قضايا

عقيل العبود: مفهوم العقل المتسامي

عقيل العبودالعقل كما يطيب لي وصفه هو مرآة العالم المادي، وهو الجهة التي تعكس، وتصور حركة الموضوعات، وتقاطعاتها، من حيث المضامين، والتشابهات، والاختلافات داخل المشاعر

تلعب المشاعر هنا دورًا أساسيا في ترجمة هذه التقاطعات، وتحليل رموزها اللامرئية، لكي تصبح جزءا من دائرة التفاعلات الحسية التابعة لمنظومة الجهاز العصبي

علما أن الجهاز العصبي هو الكفيل باستقبال نتائج هذه التحليلات، من حيث، فك، وتفعيل رموزها، ومكوناتها، ومنشأها، وفرض الأحكام سلبًا، وإيجابا

فالحكم على موضوع معين، تسبقه حالة وعي ترتبط أصلا بكيفية، وصورة ذلك الموضوع، ونمط وقوعه، ومعاينته، وتأثيره على المنظومة الحسية للإنسان

ومن هنا تتكون لغة المقاييس، فالإنسان يقرر هذا، وذاك من النتائج، بحكم ما تفرضه هذه المقاييس

حيث يختلف البشر في طبيعة تركيبتهم الحسية، والعقلية، وباختلاف هذه الطبيعة، تتغير المقاييس، وتتنوع الأدلة، والمقدمات وكل ذلك بسبب اختلاف أنماط التفكير، والانطباعات

ومن هنا تصبح الحاجة ضرورية إلى عقل ترتكز عليه حسابات الموضوعات، ويتم اعتماده في تثبيت المعايير الاساسية للتعامل مع المقاييس، والأسس الخاصة بأحكام القضايا المختلفة بغية التعاطي معها بشكل صحيح

والإنسان هنا أشبه بمعادلة رياضية تتمثل أطرافها بنقطتين؛ الأولى الحاجة، والثانية الوجود

والسؤال كيف لنا أن نفسر حقيقة الوجود الإنساني بناء على هذه المعادلة؛ وكيف لهذا الوجود أن يعلن عن حاجته، وما هي شروط هذه الحاجة؟

هنا للإجابة على هذه الاسئلة، أحببت تصنيف العقل الإنساني إلى عقل متسامي، وآخر غير متسامي بناء على ما يشاع تسميته بالروح، وأقصد بها في هذا الباب (علاقة النفس مع العقل) إن صح التعبير

فالعقل المتسامي يرتبط مع الروح المتسامية، أما العقل غير المتسامي، فيرتبط مع الروح غير المتسامية، ولذلك فإن الحاجات تنقسم هي الأخرى على هذا الأساس

فالحاجات غير المتسامية، هي استجابة للروح غير المتسامية، وبالعكس

والوجود يصبح متساميا بفعل العقل المتسامي، وبعكسه صورة الوجود غير المتسامي، والإنسان يحتاج إلى عقل متسامي لكي يحكم بصحة الأشياء، وعدم صحتها بطريقة منطقية

وهذا التصنيف مهم في موضوع البحث عن العقل الحاكم، فالحاكم إن لم يمتلك روحا متسامية، لا يمكن له أن يحكم بشكل صحيح

هنا أود الإشارة إلى ان العقل المتسامي لا يمتلكه إلا من تنطبق عليه شروط هذا العقل، وهذا النوع من العقول لا يحتاج إلى بطاقات تعريف لتمييزه، بل أن هنالك أفعالا يشار بها إليه

وهذا ما نحتاج إليه في خارطة علاقاتنا البشرية، فالحاكم إن لم يكن حكيما لا يمكن له ان يحكم بطريقة العقل المتسامي.

 

عقيل العبود/ كاليفورنيا

.........................

* العقل المتسامي هو العقل الذي يتحلى بأعلى درجات الحكمة، والاستقامة، والتسامح.

 

 

في المثقف اليوم