قضايا

قاسم حسين صالح: العراقيون وكرة القدم.. تحليل سايكولوجي لفرح المواطنين بالفوز

كان العراقيون يتوقعون فوزا سهلا لفريقهم على فريق فيتنام مقارنة بفوزه على فريق اليابان القوي، ولم يكن بمستواه لسبب سيكولوجي هو ان الفريق العراقي يستسهل اللعب مع الفريق الذي يراه اضعف منه، ولم يلعب بمستواه الا في الدقائق الأخيرة التي انتهت بفوزه.. ولحظتها امتلأت شوارع المدن بالعراقيين، صغيرهم وكبيرهم، نساؤهم ورجالهم وهم يهزجون ويغنون و(يهوسون).. فدفعني فضولي السيكولوجي الى ان اجري استطلاعا عبر وسائل التواصل الأجتماعي كان بالنص:

(كل الشعوب تفرح وتبتهج من يفوز فريقها، لكن العراقيين يتفردون بفرح خاص.. صغار، كبار، بنات، نساء، يصفه سيكولجيون أنه هوس. انت بماذا تصفه؟)

 تحليل الأجابات

 تعدت الأجابات المئات فوجدتها انها تتوزع بين سببين، الأول سيكولوجي خالص يمكن صياغته بالتعبير الشعبي بأن العراقي جوعان للفرح، اليكم نماذج منها:

بسبب الكدر واعتقد رد فعل لفراغ نفسي كبير نحتاج نتحدث عنه طويلا، العراقيزن الشرفاء يعانون من عطش الفرح والحرية والمدنية، (اجابة لأكاديمي: هو تطرف بالفرح الذي افتقدنا مغزاه بفعل تسلسل التدمير المبرمج لوطننا المستهدف من قبل الطغاة المتجبرين، وهو رد فعل سوي وليس هوسا مرضيا.. نفسيا

نعم هذا صحيح، والسبب لأن العراقيين عانوا من الأحزان والنكبات والبعد عما يفرح النفوس، ولذلك يندفعون لتعويض ماينقصهم من سرور.

هي فسحة للتنفيس بين عشرات الاحزان العامة اضافة للخاصة التي تمطر علينا ليل نهار،

فرح لمواطنين ساذجين في بلد محتل سكانه تعاني من مئات الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

كرة القدم هي المتنفس الوحيد للشعب، والوحيد الذي يوحّد الشعب العراقي.

والصنف الثاني ارجع السبب الى طبيعة الشخصية العراقية.. اليكم ايضا نماذج من الأجابات بينهم اكاديميون وأعلاميون:

العراقي مخلص في هواه وسمح ويحب الشيء الذي يجمعه بالفرح مع الآخرين وخاصة ان كان الفرح.. وطن،

العراقي متطرف في مشاعره سواء في الحب او الفرح او الحزن، العراقيون شعب متفائل ويفرح بالمناسبات السعيدة.. رغم كل ما يمر به من مصائب، العراقي يريد أن يكون غالبا دائما، هوس هستيري اقرب من كونه فرح والفرد العراقي يتأثر بسيكولوجية الجماعة، العراقي يعتبر كرة القدم معركة، والعراقيون يحبون المعارك والأنتصار فيها.

تعبير شعبي

 وهناك تفسيرات لطيفة، فاحدهم وصفها بقوله: فيها يتوحّد العراقيون دون ثبوت رؤية الهلال !، وآخر عزاها الى ارث المهاويل.. والمهوال هو (المهوسجي) بالتعبير الشعبي الذي يثير حماس الجمهور بهوسة (اهزوجة) فيهوسون بحماسة، والعراقيون مشهورون بالهوسات الوطنية، لاسيما هوساتهم في ثورة العشرين: (الطوب احسن لو مكواري،  هز لندن ضاري وبجّاها، الشك الما يتخيط شكيناه، رد فالتنه احتاجيناها).. وهذه لها قصة غريبة.. عن فالة عراقية اصابت عسكري بريطاني في العمارة واحتاروا في امر أخراجها من جسده، فنقلوه الى بريطانيا.. وهي موجودة الآن في أحد متاحف لندن!

لقد فاز العراق على اليابان، وفاز على ماليزيا وفيتنام، وقد يفوز في القادم من المباريات.. لكن العراقيين يبقون مفجوعين بوطنهم من لعبة السياسة التي تجري على ساحة الوطن.. بين فرقاء افتقدوا اخلاق اللعبة وقواعدها.. ولعبوا من اجل كل شيء الا الفوز ب(كأس الوطن!).

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم