قراءات نقدية

متلازمة الحلم في خطوات ثقيلة للقاص عادل المعموري

ahmad alkhozaiصدر عن دار الجواهري للنشر والتوزيع، المجموعة القصصية (خطوات ثقيلة) للقاص عادل المعموري .. والتي ضمت في طياتها  ثمانية عشر قصة قصيرة،تناول فيها القاص طيف واسع من المشاكل الاجتماعية العامة، وفق رؤية ناضجة مكنته من التحكم بنصوصه السردية، وسير الاحداث فيها دون تشظي او تشتيت لذهنية القارئ،فاعتمد اسلوب التركيز على الثيمة الرئيسية للقصة، متحاشيا الدخول في تفاصيل جانبية قد تضعف من البناء السردي لها، مستخدما في الغالب تقنية المنلوج الداخلي، في حوارات مسهبة مع الذات يخوضها أبطال قصصه، كانت ثقافة القاص ووعيه الذاتي حاضرة فيها،مما أضفى لمسه شعرية وفلسفية، وضفها توضيفا جماليا،مؤطرا بوعي ثقافي استثنائي تمتع به أبطالها، على الرغم من اختلاف ثقافتهم ومشاربهم وبيئاتهم التي نشأوا فيها، وهذه الإشكالية يقع فيها الكثير من كتاب السرد على اختلاف مدارسهم الأدبية والفكرية، وذلك لاعتقادهم بأن حضور ارثهم الثقافي كجزء من حركة أبطالهم وحواراتهم، يمكنهم من إيصال الفكرة بصورة أكثر نضجا، في محاولة منهم لاستفزاز وعي القارئ والنهوض به بمستوى الحدث، وهذا الأسلوب على الرغم من رصانته وحجم تأثيره على المتلقي، إلا انه يجرد السرد القصصي من عنصر مهم ورئيسي وهو (الواقعية) التي تعد الركيزة الأساس لأي نتاج قصصي يخضع لقواعد المدرسة الكلاسيكية التي أسسها عمالقة السرد القصصي مثل (تيشيخوف وموباسان واميل زولا).

وكانت متلازمة الحلم المصحوب بخيبة الأمل، حاضرة في معظم قصص المجموعة، فقد اختار القاص لأبطاله أن يكونوا حالمين كوسيلة للتعبير عن طموحاتهم وأمالهم ومخاوفهم من القادم المجهول،لذلك كان لعنصر المفاجئة أو ما يطلق عليه (الضربة) السمة الطاغية على معظم نهايات قصصه .

في قصة (أنشودة الوجع) صور فيها القاص حجم الشجن الممزوج بالرغبة لامرأة تنتظر زوجها لشهور بعد أن غيبته عنها الحرب، لتعيش حالة من (الفنتازيا)، حين تراه وقد عاد إليها، وبعد طول انتظار وقلق وترقب خلف الأبواب الموصدة، تدرك في نهاية المطاف أن لا شيء يقف خلفها، والأمر لا يعدو سوى أحلام يقظة لامرأة يائسة.

وفي قصة (الرقص خلف الأبواب) امرأة محبطة تعيش في مستنقع أزمة نفسية حادة اتجاه زوجها، الذي فرضته عليها صلة القرابة،بكل ما يحمل من فضاضة وقسوة وقذارة جسدية، لتقضي  ساعات النهار، وهي تبحث عن الطريقة الناجعة التي تمكنها من تحاشي فحولته النزقة حين تختم يومها معه، يومها المليء بالخيبة والبؤس، وانتظار فارس أحلامها الذي لن يأتي أبدا .

وأما في قصتي (الورقة الأخيرة وبكاء عاشق خمسيني)، فقد سلط القاص الضوء على جزئية اجتماعية مهمة في حراكنا الإنساني وهي (عقبة الزمن) التي تقف حائلا في طريق رغبات الإنسان وطموحاته وأحلامه،في القصة الأولى، تعلق امرأة كبيرة في السن بشاب صغير، وفي القصة الثانية حب رجل كبير السن لفتاة صغير، ويفضي حلمهما في كلا القصتين إلى اليأس وخيبة الأمل .

خطوات ثقيلة للقاص عادل المعموري تمثل تجربته الثانية في عالم القصة القصيرة، بعد مجموعته الأولى (العزف على وتر الفجيعة) استطاع من خلالها سد بعض الثغرات التي رافقت منجزه الأدبي الأول، وقدم لنا نصوصا سردية ناضجة أحاط بكل جوانبها (لغة وحدثا وبناء قصصي).

 

احمد عواد الخزاعي

 

في المثقف اليوم