قضايا

شاكر عبد موسى: مشاريع أسلمة الانظمة العربية.. وظاهرة الانغلاق والتكفير والإرهاب

المقدمة: يعتبر موضوع مشاريع أسلمة الأنظمة العربية وإقامة دولة الخلافة (الراشدة والأمامية) أمرًا هامًا ومثيرًا للجدل في الوقت الحاضر، فمنذ فترة طويلة تحدثت العديد من الدول الإسلامية عن تحقيق العدالة والتنمية والازدهار من خلال تطبيق نظام إسلامي حقيقي يقوم على القيم والمبادئ الإسلامية.

ولكن يبقى السؤال الرئيسي هو.. كيف يمكن لهذه الدول تحويل هذه المشاريع إلى حقيقة على أرض الواقع؟ وهل يمكن أن تكون تلك الدول أكثر قدرة على تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي من خلال إقامة نظام إسلامي راشدي أو أمامي؟.

إن العديد من الباحثين والخبراء يرون أن إقامة - دول أسلامية - يمكن أن تكون حلاً للكثير من المشاكل التي تواجه الدول العربية والإسلامية في الوقت الحاضر، فنظام الحكم الإسلامي يقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان التي يضمنها الإسلام لجميع أفراد المجتمع، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الإسلام نظامًا شاملاً يغطي كل جوانب حياة الإنسان، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية.

ومن المهم أيضاً أن نتحدث عن مشاريع الإسلمة في العصر الحديث، أذ تتطلب هذه المشاريع نهجًا متقدمًا واستراتيجيات واضحة لتطبيق القوانين الإسلامية في عصر التكنولوجيا والعولمة، وتعتبر الدولة الماليزية والدولة التركية من الأمثلة الجيدة على دمج القيم الإسلامية في أنظمتها القانونية والسياسية دون التخلي عن مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أولاً: المشروع السياسي الاسلامي

تعد المرجعية السياسية العنصر الأساسي الذي يحدد الاتجاهات السياسية والقرارات الحكومية في الدول العربية، فهي تمثل مرجعاً لتحديد الهوية الوطنية والقيم الثقافية والدينية التي يستند إليها المجتمع العربي.

وقد تتأثر المرجعية السياسية بعدة عوامل مثل التاريخ والثقافة والدين والاقتصاد والسياسة الخارجية، لذا يعد فهم المرجعية السياسية للعالم العربي أمراً بالغ الأهمية لفهم القرارات السياسية والمسار الذي تسلكه دول العالم العربي.

1- أصل المشروع السياسي الإسلامي:

يعود أصل المشروع السياسي الإسلامي إلى الفكر الإسلامي الذي يؤمن بأن الدين يجب أن يكون قاعدة للسلطة السياسية والشرعية، ويُعتبر الخليفة الراشد الثاني (عمر بن الخطاب 13- 23هـ) أول من وضع أسس التجربة الإسلامية للحكم السياسي، أذ تميزت فترة حكمه بالعدل والمساواة بين المواطنين.

يليه الخليفة الراشدي الرابع (علي بن أبي طالب 35- 40هـ) ثان من حارب من أجل الحكم الإسلامي الرشيد القائم على الشورى والعدالة الاجتماعية.

لقد عاصر الامام (علي بن ابي طالب) حركة الوحي الرسالي منذ بدايتها حتى انقطاع الوحي برحيل رسول الله (ص(، وكانت  له مواقفه المشرّقة والتي يُغبط عليها في دفاعه عن الرسول والرسالة طيلة ثلاثة وعشرين عاما من الجهاد المتواصل والدفاع المستميت عن مبادئ الاسلام الحنيف، وقد انعكست مواقفه وإنجازاته وفضائله القرآنية في آيات الذكر الحكيم ونصوص الحديث والنبوي الشريف.

-2الأهداف الرئيسية للمشروع السياسي الإسلامي:

* تحقيق العدل الاجتماعي: أذ تعتبر العدالة وتوزيع الثروة بين جميع أفراد المجتمع من القيم الأساسية للإسلام.

* تطبيق الشريعة الإسلامية: يهدف المشروع السياسي الإسلامي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في تشريعات الدولة وتطبيقها على المواطنين.

* تعزيز الهوية الإسلامية: يعتبر المشروع السياسي الإسلامي وسيلة للحفاظ على الهوية الإسلامية وتعزيزها في المجتمع.

3-التحديات التي تواجه المشروع السياسي الإسلامي:

* التنوع الثقافي: يعتبر التنوع الثقافي والعرقي في العالم الإسلامي تحدياً كبيراً أمام تحقيق المشروع السياسي الإسلامي بسبب اختلاف التفاهمات الثقافية والاجتماعية.

* التطرف الديني: يعد التطرف الديني أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المشروع السياسي الإسلامي، أذ يتسبب في تشويه صورة الإسلام وتحقيق أهداف سياسية بواسطة العنف.

* الديمقراطية وحقوق الإنسان: تعد مفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان تحدياً لتحقيق المشروع السياسي الإسلامي.

ثانيا: جذور المرجعية السياسية

تعود جذور المرجعية السياسية في العالم العربي إلى العصور القديمة ، أذ كانت هناك ممالك ودول تستند إلى إيمان ديني قوي وتقاليد ثقافية مميزة، ومنها يمكن ذكر (الخلافة الراشدة 11- 41 هـ) التي كانت تمثل مرجعية سياسية ودينية للمسلمين في أوائل الإسلام، والتي أسقطها الخليفة الأموي (معاوية بن أبي سفيان41- 60هـ) من خلال جعله الحكم وراثي في الأسلام وليس بالشورى .. كما كانت هناك ممالك عربية مثل مملكة نجد ومملكة حضرموت وغيرها التي كانت تمثل مرجعية للأهالي.

1 - الدين كمرجعية سياسية:

تلعب الديانة دوراً هاماً في تحديد المرجعية السياسية للعالم العربي، أذ يعتبر الإسلام الدين الرئيسي لمعظم السكان في المنطقة، ومن هنا تنبثق العديد من التيارات الدينية التي تؤثر على القرارات السياسية، مثل التيار السني والتيار الشيعي والسلفية والإخوان المسلمين وغيرها، وقد شهدت الدول العربية تأثراً كبيراً من التيارات الدينية في تحديد السياسات الحكومية خصوصاً في مجالات القضاء والتعليم والسياسة الخارجية.

2- التحديات الاقتصادية والاجتماعية:

يعتبر الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية من العوامل المؤثرة في تشكيل المرجعية السياسية، فالفقر والبطالة والفساد يؤثران سلباً على الاستقرار السياسي ويؤديان إلى زيادة التطرف والانقسامات الاجتماعية .

وقد كان بوسع العالم العربي والإسلامي كذلك من استخدام الآلة الاقتصادية، مثل تصدير النفط في تعديل بعض المواقف الغربية المتطرفة عموما والأمريكية خصوصا تجاه العالم الإسلامي مثل الجنوح المتطرف إلى جانب إسرائيل في حربها الدائرة في غزة ولبنان واليمن الجنوبي وسوريا.

أن عملا واسعا يجري اليوم لإلحاق أسواق العالم الإسلامي ومصادر ثرواته الطبيعية بشبكة العولمة الاقتصادية وهو أمر حاصل بالفعل ... الإمارات العربية المتحدة أنموذج.

ثالثاً: ظاهرة الانغلاق والتكفير والإرهاب

تعتبر ظاهرة الانغلاق والتكفير والإرهاب من أخطر المشاكل التي تواجه العالم في الوقت الحالي، فالانغلاق يعتبر توجهًا فكريًا واجتماعيًا يؤدي إلى الانعزال والتخلف والإفراد بالرأي ورفض التعايش مع الآخرين، بينما التكفير هو استخدام الدين كوسيلة لتبرير العنف والتطرف، والإرهاب هو استخدام العنف والتهديدات من أجل تحقيق أهداف سياسية أو دينية.

-1أسباب الانغلاق والتكفير والإرهاب:

* الفقر والعوز الاجتماعي.

* الجهل وضعف التعليم.

* تأثير السياسات القمعية والظلم.

* الانعزال الاجتماعي وضعف الروابط الاجتماعية.

* تأثير وسائل الإعلام والتضليل الفكري.

* استغلال الدين لأغراض سياسية وجماعية.

2- تأثير الانغلاق والتكفير والإرهاب على المجتمع:

* زيادة العنف والتطرف.

* انعدام الأمان والاستقرار.

*  فقدان الهوية والقيم.

*  تعزيز الفجوات الاجتماعية.

*  تعطيل التقدم والتطور الاقتصادي.

3- سبل مكافحة العنف والتطرف:

* تعزيز التعليم والتثقيف.

*  محاربة الفقر والعوز.

* تعزيز ثقافة الحوار والتعايش.

*  مكافحة التطرف الفكري وتقديم الرؤى الإيجابية.

* تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع.

رابعاً: الفتن الطائفية والفكر المقدس

الفتنة الطائفية والفكر المقدس هما من الظواهر السلبية التي تهدد السلم والاستقرار في المجتمعات، وتسبب في تفرق الناس وتعريضهم للانقسامات والصراعات الدامية، إن مكافحة هذه الفتن وتفكيك الفكر المقدس يعتبران تحديات كبيرة تواجه المجتمعات في العصر الحالي، وهنا تبرز أهمية القيام بأبحاث ودراسات تهدف إلى فهم هذه الظواهر وإيجاد السبل للتعامل معها بفعالية.

1- ماهية الفكر المقدس:

هناك مجتمعات عربية وإسلامية تقدس أشخاصاً معينين، وخاصة رجال الدين، ولا يخضع كلامهم لسلطة العقل، ولا يتطابق مع المنطق، وتتقبل عقولهم كل ما تسمع به بشكل أعمى، كم من الناس تعرضوا لمشاكل وكوارث لا حصر لها على يد حاكم مقدس ؟، وذلك ببساطة لأن هذا الحاكم قد تم تقديسه من قبل كثير من منهم... (صدام حسين المجيد) أنموذج .

العرب من أكثر الشعوب التي تنظر إلى بعض الأشخاص على أنهم مقدسون، خاصة أولئك الذين ارتبطوا بالدين في الماضي ويعتقدون أن معجزات وعجائب معينة قد جاءت إليهم.

هذه المشكلة خطيرة لأنها تعزز تطور التفكير الخرافي، لكن الأهم من ذلك أنها تمثل تقديسًا خطيرًا للأحياء، مما يمنح الجماهير السيطرة على مصيرها ويقودها إلى طريق الرجعية، لأنك يمكن أن تصبح ضحية من بعض الأفراد الذين يسيقونك تدريجياً الى التخلف وربما حتى الانقراض في المستقبل القريب!.

2- لماذا يتم اختيار الامامة عوضاً عن الخلافة ؟:

أن تبلور نظرية الإمامة في الإسلام كان مبنياً على إجابات مختلفة للأسئلة والشكوك والإشكاليات التي يطرحها علماء الشيعة، لأنهم أول من طرح هذه القضية، وهذه القضية لها تاريخ طويل.

- علماء المسلمين (غير الشيعة) اتبعوا نفس الأسلوب في حوارهم مع الشيعة، واستخدمت ردودهم مرارا وتكرارا نفس الكلمات والأسماء والمصطلحات التي يستخدمها الشيعة.

هذه الكلمات توضع على ألسنتهم وأقلامهم لمجرد الرد على الأفكار والمعتقدات التي يعتبرونها مثيرة للجدل أو غير مقبولة، يتعلق الأمر بشخصية الخليفة (أو الإمام) أو بشكل الرئاسة وشروطها ومرافقيها.

فمثلاً، الفصل بين هذا اللقب ومصطلح «الإمامة» لا ينشأ عن فراغ أو تحيز عند أهل السنة، ولكن باعتبار أنه لقب لغوي مجرد، فإن هذه التسمية (الإمام والإمامة) تؤدي نفس الغرض من الناحية اللغوية والقانونية، وتحقق الغرض المنشود من التحديد.

وإذا بدأنا بدراسة تاريخية للوضع السياسي للدولة الإسلامية في نشأتها الأولى وفهمنا موقف الأخرين منها (أو الموقف الذي عبرت عنه الإمامة)، فسنرى وجهة نظر مختلفة للطوائف التي شاركت فيها، وكم أثار زعماء الطوائف في الأيام الأولى مسألة الإمامة في المساجد والمجالس العامة، وتنافسوا في المرافعات الشفوية، ثم سجلوها فيما بعد ذلك بأسلوب جدلي يعتمد على الحجج والأدلة التي تؤيد وجهات النظر المختلفة، وقد انكشف ذلك لأحقاً بالصراعات السياسية التي أدت إلى المعارك المحتدمة بينهم ، وأدى كل ذلك فيما بعد إلى تشتت جهود الدولة ونشوء طوائف ودول سياسية مختلفة، كالأدارسة والفاطميين .

خامساً: تجارب عربية وأسلامية

1- الأسلام السعودي من التطرف الى الانفتاح:

في 10 أغسطس عام/ 1932م ، غير مؤسس المملكة العربية السعودية (عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود1875- 1953م) اسم "مملكة الحج النجدي والولايات التابعة لها" بعد هزيمة الشيخ عجلان وقتله ، وفتح معظم شبه الجزيرة العربية ، أذ تم تغييرها إلى " المملكة العربية السعودية".

وبعد عام من التغيير وقع عبد العزيز اتفاقية امتياز التنقيب عن النفط مع - شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا -، وبدأت قصة الثروة الهائلة في المملكة .

ورافقت الثروات الهائلة المتدفقة من الأراضي السعودية رغبة في قيادة المنطقة وانتزاع القيادة من القاهرة التي بدأ دورها يتراجع بعد أزمات اقتصادية متتالية.

وأدى الارتفاع الكبير في أسعار النفط في السبعينيات من القرن العشرين وما بعده، إلى جانب هجرة ملايين الأشخاص للعمل في المملكة، إلى ظهور ثقافة "سعودية" في المنطقة ، من هنا بدأت "النسخة السعودية" من الإسلام السني في غزو البلدان العربية تدريجياً.

ولعل الهزيمة الكبرى التي منيت بها القاهرة، الزعيمة القديمة للمنطقة، هي أن الثقافة السعودية نجحت في اكتساح شوارع مصر، وهيمن الإسلام الوهابي/السلفي على المشهد، وكل ما عدا ذلك كان يخالف السنة النبوية.

وهكذا أصبحت "اللحية" "لحية"، و"صباح الخير" أصبحت "السلام عليكم"، وانتقلت الساعة إلى المعصم الأيمن تقليداً لرسول الله.

وبمرور الوقت، قطعت النسخة السعودية من الإسلام السني خطوات كبيرة في مجال الثقافة، أو ما يشير إليه البعض بـ"القوة الناعمة"، ودخل "العجمي" إلى الشارع، وبقيت أصوات عبد الباسط وعبد الصمد والمنشاوي والصديق، وجدت نفسها محاصرة في إذاعة القرآن الكريم فيما ملأت التلاوات السعودية أجواء المتاجر والسيارات ، أما الأخرون فقد منعوا الفن وحاولوا إخفاء الفنانات وفضلوا ما يسمى بالسينما الملتزمة.

وبهذه الطريقة، تمكنت النسخة السعودية من تثبيت حضورها وهيمنتها في الشوارع العربية لأكثر من ثلاثين عاماً، مدعومة بمليارات الدولارات التي أنفقت ببذخ لتحقيق هذا الهدف.

2- التغيير المطلوب: هل نحن أمام نسخة جديدة من الإسلام؟

]"معظم الأحاديث النبوية لم يثبت أنها قالها الرسول، لكن كثيراً يستعينون بها لإثبات وجهة نظرهم." – ولي العهد السعودي/ ورئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان بن عبد العزيز 1985م –[.

لقد ظلت (المملكة العربية السعودية) لعقود طويلة معقل للتطرف في العالم الإسلامي السني، بسبب أفكار الشيخ (محمد عبد الوهاب التميمي الحنبلي 1703- 1792م) المعروف بـ «الوهابية».

لكن اليوم يتغير ويظهر أمامنا ولي العهد السعودي، ويرى أن الشيخ (محمد عبد الوهاب) كان أولا وقبل كل شيء رجل سياسي وعسكري، والمشكلة الحقيقية هي أن معاصريه وحدهم يعرفون ذلك، في ذلك الوقت، كانوا يقرؤون أو يكتبون، أي أنهم كتبوا التاريخ من وجهة نظرهم الشخصية.

إذن، بكل بساطة، غيرت السعودية بوصلتها تماما، وقرر حكامها الفعليون أن معظم الأحاديث النبوية التي نسمعها من على المنابرهي أحاديث غير مثبتة وينبغي تجاهلها، فهي تنص بوضوح شديد على أن الشيخ محمد عبد الوهاب (النواة الرئيسية) للأفكار الوضعية المتطرفة.

