قراءات نقدية

الهندسة الصحيحة.. قراءة في رواية: مثلث الموت لعلي لفته سعيد

615 علي لفتهجميعنا يعرف  (مثلث الرياضيات) و(مثلث برمودا)، لكن (مثلث الموت) ثيمة جديدة تبعث إلى الشجن والدهشة؛ لأنها ارتبطت بمفهوم (الموت).

من هنا أستثمر الروائي (علي لفته سعيد) تقانة هندسته الفكرية والرمزية في بناء عنونة روايته (مثلث الموت)، والتي صاغ عن طريق متنها السردي واقعية معاشة بأمتياز ابتعدت عن المبالغة والصياغة المفتعلة.

نحن نقرأ نجد ذاتنا تكمل صياغة المشهد ورسم أحداثه؛ لأنه مشهد معاش بأمتياز من الواقع وجذوره الجديدة التي صاغته بإزاء مجانية الموت والخراب المجاني للبلاد.

ولا تبتعد سردية الرواية عن فكرة الطائفية-بل هي الفكرة الرئيسة في بناء عنونة الرواية، وصياغة حبكتها -، لتشكل الهندسة الرياضية حضوراً في بناء اضلاع المثلث، فالمثلث بأضلاعه الثلاثة مثل هرماً رأسه المدبب يرمز للموت الطائفي، وضلعاه القائمان المتصلان بالرأس والقاعدة يمثلان الدين والأحزاب والسياسة، وقاعدته الجماهير المسحوقة الضعيفة الفاقدة لمصيرها ومستقبلها" إنه صراع الموت.. الاحتلال بحاجة المقاومة، والمقاومة بحاجة إلى موت والعنوان هو القفل".

تسرد الرواية صحبة ثلاث شخصيات تعمل في مهنة الصحافة، كانت شخصية (سلام) أقوى من شخصية( أحمد وخضير)، أما (منتظر) فهو زميلهم أيضاً لكنه صحفي متملق، بعكس (سلام، وأحمد، وخضير) فإنهم صحافيون ملتزمون.

تجري أعمالهم في المناطق الساخنة التي تمثل حبكة (مثلث الموت) وهي( اللطيفية، والمحمودية، واليوسفية)، شكلت هذه المناطق أخطر أماكن بغداد بعد(2003) لاسيما في المدة مابين(2006، 2007)،إذ سيطر رجال الدين السياسيين المزيفين على المناطق أغلبها، والجماعات الدينية بأسم المقدس الديني المبطن بالضغط السياسي المفتعل، التي نجحت في فرض السيطرة على مساحة هذه المناطق بالكامل، مما تسبب في حصد عدد كبير من القتلى، فضلاً عن الأقتتال بسلاح الهوية الطائفية المميت.

ويحمل الطابع المرجعي للرواية هماً وجودياً أو قلقاً فكرياً، فالشجن سيطر على بناء السردية أغلبها.

أهتمت السردية بمناقشة قضية" أهمية الدين واستغلاله" ؛لأنه تحول إلى  أستعمالية مجانية .

حصرت الرواية سرديتها ضمن نطاق محدد ينحصر بواقع بغداد أولاً، والعراق ككل ثانياً.

وشخصيات الرواية مثقفة واعية نقلت واقع يومي معاش، ابتعدت عن الخيالية والمبالغة، وانطلقت في رسم فضاء روائي متقن.

أضيف، أن القارىء لرواية (مثلث الموت)، يجد أمكانية متقنة في نقل الواقع بتجلياته جميعها، ولم نجد ذاك الكم السردي الخيالي، فكلما أقترب المتن السردي من القضية الأجتماعية كلما وجد حضوراً تشهد له الساحة الأدبية والنقدية.

 

بقلم: د. وسن مرشد

 

في المثقف اليوم