قضايا

عبد الجبارالعبيدي: بين غموض النص الدستوري ودور المؤسسات في بناء الدولة.. جدلية

"أفمن أسس بنيانه على تقوى الله ورضوانه خيرُ أم أسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فأنهار به.. والله لا يهدي القوم الظالمين".. فمن حكمَ العدل َوصل.. ومن اتبع الظلم سقط..

أية قرآنية مُحكمة.. تنطبق تمام الانطباق على من أسسوا جمهورية العراق عام 2003 حينما طاوعوا المحتل على فرض رأيه وقوانينه على الشعب دون اعتراض، بعد ان حقق لهم المحتل ما طالبوه به من المكاسب المادية الشخصية دون مراعاة حقوق الله والشعب والدستور(الأمتيازات الخاصة).. هذا ما أعترف به ممثل المحتل الحاكم المدني في مجلس الحكم علنا وصراحة في كتابه سنة في بغداد.. دون اعتراض من احدٍ.

وحين كتب الدستور ب139 مادة مثلت القواعد الاساسية لحكم الدولة.. قواعد صادقت عليها الجمعية الوطنية.. الا أنهم أضافوا عليه خمس مواد دستورية من عندهم بعد الموافقة من الشعب عليه.. لذا جاءت المواد من 140- 144 مواد غير قانونية التنفيذ، وغير مصادق عليها من قبل الشعب – باطلة - ولا يجوز العمل بها.. فأخترقوها تحديا للقسم واليمين الذي اقسموه امام الشعب.

نصت المادة الاولى من الدستور على ان نظام الحكم في الدولة العراقية - دولة أتحادية - دون ذكر ان كانت فدرالية او كونفدرالية عبرَ عن معنى مقصود منهم في تداخل نظام الحكم.. فاذا طبقت الفدرالية فليس من حق أقليم الشمال تطبيق الدستور بأزدواجية المعايير.. أما اذا كانت فدرالية، فعلى الحكومة ان تشمل بها كل الأقاليم دون تمييز. في وقت ان المادة 113من الدستورقررت ان اقليم الشمال وسلطاته القائمة أقليما أتحادياً دون تحديد.. وهذا نقص في التشريع، النقص لا يعالج الا بأعادة مراجعة الدستور.

وتنص المادة (9) من الدستور الفقرة (ب) يحظر تكوين مليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة الا بقانون. ولم يستثني مليشيات البشمركة الكردية.. لكنهم منحوا حق تكوين حرس الحدودغير مستقل عن القوات المسلحة العراقية.لكن هذا الشرط ضرب عرض الحائط وعين رئيس اركان الجيش كرديا غير مؤهل لمثل هذا المنصب تحديا للدستور.. ,قبلت حكومة المركزاجراء مفاوضات حول رواتب البشمركة دون الاعلان عنها في مجلس النواب.. فكان التدخل واضحا وما جرَ هذا التداخل من مخالفات لازالت عالقة الى اليوم.

ومع كل الذي حدث من غموض التطبيق بموجب المادة 137، و138 من الدستور في توضيح شفافية النص هو الذي اوجد كل هذه الاشكاليات التي تحدث بين المركز والاقليم.. والتي نرجو لها ان لا تستمر.. كون ان التجربة السياسية في أقليم كردستان العراق.. تجربة رائعة بحاجة للاستفادة منها في كل العرا ق دون تمييز.

نقطة اخرى بحاجة الى توضيح من قبل المركز الخاصة بأرتكاب الجرائم الدولية والارهابية من قبل كل من ينتمي للطرفين.. في وقت تم التعامل مع المادة (21) من الدستور بضبابية التنفيذ.. فعلى من تقع المسئولية في التقصير.. اين المدعي العام صاحب الحق في الرأي والقول.. والقضاء هو المستقل الاول في حكم الشعب وتفسير الدستور.

وتبقى المادة (109) الخاصة بادارة النفط والغازاحدى اشكاليات التوافق بين المركز والاقليم باعتبار ان النفط والغاز ملك الشعب العراقي دون تمييز.. وبما ان التوزيع السكاني المتداخل ورغبة كل من المركز والاقليم بالحصول على النسبة الاكبر من العائدات ظلت المادة اشكالية الاشكاليات بين الطرفين.. لكن التعداد السكاني تقع مسئوليته على وزارة التخطيط التي لم يجلس على كرسيها من الكفاءات التي يمكنها تلافي النقص، وسبب كل هذا الخلاف هو المحاصصة الكريهة اللا قانونية التي طبقت في نظام الحكم وهي خارج مواد الدستور.. كل هذه الاخطاء نتجت من تغطية لتوافقات مصلحية غير مكشوفة بين الطرفين تبعها نقص في المعالجة والتنفيذ.وقل بصراحة خيانة الامانة وتحدي القسم واليمين.

وتبقى المادة (15) من الدستورالتي تبين حقوق الفرد في الحرية والعدالة الاجتماعية.. حبرا على ورق دون الحقوق خاصة بعد ان فشلت الحكومات المتعاقبة في اقرار العفو العام والتحقيق في المظلومية في القتل دون مسوغ قانوني ثبت.ونستطيع ان نقول ان مجلس القضاء الاعلى هو المتهم في التقصير.

ويبقى انتخاب الرئاسات الثلاثة على اساس المحاصصة والطائفية والمكونات السياسية اساس التخريب.. لم يشهد الوطن منذ 2003 الى اليوم مجيءرئاسات كفوة وشخصيات كريزماتية تستحق المنصب لذا بقي العراق في حالة الفرقة والتشرذم والمصالح الخاصة لا غير رغم المنافع المادية الباهضة التي خصت لها دون مراعاة حالة الوطن في التعمير والتغيير.

وتبقى شبكة الاعلام العراقي في خدمة السلطة لا المواطن لذا جرى التعتيم على كل المخالفات والمساوىء التي ارتكبت بحق الشعب من قبل مؤسسات الدولة دون مسائلة القانون والتقصد في عدم ذكر اسماء المخالفين.وخاصة في التعتيم على السراق والخونة والمارقين الذين استغلوا السلطة خارج القانون..

وتبقى اللجان التي كلفتت بكتابة الدستور من غير اصحاب الفقه الدستوري والقانوني وادخال رجال الدين في صياغة القوانين قد اثرت تماما على الحقوق العامة كما في المادة الثانية من الدستور التي نصت على ان لا يجوز سن مادة تخالف الشريعة الاسلامية في التنفيذ.وهذه المادة ضربة قاصمة للحقوق.

أمن اجل هذا التقصير جاء التغيير..؟

اليوم دولة فيها الفوضى عارمة في مسالة تعيين الوكلاء والمستشارين دون حدود.. وهي فرصة للاستغلال النادي والتقاعد للمحاسيب.ومعضلة توزيع المستحقات المالية دةن تعداد سكاني معتمد.. عقد الافاقيات المركزية من اختصاص المركز لكن الاقاليم تقوم بعقدها دون مبالاة المركز وهذا تجاوز على الدستور. ونصت المادة 104 على انشاء مجلس الخدمة لضبط التعينات وشروطها.زفضرب عرض الحائط واصبح التعيين للمسئولين دون قانون.وملايين المخالفات القانونية التي ترتكبها السلطة دون محاسبة القانون.

ان الذي يحدث في العراق اليوم هو ابطاء في مسيرة حضارة العراقيين مما ولد حالة الانقطاع بين الحاكم والمحكوم، واصبح حال النظام كالشجرة التي ماتت جذورها فجفت اورقها حتى تموت.

ونحن نقول كما قال القرآن: ان الذين كفروا.. سواءً انذرتهم ام لم تنذرهم لايؤمنون.وهكذا اصبح القدر الحقيقي للسلطة في موقعين السلطة والاستبداد فكيف تقف منهما..؟

الدولة نشأت على باطل ومن ينشأعلى باطل فهوباطل.. لكن العتب على مرجعية الدين التي تدعي انها تراقب العدل والقانون لماذا هذا السكوت وكيف يفسر؟.. ولاعتب عليها ما دامت من غيرالعراقيين.

من كان يدعي المعارضة ويقسم انه جاء من اجل الشعب مطئطئاً رأسه امامنا للذي قام بالتغيير.. اين هو اليوم من القسم واليمين.. بغض النظر عن الدين ام امذهب الباطل الذي كان يتمشدق به امام المواطنين.

نعم انتم اليوم تمثلون دولة الهولاكيين لذا لا عتب عليكم فليكتب التاريخ تاريخ المغول من جديد.

***

د.عبد الجبارالعبيدي

في المثقف اليوم