قراءات نقدية

المعتقد.. قراءة في رواية: سواقي القلوب لانعام كجة جي

يشكل الأعتقاد الحكم القطعي الذي لايقبل الشك فيه، وهذا ما أسست اركانه، واعمدته رواية (سواقي القلوب).

شخصيات الرواية هي من تولت قيادة سرد الأحداث بتفاصيلها الدقيقة، والعميقة، إذ لم تترك ثغراً إلا ووقفت عنده، وناقشته من جوانبه جميعها.

تبدأ الروائية روايتها بالأنطلاق من مفهومي (الغربة، والحنين)، واللذان شكلا عمود الكتابة، والأرض الخصبة لرواياتها أغلبها، وقد يكون هذا الأرتكاز نابعاً من غربتها الداخلية، والخارجية التي تعيشها، وهي غربة ذاتية بذاتها الداخلية .

وأنتماء الكتابة جاء صادقاً؛ لأنه نابع من سلسلة انتماءات لذات الوطن المتعب، والمنكوب، الذي يعاني الأمرين من جراء ما آل اليه من انتهاكات خارجية، وظفت ادواتها لنهب، وسلب الوطن، وسلب هوية ابنائه، وهذا ماسعت الرواية إلى تقديم مفهومه بسردية تبتعد عن الغموض، والمواربة، والتعقيد اللغوي البليغ.

" تعال وانظر آثار القذائف على اسفلت الطريق، والكابينات وقد تحولت إلى خرائب، وغرف الأمن مسكونة بالقطط السائبة، والمصرف منهوباً، والصالة التي كانت سجناً صارت مرحاضاً قذراً مفتوحاً لمن استعصى  عليه الأنتظار ...".

أما (ساري) فهو " سارة، امرأة خارجة لتوها من ورق السلوفان بعد أن كانت رجلاً، وزمزم بعثي مؤمن بالعروبة، وبالرسالة الخالدة، وفي الوقت نفسه منشق على حزبه، وسراب هي حبيبتي التي اكتشفت أن اسمها الحقيقي روزا، وحتى الخاتون جارتي ذات الخطوات التي تدرس على سقفي فأعرف أن هناك مظلة تحمي رأسي هي الكونتيسة دو.. لاادري ماذا"، (لاادري ماذا)، الجملة التي بدأت تأخذ الحيز الأكبرعند الشعب العراقي؛ لأن الشعب لايدري حقيقةً ما الذي سيحل به بعد جملة هذه الكوارث، التي اصابته" إذ مع تمدد سنوات الحرب، واستمرار طاحونة الشهداء، تملكنا اليقين بأن الوطن يضمحل ويقترب من بين الأصابع كقبضة من دمٍ، وأن المسافة بيننا، وبينه صارت برزخاً يتعسر عبوره...".

فـ (سواقي القلوب) رواية تطابقت حروفها مع معانيها؛ لأنها اتصلت بعفويتها، وفطرتها السردية إلى القراء، وحققت هدفها السردي في قراءة الواقع المرير الذي نعيشه تحت خروقات لحرية الإنسان، وكرامته، وهي كغيرها من الروايات نجحت في تقدييم النقد المعلن للسلطات " إلا تحنين إلى علاوي بغداد الجديدة، وسوق المخضر في الشواكة؟

-أي شواكة؟ لقد ازالوها واقاموا في اماكنها عمارات للمسؤولين".

 

د. وسن مرشد.

 

في المثقف اليوم