قراءات نقدية

حبيبة المحرزي: يحيى السماوي.. يومض بالمدينة الفاضلة المنتظرة

ومـضـة بمناسبة الإنتخابات

يحيى السماوي

يـا لـهـا مـن رِحـلـةٍ قـاتـلـة !

مـنـذ عشرين عامًا :

والـركّـابُ لم يصلوا

مدينةَ العدلِ والنزاهةِ والأمان !

//

أيـهـا الـحـالـمـون بـالـمـديـنـة الـفـاضـلـة :

الـحـلُّ لـيـس فـي تـجـديـدِ مـقـاعـدِ الـعـربـةِ

واسـتـبـدالِ الـحـصـان

..

إنـمـا:

بـتـغـيـيـر الـحـوذي والـطـريـق !

***

ومضة قصصية بعنوان حدًدَ الزًمن الخاصً والحصريً لما له من تداعيات ستتسارع في ذهن المتلقًي كحدث يشرك المجموعة في اختيار المفرد وفق علاقة تنظيمية معروفة معلومة .علاقة عمودية تنزل من الحاكم إلى المحكوم .

العنوان كمشروع قولٍ ووليدُ  حدثٍ "مناسبتيً" يقتضي توصية أو اقتراحا أو احتفاء كإثباتٍ لممارسة أحد حقوق الإنسان المعاصر وواجباته. تلك هي المناسبات التي تخرج عن المألوف والمعهود لأنها تهمً الجمع لا الفرد. وبما أنها حدث استثنائيً بمرجعيًة تنظيميّة إجرائية تخوًلها "الديموقراطية" لاختيار مرشًح دون غيره لمنصب مصيريً بالنسبة إلى المجموعة المعنيًة "بالانتخابات" مهما كان توصيفها أو عددها أو مكانها. وما دام الشاعر صنّف احتفاءه بهذه المناسبة في شكل ومضة فالمتلقي سيرفع سقف توقعاته إلى الإختيار الأمثل لغد أفضل فالانتخابات مناسبة تضع حجر الأساس لعهد جديد يأمل أن يكون أفضل من كلً ما سبق.

والنًاخب بدلالة كونيًة سيطلق عنان التصوًر والتوقًع والتًمنًي.

لتكون الانتخابات مفتاحا استباقيًا للفصل بين الموجود المتردي والمنشود المجمّل بالعدل والأمن والرًفاهيًة.

المتن ٱستهلً بأسلوب إنشائيً غير طلبيّ " يا لها" تعجب من تصنيف "رحلة قاسية" نكرة موصوفة. وتحديد العدد الدالً على الطول والقدم بالظرف اللاًزم للإضافة "منذ" ابتداءً وانتهاءً بالحاضر "الانتخابات" والمعدود"عشرين عاما" عدد برر قساوة الرحلة كمًا ليحيل على محطًة زمنيًة تخصً واقع الشاعر وبني وطنه والتي يؤكد قساوتها النفي المطلق في الماضي الممتد إلى الحاضر " والرّكّاب لم يصلوا" الركاب جمع مُعرَّف لان المقصود فئة دون غيرها . لتكون المفعول المقصود "مدينة العدل والنزاهة والأمان" فالمضاف مفرد والمضاف إليه متعدد متجانس مع ما يطمح إليه الناخب من ." عدل ونزاهة وأمان" هذا المرتجى لم يحصل ولم يتمً.

يمرً الكاتب من مجرًد الإخبار الى الانشاء الطلبي التحفيزي "أيًها" نداء للحثً على الإنتباه لسماع مضمون القول الذي يمهًد للمطلوب حثا وتنبيها، غير إنً المنادى في شكله الشبه اسنادي 'الحالمون بالمدينة الفاضلة " حاد بالمقصود من الواقع البيّن إلى الافتراض "المدينة الفاضلة " ليدخل النص في تناص مع فلسفة أفلاطون ومدينته الخياليًة التي حلم بأن يسكنها أُناس طيبون يعيشون فيها في سلام ووئام. الجمهوريةالخياليًة التي حلم بأن يسكنها أُناس طيبون يعيشون فيها في سلام ووئام.

وكما حلم أفلاطون ومضى قبل تحقق أمنياته فإن الحالمين لم يصلوا بعد .والكاتب سيسعى إلى النصح والإرشاد والتوعية لتصحيح الخطإ واقتراح البديل للوصول إلى برً الأمان.

تصحيح مسار في سياق الحصر والتأكيد والاثبات "الحلً" كل ما سبق مثل الاشكال المانع من تحقق "المدينة الفاضلة" بانزياح بيًن يوازي بين المدينة والعربة والقائد المنتخب و "الحصان" صورة شعرية تجسيدية كمثال للقياس تمثًل وجه الشبه والبديل حصريا وبالحاح و" بإنًما بتغيير الحوذي والطريق" والحوذي من يسوق الحصان والعربة " والطريق .مكان مفتوح متواصل والسبيل إلى المدينة الفاضلة المفقودة يوجب التًغيير الجذريً الكلًيً لا الجزئيً .

خاتمة تذهل وتربك وتدعو إلى مراجعة أساسيًات الانتخابات وبتغيير المسار كلًه.

ومضة مكثًفة مرتبة جسّمت معاناة الشًعوب سبب غطرسة الحوذيً وتمسًكه بالقيادة وخطورة الطًريق المفتوح على الأهوال والأغوال والذي لن يؤدي أبدا إلى المدينة الفاضلة إن ظلّ واقع الانتخابات على حاله.

***

حبيبة المحرزي - روائية وشاعرة وناقدة تونسية 

 

في المثقف اليوم