائمة على المعرفة، فيشيرHabermas  إلى ضرورة توفير المعرفة للجميع لكي يستطيعوا أن يتخذوا القرارات الصحيحة، ولكي تكون تلك القرارات في صالح المجتمع، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا حصل كل مواطن على المعلومات عما يحدث في العالم، وأصبح هناك فهم مشترك بين المواطنين لهذه الأحداث.

 فوسائل الإعلام تساهم عن طريق تقاسم المعرفة في تحقيق الوحدة الاجتماعية، كما تساعد المجتمع على أن يظل موحدًا حيث توجد ثقافة عامة مشتركة لكل أعضاء المجتمع، ووسائل الإعلام تقوم بنشر هذه الثقافة العامة المشتركة، فكلما شعر أعضاء المجتمع بهذا المشترك الثقافي زاد توحدهم وازدادت قدرتهم على اتخاذ القرارات التي تحقق المصلحة العامة؛ فالمساهمة في تحقيق الوحدة الاجتماعية والترابط تعد من الوظائف الرئيسة للإعلام كما حددها Lasswell (حيث يرى أن من الوظائف المهمة للاتصال تحقيق الترابط في المجتمع تجاه البيئة الأساسية وقضاياها، وتفسير ما يجري من أحداث وما يبرز من قضايا بما يساعد على توجيه السلوك؛ حيث للاتصال دور في تشكيل الرأي العام الذي به تتمكن الحكومات في المجتمعات الديمقراطية من أداء مهامها. وان لوسائل الإعلام تأثير كبير على القرارات السياسية، ويرجع ذلك لأنها تؤثر على القرارات السياسية فقد تعطي الشعبية أو تحجبها عن صانع القرار، كما أن صانع القرار ينظر إليها كمقياس لرد فعل الناس تجاه سياسته وقراراته، فوسائل الاتصال في الأنظمة الديمقراطية تكون حرة في نقل المعلومات والتفاعل مع القضايا والأحداث وبالتالي تكون قدرتها على صنع القرار  قوية، بينما في النظم السلطوية حيث تُنقل المعلومات من أعلى إلى أسفل، يضعف الدور الذي قد تمارسه هذه الوسائل.

وتسعى الدول على اختلاف الأنظمة السياسية القائمة فيها إلى استخدام وسائل الاعلام والاتصال لتحقيق الأهداف الإستراتيجية في حالتي السلام والحرب، وفي مقدمة هذه الأهداف أهدافها السياسية سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي، وقد أصبح الاعلام السياسي عنصراً من العناصر المهمة في تقييم أداء السلطة والقائمين عليها، فالاعلام السياسي يؤدي وظيفة سياسية مهمة، ويعمل على إحداث تأثيرات واقعية ومحتملة على عمل وسلوكيات الآخرين  .

 

الباحث الاعلامي: امير مناتي محمود الغراوي

 

في المثقف اليوم