ما يشترك فيه جميع المسلمين هو أنه لا توجد "نسخ" مختلفة من الإسلام، وبغض النظر عن المكان الذي تذهب إليه، فإن الإسلام هو نفسه، ويعتبر هذا كلامًا دقيقًا عند الحديث عن القرآن والفرائض، لكن الدين، أي دين، هو أوسع بكثير من عهود الكتاب المقدس ونصوصه.

نعم مبدأ التحرر من التفكير التقليدي يقوم على مشاركة الجميع في عملية التغيير، وما هي أفضل طريقة لنشر هذه القيم من خلال إظهار الناس كيف يمكن للاحترام والتسامح والحرية والانفتاح أن يحسن حياتهم.

المسلمون في الرياض يصلون مثل المسلمين في القاهرة، والناس في باكستان يصومون في نفس الوقت الذي يصوم فيه المسلمين في العراق، فهذه شعائر وواجبات، ولا خلاف ولا اختلاف في كيفية تنفيذها.

ومع ذلك، فإن الأوامر والنواهي الدينية المتعلقة بقضايا الحياة هي نقاط تمايز وغالبًا ما تختلف عبر الزمن والبلدان، مما يؤدي إلى ظهور نسخ مختلفة وحتى مختلفة من الإسلام في أماكن مختلفة.

3- التجربة الإيرانية باختصار:

إيران هي دولة تقع في غرب آسيا وتعتبر واحدة من الدول الإسلامية التي تمر بعدة تحديات سياسية واقتصادية في الوقت الحاضر، لقد شهدت إيران تطورا سياسيا هاما منذ الثورة الإيرانية في عام/ 1979 التي أطاحت بالحكم الملكي ،وأسس نظام جمهورية إسلامية جديدة.

ومع مرور الزمن، تغير العديد من الجوانب السياسية والاجتماعية في إيران، وتبنت الحكومة الإيرانية سياسات مختلفة في محاولة لتحسين الوضع الداخلي والخارجي للبلاد.

تأسست جمهورية إيران الإسلامية بزعامة (روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني1902- 1989م) ، ومنذ ذلك الحين، شهدت إيران تطورات سياسية هامة، بما في ذلك الحروب الإقليمية مع العراق 1980- 1988 والتطرف الديني والعقوبات الدولية.

في الوقت الحاضر، تتبنى الحكومة الإيرانية سياسات متعددة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. تشمل هذه السياسات التحكم في الاقتصاد الوطني، وتطوير الصناعات الوطنية، وتعزيز العلاقات الدولية.

وتواجه تحديات كبيرة ، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، والتضخم المالي، والبطالة، ومن المهم أيضا النظر في التطلعات المستقبلية لإيران وكيف يمكن تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي.

ولعل في رسالة نادرة من المفكر والفيلسوف الإيراني (عبد الكريم سروش 1945) إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد (علي خامنئي)، وردود أفعال أتباعه عليها، ما يدل على أن الإمام الخميني أراد لأيران أن تكون "مصدر إشعاع " في المنطقة والعالم ، وهو يخوض كامل الصراع المستمر والمتصاعد مع جيرانه وقوى الاستكبار العالمي كما يسميها .

في الوقت نفسه  تعرض للتشهير والعزلة بسبب "تصدير الثورة "التي نجح نوع ما في تشكيل ما يسمى "محور المقاومة" في العراق واليمن ولبنان وسوريا.

وكان سروش يؤمن بألوهية الوحي والنبي، وأن فهم الناس لمعنى الوحي يتطور مع الزمان والمكان، وهو ما طبقه الإمام الخميني أيضاً في نظرية الاجتهاد، ويرى أن هذا التغيير، في أي زمان وفي أي مكان، يرتبط بظهور آراء قيمة وقوية ، لقد غادر سروش إيران بعد معركة مع المتشددين هناك والذين يرفضون فكرة الاعتدال.

سادساً: الاستنتاجات

تناولت هذه الدراسة موضوعا مهما وحساسا يتعلق بمشاريع أسلمة الأنظمة العربية وإقامة دولة الخلافة، وتحليلا لظاهرة الانغلاق والتكفير والإرهاب التي رافقت هذه المشاريع.

