قضايا

صادق السامرائي: التوازن الإبداعي!!

صادق السامرائيالإبداع المعاصر كائن حي جوهره الإبداع العلمي، فمنه تنطلق الإبداعات الأخرى متوازية مع قدراته وتطوراته وعطاءاته الأصيلة المتجددة.

فالإبداع نشاط مجتمعي متكامل، يمكن للفرد أن يقدمه بلوحة أو أي تعبير آخر منسجم والواقع القائم في المجتمع، فكلما تنامى الإبداع المادي تعاظم الإبداع المعنوي، ولا يصح عكس ذلك، فالإضطراب الإبداعي لا ينتج إبداعا.

فلا يوجد إبداع منفرد، بل شامل كامل وفاعل في مناحي الحياة كافة، وعندما تتحرك عجلاته توظف الإمكانات المتوفرة للوصول إلى صيرورتها المطلوبة.

فالإبداعات الحاصلة في المجتمعات المتقدمة متواكبة مع الإبداعات العلمية المتسارعة، اللازمة للتسابق في الميادين المتنوعة.

فتجدنا أمام إبداعات أدبية وفكرية وفلسفية، وإجتماعية وزراعية وتعليمية وعمرانية وغيرها، وجميعها تجري على إيقاع الإبداعات العلمية المتناسقة.

فالقوة في الإبداع العلمي، وتتألق بتألقه، ولهذا تجد المجتمعات المتفوقة علميا لديها إبداعات متوافقة مع ما تنجزه في الميادين العلمية.

فالشعر عندها ليس كالشعر عندنا، فهو إبداع حقيقي، وعندنا تعبير عن واقع حال، وإستنساخ من تجارب لا تمت بصلة لواقعنا الخاوي علميا.

فهذه مجتمعات حية علميا، فكيف نأتي بعطاءاتها ونفرضها على واقع بعيد عن تيار الوجود الفاعل في الكائنات.

إن التوجه الإستنساخي الأعمى، لما ينتجه الذين قطعوا أشواطا بعيدة في إبداعاتهم العلمية، إعتداء على حق الملكية لإنجازاتهم، وعدوان على واقع لا يمت بصلة للعلم.

فواقعنا فاقد الأهلية العلمية، ويغيب فيه عامل التوازن الإبداعي، مما يعني أننا لا يحق لنا أن ندّعي الإبداع، والتجديد ونحن مقعدون علميا، ونصدح بآيات الإبداع والحداثة، وغيرها من المصطلحات التي لا رصيد لها في الواقع.

فما أنتجه العرب من نصوص أدبية بأنواعها، منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم، لا قيمة لها ولا أثر، وما هي إلا رثائيات وبكائيات وجلد للذات، وإمعان بالنواح والتوجع وبأثواب الآخرين، فلبثت مستهجنة منبوذة من المواطنين، لأنها لا تملك مواصفات إبداعية حقيقية مرتبطة بجوهر ما فيهم من التطلعات.

فهل لنا أن نتوازن إبداعيا لنكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم