قضايا

أُكتاتف لارمانياك: صوم الفلاسفة

أُكتاتف لارمانياك - ماتورون

Octave Larmagnac-Matheron

ترجمة: عبد الوهاب البراهمي

***

" الصوم المتقطّع، تمرين الصوم، الخ ...: إنّ ممارسات الامتناع الطوعي عن الأكل تحظى بالإعجاب، ولكنها أيضا موضوع انتقاد متزايد. وغالبا ما يقترن الصوم بحكمة الشرق، ومع ذلك فثمة مدافعين عنه كُثْر في الفلسفة الغربية. وهذه بعض نصوصهم توضح ذلك:

- إبيكتات: (الصوم بوصفه تمرينا للتحكم في النفس(sophrosynè, σωφροσύνη) )

"تدرّب أحيانا على أن تَحْيَى كمريض، كي تحيى يوما كمعافى. صُمْ، اشرب الماء ؛ امتنع تماما عن الرغبة، حتى تكون رغباتك موافقة للعقل".

"محاورات"

**

- القديس أغسطسنوس: (الصوم نوعان: إذلال النفس وتغذية الفكر)

" إذلال النفس، بإيمان صادق، وبتذرّع الصلاة وقهر الجسد.. والنوع الثاني من الصوم.. يُقدّم بوصفه تغذية الفكر..". يمكّننا الصوم فعلا من " أن نُصرف عن الملذّات الحسية بتذوّق الحلاوة الروحية للحكمة والحقيقة، والتألم طوعا من الجوع والعطش".

أغسطينوس " في منفعة الصوم".

**

- شوبنهاور: (الصوم فنّ كسر الإرادة الحياة، فنّ تطهّر)

إنّ الزاهد" يحسّ أيضا كلّ رغبات إرادة الحياة، بوصفه جسدا نشطا، وتجليا للإرادة ؛ لكنّه يضعها تحت قدميه عمدا (...)لا عن صغر الإرادة ذاتها، بل إنه يعمد إلى إذلال ما يجعلها مرئية وموضوعة، أي جسده؛ فهو يغذّيه ببخل، متجنّبا بلوغه حالة رخاء وقوّة متأجّجة، ممّا يجعل الإرادة تُولد من جديد أكثر قوّة وأكثر اندفاعا، هذه الإرادة التي هو المُعَبِّر عنها ومرآتها. فهو يمارس الصوم، و إضعاف الشهوة حتى، ويتّبع نُظُم الانضباط، بغاية أن يكسّر تدريجيّا ويُميت، بضروب من الحرمان و المعاناة المستمرّة، هذه الإرادة للحياة، التي يعترف بها (الزاهد) ويكرهها مبدئيا".

"العالم بوصف إرادة وتمثّلا" (1818)

**

نيتشه: (ضرورة التشريع لتعلّم الجوع بالصّوم.)

" لابدّ أن توجد ضروب من الصوّم، وأن يُترك للمُشرّع، حيثما تتحكّم عادات ودوافع قويّة، أن يُدرج أيّاما فاصلة نتصدّى فيها لهذه الدّوافع ونتعلّم بدورنا أن نجوع ".

نيتشه " من وراء الخير والشرّ " 1886

**

- لوفيناس: (الصوم أن نضحّي من أجل الآخر)

" أن نعطي، هو أن نوجد من أجل الآخر، رغما عنّا، لكن بالقطع مع ما هو لذاتنا، هو أن ننتزع الخبز من فمنا، وأن نشبع جوع الآخر بصومنا الخاص".

لوفيناس " محاولة وجوارات (مع فرانسوا بواريي . 1996)

**

- ميشيل فوكو: (الامتناع عن الأكل طوعيا أمر أساسي في التاريخ)

" هي سمة مشتركة بين الطب الإغريقي والروماني، تتمثّل في أن نسند إلى الحِمْية الغذائية مكانة أكثر من الجنس. فالمسألة الرئيسية بالنسبة إلى هذا الطبّ هو أن نأكل ونشرب. وكان لابدّ من تطوّر كبير سنلْمَسُه في الرهبنة المسيحية، حتى يبدأ الانشغال بالجنس في إحداث توازن بينه والغذاء. لكنّ يظلّ، ولوقت طويل، الامتناع عن الأكل وضروب الصوم، أساسيّا. وستكون، لحظة هامّة في تاريخ الإيتيقا في المجتمعات الأوروبية، يوم أن تَغَلّب الانشغال بالجنس ونظامه على صرامة الوصفات الغذائيّة".

تاريخ الجنسانية (1984).

***

...............................

* عن "مجلة الفلسفة " (Philo - Magasine1)، مارس 2023

في المثقف اليوم