تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا

عتيق العربي: تراكمات المخيال الغربي والواجهة الراكدة

تدحرج الفكر البشري وتدهور؛ عاجزا أمام الهجمة الفكرية للصعود الليبيرالي الجديد بقيادة الأحادية الأمريكية خلال التسعينات، والتي حطمت اركان الدول والأمم وافشلت سياسات الدول في التنمية والتطور؛ متحدية البنيات المالوفة والتة لفات الغارقة التي تكونت منذ العهد المعاصر؛ سواءا في مرحلة الإستعمار اوبعده، لأن المعاصرة اليوم ككل متكامل وفعل فاعل جاري مؤثر في بناء المجتمع المعاصر والحداثي الذي يتوجب عليه الإنخراط الأممي والإنساني بحتمية دالة رياضية مصاغة في بداية الطرح......ولكنه لم يتاهب لتراكمات قديمة جديدة سوف تخلق تشرذمات عالمية متصلة بالتاريخ ثم عودة قراءات جديدة للتاريخ من مخيال النفسيات الجماعية للحضارات، ومسارات الحركية الحضارية العالمية وحراكيات الذات الدخيلة في المجتمعات المتغيرة من طبيعة عميقة متجذرة في الكيان المخيالي للفرد والجماعة والتراتبات الإضافية والهامشية للبشرية ضمن ضرورات الحياة المتواصلة حتما مع التاريخ البيولوجي والنفسي للإننسانية كاملة....

و طبق الدراسات التي وضعت بنية وحركية المجتمعات في العالم المعاصر، فإن جلها ركز على التحليل العلائقي الذي إستطاع ربط التواصل بين المجتمعات والثقافات داخل نطاق الدولة وخارجها وضمن حركية العفويات الوتوماتيكية –لمسار الحياة، المتلاحقة أو ضعفها أو محاولة خلق نسق جديد طبق اهداف جديدة كما فعل الاستعمار . لذا كانت المدارس التاريخية والاجتماعية التي ظهرت في المنطقة وجوارها ساهمت في تلك المقاربات ولكنها سقطت كلها في احكام مسبقة وتنظيرات مفبركة أحيانا وخاصة عندما جعلت التابو المحرم، كمقيد لبعض العلاقات ومهندس لبعض المعاملات، وخلقت من المرجعية الدينية منيعا لكل مفارقات إجتماعية. كما حاول البعض اسقاط المحتوى الأنتروبولوجي الافريقي على المجتمعات ذات الثقافة المكتوبة المؤطرة بكل تكامل والمفهرسة لكل موضوع، ولكن تراكم الثقافي كان بالمرصاد رغم بعض المفارقات الذهبية بين الجماعات والجهات. فالتجمع المغاربي قائم منذ القديم، كما رأى ابن الخلدون على العصبية؛ تلك العصبية الإجتماعية السىلفية- المعروفة في المجتمع الإسلامي وبلاد المغارب، وهذا من طبيعة خلق الله، وضرورات الحياة.

لقد كان الطرح الفكري والفلسفي والتاريخي؛ المقدم من طرف فرانسيس فوكوياما ومعاصره صموئيل هنتنجتون، مطارحات، خلق الإهتزاز العالمي المعاصر؛ وهوالذي سوف يسر التاريخ من الألفية الثالثة وما بعدها إلى نهاية التاريخ الديمقراطي والليبيرالي الصلب الجامد المتكلس ضمن قوة استقطاب حضاري غربي سوف يسيره الفاعل الأمريكي ... لكن الرياح سوف تغرق السفينة الغربية والأمريكية بسبب الثورات العربية، التي اخرجت الروس من جحره، وحرب اوكرانيا التي أبرزت الجرح التاريخي للتوسعات الإمبراطورية للغرب والروس في عارضة رقمية واحدة وكذا ضعود الصين ومنافستها الإقتصادية والتكنولوجية للغرب.

هكذا سوف يكون الإستقطاب القادم بعد فشل العولمة، خاضعا لوضعيات مرنة وأخرى صلبة وأشكال من التغير المنعزل و الأخر المندمج وأشكال أخرى. حيث تكون المطارحات لصاحبها يورغمن هابيرماز وإدغار موران هي فلسفات جديدة تبناها الحضارات، وهم في تناظر مع مطارحات طلال أسد وطه عبد الرحمان وسامي النشار وبعض المفكرين الباكستانيين والإيرانيين العققلانيين، والتراكمات العفوية لمسار الحياة وديناميكيات التغير المركزي والطرفي حوالتي يخلقها التداول الحضاري والتناقل التكاملي لمطالب العيش المشترك الذي سوف يفشل كل النظريات ضد البشرية والإنسانية ونهاية الحروب والتصادم، وربما تكون حرب غزة آخر حرب وسبب حل نهائي لأزمة الشرق الأوسط ..

إلا أن الاسف الذي يقمعنا في وطننا الإسلامي، هوغياب نهائي –لحكم الله- فلاسفة القرن 20 عندنا مثل زكي محمود وزكريا فراد وبدوي والجابري وحسن حنفي، لكن المطارحات اليوم تبقى مدعاة فخر وإعتزاز بمطروحاتهم ومناولاتهم المتجددة للفكر والمجتمع والإبستيمولوجيا الحديثة ومنهم طه عبد الرحمان وماجد الغرباوي وناصيف نصار وسامي النشار والمسكيني وعبد اللعه الغذامي مطروحا مع الاحياء والذين يتمركزون حول كل النتاجات الفكرية الغربية والروسية واليبانية والصينية الحديثة والجارية التي تعكس كل التناقضات الفلسفية في العقل التأملي او في مجريا الحدث الإجتماعي الحضاري المتغير؛ أحيانا حتما واحيانا طبق مبرمجات محلية أوإقليمية للتغير والإنخراط العالمي للبناء المتجدد، وحيث يسهل الرقميات السريعة التناظر العلمي والإنخراط العالمي التقني.... وهذا ما سوف يجعل منهم قرائ من البراعة ونقاد من الجرأة في مستويات النقد العلمي الإبستمولوجي المتثاقف لمطارحات غيدنز وماكلوهان وجيل كيبيل وباومان وتشومسكي وكاستلز وبودريار ودريدا وغيرهم.

***

أ. عتيق العربي

في المثقف اليوم