قراءة في كتاب

الإمام المهدي المنتظر والدخرات الإلهية للباحث صالح الطائي

طي الأرض، ركوب السحاب، الرقي في الأسباب) بواقع ألفي نسخة كملحق لمجلة (سبيل) القرآنية ضمن سلسلة  (الفكر المهدوي)

يتناول البحث مسألة لم يسبق للباحثين أن تناولوها في بحوثهم المهدوية من قبل بهذا الشكل الموسع، حيث توقف عند حافاتها الأمامية  اغلب الكتاب والباحثين لأنها ربما تكون بالنسبة لمعظم الناس ولاسيما العامة منهم عصية على التصديق في وقت يشكك فيه بعض المسلمين بحقيقة المهدوية نفسها كوعد إلهي حتمي الوقوع رغم تواتر أحاديثها عنك المدارس الإسلامية كلها.

"السيد هبة الدين الشهرستاني" كان أول من تطرق لموضوع علاقة المهدوية بالعوالم الخارجية، وهو لكونه كان مختصا بعلم (الهيئة) وهي التسمية الإسلامية لعلم الفلك نجح بالتوصل إلى نتائج عقلية باهرة، وتحدث عن نوع من التواصل الذي سيحدث في زمن الدولة المهدوية بين الأرض وباقي المجرات سواء بصعودنا لهم أو نزولهم إلينا وقال: (ربما يأتي يوم يتزاور أهل أرضنا مع أولئك الأحياء الذين يعيشون في الكرات الكونية) ثم خلص إلى نتيجة مفادها (وربما ترتبط الكرات مع بعضهن أكثر مما قلنا ويكون الأمر الإلهي شاملا لها على السواء، ينهجون كلهم شرعا واحدا ولا يختلفون في شيء أبدا)

2421-salihومن الذين تحدثوا عن هذا الموضوع بجدية فائقة وتحليل منطقي هو المرحوم "الشهيد الصدر الثاني" الذي توصل إلى محصلة مفادها (سيشارك المجتمع المعصوم في البناء الكوني بصورة فعالية وإيجابية لأن عصمة المجتمع البشري ستجعله في أعلى درجات الانسجام مع الكون الذي يسير تكوينيا وفق أحكام الله الممثلة في السنن والقوانين الكونية)

ومنهم أيضا السيد "فاروق الموسوي" الذي توصل إلى محصلة مفادها (لعل في السماء عوالم أكثر رقيا من عالمنا تنتظر ساعة الظهور لتقوم بما يترتب عليها القيام به)

أما الشيخ "علي الكوراني" فله رأي آخر قد يختلف قليلا عن الآراء السابقة ولكنه لا يشذ عنها بعيدا وخلاصته ( أن الانفتاح على عوالم السماء الذي تتحدث عنه الروايات أنه يتم في عصر الإمام المهدي سيكون مقدمة لانفتاح أكبر على الآخرة والجنة)

"عالم سبيط النيلي" هو الآخر تحدث عن الكونية بصفتها طورا عرفانيا تصل المخلوقات المختلفة فيه إلى أعلى حالات الصفاء، والبشر على الأرض مرشحون للوصول إلى هذه المرحلة في زمن الدولة المهدوية) بمعنى أنهم سيعيشون على الأرض حالة العرفان التي يعيشها سكان السماوات.

أما البحث الجديد للأستاذ الطائي فيتناول علاقة الأرض بالأكوان والعوالم الأخرى في زمن الدولة المهدوية بأسلوب علمي تحليلي إخباري مبني على القرآن والسنة النبوية وأحاديث أئمة أهل البيت والنقول التاريخية الموثقة والمحصلات العلمية الحديثة وبشيء كثير من الجرأة التي دعا إليها كانت وتخوف منها الدكتور سروش.

يتحدث الكتاب عن ثلاث مدخرات إلهية ورد ذكرها في الأحاديث والروايات بكثرة لها مساس كبير بمسألة تواصل الإمام المهدي المنتظر مع العوالم الكونية وهي: طي الأرض، ركوب السحاب، الرقي في الأسباب. ويتناول الروايات التي تحدثت عن التواصل الذي تم بين البشر الأرضيين الأقدمين والسكان السماويين من قبل مثل رحلة سيدنا الرسول الأكرم (ص) إلى السماوات في الإسراء والمعراج واتصاله بأقوام يأجوج ومأجوج كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): بعثني الله تعالى حين أسري بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وإلى عبادته فأبوا أن يجيبوني)

ومثل حديث التوراة عن نبي الله حزقيال وسفره إلى العوالم الخارجية بمركبة فضائية هي عبارة عن كائن أسطوري وصفه قريب الشبه من البراق الذي امتطاه النبي محمد في المعراج.

وأيضا مثل حديث الديانة الزرادشتية عن صعود زرادشت إلى كوكب "سماك" على كائن أسطوري أيضا.

وكذلك مثل حديث الصابئة عن صعود "دنانوخت" إلى السماء السابعة من خلال التنقل عبر الكواكب بواسطة مركبة فضائية. وحديثهم عن (ناقلات الأرواح) أو ما يعرف بسفن الكواكب، بل ومن خلال حديثهم عن تواصل مع سكان تلك العوالم.

كما يتناول الكتاب نبذة من كرامات الأولياء في أمة الإسلام سواء منهم من طويت له الأرض مثل قصة جلال الدين السيوطي الذي ذهب بصحبة خادمه من مصر إلى مكة وعاد بنفس اليوم، أو من أحيا ميتا، أو من مشى على سطح الماء مثل قصة العلاء بن الحضرمي وغيرها.

غاية البحث هي الوصول إلى نتيجة تفيد بأن الله سبحانه سيمكن الإمام المهدي من تجاوز كل العقبات في الكون لكي يحقق وعد الله سبحانه وتعالى (وليظهره على الدين كله)

وهدفه هو التأكيد على أن العصر القادم سيكون عصرا إسلاميا خالصا لا ينازعهم أحد فيه.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1551 الاربعاء 20/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم