قراءة في كتاب

عبد الجبار الرفاعي والاشتغال على تحريك الجامد والساكن

1244 jabarدأب الكثير من الأساتذة والمفكرين والكتاب في الجامعات الاسلامية والحوزات العلمية على الخوض والتكرار لمضامين الكتب التراثية، ونبش قبور الموتى، والتحريض على اذكاء الصراع والقتال بينهم وبين الاحياء..!! إلا ان الاستاذ عبد الجبار الرفاعي ومنذ ان عرفته استاذا في الحوزة العلمية، وصديقا كريما. بعد ان قرأت له اول كتاب بعنوان "جدل التراث والتجديد" كان وما زال يؤكد على تحريك الساكن والجامد في العلوم الدينية والانسانية، وخاصة في الفقه والفكر. ويدعو الى الابتعاد عن اصنام هذه العلوم، سواء كانت، رجلا ام كتابا او ايديولوجيا. وهو بهذا يريد تحرير العقل من رواسب الماضي، ويحثه على رؤية الحاضر والمستقبل، على ألا يترك المضيء منه. فبعد ان عمل كثيرا على التراث، دراسة وتدريسا للعلوم الدينية الحوزوية، وطالب بتجديد مناهجها، وكشف قصور علم الكلام القديم، وعجزه عما يستجد ويواكب حركة العصر والافكار والمعارف وعلومها، في مجلته الرائدة والجريئة: (قضايا اسلامية معاصرة)، ثم الاهتمام بفلسفة الدين، واصدار عدد من الكتب المهمة له ولمفكرين عرب ومسلمين واجانب.. وقد خصص عددين من مجلته لموضوع بالغ الأهمية وهو "لغة الدين" العدد الماضي والعدد الجديد الذي صدر اليوم ببيروت في 450 صفحة، وهو يتضمن حوارت ودراسات لخبراء في هذا الموضوع، الذي كان ومازال من المواضيع الدقيقة والمعقدة، فقد خاض فيه الكثير من الفلاسفة والمفكرين الدينيين واللاهوتيين.

في العدد تثار أسئلة كثيرة وأجوبة، عن: الوحي والكتب المقدسة ولغتها، ومن هذه الأسئلة: هل كانت لغة الوحي والكتب المقدسة بشرية عرفية أو لغة إلهية غير بشرية؟

وهل كانت لغة الله تعالى عبرية في التوراة، وآرامية في الانجيل، وعربية في القرآن؟

وماهية طبيعة اللغة التي تحدث بها الله مع البشر؟!

وهل ان ألواح موسى المادية نزلت من السماء، او انها كتبت في بابل؟

ولماذا لم تتخلص الكتب المقدسة عن العادات والطقوس التي تخص اقواما بعينهم وشعوبا، كانت تعيشها في الماضي، ولاتنسجم اكثرها مع الحاضر، وهي مازالت تؤكد عليها؟

وهل ان كلمة الله للبشر لا تتسع لها لغتهم مالم تتنزل الى عالمهم البشري؟!

وهل ان لغة الدين تشيء بالاشارة عندما تعجز العبارة، والتلميح عندما يتعذر التصريح؟!

يبقى عبد الجبار الرفاعي من المفكرين القلائل الذين يخوضون في هذه الاشكاليات الدينية، التي تبحث عن اجوبتها دائما من خلال العقل، الذي اخذت مدياته اليوم تتسع الى اقصى حدودها.

 

حسين علاوي

 

 

في المثقف اليوم