إن العالم العربي شهد في السنوات الأخيرة تغيرات كبيرة وتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية هامة، ولعل من أبرز هذه التحولات تقدم الإسلاميين في العديد من البلدان العربية ومحاولاتهم أسلمة الأنظمة وإقامة دولة الخلافة، وفي هذا السياق، ظهرت ظاهرة الانغلاق والتكفير والإرهاب التي أثرت على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتختلف مشاريع أسلمة الأنظمة العربية وإقامة دولة الخلافة من بلد لآخر ومن جماعة إسلامية لأخرى، ولكن الهدف المشترك هو إقامة نظام إسلامي يعتمد على الشريعة الإسلامية ويحقق عدالة اجتماعية ويضمن حقوق الإنسان.

وبعض الجماعات الإسلامية تستخدم وسائل سياسية وديمقراطية لتحقيق أهدافها، في حين تلجأ بعض الجماعات الأخرى إلى العنف والتطرف لتحقيق أهدافها.

ولكن ظاهرة الانغلاق قادت الى انعزال الفكر الإسلامي عن البيئة الثقافية والحضارية المحيطة به، وتقديم أفكار متشددة ومتطرفة تنكر الآخر وترفض العقلانية والتنوع، وولدة ظاهرة التكفير من الانغلاق الفكري، أذ يعتبر المتشددين المختلفين عنهم في الفكر أو الديانة كافرين ويروجون للكراهية والعنف ضدهم، وتندرج تنظيمات الإرهاب الإسلامية تحت هذه الفكرة، أذ يعتقد أعضاؤها أن استخدام العنف والإرهاب هو السبيل الوحيد لتحقيق أهدافهم.

ولعلّ أبرز الأسئلة التي لا تزال تحاصر العقل العربي مهما اختلفت توجهاته وحكوماته، هو سؤال العجز الذي يتردّد بهيئة: هل الشعوب العربية عاجزة أم متخاذلة ؟وجوهر هذا التساؤل ينبع من الصورة التي زُرعت خلال العقد الأخير عن «حراك» الشارع العربي والمعروفة بـ«الربيع العربي»، بحيث تظهّر للمشاهد العربي، والفلسطيني خصوصاً، مشهد خروج «الشعوب» العربية بمختلف أشكال المواجهة لتحقيق ما ادعّى حينها بأنّه كرامتها وحقوقها.

في الواقع، لا يمكن فهم حالة «الشلل» التي أصابت الجزء الأكبر من الأمة العربية دون مراجعة حقيقية للظروف الموضوعية التي سبقت لحظة الامتحان التاريخي، فالإنسان العربي فجر السابع من أكتوبر 2010 لم يولد من العدم، بل هو نتاجٌ لمنظومةٍ إعلاميّة- ثقافية - سياسية شكّلت وعيه للذات والعالم ولأدوات الممكن والمستحيل، في إطار اجتماعي يعرّف بخصائص محدّدة يمكننا أن نسمّيه اختصاراً «إنسان الربيع العربي».

وكما قال الأستاذ ماجد الغرباوي في كتابه (مدارات عقائدية ساخنة).. ] على الجميع تدارك الناس الطيبين، ضحايا العقل الجمعي المضلل ليعودوا الى رشدهم، فقد أستنزف الخطاب الطائفي جهودهم وأموالهم ووعيهم[.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

..............................

المصادر:

* الجندري، محمد. (2018). "الإسلاميون وتحديات المرحلة الانتقالية في العالم العربي".

* كتيب/ الأمة الواحدة.. والموقف من الفتنة الطائفية/ أية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي/ مجمع أهل البيت(ع) – العراق.

* قناة العالم/ علي أمام المتقين ورمز العدالة الإنسانية / 20 أبريل، نيسان/ 2016.

https://www.alalam.ir/news/.

* موقع رصيف22/ هل يشهد العالم العربي ظهور نسخة جديدة من الأسلام/ ماجد عاطف/ 12 أغسطس، أب/ 2023.

https://raseef22.net/article/1094469.

* موقع كتابات/ الاختلاف في الاتجاهات الفكرية / عبد الله بدر إسكندر/ 6 يوليو، تموز/ 2015. https://kitabat.com/author/2091/page/6.

في المثقف اليوم