قراءة في كتاب

علجية عيش: قراءة في كتاب "الماسونية" أفعى ذات رؤوس ثلاثة (المال، الإعلام والسياسة)

eljya ayshهو كتاب من الحجم المتوسط صدر عن دار "الأوطان" الجزائرية، يحمل اسم توقيع صاحبه ياسر بن لحرش تحت عنوان: "  "الماسونية" أفعى ذات رؤوس ثلاثة"  (المال، الإعلام والسياسة)، تطرق فيه إلى مراحل ظهور "الماسونية"، وقد كتب صاحب الكتاب في الغلاف الخلفي، أن الكتاب  ليس بالكتاب السياسي، وإنها يتعلق بقضية أمّة، فتشعب القضية وتعقيدها  هو ما دفعنا  إلى بسط الفكر والنقاش، لتعميم الفائدة بين مختلف الشرائح الاجتماعية، وعن نشر كتاب مثل هذا، قال الأديب الطاهر يحياوي أن دار "الأوطان" تهتم بالأقلام الشابة وتشجعها على الكتابة وتدفعها إلى دخول عالم التأليف، وعلى دور النشر الأخرى أن تلتفت قليلا إلى الأقلام الشبانية

الكتاب يقع في 84 صفحة، وهو في الحقيقة قريب من القاموس السياسي، لما تضمنه من مصطلحات سياسية والتعريف ببعض المفاهيم مثل (السياسة، الليبرالية، الرأسمالية، الشيوعية، العلمانية،  ومفهوم الرأي العام، الإعلام، وطرق التأثير الإعلامي من حيث المكان والزمان وطبيعة المرشحين سواء كانوا معارضة أم موالون للسلطة، ظروف الانتخابات، دور الصحف الصفراء في نشر الإشاعة، ومفهوم "الندّيّة" في إبرام التحالف، والفرق بين التحالف والتكتل ومصطلحات اخرى..)، مبرزا أن الكتلة القوية  سرعان ما تتحول إلى منظمة لفرض سيطرتها، وخلق لها مجال حيوي لفرض هيمنتها على التكتلات الأدنى قوة، ومن هنا جاء الحديث عن "اليهود" كأنموذج، وباعتبارهم الأقوياء فهم يشكلون منظمة تصنع القرار في العالم وتوجه الرأي العام لصالحها، وقد عرج صاحب الكتاب إلى مراحل تأسيس الماسونية ودعوتها إلى الإلحاد والإباحية، والدور الذي لعبته جماعة "المتنورين" باستعمال المال في فرض سيادتهم على العالم،و من أبرزهم روتشيلد اليهودية الوريث الشرعي لصندوق النقد الدولي والمالكة لنصف ثروة العالم، وهم الذين يتحكمون في البترول وقيمة الدولار.

وباعتبار الإعلام النافذة التي يطل منها الناس على العالم فقد انتقد صاحب الكتاب التعتيم الإعلامي على الماسونيين، في وقت أطلقت العنان لتحرر المجتمع، والكشف عمّا يدور بين الزوج وزوجته، وهنا يشير الكاتب إلى "دور السينما"  باعتبارها أداة إعلامية، بل سلاح إعلامي ومحرك أساسي في إيصال المعلومة، عندما تحدث في الصفحة 46 من الكتاب عن مرحلة الستينيات وما قدمته السينما الأمريكية للجمهور (أحبك يا لوسي) وكيف تجاوزت المسلسلات غرف النوم وجعلت المحرم مباح إلى حد تصوير العلاقات الغير شرعية وانتقلت العدوى إلى السينما العربية باسم التحرر والتعدد الثقافي، وقد ربط الكاتب الانحلال الأخلاقي في المجتمع العربي والذي كان نتيجة الغزو الفكري الغربي بالانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس التركي  طيب رجب أردوغان وعلى الديمقراطية في تركيا، والسؤال الذي يمكن طرحه هو : ما علاقة الماسونية بالانقلاب العسكري على حاكم تركيا، يقول أن الإعلام اليوم أصبح موجه والدليل أن المتتبعين للقنوات الفضائية اليوم ى يعرفون توجهاتها ومن أي دولة تبث، ومدى تأثيرها فيهم سياسيا، ويبدو أن الكاتب متناقض مع نفسه عندما قال أن هذا المستنقع (أي السياسة) لا يرغب الكثير من الشرفاء الأنقياء و المثقفين دخوله حتى لا تلطخ أسماءهم وسمعتهم، في نفس الوقت يقول أنه كلما كثرت جماعة من المثقفين داخا الحزب تضاءل حجم الرويبضة وأصحاب المصالح.

 كما أن التعددية في الرؤى والتصورات والإستراتيجيات والتكتيكات والتنظيمات والجماعات باتت حقيقة وقاعة في الساحة السياسية العربية والإسلامية، بل تجاوزت هذه التعددية التنظيمات المختلفة، التي أضفت صبغة السياسي على الإسلام، فحدث الخلط والتشويش، ويتعلق أساسا بأن مصطلح الإسلام السياسي  هوة مصطلح يجزئ الإسلام كدين، خاصة وأن الحركات الإسلامية في العالم  تعددت مواقفها من العمل السياسي، وهو ما لم يتطرق إليه صاحب الكتاب وهو يتحدث عن كيف تمكنت الماسونية من غزو العالم الإسلامي وزرع شوكتها فيه من خلال تأسيس نوادي "الروتاري" في المشرق العربي وفي المغرب العربي أيضا (الجزائر نموذجا)، والكاتب وهو ينتقد الإعلام العربي تحفظ عن الحديث  عن المحافل الماسونية واجتماعاتها السرية، التي باتت تشكل خطرا على المجتمع المسلم، حيث صوّرت العرب والمسلمين كشياطين، والحقيقة أن جماعات الضغط أو اللوبي الصهيوني ليس كتلة متراصة واحدة، بل قوة متشعبة الفروع، وقد اعترفت إسرائيل منذ قيامها بأهمية اللوبي، بالاعتماد على الجماعات المؤيدة للصهيونية، كما لم يتطرق صاحب الكتاب إلى "اتفاق أوسلو" الذي نظر فيه ناشطي اللوبي المؤيدين لإسرائيل إلى أن الصراع العربي – الإسرائيلي  كلعبة أي مكسب فيها للعرب هو خسارة لإسرائيل، ولذلك كان اللوبي الصهيوني يعمل كلوبي معادي ومعرض لي تقارب بين العرب والولايات المتحدة، لقد أدرك الماسون كما جاء في الصفحة 50 من الكتاب أن تكتلهم في نوادي وجماعات يزيدهم قوة، فسعوا جاهدين ليكونوا جماعات الضغط على الدول والحكومات،  ولعل الكاتب أراد القول أن الأحزاب السياسية بكل توجهاتها الإيديولوجية في تركيا أو حتى في الدول الأخرى المسلمة شعوبها حتى لا نقول الدول الإسلامية، لأنه لا توجد دول تتبنى نظاما إسلاميا أي تطبق الشريعة الإسلامية ماعدا "إيران". 

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم